أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة التاسعة والأربعون - صـ 600

جلسة 11 من يوليه سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ د. رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد خيرى الجندى، على محمد على، عبد العزيز محمد وعبد المنعم دسوقى نواب رئيس المحكمة.

(146)
الطعن رقم 1278 لسنة 67 القضائية

(1، 2) تنفيذ "إجراءات التنفيذ".
(1) تسليم صورة الحكم المذيلة بالصيغة التنفيذية للخصم. شرطه. أن يكون الحكم جائز تنفيذه وأن تعود عليه منفعة من التنفيذ.
(2) صحة إجراء التنفيذ الجبرى. شرطه. إعلان المدين بالحكم المذيل بالصيغة التنفيذية. تخلف ذلك. أثره. بطلان التنفيذ بطلانا نسبيا لمصلحة المدين المنفذ ضده. الاستثناء. التنفيذ فى مواجهة الغير الذى ليست له مصلحة شخصية بموضوع الحق المراد اقتضاؤه ويوجب عليه القانون أو الحكم الاشتراك مع المدين فى تيسير إجراءات الوفاء بالحق. عدم اعلانه بالصورة التنفيذية للحكم. لصاحب الحق فى اجراء التنفيذ التمسك ببطلانه. علة ذلك.
(3) تحكيم. تنفيذ.
تنفيذ أحكام المحكمين. عدم خروجها فى جوهرها عن القواعد العامة لتنفيذ الأحكام. الاستثناء. وضع الصيغة التنفيذية عليها بأمر من قاضى التنفيذ. م 509 مرافعات.
(4) إثبات. تنفيذ.
قرينة المادة 13 من قانون الإثبات. مفادها. اعتبار الصورة الرسمية من الحكم حجة بالقدر الذى تكون فيه مطابقة للأصل. اختلاف نطاق تطبيقها عن الإجراءات المقررة فى شأن الأحكام المذيلة بصيغة التنفيذ. علة ذلك. تقديم هذا الحكم شرط ضرورى للتنفيذ لا للتدليل على وجود الحق المطلوب اقتضاؤه.
1 - مفاد المواد 181، 280/ 1 - 3، 281/ 1، 3 من قانون المرافعات أنه وقد نهى القانون عن تسليم صورة الحكم المذيلة بالصيغة التنفيذية إلا للخصم الذى تضمن الحكم عودة منفعة عليه من تنفيذه ونهى عن تسليمها إليه إلا أذا كان الحكم جائزاً تنفيذه فإن وضع صيغة التنفيذ على الحكم المراد تنفيذه الذى بيد الخصم يكون شاهداً على أنه هو صاحب الحق فى إجراء التنفيذ وأنه لم يسبق له إجراؤه، وأن هذا الحكم جائز تنفيذه جبرا.
2 - متى كان تذييل الحكم بالصيغة التنفيذية شرطاً لصحة إجراء التنفيذ الجبرى - فإنه يتعين أن يتم اعلان المدين به فلا يكفى إعلانه بصورة غير رسمية منه أو رسمية غير مذيلة بالصيغة التنفيذية مراعاة للحكمة التى قصدها الشارع من اشتراط تذييل الحكم بصيغة التنفيذ - وإلا كان التنفيذ باطلاًَ حابط الأثر - إذ القول بغير ذلك من شأنه تمكين الدائن من اقتضاء حقه الواحد أكثر من مرة، وتضحى قاعدة حظر إعطاء الدائن صورة تنفيذية ثانية فى حالة ضياع الأصل الأول إلا بموجب حكم قضائى عديم الجدوى، هذا وإن كان البطلان المقرر جزاء تخلف هذا الإعلان على ذلك النحو أو تعييبه هو بطلان نسبى مقرر لمصلحة المدين المنفذ ضده إلا أن الأمر يختلف إذا كان التنفيذ يجرى فى مواجهة الغير الذى لا يتعلق له مصلحة شخصية بموضوع الحق المراد اقتضاؤه، ولكن يوجب عليه القانون أو الحكم أن يشترك مع المدين فى تيسير إجراءات الوفاء بالحق بسبب ماله من وظيفة أو صفة تخول له سلطة اتخاذ أى إجراء معين كالحارس القضائى على الأموال المتنازع عليها، فإن لصاحب الحق فى إجراء التنفيذ مصلحة فى التمسك ببطلان التنفيذ الذى يتم دون إعلان هذا الغير بالحكم المذيل بالصيغة التنفيذية باعتبار أن من حقه متابعة صحة إجراءات تنفيذ هذا الغير لذلك الحكم.
