أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة التاسعة والأربعون - صـ 660

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضا الخضيرى، سعيد شعلة، عبد الباسط أبو سريع نواب رئيس المحكمة وعبدالمنعم محمود.

(160)
الطعن رقم 4004 لسنة 61 القضائية

(1) إعلان. دعوى. دفوع. بطلان. تجزئة. تضامن.
البطلان المترتب على مخالفة قواعد الإعلان. بطلان نسبى مقرر لمصلحة من تغيب أو تخلف اعلانه. عدم جواز التمسك به من غيره ولو كان موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة أو محكوماً فيه بالتضامن.
(2) استئناف "اعتباره كأن لم يكن". دعوى. إعلان. دفوع. نظام عام. تجزئة.
الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. عدم تعلقه بالنظام العام. تقريره لمن لم يتم إعلانه صحيحا خلال ثلاثة أشهر من تقديم الصحيفة لقلم الكتاب. له وحده التمسك بالدفع ولو كان الموضوع غير قابل للتجزئة.
(3 ـ 5) ملكية. حيازة "الحيازة المكسبة للملكية". تقادم "تقادم مكسب". محكمة الموضوع.
(3) القضاء بالملك لواضع اليد الطويلة المكسبة للملكية. عدم الحاجة لاستظهار السبب المشروع المستند إليه فى وضع اليد. كفاية توافر الحيازة بشرائطها القانونية سواء استند الحائز إلى سبب يبرر حيازته أو تحررت يده منه. مؤداه. عدم تقديم أصل عقد البيع سند الحائز فى وضع يده لا ينفى وضع اليد وتوافر شرائطه.
(4) طبيعة الأرض وكونها بوراً. عدم تعارضه مع صلاحيتها للتملك بالتقادم.
(5) المنازعة القضائية لا تنفى بمجردها صفة الهدوء عن الحيازة المكسبة للملكية. الهدوء كشرط لهذه الحيازة. مناطه. عدم اقترانها بالإكراه من الحائز وقت بدئها. بدء وضع اليد هادئاً. أثره. عدم زوال تلك الصفة بمنازعته أو التعدى على حيازته أثناء حصولها.
1 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن البطلان المترتب على مخالفة قواعد الإعلان هو بطلان نسبى مقرر لمن تغيب أو تخلف إعلانه فلا يجوز لغيره من الخصوم التمسك به ولو كان موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة أو محكوماً فيه بالتضامن، إذ لا يفيد من البطلان فى هذه الحالة إلا إذا تمسك به صاحبه.
2 - الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لا يتعلق بالنظام العام لأنه مقرر لمصلحة من لم يتم إعلانه إعلانا صحيحا خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب، فيكون له وحده التمسك به ولو كان الموضوع غير قابل للتجزئة. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه حصل من أصل ثابت بالأوراق أن الطاعنين جميعاً أعلنوا وأعيد إعلانهم، وانتهى إلى رفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لأنه أبدى من الطاعن الثانى الذى أعلن لشخصه وحضر جلسات المرافعة بوكيل عنه - فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
3 - القضاء بالملك لواضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية لا يحتاج إلى استظهار السبب المشروع الذى يستند إليه فى وضع يده وإنما يكفى فى هذا الصدد أن تتوافر لواضع اليد الحيازة المستوفاة لشرائطها القانونية سواء استند الحائز إلى سبب فى وضع يده أم تحررت يده من سبب يبرر حيازته ومن ثم فإن عدم تقديم أصل عقد البيع - (المستند إليه فى شرعية وبداية وضع اليد) - ليس من شأنه نفى وضع اليد وعدم توافر شرائطه.
4 - طبيعة الأرض وكونها بوراً لا يتعارض مع صلاحيتها لكى تكون محلاً للتملك بالتقادم.
