أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 16 - صـ 179

جلسة أول مارس سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين صفوت السركي، ومحمد صبري، ومحمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام.

(39)
الطعن رقم 1863 لسنة 34 القضائية

( أ ) دعوى جنائية. "تحريكها". "نظرها". بطلان. نظام عام.
إقامة الدعوى الجنائية على المتهم ممن لا يملك رفعها قانوناً. أثره: اتصال المحكمة بالدعوى يكون معدوماً قانوناً. لا يحق لها التعرض لموضوعها وإلا كان حكمها وما بني عليه من إجراءات معدوم الأثر. ليس للمحكمة الاستئنافية عند رفع الأمر إليها التصدي لموضوع الدعوى والفصل فيه. عليها أن تقصر حكمها على القضاء ببطلان الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى. بطلان الحكم لهذا السبب متعلق بالنظام العام. جواز إبدائه في أي مرحلة من مراحل الدعوى وعلى المحكمة القضاء به من تلقاء نفسها. مثال.
(ب) حكم. "إصداره". "النطق به".
لا محل للرجوع إلى قانون المرافعات فيما نص عليه في قانون الإجراءات. عدم تحديد القانون الأخير أجلاً للنطق بالحكم، وإنما أوجب فقط التوقيع عليه في ظرف ثمانية أيام من يوم النطق به على أن يبطل إذا انقضت مدة ثلاثين يوماً من يوم صدوره دون التوقيع عليه.
(جـ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المحاكمة الجنائية. تشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم. كفايته للقضاء له بالبراءة.
(د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "اعتراف".
الاعتراف في المواد الجنائية. دليل من أدلة الدعوى. خضوعه في تقديره لمحكمة الموضوع.
(هـ) "حكم. تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "أوراق رسمية".
لا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون غيره أو بالتقيد في تكوين عقيدته بالأحكام المقررة للطعن بالتزوير على الأوراق الرسمية. ما دام المستمد من ورقة رسمية غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي استخلصها القاضي من باقي الأدلة.
1 - من المقرر أنه إذا كانت الدعوى قد أقيمت على المتهم ممن لا يملك رفعها قانوناً وعلى خلاف ما تقضي به المادتان 63, 232 من قانون الإجراءات الجنائية فإن اتصال المحكمة في هذه الحالة بالدعوى يكون معدوماً قانوناً ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها فإن هي فعلت كان حكمها وما بني عليه من إجراءات معدوم الأثر ولا تملك المحكمة الاستئنافية عند رفع الأمر إليها أن تتصدى لموضوع الدعوى وتفصل فيه بل يتعين عليها أن تقصر حكمها على القضاء ببطلان الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى باعتبار أن باب المحاكمة موصود دونها إلى أن تتوافر لها الشروط التي فرضها الشارع لقبولها، وبطلان الحكم لهذا السبب متعلق بالنظام العام لاتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية ولصحة اتصال المحكمة بالواقعة، فيجوز إبداؤه في أي مرحلة من مراحل الدعوى بل يتعين على المحكمة القضاء به من تلقاء نفسها. ومن ثم فإن توجيه التهمة من ممثل النيابة العامة للمطعون ضده الأول في الجلسة أمام محكمة أول درجة وعدم اعتراضه على ذلك لا يصحح الإجراءات لأن الدعوى قد سعى بها إلى ساحة المحكمة أصلاً بغير الطريق القانوني ولا يشفع في ذلك إشارة رئيس النيابة اللاحقة برفع الدعوى لأن هذه الإجازة اللاحقة لا تصحح الإجراءات السابقة الباطلة.
2 - من المقرر أن قانون الإجراءات الجنائية لم يحدد أجلاً للنطق بالحكم وإنما أوجب فقط التوقيع على الأحكام في ظرف ثمانية أيام من يوم النطق بها، على أن يبطل إذا انقضت مدة ثلاثين يوماً من يوم صدورها دون التوقيع عليها. ولا محل للرجوع إلى قانون المرافعات فيما نص عليه في قانون الإجراءات الجنائية.
3 - يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضى له بالبراءة، إذ أن مرجع ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام أن الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
4 - الاعتراف في المواد الجنائية لا يعدو أن يكون دليلاً من أدلة الدعوى يخضع في تقديره لمحكمة الموضوع, فلها أن تطرحه إذا لم تقتنع بصحته ومطابقته للحقيقة. إذ العبرة باقتناع القاضي بناء على التحقيقات التي تتم في الدعوى بإدانة المتهم أو ببراءته.