3 - أحكام المحكمين لدى تنفيذها لا تخرج فى جوهرها عن القواعد العامة فى تنفيذ الأحكام سوى أن الأمر بوضع الصيغة التنفيذية عليها إنما يكون من قاضى التنفيذ وفقاًَ لأحكام المادة 509 من قانون المرافعات المنطبقة على واقعة الدعوى.
4 - تضع المادة 13 من قانون الإثبات قرينة قانونية مفادها اعتبار الصورة الرسمية من الحكم - خطية كانت أو ضوئية - حجة بالقدر الذى تكون فيه مطابقة للأصل متى تبين عدم وجوده والتى يختلف مفهومها ونطاق تطبيقها عن الإجراءات التى استنها الشارع فى شأن الأحكام المذيلة بصيغة التنفيذ الجائز تنفيذها جبراً ذلك أن هذا الحكم لا يقدم للتنفيذ باعتباره دليلاً كتابياً على وجود الحق المطلوب اقتضاؤه، وإنما كشرط ضرورى للتنفيذ يكتمل به مقومات وجود السند التنفيذى وصحة إجراءات التنفيذ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعنين أقاما على المطعون ضدهم الدعوى رقم 320 لسنة 1993 تنفيذ الدقى بطلب الحكم أولاًَ: بعدم الاعتداد بكافة الإجراءات التى قام بها المطعون ضدهما الأولين بصفتهما تنفيذاًَََ لحكم التحكيم رقم 5 لسنة 1988 لبطلانها. ثانياً: بعدم الاعتداد بإجراءات إدارة عقار النزاع التى تمت بمعرفة المطعون ضدهما الأولين. ثالثاً: بعدم الاعتداد بتحصيل كافة المبالغ الإجارية عن العقار المذكور والتى تمت بمعرفة البنك المطعون ضده الأول. رابعاً: بعد الاعتداد بالمحاسبة والتحصيل التى قام بها البنك المذكور مع المطعون ضده الثالث عن فترة وضع يده الغاصب ولبطلان إجراءات تنفيذ حكم التحكيم. خامساً: إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل التنفيذ ورد المتحصلات إلى أصحابها. سادساً: وبصفة مستعجلة عدم الاعتداد بكافة التصرفات والإجراءات التى اتخذت وأبرمت فى شأن عقار النزاع لبطلان إجراءات تنفيذ حكم التحكيم وذلك على سند من القول إنهما والمطعون ضدهم من الثالث وحتى الأخير شركاء فى عقار النزاع وصدر حكم التحكيم المذكور الذى قضى ببيع ذلك العقار بمعرفة ادارة أمناء الاستثمار بالبنك الأهلى المصرى، كما يعهد لهذا البنك بأعمال الإدارة لحين البيع، غير أن الأخير قام باستلام العقار وإدارته دون إعلانه بهذا الحكم مذيلا بالصيغة التنفيذية اكتفاء بتسليمه صورة ضوئية من الحكم من المطعون ضدهم المذكورين ثم قام على إثره بترتيب أوضاع قانونية لصالح هؤلاء منها تحرير عقود إيجار للوحدات السكنية التى يشغلونها كملاك مما يلحق بهما أضراراً ويعيب كافة الإجراءات التى قام بها البنك بالبطلان. بتاريخ 25 من سبتمبر 1995 قضت محكمة أول درجة بعدم الاعتداد بكافة الإجراءات والتصرفات التى اتخذت على عقار النزاع والتى تمت تنفيذاً لحكم التحكيم رقم 5 لسنة 1988 الجيزة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف المطعون ضدهما الأولان هذا الحكم بالاستئناف رقم 19627 لسنة 112 ق القاهرة، كما استأنفه المطعون ضدهم من الثالث وحتى الأخير بالاستئناف رقم 1748 لسنة1995 أمام محكمة الجيزة الابتدائية "بهيئة استئنافية". وبتاريخ 27 من مارس سنة 1996 قضت المحكمة الأخيرة بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الاستئناف وبإحالته إلى محكمة