5 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن مجرد المنازعة القضائية لا ينفى قانوناً صفة الهدوء عن الحيازه المكسبة للملكية وإنما المقصود بالهدوء - الذى هو شرط لهذه الحيازة - ألا تكون قد اقترنت بالإكراه من جانب الحائز وقت بدئها فإذا بدأ وضع يده هادئاً فإن منازعته أو التعدى على حيازته أثناء حصولها لا يؤدى إلى زوال صفة الهدوء عنها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن مورث المطعون ضدهم الستة الاول - ......... - أقام الدعوى 3515 لسنة 1981 مدنى شبين الكوم الابتدائية على الطاعنين والمطعون ضدها السابعة بطلب الحكم بتثبيت ملكيته لقطعة الأرض الزراعية المبينة بالصحيفة ومنع تعرضهم له فى الانتفاع بها، وقال شرحاً لدعواه إنه اشترى تلك الأرض بعقد مؤرخ 1/ 1/ 1966 من المرحوم...... - استصدر حكماً بصحته ونفاذه ثم سجل الحكم برقم 958 لسنة 1976 شهر عقارى شبين الكوم، وإذ نازعة الطاعنون والمطعون ضدها السابعة فى ملكيته بزعم أنهم تملكوا الأرض بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، وقاموا بتأجيرها للمطعون ضده الأخير - فقد أقام الدعوى ليحكم له بطلبيه سالفى البيان، كما أقام الطاعنون والمطعون ضده السابعة الدعوى 5027 لسنة 1981 مدنى شبين الكوم الابتدائية على مورث المطعون ضدهم الستة الأول بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم لأرض النزاع على سند من أن مورثهم المرحوم - ....... - والطاعن الثانى اشتريا قطعة الأرض موضوع النزاع بعقد مؤرخ 21/ 2/ 1958 من المرحوم - ...... - ومنذ ذلك التاريخ وهما يضعان اليد عليها وينتفعان بها إلا أن المورث المذكور ينازعهم فى الملكية معتصماً بعقد أشهر برقم 958 لسنة 1976 شبين الكوم تم بطريق التواطؤ بينه وبين ورثة البائع لهم ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 28/ 5/ 1989 فى الدعوى الأولى برفضها، وفى الثانية بثبوت ملكية الطاعنين لاطيان النزاع بالتقادم المكسب الطويل، استأنف المطعون ضدهم الستة الأول الحكم بالاستئناف 762 لسنة 22 ق طنطا - مأمورية شبين الكوم. وبتاريخ 8/5/1991 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنين، وفى دعوى مورث المطعون ضدهم الستة الأول بتثبيت ملكيته لأطيان النزاع. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وفى بيان ذلك يقولون إنهم لم يعلنوا ولم يعد إعلانهم بصحيفة الاستئناف لوقوع تزوير فى الإعلان، إذ أثبت المحضر بالورقة الأخيرة من الصحيفة أن الطاعنين الثالث والخامس مقيدا الحرية وأن الرابع مقيم بدمياط، والمطعون ضدها السابعة مقيمة بالسعودية، إلا أن المطعون ضدهم الستة الأول قاموا بتدوين إجابة تغاير إجابة المحضر على الصفحة الأولى من تلك الصحيفة، ومن ثم فقد دفعوا - بعد انقضاء ثلاثة أشهر على إيداع الصحيفة - باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، وطلبوا احتياطياً إعادته للمرافعة لاتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير على ذلك الإعلان وإذ رفضت المحكمة إجابتهم إلى طلباتهم دون سند من القانون - فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أن المقرر- فى قضاء هذه المحكمة - أن البطلان المترتب على مخالفة قواعد الإعلان هو بطلان نسبى مقرر لمن تغيب أو تخلف إعلانه فلا يجوز لغيره من الخصوم التمسك به ولو كان موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة أو محكوماً فيه بالتضامن، إذ لا يفيد من البطلان فى هذه الحالة إلا إذا تمسك به صاحبه، وأن الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لا يتعلق بالنظام العام لأنه مقرر لمصلحة من لم يتم إعلانه إعلاناً صحيحاً خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب، فيكون له وحده التمسك به ولو كان الموضوع غير قابل للتجزئة. