أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 16 - صـ 129

جلسة 15 من فبراير سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد صبري، ونور الدين عويس، ونصر الدين عزام.

(29)
الطعن رقم 1816 لسنة 34 القضائية

( أ ) تزوير. "أركان جريمة التزوير".
وقوع ضرر بالفعل. غير لازم في جريمة التزوير. كفاية احتمال وقوعه. البحث في وجود الضرر واحتماله إنما يرجع فيه إلى الوقت الذي وقع فيه تغيير الحقيقة.
(ب) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة. طبيعته: قرار تحضيري لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق.
(ج) محكمة ثاني درجة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق. هي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه. عدم التزامها إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة. مثال.
1 - لا يشترط في التزوير وقوع الضرر بالفعل بل يكفي احتمال وقوعه, والبحث في وجود الضرر واحتماله إنما يرجع فيه إلى الوقت الذي وقع فيه تغيير الحقيقة بغير التفات إلى ما يطرأ فيما بعد.
2 - القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق.
3 - محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق، وهى لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه ولا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة، فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم وكان الطاعن بفرض أنه أبدى هذا الطب في مذكرته أمام المحكمة الاستئنافية بعد حجز الدعوى للحكم, فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة. ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 14/ 10/ 1958 بدائرة محرم بك: أولاً - ارتكب تزويراً في محررين عرفيين هما العقد والإيصال المبينين بالمحضر بأن اصطنع هذين المحررين ووضع عليهما إمضاءين نسب صدورهما زوراً إلى سعيد مقار ميخائيل. ثانياً - استعمل المحررين المزورين سالفي الذكر مع علمه بتزويرهما بأن قدمهما إلى المحكمة. وطلبت عقابه بالمادتين 213 و215 من قانون العقوبات. ومحكمة محرم بك الجزئية قضت بتاريخ 19/ 6/ 1960 حضورياً اعتبارياً بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة 500 قرش لوقف التنفيذ. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة إسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 7 مارس سنة 1963 برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي تزوير محررين عرفيين واستعمالهما مع علمه بتزويرهما قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون وذلك بأن المحكمة الاستئنافية عدلت دون مبرر عن تنفيذ قرارها الخاص بإعادة الدعوى للمرافعة لمناقشة المطعون ضده على الرغم من تمسك الطاعن بتنفيذ القرار المذكور لجوهرتيه كما دانته مع انتفاء ركن الضرر بعد أن حرر الطاعن عقد إيجار آخر ألغى به العقد القديم الذي كان محلاً للطعن بالتزوير.
وحيث إنه يبين من مطالعة محاضر جلسات المحكمة الاستئنافية أنها حجزت الدعوى للحكم ثم أعادتها للمرافعة لما تبين لها من ضرورة مناقشة المجني عليه (المطعون ضده) في بعض النقاط حيث حضر الطاعن والمطعون ضده وطلب الدفاع عن الطاعن أجلاً فاستجابت المحكمة له وأجلت الدعوى لجلسة 31/ 1/ 1963 وفيها حضر الطاعن ووجه بالتهمة فأنكرها ولم يطلب هو أو المدافع عنه من المحكمة مناقشة المطعون ضده في أي أمر ما فحجزت الدعوى للحكم لجلسة 7/ 3/ 1963 مع التصريح بتقديم مذكرات وفيها صدر الحكم المطعون فيه. ولما كان ذلك، وكان نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 لسنة 1957 - وقد وقعت إجراءات المحاكمة في ظله - يخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوي في ذلك أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه، فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا هي عولت على أقوال المجني عليه في التحقيقات دون سماعه ما دامت أقواله كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة وليس بذي شأن أن تكون هي التي قررت من نفسها مناقشة المجني عليه ثم عدلت عن قرارها ذلك لأن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق ذلك أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق وهى لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه ولا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم وكان الطاعن بفرض أنه أبدى هذا الطب في مذكرته أمام المحكمة الاستئنافية بعد حجز الدعوى للحكم فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة, ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله. وأما ما يثيره الطاعن من خطأ الحكم في تطبيق القانون لانتفاء ركن الضرر والقضاء بالإدانة على الرغم من ذلك فمردود بما يبين من الاطلاع على الحكم من أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة أركان الجريمتين اللتين دان بهما الطاعن وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن ترتب النتيجة التي خلص إليها وأثبت في حقه أنه قد اصطنع عقد إيجار تاريخه أول يناير سنة 1943 وإيصال سداد أجرة المحل الذي كان يستأجره من المجني عليه حتى آخر أغسطس سنة 1957 ونسب صدورهما إلى المجني عليه بوضع إمضاء مزور وزعم فيهما أن الأجرة كانت خمسة وثلاثين قرشاً شهرياً وقدمهما في الدعوى المدنية التي رفعها عليه المجني عليه لطرده لتخلفه عن سداد تلك الأجرة منذ أول مارس سنة 1953 بواقع ثمانين قرشاً عن كل شهر بما تتحقق به كافة الأركان القانونية لجريمتي التزوير والاستعمال بما في ذلك ركن الضرر حسبما هو معرف به في القانون ذلك أنه من طبيعة هذا التزوير الذي أورده الحكم أنه ينطوي على الإضرار بالمجني عليه، هذا فضلاً عن إنه لا يشترط في التزوير وقوع الضرر بالفعل بل يكفي احتمال وقوعه على أن البحث في وجود الضرر واحتماله إنما يرجع فيه إلى الوقت الذي وقع فيه تغيير الحقيقة بغير التفات إلى ما يطرأ فيما بعد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.