استنئناف القاهرة حيث قيد أمامها برقم 9213 لسنة 113 ق وبعد أن ضمت هذه المحكمة الاستئناف الأخير، أقام الطاعنان استئنافاً فرعياً بطلب الحكم لهما بباقى الطلبات الواردة بصحيفة الدعوى والتى قضى الحكم المستأنف برفضها وبتاريخ 15 من يناير سنة 1997 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى المبتدأة، طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، وفى بيان ذلك يقولان إن الحكم استند فى قضائه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى المقامة منهما إلى جواز إعلان الخصم بصورة رسمية أو ضوئية من حكم التحكيم دون إلزام بتذيلها بالصيغة التنفيذية عملاً بحكم المادة 13 من قانون الإثبات متى تعذر الإعلان بأصل الحكم المطلوب تنفيذه مذيلاً بالصيغة التنفيذية الوحيدة نتيجة تعدد الخصوم المقضى لصالحهم فى حين أن المشرع أوجب أن يسبق التنفيذ إعلان السند التنفيذى مذيلاً بالصيغة التنفيذية والذى لا يعطى للخصم إلا مرة واحدة ولصاحب الحق فى التنفيذ مما لا محل معه لإعمال حكم المادة 13 سالفة الذكر والمتعلقة بالمحررات الرسمية التى لا يوجد أصلها والتى لا شأن لها بإجراءت التنفيذ التى يتعين أن تتم بعد إعلان المدين بصورة من السند التنفيذى مذيلاً بالصيغة التنفيذية، وأفرد لها الشارع أحكاماً خاصة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن مفاد المواد 181، 280/ 1 - 3، 281/ 1، 3 من قانون المرافعات أنه وقد نهى القانون عن تسليم صورة الحكم المذيلة بالصيغة التنفيذية إلا للخصم الذى تضمن الحكم عودة منفعة عليه من تنفيذه ونهى عن تسليمها إليه إلا أذا كان الحكم جائزاً تنفيذه، فإن وضع صيغة التنفيذ على الحكم المراد تنفيذه الذى بيد الخصم يكون شاهداً على أنه هو صاحب الحق فى إجراء التنفيذ وأنه لم يسبق له إجراؤه، وأن هذا الحكم جائز تنفيذه جبراً، ومتى كان تذييل الحكم بالصيغة التنفيذية شرطاً لصحة إجراء التنفيذ الجبرى - على هذا النحو - فإنه يتعين أن يتم إعلان المدين به فلا يكفى إعلانه بصورة غير رسمية منه أو رسمية غير مذيلة بالصيغة التنفيذية مراعاة للحكمة التى قصدها الشارع من اشتراط تذييل الحكم بصيغة التنفيذ - على نحو ما سلف بيانه - وإلا كان التنفيذ باطلاًَ حابط الأثر - إذ القول بغير ذلك من شأنه تمكين الدائن من اقتضاء حقه الواحد أكثر من مرة، وتضحى قاعدة حظر إعطاء الدائن صورة تنفيذية ثانية فى حالة ضياع الأصل الأول إلا بموجب حكم قضائى عديم الجدوى، هذا وإن كان البطلان المقرر جزاء تخلف هذا الإعلان على ذلك النحو أو تعييبه هو بطلان نسبى مقرر لمصلحة المدين المنفذ ضده إلا أن الأمر يختلف إذا كان التنفيذ يجرى فى مواجهة الغير الذى لا يتعلق له مصلحة شخصية بموضوع الحق المراد اقتضاؤه، ولكن يوجب عليه القانون أو الحكم أن يشترك مع المدين فى تيسير إجراءات الوفاء بالحق بسبب ما له من وظيفة أو صفة تخول له سلطة اتخاذ أى إجراء معين كالحارس القضائى على الأموال المتنازع عليها، فإن لصاحب الحق فى إجراء التنفيذ مصلحة فى التمسك ببطلان التنفيذ الذى يتم دون إعلان هذا الغير بالحكم المذيل بالصيغة التنفيذية باعتبار أن من حقه متابعة صحة