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه حصل من أصل ثابت بالأوراق أن الطاعنين جميعاً أعلنوا وأعيد إعلانهم، وانتهى إلى رفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لأنه أبدى من الطاعن الثانى الذى أعلن لشخصه وحضر جلسات المرافعة بوكيل عنه - فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعى عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه بالسبب الثانى مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقولون إن دفاعهم جرى بأن مورثهم وأخاه - الطاعن الثانى - اشتريا أرض النزاع بعقد مؤرخ 21/2/1958 ووضعا اليد عليها منذ ذلك التاريخ واستصلحا جزء منها كان بوراً وبعد وفاة المورث تم تأجيرها للمطعون ضده الأخير فظل واضعاً يده عليها لحسابهم مدة تزيد على عشرين عاماً وضع يد هادئ ظاهر مستمر بنيه الملك، وقدموا - تأييداً لدفاعهم هذا - صورة العقد المشار إليه وخطاباً صادراً من البائع فى 21/2/1958 إلى وكيل له لتسليم الأرض لمشترييها وصورة العقد المسجل رقم 4602 فى 11/7/1963 الصادر من البائع نفسه إلى آخرين عن أرض ملاصقة للأرض موضوع النزاع جاء فيه أن أرض النزاع تحدها من الجهة القبلية وفى محاضر أعمال الخبير المندوب من محكمة أول درجة شهد....... مشترى الأرض المجاورة بأنه كان يضع يده على جزء من الأطيان المتنازع على ملكيتها إلى أن اشتراها مورث الطاعنين فى سنة 1958 فسلمها له ووضع يده عليها وبعد وفاته استأجرها المطعون ضده الأخير من ورثته وبذلك أيضاً شهد عن......... و......... وشيخ الناحية، ومدير الجمعية الزراعية. ومن سمعت محكمة أول درجة أقوالهم من الشهود. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التفت عن ذلك كله وأهدر حيازتهم التى استمرت مدة تزيد على عشرين عاماً - فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن البين من الحكم المطعون فيه أنه واجه دعوى الطاعنين بتملكهم قطعة الأرض موضوع النزاع بالتقادم المكسب الطويل - بأنهم لم يقدموا أصل عقد البيع المؤرخ 21/2/1958 "الذى يستندون إليه فى شرعية وبداية وضع اليد" وأن تلك الأرض كانت بوراً خلال المدة من سنة 1958 حتى سنة 1965 وأن وضع اليد الذى بدأ من هذا التاريخ الأخير لم يتوافر له الهدوء والخلو من النزاع لإقامة دعويين على المطعون ضده الأخير أولاهما من ورثة المالك الأصلى بمطالبته بريعها، والثانية من مورث المطعون ضدهم بطلب طرده للغصب ولما كان القضاء بالملك لواضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية لا يحتاج إلى استظهار السبب المشروع الذى يستند إليه فى وضع يده وإنما يكفى فى هذا الصدد أن تتوافر لواضع اليد الحيازة المستوفاة لشرائطها القانونية سواء استند الحائز إلى سبب فى وضع يده أم تحررت يده من سبب يبرر حيازته ومن ثم فإن عدم تقديم أصل عقد البيع المشار إليه ليس من شأنه نفى وضع اليد وعدم توافر شرائطه، كذلك فإن طبيعة الأرض وكونها بورا لا يتعارض مع صلاحيتها لكى تكون محلاً للتملك بالتقادم. لما كان ذلك، وكان المقرر- فى قضاء هذه المحكمة - أن مجرد المنازعة القضائية لا ينفى قانوناً صفة الهدوء عن الحيازة المكسبة للملكية وإنما المقصود بالهدوء - الذى هو شرط لهذه الحيازة - ألا تكون قد اقترفت بالإكراه من جانب الحائز وقت بدئها فإذا بدأ وضع يده هادئا فإن منازعته أو التعدى على حيازته أثناء حصولها لا يؤدى إلى زاول صفة الهدوء عنها وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه ولما كان هذا الخطأ قد حجبه عن تقدير ما ساقه الطاعنون من أدلة وقرائن على حيازتهم الأرض المتنازع على ملكيتها مدة تزيد على عشرين عاماً حيازة هادئة ظاهرة بنية التملك - فإنه يكون مشوباً بقصور يبطله ويوجب نقضه.