5 - لا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو بالتقيد في تكوين عقيدته بالأحكام المقررة للطعن بالتزوير على الأوراق الرسمية، بل هو في حل من ذلك ما دام الدليل المستمد من ورقة رسمية غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غر ملتئم مع الحقيقة التي استخلصها القاضي من باقي الأدلة.


الوقائع

أقام المدعى بالحق المدني (الطاعن) هذه الدعوى بالطريق المباشر أمام محكمة قويسنا الجزئية ضد المطعون ضدهما بوصف أنهما في يوم 3/ 4/ 1961 بدائرة مركز قويسنا تقدما ضده إلى الجهات الإدارية بشكوى كيدية نسباً إليه فيها أنه فاسد خليع أضاع ثروته الكبيرة على ملذاته غير المشروعة وأنه عاطل يعمل ضد أهداف الاتحاد القومي. وكان الدافع لدى المتهمين على تقديمها إنما يرجع إلى النزاع القائم بينهما وبينه في شأن إدارة الجمعية التعاونية بالبلدة. وطلب عقابهما بالمواد 303 و305 و306 من قانون العقوبات وإلزامهما أن يدفعا له مائة جنيه تعويضاً مؤقتاً والمصاريف المدنية وأتعاب المحاماة. ولدى نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة دفع الحاضر مع المتهم الأول بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما بغير الطريق القانوني, وقضت هذه المحكمة بتاريخ 28 يونيه سنه 1962 حضورياً للمتهم الأول وغيابياً للمتهم الثاني عملاً بالمواد 171 و302 و303 و305 و306 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 55 و56 منه بحبس كل من المتهمين ستة أشهر مع الشغل وإلزامهما متضامنين أن يدفعا للمدعى بالحق المدني مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض والمصاريف ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ـ وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً, فعارض المطعون ضده الثاني, وقضى في معارضته بتاريخ 13 سبتمبر 1962 بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المطعون ضدهما هذا الحكم. وأمام محكمة شبين الكوم الابتدائية ـ بهيئة استئنافية ـ دفع الحاضر مع المتهم الأول بما دفع به أمام محكمة أول درجة، ثم قضت المحكمة المذكورة حضورياً بتاريخ 11 يونيه سنة 1963، عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهم الثاني - بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع: أولاً - بالنسبة إلى المتهم الأول: بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية. ثانياً - بالنسبة إلى المتهم الثاني: بإلغاء الحكم المستأنف وبراءته مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية. ثالثاً - إلزام المدعي بالحق المدني المصاريف المدنية عن الدرجتين. فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى الإسناد والفساد في الاستدلال ومخالفة القانون وفى بيان ذلك يقول إن المحكمة أطرحت اعترافاً للمتهم الأول بجلسة 31/ 5/ 1962 وعابت على كاتب الجلسة ما أثبته بمحضر تلك الجلسة مع أن المتهم المذكور لم يطعن على محضر هذه الجلسة بالتزوير تطبيقاً لنص المادة 195 من قانون الإجراءات الجنائية ودون أن تحقق الأمر بنفسها حتى تستخلص النتيجة التي انتهت إليها، كما أن المحكمة استجابت لدفع المتهم الأول بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية قبله على أساس أن المتهم الأول قدم الشكاوى بصفته عمدة يقوم بعمل من أعمال وظيفته على الرغم من أنه قدمها بصفته الشخصية بدليل ما أشر به رئيس النيابة حين أذن برفع الدعوى، فضلاً عن أن المتهم المذكور لم يبد دفعه هذا أمام محكمة أول درجة مما يسلبه الحق في إبدائه أمام محكمة ثاني درجة، وقد أقامت النيابة العامة الدعوى الجنائية قبل المتهم الأول منذ الجلسة الأولى أمام محكمة أول درجة دون اعتراض منه. هذا وقد أجلت المحكمة النطق بالحكم أكثر من أربع مرات دون إثبات سبب ذلك بمحاضر الجلسة على خلاف ما تقضي به المادة 344 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962، كما أنها قد خلصت إلى نتائج مؤداها أن الطاعن لا يجد قوت يومه دون إيراد سندها في ذلك وعلى الرغم مما قدمه الطاعن داحضاً لذلك، وأن القرية قد انقسمت بفعل الطاعن إلى حزبين مع أن الغالبية في صفه والقلة القليلة هي التي تشايع المطعون ضدهما، وأنه لم يثبت على وجه التأكيد كذب ما تضمنته الشكاوى ومن جهة أخرى لم يثبت سوء قصد المتهم الثاني من تقديم هذا البلاغ مع أن الوقائع ناطقة بنقيض ذلك.