أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 16 - صـ 93

جلسة 25 من يناير سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومختار رضوان، ومحمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل.

(22)
الطعن رقم 1720 لسنة 34 القضائية

( أ ) عمل. "عقد العمل الفردي. مجال تطبيقه".
عدم انطباق أحكام عقد العمل الفردي على الأشخاص الذين يستخدمون في أعمال عرضية مؤقتة لا تدخل بطبيعتها فيما يزاوله صاحب العمل ولا تستغرق أكثر من ستة أشهر. العمل العرضي. ماهيته: كل عمل يقوم به العامل ويكون بطبيعته داخلاً في الأعمال التي يزاولها رب العمل لا يعتبر عملاً عرضياً.
(ب) عمل. إثبات. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم توقيع العمال على محضر مفتش العمل أو تجهيل أسمائهم ليس من شأنه إهدار قيمة المحضر كله كعنصر من عناصر الإثبات. خضوع كل ما يعتريه من نقص أو عيب لتقدير محكمة الموضوع.
1 - نصت المادة 88 من القانون رقم 91 لسنة 1959 على أنه يستثنى من تطبيق أحكام عقد العمل الفردي الأشخاص الذين يستخدمون في أعمال عرضية مؤقتة لا تدخل بطبيعتها فيما يزاوله صاحب العمل ولا تستغرق أكثر من ستة أشهر، ومقتضى ذلك أن كل عمل يقوم به العامل ويكون بطبيعته داخلاً في الأعمال التي يزاولها رب العمل لا يعتبر عملاً عرضياً.
2- عدم توقيع العمال على المحضر المحرر بمعرفة مفتش العمل أو تجهيل أسمائهم ليس من شأنه إهدار قيمة المحضر كله كعنصر من عناصر الإثبات وإنما يخضع كل ما يعتريه من نقص أو عيب لتقدير محكمة الموضوع التي متى اطمأنت إليه فلا وجه لمصادرتها في عقيدتها في هذا الصدد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 12/ 7/ 1962 بدائرة الحسينية: (1) لم يقوما بتحرير عقد عمل لكل عامل من نسختين. (2) لم يوفرا لعمالهما وسائل الإسعاف الطبية في المنشأة. (3) لم ينشئا ملفاً خاصاً لكل عامل يتضمن البيانات المقررة. (4) لم يقوما بإعداد سجل للغرامات. (5) لم يضعا في مكان ظاهر لائحة الجزاءات والنظام الأساسي للعمل. وطلبت عقابهما بالمواد 42 و43 و65 و68 و69 و70 و215 و221 و235 من القانون رقم 91 لسنة 1959. ومحكمة الحسينية الجزئية قضت غيابياً بتاريخ 6/ 2/ 1963 عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين جنيهين عن التهمة الأولى عن كل عامل وبتغريم كل منهما جنيهين عن كل من باقي التهم بلا مصاريف جنائية. فعارض المتهمان في هذا الحكم وقضى في معارضتهما بتاريخ 20/ 3/ 1963 بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه بلا مصاريف. فاستأنف كل من النيابة العامة والمحكوم عليهما هذا الحكم. ومحكمة الزقازيق الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 21/ 5/ 1963 بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع وبإجماع الآراء بتأييد الحكم المستأنف مع جعل العقوبة بالنسبة للتهمة الثالثة تتعدد بعدد العمال. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم مخالفة قانون العمل قد شابه القصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه دفع في مرحلتي التقاضي بأن محضر مفتش العمل جاء قاصر البيان لخلوه من أسماء العمال الذين وقعت في شأنهم الجرائم التي نسبت إليه ومهنة كل منهم وقد ذكر عددهم جزافاً دون أن يستوقعهم المفتش على المحضر. كما دفع بأن العمال الذين يستخدمهم في عمله هم من الفلاحين الذين يعملون مدداً غير محددة غير منتظمة حسب مقتضيات العمل وظروفه في أعمال الزراعة ولكن المحكمة لم تناقش محرر المحضر ولم تحقق هذا الدفاع أو ترد عليه. هذا إلى أن الحكم قد خالف القانون حين دانه بجريمة عدم وضعه لائحة الجزاءات ونظام العمل دون أن يتثبت من أن الطاعن يستخدم خمسة عشر عاملاً فأكثر وهو العدد الذي لا تقع تلك المخالفة بدونه. كما أخطأ حين قضى بتعدد الغرامة بقدر عدد العمال فيما نسب إليه من عدم إنشائه ملفاً خاصاً لكل عامل مع أن هذه المخالفة مما لا تتعدد فيه الغرامة لأنها من الأحكام التنظيمية التي لا تمس حقوق العمال.