إجراءات تنفيذ هذا الغير لذلك الحكم، هذا إلى أن أحكام المحكمين لدى تنفيذها لا تخرج فى جوهرها عن هذا النطاق سوى أن الأمر بوضع الصيغة التنفيذية عليها إنما يكون من قاضى التنفيذ وفقاًَ لأحكام المادة 509 من قانون المرافعات - المنطبقة على واقعة الدعوى. لما كان ذلك ، وكان الواقع فى الدعوى حسبما حصله الحكم المطعون فيه أن الطاعنين والمطعون ضدهم من الثالث وحتى الأخير قد صدر لهم حكم من هيئة التحكيم قيد تحت رقم 5 لسنة 1988 محكمة الجيزة الابتدائية فصل فى النزاع الذى نشب بينهم بشأن التركة المخلفة لهم عن والدهم وانتهى فى البند الأول من قضائه إلى بيع العمارة السكنية التى تحمل رقم 79 شارع إيران الدقى بمعرفة إدارة أمناء الاستثمار بالبنك الأهلى المصرى، كما عهد لها بإدارتها فى أن يتم بيعها مع محاسبة المطعون ضده الثالث عن إيرادها ومصروفاتها ابتداء من أول يناير سنة 1988 إلى حين تسلمها منه وتوزيع صافى الإيراد على الورثة كل بحسب نصيبه، وقد تم تذييل هذا الحكم بالصيغة التنفيذية بأمر من قاضى التنفيذ المختص وسلم للطاعنة الأولى إلا أن الطاعنين فوجئا بقيام إدارة أمناء الاستثمار المذكوره بإدارة العقار، واتخاذ بعض التصرفات بشأنه على نحو يضر بهما دون أن يتم إعلان هذه الإدارة بحكم التحكيم المذيل بصيغة التنفيذ الأمر الذى يستتبع بطلان ما تم من إجراءات على هذا العقار، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفاع الطاعنين ببطلان التنفيذ على سند من كفاية إعلان هذه الإدارة - المطعون ضدها الثانية - بصورة ضوئية من حكم التحكيم اعتداداً بحكم المادة 13 من قانون الإثبات التى تضع قرينة قانونية مفادها اعتبار الصورة الرسمية من الحكم - خطية كانت أو ضوئية - حجة بالقدر الذى تكون فيه مطابقة للأصل متى تبين عدم وجوده والتى يختلف مفهومها ونطاق تطبيقها عن الإجراءات التى استنها الشارع فى شأن الأحكام المذيلة بصيغة التنفيذ الجائز تنفيذها جبراً ذلك أن هذا الحكم لا يقدم للتنفيذ باعتباره دليلاً كتابياً على وجود الحق المطلوب اقتضاؤه، وإنما كشرط ضرورى للتنفيذ يكتمل به مقومات وجود السند التنفيذى وصحة إجراءات التنفيذ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، ولما كان الحكم المستأنف قد خلص إلى أن الثابت من الأوراق - وحسبما أقر البنك المستأنف أنه قام بتنفيذ حكم التحكيم رقم 5 لسنة 1988 الجيزة دون أن يتم إعلان من قبل المستأنف ضدها الأولى بحكم التحكيم مذيلا بالصيغة التنفيذية مما حدا به إلى مخاطبة المذكور طالباً تسليمه له، ورتب الحكم على ذلك صحيحاً بطلان كافة الإجراءات التى اتخذها البنك فى إدراة عقار النزاع وما استتبعة من تصرفات فإنه يتعين تأييده، ولا يعيب هذا الحكم بعد ذلك قضاءه برفض ما عدا ذلك من الطلبات، إذ أن ما انتهى إليه هذا القضاء يستتبع بالضرورة اجابة المستأنف عليهما الأولين إلى باقى طلباتهم فى الدعوى باعتبار أنها إنما تدور جميعها حول عدم الاعتداد بالإجراءات التى قام بها البنك بالنسبة لعقار التداعى والتى تمت نتيجة تنفيذ حكم التحكيم المذكور ومن ثم يتعين تأييد الحكم الابتدائى ويضحى الاستئناف الفرعى تبعاً لذلك غير منتج.