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد عرضت لما أثبت في محضر جلسة 31/ 5/ 1962 فقالت "ثم عرج الدفاع عن المتهم الأول على الوقائع فأبان أنه نسب لموكله اعترافاً مدسوساً بمحضر جلسة... أمام محكمة أول درجة إذ أضاف سكرتير الجلسة عبارة... وقد سبق اعترف السيد العمدة بالجلسة السابقة في حين لم يثبت ذلك الاعتراف المزعوم بالجلسات السابقة، مما يعدم هذه العبارة أثرها في الإثبات...." ثم استطرد الحكم مطرحا هذا الاعتراف في قوله: "وحيث إن المحكمة بادي ذي بدء وقبل أن تتعرض للموضوع ترى لزاما عليها أن تسجل أسفها على ما ثبت بمحضر جلسة 31/ 5/ 1962 أمام محكمة أول درجة من إضافة سكرتير الجلسة عبارة "وقد سبق أن اعترف بالتهمة بجلسة سابقة إذ أن ما سجله سكرتير الجلسة على هذه الصورة يتنافى مع واجبه في إثبات ما يدور في ذات الجلسة دون تحريف أو إضافة شئ من عنده فضلاً عن أن هذا الاعتراف ليس له صدى في محاضر الجلسات السابقة" لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد أفصحت عن عدم اطمئنانها إلى ما أثبته سكرتير الجلسة في المحضر من أن المتهم الأول (المطعون ضده الأول) اعترف بجلسة سابقة وذلك للأسباب السائغة التي أوردتها، وكان الاعتراف في المواد الجنائية لا يعدو أن يكون دليلاً من أدلة الدعوى يخضع في تقديره لمحكمة الموضوع فلها أن تطرحه إذا لم تقتنع بصحته ومطابقته للحقيقة إذ العبرة باقتناع القاضي بناء على التحقيقات التي تتم في الدعوى بإدانة المتهم أو ببراءته فلا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو بالتقيد في تكوين عقيدته بالأحكام المقررة للطعن بالتزوير على الأوراق الرسمية بل هو في حل من ذلك ما دام الدليل المستمد من ورقة رسمية غر مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي استخلصها القاضي من باقي الأدلة. وكان الحكم قد عرض لما دفع به المطعون ضده الأول وقضى بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية قبله في قوله: "وحيث إنه بالنسبة للدفع المبدى من المتهم الأول (المطعون ضده الأول) بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما بغير الطريق القانوني فإن الثابت من الأوراق أنه عمدة ناحية أشليم والعمدة يعتبر من رجال الضبطية الإدارية والقضائية عملاً بأحكام القانون رقم 106 لسنة 1957 والمادة 23 من قانون الإجراءات ومن اختصاص العمدة الإداري أنه مسئول عن استتباب الأمن في البلدة وراحة المواطنين فيها ومن اختصاصه القضائي إخبار الجهات الإدارية والقضائية فوراً عن كل جريمة وترتيباً على ذلك إذا ما كان قد تقدم بشكوى ضد المدعي المدني (الطاعن) للجهة الإدارية ناسباً له فيها أنه عاطل ولا مال له الأمر الذي تنشأ عنه جريمة تشرد وأنه يبث الفتنة بين الأهالي مما يخشى معه الإخلال بالأمن في البلدة فإن ذلك يتعلق بأعمال وظيفته كعمدة بغض النظر عما حوته الشكوى من ألفاظ تكون جريمة قذف أو لا تكون وعما تنكشف عنه البلاغ من صحة هذه الأمور أو كذبها ويكون الفصل في ذلك للنيابة العامة فإذا ما رأت أن ما حوته الشكوى يكون جريمة بلاغ كاذب أو قذف في حق المشكو كان لها المرجع الأخير في تقديم العمدة للمحاكمة الجنائية بعد الإذن المنصوص عليه في المادة 232 من قانون الإجراءات المعدلة بالقانون رقم 121 لسنة 1956 وليس للمشكو في هذه الحالة الحق في تحريك