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم مخالفة قانون العمل المسندة إلى الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليه مستمدة من محضر مفتش العمل وما أثبته عن عدد العمال، عرض إلى دفاع الطاعن في شأن عدم انطباق قانون العمل في حقه ورد عليه في قوله "إن المحكمة لا تعول على ما أثاره الدفاع من عدم انطباق القانون على هؤلاء العمال استنتاجاً من مقارنة المادة 88 من القانون 91 لسنة 1959 بالمادة الثانية من القانون 92 لسنة 1959 إذ أنه لعدم انطباق القانون يتعين أولاً أن يكون العمل عرضياً غير متعلق بعمل رب العمل الرئيسي وغير متجاوز لستة أشهر، ولما كان عمل العمال إنما يتعلق أصلاً بعمل رب العمل وهو إقامة الوحدة المجمعة كان (مطلع) الدفاع إلى عدم تطبيق القانون رقم 91 لسنة 1959 على غير أساس". لما كان ذلك, وكان الحكم قد استدل على ارتكاب الطاعن للجرائم المسندة إليه استدلالاً سائغاً استخلصه من محضر مفتش العمل الذي كان مطروحاً على بساط البحث ودارت عليه المحاكمة. وكان عدم توقيع العمال على هذا المحضر أو تجهيل أسمائهم ليس من شأنه إهدار قيمة المحضر كله كعنصر من عناصر الإثبات وإنما يخضع كل ما يعتريه من نقص أو عيب لتقدير محكمة الموضوع التي متى اطمأنت إليه فلا وجه لمصادرتها في عقيدتها في هذا الصدد. وكان يبين من محاضر الجلسات ومما أورده الطاعن في طعنه من مذكرته التي قرر بأنه قدمها إلى محكمة ثاني درجة وضمنها دفاعه أنه لم يطلب مناقشة محرر المحضر أو تحقيق دفاع معين فلا يقبل منه أن ينعي على المحكمة إخلالها بدفاع لم يطلبه. ولما كان لمحكمة الموضوع تقدير أدلة الدعوى والأخذ بما ترتاح إليه منها، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في اشتغال العمال المشار إليهم عنده إنما هو من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا يقبل منه أمام محكمة النقض وهو مع ما تقدم باعتباره دفاعاً موضوعياً لم تكن المحكمة ملزمة بالتعرض له أو الرد عليه استقلالاً اكتفاء بأخذها بأدلة الإثبات القائمة في الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن العمال الذين يستخدمهم الطاعن يعملون في إقامة الوحدة المجمعة التي عهد إلى الطاعن القيام بها بصفته مقاولاً فإنه إذ ما انتهى بالأدلة التي أوردها إلى أن هؤلاء العمال لا يقومون بعمل عرضي ورتب على ذلك إخضاعهم لأحكام عقد العمل الفردي يكون قد أصاب صحيح القانون ذلك بأن المادة 88 من القانون رقم 91 لسنة 1959 قد نصت على أنه يستثنى من تطبيق أحكام عقد العمل الفردي الأشخاص الذين يستخدمون في أعمال عرضية مؤقتة لا تدخل بطبيعتها فيما يزاوله صاحب العمل ولا تستغرق أكثر من ستة أشهر، ومقتضى ذلك أن كل عمل يقوم به العامل ويكون بطبيعته داخلاً في الأعمال التي يزاولها رب العمل لا يعتبر عملاً عرضياً كما هي الحال في الدعوى. لما كان ذلك، وكان التزام رب العمل بإنشاء ملف خلف خاص لكل عامل يمس مباشرة مصالح العمال ويجحف بحقوقهم فيكون الحكم إذ ما قضى بتعدد الغرامة بقدر عدد العمال الذين وقعت في شأنهم تلك المخالفة - وهى موضوع التهمة الثالثة - قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.