أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة التاسعة والأربعون - صـ 716

جلسة 14 من ديسمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد مصباح شرابيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد غريانى، حسين السيد متولى، عبد الحميد الحلفاوى وحسن حسن منصور نواب رئيس المحكمة.

(174)
الطعن رقم 89 لسنة 64 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: الحكم فيها". نيابة عامة. حكم "حجية الحكم".
مسائل الأحوال الشخصية. ماهيتها. وجوب تمثيل النيابة العامة فيها بوصفها نائبة عن المجتمع. الأحكام الصادرة فيها. حجيتها مطلقة قبل الكافة سواء كانت مقررة أو منشئة لما تضمنته من حقوق. علة ذلك.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها فى الإحالة إلى التحقيق". إثبات "الإحالة إلى التحقيق". حكم "استنفاد الولاية".
القضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. إحالة الدعوى من بعد إلى التحقيق لاثبات أو نفى واقعة تتعلق بالمسألة التى سبق الفصل فيها. غير جائز.
1 - المقرر- فى قضاء هذه المحكمة - أن مسائل الأحوال الشخصية مجموعة متميزة من الصفات الطبيعية أو العائلية للشخص والتى رتب القانون عليها أثراً فى حياته الاجتماعية لكونه إنساناً ذكراً أو أنثى، وكونه زوجاً أو أرملا أو مطلقا، وكونه أبا أو ابنا، وكونه كامل الأهلية أو ناقصها لصغر سن أو عته أو جنون، باعتبار أنها تقوم على تقرير مراكز قانونية أو حالات أو صفات يرتب عليها القانون أثراً فى حياة الأشخاص الاجتماعية، ومن ثم فقد أحاطها المشرع بإجراءات وضمانات خاصة من بينها وجوب تمثيل النيابة العامة فيها بوصفها نائبة عن المجتمع، وبالتالى فإن الأحكام الصادرة فيها تكون لها بهذه المثابة حجية مطلقة قبل الكافة، وذلك دون التفات لما إذا كانت تلك الأحكام مقررة أو منشئة لما تضمنته من حقوق، إذ أن الحقيقة القضائية فى مسائل الاحوال الشخصية كالأهلية والزواج والبنوة والاسم والجنسية سواء كانت صادرة إيجابياً بالقبول أو سلباً بالرفض، لا تعدو أن تكون تقريرا لمركز قانونى أو حالة أو صفة تتميز فى ذاتها بالوحدة والإطلاق وعدم القابلية للتجزئة، وترتب بدورها آثاراً من شأنها تحديد وضع الشخص فى المجتمع، بما لازمه أن تكون هذه الآثار واحدة ومطلقة وعامة قبل الكافة ومسلماً بها منهم.
2 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائى الذى قضى - بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم المشار إليه - فما كان يجوز للمحكمة من بعد إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أو نفى واقعة تتعلق بالمسألة التى سبق الفصل فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداوله.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 771 لسنة 1992 كلى أحوال شخصية الإسكندرية على المطعون ضده بطلب الحكم بثبوت نسبهما إليه، وقالا بياناً للدعوى، إنه بمقتضى عقد زواج عرفى محرر فى أكتوبر سنة 1954 تزوجت والدتهما...... من المطعون ضده ورزقا بهما واستخرجا شهادتى ميلاد نسبهما إلى والديهما المذكورين ثم اكتشفا شطب اسم المطعون ضده بشهادتى ميلادهما وإثبات آخر يدعى..... بدلاً منه الذى واجهاه بذلك فأنكر علاقته بوالدهما، ومن ثم أقاما الدعوى، بتاريخ 26/ 5/ 1993 حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى الدعوى رقم 135 لسنة 1956 كلى أحوال شخصية طنطا، استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 221 لسنة 1993 الإسكندرية، وبتاريخ 29/ 12/ 1993 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقولان إنهما لم يكونا طرفاً فى الدعوى رقم 135 لسنة 1956 كلى أحوال شخصية طنطا إذ صدر الحكم فيها ضد والدتهما ومن ثم لا يحاجان به، فضلاً عن أن مبنى هذا الحكم عدم وجود عقد زواج بين المطعون ضده ووالدتهما، بينما أقاما الدعوى الراهنة بثبوت نسبهما بغض النظر عن وجود هذا العقد، وإذ قضى الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك بأن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن مسائل الاحوال الشخصية مجموعة متميزة من الصفات الطبيعية أو العائلية للشخص والتى رتب القانون عليها أثراً فى حياته الاجتماعية لكونه إنساناً ذكراً أو أنثى، وكونه زوجاً أو أرملاً أو مطلقاً، وكونه أباً أو ابناً، وكونه كامل الأهلية أو ناقصها لصغر سن أو عته أو جنون، باعتبار أنها تقوم على تقرير مراكز قانونية أو حالات أو صفات يرتب عليها القانون أثراً فى حياة الأشخاص الاجتماعية، ومن ثم فقد أحاطها المشرع بإجراءات وضمانات خاصة من بينها وجوب تمثيل النيابة العامة فيها بوصفها نائبة عن المجتمع، وبالتالى فإن الأحكام الصادرة فيها تكون لها بهذه المثابة حجية مطلقة قبل الكافة، وذلك دون التفات لما إذا كانت تلك الأحكام مقررة أو منشئة لما تضمنته من حقوق، إذ أن الحقيقة القضائية فى مسائل الأحوال الشخصية كالأهلية والزواج والبنوة والاسم والجنسية سواء كانت صادرة إيجابيا بالقبول أو سلبا بالرفض، لا تعدو أن تكون تقريراً لمركز قانونى أو حالة أو صفة تتميز فى ذاتها بالوحدة والإطلاق وعدم القابلية للتجزئة، وترتب بدورها آثاراً من شأنها تحديد وضع الشخص فى المجتمع، بما لازمه أن تكون هذه الآثار واحدة ومطلقة وعامة قبل الكافة ومسلماً بها منهم. لما
كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أنه قضى بنفى نسب الطاعنين للمطعون ضده بموجب الحكم الصادر فى الدعوى رقم 135 لسنة 1956 كلى أحوال شخصية طنطا الصادر لصالح المطعون ضده ضد والدة الطاعنين، وكان هذا الحكم قد انطوى على تقرير مركز قانونى للطاعنين يتحدد به وضعهما فى المجتمع وحالتهما فيه والتى يرتب عليها القانون آثاراً معينة فى حياتهما تتميز بالوحدة والإطلاق بما يقتضى أن تكون حجيته قائمة قبل الكافة ومسلماً بها منهم، فيكون لذلك الحكم حجية قبل الطاعنين من باب أولى لتعرضه لمركز قانونى لصيق بهما، وكان الطاعنان قد أقاما دعواهما الماثلة ابتغاء الحكم بثبوت نسبهما إلى المطعون ضده، وكانت هذه المسألة قد حسمت بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 135 لسنة 1956 كلى أحوال شخصية طنطا سالف الذكر بما يمتنع معه العودة لإثارتها والتنازع فيها، وإذ التزم الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر بقضائه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، فإنه يكون قد انتهى إلى قضاء صحيح، ومن ثم فإن النعى يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول والثانى والرابع على الحكم المطعون فيه الاخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك يقولان، إنهما تمسكا بالمذكرة المقدمة بجلسة 28/ 11/ 1993 أمام محكمة الاستئناف بأن حجية الاحكام الشرعية مؤقتة تتغير بتغير دواعيها، وإذ أقر المطعون ضده بنسبهما إليه حسبما يبين من شهادتى ميلادهما وبطاقتيهما الشخصية ووثيقتى زواجهما وشهادة الخدمة العسكرية للطاعن الأول وكلها أوراق رسمية، ولازالا يتسميان باسمه منذ صدور الحكم فى الدعوى رقم 135 لسنة 1956 كلى أحوال شخصية طنطا بما مقتضاه تنازله عنه وسقوطه لعدم تقديمه للتنفيذ خلال خمس عشرة سنة، كما أنهما طلبا إحالة الدعوى إلى التحقيق إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب، فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير صحيح فى شقه الأول، ذلك أن البين من الاوراق أن المطعون ضده قد قدم الحكم الصادر فى الدعوى رقم 135 لسنة 1956 كلى أحوال شخصية طنطا إلى وزارة الصحة لتنفيذه وبناء على ذلك صدر قرار اللجنة المختصة رقم 8427 بتاريخ 30/ 11/ 1957 بتغيير اسم الطاعنين إلى..... و..... بما ينتفى معه تنازله عن الحكم المذكور، والنعى غير مقبول فى شقه الثانى ذلك أنه متى كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائى الذى قضى - بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم المشار إليه، فما كان يجوز للمحكمة من بعد احالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أو نفى واقعة تتعلق بالمسألة التى سبق الفصل فيها.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.