الدعوى الجنائية مباشرة وإلا كانت غير مقبولة. وحيث إنه ترتيباً على ذلك فإن قيام المدعى بالحق المدني بتحريك الدعوى الجنائية مباشرة أمر لا يقره القانون ولا يفيد في هذا المقام ما حوته الشكوى الإدارية من تأشيرة السيد رئيس النيابة بالإذن برفع الدعوى إذ أن هذا الإذن فضلاً عن كونه قد جاء بعد إعلان المتهمين بصحيفة الدعوى ولا ينسحب أثره على ما سبقه من إجراء فإن المشرع قد قصر حق تحريك الدعوى الجنائية بالنسبة لما يرتكبه الموظف من جرائم أثناء تأدية وظيفته أو بسببها على النيابة العامة بعد صدور الإذن من السيد النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة (المادتان 63, 232 إجراءات المعدلتين بالقانون رقم 121 لسنة 1956)" ثم رتبت المحكمة على عدم قبول الدعوى الجنائية عدم قبول الدعوى المدنية التابعة لها. وهذا الذي قال به الحكم صحيح في القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كانت الدعوى قد أقيمت على المتهم ممن لا يملك رفعها قانوناً وعلى خلاف ما تقضي به المادتان 63،232 من قانون الإجراءات الجنائية فإن اتصال المحكمة في هذه الحالة بالدعوى يكون معدوماً قانوناً ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها فإن فعلت كان حكمها وما بني عليه من إجراءات معدوم الأثر ولا تملك المحكمة الاستئنافية عند رفع الأمر إليها أن تتصدى لموضوع الدعوى وتفصل فيه بل يتعين عليها أن تقصر حكمها على القضاء ببطلان الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى باعتبار أن باب المحاكمة موصود دونها إلى أن تتوافر لها الشروط التي فرضها الشارع بقبولها، وكان بطلان الحكم لهذا السبب متعلقاً بالنظام العام لاتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية ولصحة اتصال المحكمة بالواقعة فيجوز إبداؤه في أي مرحلة من مراحل الدعوى بل يتعين على المحكمة القضاء به من تلقاء نفسها, وكان توجيه التهمة من ممثل النيابة العامة للمطعون ضده الأول في الجلسة أمام محكمة أول درجة وعدم اعتراضه على ذلك لا يصحح الإجراءات لأن الدعوى قد سعى بها إلى ساحة المحكمة أصلاً بغير الطريق القانوني ولا يشفع في ذلك إشارة السيد رئيس النيابة اللاحقة برفع الدعوى لأن هذه الإجازة اللاحقة لا تصحح الإجراءات السابقة الباطلة. وكان من المقرر أن قانون الإجراءات الجنائية لم يحدد أجلاً للنطق بالحكم وإنما أوجب فقط التوقيع على الأحكام في ظرف ثمانية أيام من يوم النطق بها على أن تبطل إذا انقضت مدة ثلاثين يوماً من يوم صدورها دون التوقيع عليها, ولا محل للرجوع إلى قانون المرافعات فيما نص عليه في قانون الإجراءات الجنائية. وكان الحكم بعد أن قضى بقبول دفع المطعون ضده الأول قد عرض لما أسنده إلى المطعون ضده الثاني وعرض للدليل القائم قبله وانتهى إلى الشك في ثبوت التهمة قبله, وكان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضى له بالبراءة إذ أن مرجع ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام أن الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة, وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقض بالبراءة إلا بعد أن أحاطت بظروف الدعوى وألمت إلماماً شاملاً بالأدلة التي قدمها الطاعن فيها وانتهت بعد أن وازنت بين أدلة الإثبات والنفي إلى عدم ثبوت كذب البلاغ على وجه أكيد، وكان الطاعن لا يجادل في وجه طعنه في أن ما استند إليه الحكم له أصله الثابت من الأوراق بل يتجه منعاه في واقع الأمر إلى النعي على المحكمة إطراحها مستنداته وأخذها بمستندات خصمه مما يعد نعياً على تقدير الدليل وهو ما لا تجوز مجادلة محكمة الموضوع فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان كل ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين لذلك رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية ومصادرة الكفالة.