أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة التاسعة والأربعون - صـ 732

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضا الخضيرى، سعيد شعلة، عبد الباسط أبو سريع نواب رئيس المحكمة وعبدالمنعم محمود.

(178)
الطعنان رقما 703 و1171 لسنة 67 القضائية

(1، 2) دعوى "الدعوى الدستورية". دستور. قانون. بطلان. جنسية. حراسة "حراسة ادارية". حكم "حجية الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية".
(1) الدعوى الدستورية عينية. الخصومة فيها. قوامها. مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور. قضاء المحكمة فى شأن تلك النصوص هو القاعدة الكاشفة عن حقيقة صحتها أو بطلانها. لازمه. عدم انحصار حجية الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية فى خصوم هذه الدعوى. امتداد الحجية إلى الدولة بكافة أفرعها وتنظيماتها وإعمال أثرها على الناس كافة دون تمييز. النصوص المحكوم بعدم دستوريتها. عدم جواز تطبيقها من اليوم التالى لنشر الحكم فى الجريدة الرسمية.
(2) الحكم بعدم دستورية نص م 3/ 2 قرار بقانون 141 لسنة 1981 بالنسبة لمن أسقطت عنهم الجنسية أو تخلوا عنها ونشره فى الجريدة الرسمية. كشفه عن بطلان النص. اعتماد قضاء الحكمين المطعون فيهما على أن جنسية الطاعنتين أسقطت عنهما ولم يسترداها إلا بعد انقضاء المهلة القانونية فلا تفيدان من حكم المادة 11 ق 69 لسنة 1974 إعمالاً لحكم النص المذكور. أثره. تجرد الحكمين من سندهما القانونى.
1 - إذ كان المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أن (الخصومة فى الدعوى الدستورية - وهى بطبيعتها من الدعاوى العينية - قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور تحرياً لتطابقها معها إعلاء للشرعية الدستورية. ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هى موضوع الدعوى الدستورية، أو هى بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور - هى الغاية التى تبتغيها هذه الخصومة، وقضاء المحكمه فى شأن تلك النصوص هو القاعدة الكاشفة عن حقيقة الأمر فى شأن صحتها أو بطلانها) فإن لازم ذلك ومقتضاه أن الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية لا تنحصر حجيتها فى خصم الدعوى الدستورية، وإنما تمتد إلى الدولة بكافة أفرعها وتنظيماتها، ويتم إعمال أثرها على الناس كافة دون تمييز، فلا يجوز تطبيق النصوص القانونية المحكوم بعدم دستوريتها اعتباراً من اليوم التالى لنشر الحكم الصادر بشأنها فى الجريدة الرسمية.
2 - لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 7/ 3/ 1992 فى القضية رقم 8 لسنة 8 ق دستورية عليا - بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 وذلك فى مجال تطبيقها بالنسبة إلى من أسقطت عنهم الجنسية أو تخلوا عنها، ونشر حكمها فى الجريدة الرسمية بتاريخ 2/ 4/ 1992،....... وكان البين من الحكمين المطعون فيهما أن قضاءهما قام على أن جنسية الطاعنتين كانت قد أسقطت عنهما ولم يسترداها إلا بعد انقضاء المهلة المنصوص عليها فى القانون، ومن ثم فإنهما لا تفيدان من حكم المادة الحادية عشرة من القانون رقم 69 لسنة 1974 بتسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة إعمالاً لحكم المادة 3/ 2 من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 . وإنما تعوضان عن تدابير الحراسة طبقاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1971 وفى الحدود المنصوص عليها فيه، فإن الحكمين والحال هذه يكونان قد تجردا من سندهما القانونى بعد أن كشف الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا - الذى سلفت الإشارة إليه - عن بطلان النص الذى اعتمدا عليه فى قضاءهما لمخالفته أحكام الدستور. واعلاء للشرعية الدستورية وتغليباً لها على ما دونها من اعتبارات تتعلق باستقرار المراكز القانونية للخصوم، فإنه يتعين نقضهما.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفى أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكمين المطعون فيهما وسائر الاوراق - تتحصل فى أن الطاعنتين فى الطعن رقم 703 لسنة 67 ق وباقى ورثة........ أقمن الدعوى رقم 7819 لسنة 1981 مدنى جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلغاء عقد بيع العقار المبين بصحيفة دعواهن والمشهر برقم 2235 توثيق القاهرة الصادر من جهاز تصفية الحراسات إلى الشركة المطعون ضدها الخامسة مع التأشير بذلك على هامش القيد، وتسليمهن العقار وقلن شرحاً لدعواهن إنهن خضعن للحراسة الإدارية تبعاً لمورثهن المذكور وشملت الحراسة العقار موضوع النزاع ثم قامت الحراسة ببيعه لشركة مصر للتأمين، ولما كان هذا البيع غير نافذ فى حقهن لوروده على مال غير خاضع أصلاً للحراسة فضلاً عن أنه أصبح ملغيا بعد أن أفصحت الشركة عن رغبتها فى عدم الاحتفاظ به فقد أقمن الدعوى للحكم لهن بطلباتهن سالفة البيان، ثم أقمن الدعوى رقم 5202 لسنة 1983 مدنى جنوب القاهرة الابتدائية بطلب إلزام الشركة المشترية بتسليمهن عقود الإيجار وكافة