أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 16 - صـ 133

جلسة 15 من فبراير سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومختار رضوان، ومحمد محفوظ، محمد عبد الوهاب خليل.

(30)
الطعن رقم 1817 لسنة 34 القضائية

دعوى مدنية. "مدى اختصاص المحاكم الجنائية بنظرها". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
إذأجازة القانون للمدعي بالحق المدني المطالبة بتعويض عما لحقه من ضرر أمام المحاكم الجنائية. استثناء. وجوب عدم التوسع فيه، وقصره على الحالة التي يكون فيها المدعي المدني هو الشخص الذي أصابه ضرر شخصي مباشر من الجريمة. مثال.
إذ أجاز القانون للمدعي بالحق المدني أن يطالب بتعويض عما لحقه من ضرر أمام المحكمة الجنائية إما عن طريق تدخله في دعوى جنائية أقيمت فعلاً على المتهم أو بالتجائه مباشرة إلى المحكمة المذكورة مطالباً بالتعويض ومحركاً للدعوى الجنائية. فإن هذه الإجازة إن هي إلا استثناء من أصلين مقررين حاصل أولهما أن المطالبة بمثل هذه الحقوق إنما تكون أمام المحاكم المدنية، ومؤدى ثانيهما أن تحريك الدعوى الجنائية إنما هو حق تمارسه النيابة العامة وحدها. ومن ثم يتعين عدم التوسع في الاستثناء المذكور وقصره على الحالة التي يتوافر فيها الشرط الذي قصد الشارع أن يجعل الالتجاء إليه فيها منوطاً بتوافره وهو أن يكون المدعي بالحق المدني هو الشخص الذي أصابه ضرر شخصي مباشر من الجريمة. ولما كان الحكم لم يستظهر وجه الضرر الذي أصاب المدعي بالحق المدني وهو أساس الإدعاء مدنياً والمحرك للدعوى الجنائية بالطريق المباشر، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه القصور الذي يعيبه ويوجب نقضه وذلك بالنسبة إلى كلا الدعويين المدنية والجنائية.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه مباشرة أمام محكمة الدرب الأحمر الجزئية ضد الطاعن متهماً إياه بأنه بتاريخ 25/ 9/ 1957 بدائرة قسم الدرب الأحمر: قرر أقوالاً غير صحيحة أمام دائرة الأحوال الشخصية للأجانب أثناء ضبط الإشهاد الخاص بوفاة المرحوم نيودور كوندويتي وهو يعلم أنها أقوال غير صحيحة وقد تم ضبط الإشهاد على هذه الأقوال كما أنه استعمل هذا الإشهاد الغير الصحيح في القضية رقم 93 سنة 1958 عمال كلي مصر. وطلبت عقابه بالمادة 226/ 1 - 2 من قانون العقوبات. كما طلب القضاء له بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة الدرب الأحمر الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 20/ 11/ 1961 عملاً بمادة الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات: أولاً - بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف تنفيذ العقوبة بلا مصروفات جنائية. وثانياً - بإلزامه بأن يؤدي للمدعي المدني قرشاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية. استأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة مصر الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 6/ 12/ 1962 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات اعتباراً من تاريخ الحكم بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في البيان - ذلك بأنه وإن كان المدعي بالحق المدني قد رفع دعواه مباشرة إلى المحكمة بطلب التعويض عن جريمة الإقرار بأقوال غير صحيحة أمام السلطة المختصة بتحقيق الوفاة والوراثة واستعمال الإشهاد الذي ضبط على أساس تلك الأقوال، محركاً بذلك الدعوى الجنائية وكان الطاعن قد تمسك أمام درجتي التقاضي بعدم قبول الدعوى المدنية لانتفاء الضرر, إلا أن الحكم حين قضى بالإدانة والتعويض لم يبين وجه الضرر الذي أصاب المدعي بالحق المدني وهو أساس الادعاء بالحق المدني مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - أنه بعد أن حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن المدعي بالحق المدني قد رفع دعواه بالطريق المباشر على اعتبار أن الطاعن قد استحصل على شهادة من القنصلية اليونانية التابع لها ببيان غير صحيح عن ورثة أخيه المتوفى بعد أن استعان في ذلك بشهود كاذبين وقدم هذه الشهادة إلى محكمة الأحوال الشخصية لشئون الأجانب وضبط عنها الإشهاد الذي قدمه في القضية رقم 93 سنة 1958 عمال القاهرة للمطالبة باستحقاقه في المكافأة المستحقة لشقيقه المتوفى قبله بوصفه صاحب العمل الذي كان يعمل لديه في حال حياته - عرض لأدلة ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق الطاعن ثم عرج إلى الدعوى المدنية في قوله: "وحيث إنه عن الدعوى المدنية فإن الضرر الذي كان يصيب المدعي من جراء هذا التزوير محقق لأن الدعوى العمالية رقم 93 سنة 1958 كلي القاهرة مرفوعة ضده - كما أنه زوج لإحدى الورثة ومن ثم يقضى له بالتعويض المؤقت المطلوب مع المصروفات المدنية". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم بالنسبة إلى الدعوى المدنية - لا يكفي لبيان وجه الضرر الذي حاق بالمدعي بالحقوق المدنية - في خصوصية هذه الدعوى - ذلك لأن دفاع الطاعن قام أساساً على انتفاء الضرر باعتباره المستحق الوحيد للمكافأة كلها دون بقية الورثة عملاً بأحكام قانون العمل وطبقاً لقانون بلد المورث اليوناني الجنسية. ولما كان القانون إذ أجاز للمدعي بالحق المدني أن يطالب بتعويض عما لحقه من ضرر أمام المحكمة الجنائية إما عن طريق تدخله في دعوى جنائية أقيمت فعلاً على المتهم أو بالتجائه مباشرة إلى المحكمة المذكورة مطالباً بالتعويض ومحركاً للدعوى الجنائية, فإن هذه الإجازة إن هي إلا استثناء من أصلين مقررين حاصل أولهما أن المطالبة بمثل هذه الحقوق إنما تكون أمام المحاكم المدنية. ومؤدى ثانيهما أن تحريك الدعوى الجنائية إنما هو حق تمارسه النيابة العامة وحدها, ومن ثم يتعين عدم التوسع في الاستثناء المذكور وقصره على الحالة التي يتوافر فيها الشرط الذي قصد الشارع أن يجعل الالتجاء إليه فيها منوطاً بتوافره وهو أن يكون المدعي بالحق المدني هو الشخص الذي أصابه ضرر شخصي مباشر من الجريمة - وكان الحكم على ما تقدم لم يستظهر وجه الضرر الذي أصاب المدعي بالحق المدني وهو أساس الإدعاء مدنياً والمحرك للدعوى الجنائية بالطريق المباشر، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه القصور الذي يعيبه ويوجب نقضه وذلك بالنسبة إلى كلاً الدعويين المدنية والجنائية بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن. لما كان ما تقدم, فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة إلى الدعويين المدنية والجنائية معاً.