المستندات المتعلقة بالعقار مع غرامة تهديدية مقدارها مائة جنيه عن كل يوم تأخير بعد أن قضى فى الدعوى رقم 566 لسنة 1979 مدنى مستعجل مستأنف الجيزة بتمكينهن من استلام العقار، وأقامت شركة مصر للتأمين الدعوى رقم 465 لسنة 1981 مدنى الجيزة الابتدائية على الورثة المذكورين بطلب إلزامهن برد العقار المشار إليه وما حصلنه من ريع وتساندت فى دعواها إلى أنه فضلاً عن أنها أبدت رغبتها فى الاحتفاظ به فإنها لم تسترد ما سددته من ثمن وديون عند شرائه وتملكته بالتقادم الخمسى بعد أن أشهرت عقد شرائها بتاريخ 5/ 4/ 1972، ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية بعد أن ضمت الدعاوى الثلاث حكمت بعدم اختصاصها ولائياً بنظرها وأحالتها إلى محكمة القيم حيث قيدت منازعة الورثة فى جداولها برقم 19 لسنة 5 ق وقيدت دعوى الشركة برقم 48 لسنة 4 ق وفى 28/ 9/ 1986 حكمت المحكمة فى الدعوى الأولى بالطلبات وفى الدعوى الثانية برفضها، طعن جهاز تصفية الحراسات فى الحكم أمام المحكمة العليا للقيم بالطعن رقم 37 لسنة 6 ق قيم عليا وطعنت عليه شركة مصر للتأمين بالطعن رقم 38 لسنة 6 ق قيم عليا وبتاريخ 24/ 3/ 1990 قضت المحكمة فى موضوع الطعن الأول بإلغاء الحكم فيما قضى به فى الدعوى رقم 19 لسنة 5 ق قيم من إلغاء عقد البيع سالف الذكر بالنسبة لحصة الطاعنتين المقدرة بستة قراريط وبرفض الدعوى بالنسبة لأولاهما وبعدم جواز نظرها بالنسبة للثانية لسابقة الفصل فيها فى الطعن رقم 82 لسنة 7 ق قيم عليا وقضت فى موضوع الطعن رقم 38 لسنة 6 ق برفضه. طعنت الطاعنتان فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 703 لسنة 67 ق قيم مدنى. وكانت الطاعنة الثانية فى الطعن السابق....... قد أقامت الدعوى رقم 4 لسنة 5 ق أمام محكمة القيم على جهاز تصفية الحراسات بطلب الغاء قراره رقم (1) لسنة 1984 الذى ألغى به القرار رقم 438 لسنة 1976 فى شأن التعويض والتخلى والإفراج النهائى عن أموال وممتلكات....... وعائلته بالنسبة لها واعتباره كأن لم يكن وتطبيق القانون رقم 49 لسنة 1971 عليها على سند من أن قرار التخلى والإفراج النهائى قد تحصن بفوات ميعاد الطعن فيه وحالة كونها - الطاعنة - من الأولاد البلغ غير الخاضعين للحراسة أصلاً، ومحكمة القيم قضت بالطلب، طعن الجهاز المدعى عليه فى الحكم بالطعن رقم 82 لسنة 7 ق قيم عليا وبتاريخ 9/ 4/ 1988 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 1171 لسنة 67 ق، وقدمت النيابة مذكرة فى كل من الطعنين أبدت فيها الرأى بنقض الحكمين المطعون فيهما. وإذ عرض الطعنان على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 7/ 3/ 1992 فى القضية رقم 8 لسنة 8 ق دستورية عليا - بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 وذلك فى مجال تطبيقها بالنسبة إلى من أسقطت عنهم الجنسية أو تخلوا عنها، ونشر حكمها فى الجريدة الرسمية بتاريخ 2/ 4/ 1992. وكان المقرر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا أن (الخصومة فى الدعوى الدستورية - وهى بطبيعتها من الدعاوى العينية - قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور تحرياً لتطابقها معها اعلاء للشرعية الدستورية. ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هى موضوع الدعوى الدستورية، أو هى بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور - هى الغاية التى تبتغيها هذه الخصومة، وقضاء المحكمة فى شأن تلك النصوص هو القاعدة الكاشفة عن حقيقة الأمر فى شأن صحتها أو بطلانها) فإن لازم ذلك ومقتضاه أن الأحكام الصادرة فى المسائل الدستورية لا تنحصر حجيتها فى خصم الدعوى الدستورية، وإنما تمتد إلى الدولة بكافة أفرعها وتنظيماتها، ويتم إعمال أثرها على الناس كافة دون تمييز، فلا يجوز تطبيق النصوص القانونية المحكوم بعدم دستوريتها اعتباراً من اليوم التالى لنشر الحكم الصادر بشأنها فى الجريدة الرسمية. لما كان ذلك، وكان البين من الحكمين المطعون فيهما أن قضاءهما قام على أن جنسية الطاعنتين كانت قد أسقطت عنهما ولم يسترداها إلا بعد انقضاء المهلة المنصوص عليها فى القانون، ومن ثم فإنهما لا تفيدان من حكم المادة الحادية عشرة من القانون رقم 69 لسنة 1974 بتسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة إعمالا لحكم المادة 3/ 2 من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981. وإنما تعوضان عن تدابير الحراسة طبقا لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1971 وفى الحدود المنصوص عليها فيه، فإن الحكمين والحال هذه يكونان قد تجردا من سندهما القانونى بعد أن كشف الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا - الذى سلفت الاشارة إليه - عن بطلان النص الذى اعتمدا عليه فى قضائهما لمخالفة أحكام الدستور. وإعلاءً للشرعية الدستورية وتغليبا لها على ما دونها من اعتبارات تتعلق باستقرار المراكز القانونية للخصوم، فإنه يتعين نقضهما دون حاجة لبحث أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الاحالة.