أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 16 - صـ 332

جلسة 30 من مارس سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، وقطب فراج, ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس.

(71)
الطعن رقم 1945 لسنة 34 القضائية

( أ ) رسوم. "رسوم قضائية". مؤسسة.
مؤسسة النقل العام تعتبر هيئة مستقلة لها شخصية معنوية وميزانية مستقلة عن ميزانية الدولة، فهي ليست مصلحة من مصالح الحكومة. عدم إعفائها من أداء الرسوم المقررة على ما ترفعه من دعاوى إعمالاً لنص المادة 50 من القانون 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية.
(ب) رسوم. "رسوم قضائية". "المحكمة المختصة بتقديرها".
تقدير الرسوم متفرع عن الأصل المقضى فيه (وهو قضاء محكمة الموضوع). اختصاص المحكمة الاستئنافية وهى تنظر في أمر تقدير الرسوم بما يثار حول مقدارها عن الدرجتين (لا حول أساس الإلزام بها) وفى حدود قضاء محكمة الموضوع بهذا الإلزام.
1 - تنص المادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية على أنه "لا تستحق رسوم على الدعاوى التي ترفعها الحكومة، فإذا حكم في الدعوى بإلزام الخصم بالمصاريف استحقت الرسوم الواجبة". ولما كانت مؤسسة النقل العام - الطاعنة - تعتبر هيئة مستقلة لها شخصية معنوية وميزانية مستقلة عن ميزانية الدولة وهى من ثم ليست مصلحة من مصالح الحكومة، فإن حكم المادة 50 سالفة الذكر لا ينصرف إليها ولا تعفى بالتالي من أداء الرسوم المقررة على ما ترفعه من دعاوى ويكون ما قدره الحكم المطعون فيه من الرسوم وألزم به الطاعنة بمناسبة خسرانها استئناف الحكم الابتدائي بالتعويض البالغ مقداره ألفي جنيه، وهو كل ما ينصب عليه نعي الطاعنة بصدد التقدير صحيحاً في القانون.
2 - تقدير الرسوم متفرع عن الأصل المقضى فيه - وهو قضاء محكمة الموضوع - ولما كانت المحكمة الاستئنافية هي المحكمة التي يؤول إليها نظر الدعوى بجميع عناصرها فيما رفع عنه الاستئناف ترتيباً على الأثر الناقل للاستئناف، فإن تلك المحكمة وهى تنظر في أمر تقدير الرسوم تكون هي المختصة بما يثار حول مقدارها عن الدرجتين - لا حول أساس الإلزام بها - وفى حدود قضاء محكمة الموضوع بهذا الإلزام. ويكون النعي بعدم اختصاص محكمة الجنح المستأنفة بتقدير مصروفات الدعوى الابتدائية غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده الثاني بأنه في يوم 18 نوفمبر سنة 1961 بدائرة قسم الموسكي: أولاً: - تسبب من غير قصد ولا تعمد في إصابة منيرة سليمان سليمان وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن أعطى إشارة القيام لقائد التروللي باس قبل التأكد من تمام هبوط الركاب فتحركت العربة وسقطت المجني عليها على الأرض فأصيبت بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي. ثانياً - أعطى إشارة بقيام قطار التروللي باس قبل ركوب الركاب. وطلبت عقابه بالمواد 244 من قانون العقوبات و11 و17 من لائحة الترام. وقد توفيت المجني عليها. وادعى ورثتها وهم: محمد محمود سليمان وإبراهيم محمد محمود ومحمد أبو النصر محمد محمود وعليمه محمد محمود سليمان - مدنياً - وطلبوا الحكم لهم قبل المتهم ومؤسسة النقل العام متضامنين مبلغ ستة آلاف جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة الموسكي الجزئية أدخلت النيابة العامة محمد أحمد حسن طاحون متهماً ثانياً لأنه تسبب من غير قصد ولا تعمد هو ومحمد أحمد يوسف في قتل منيرة سليمان سليمان وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احتياطهما بأن قاد المتهم المدخل التروللي باس دون أن يغلق أبوابه وأن المتهم محمد أحمد يوسف أمر السائق بالقيام قبل تمام هبوط الركاب فتحركت العربة وسقطت المجني عليها فأصيبت وطلبت تطبيق المادة 238 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين معاً ودفع الحاضر عن المسئولة عن الحقوق المدنية بعدم قبول الدعوى المدنية قبلها. والمحكمة المذكورة قضت في 29 أكتوبر سنة 1962عملاً بمواد الاتهام حضورياً للأول وغيابياً للثاني: أولاً - بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية قبل المتهم الثاني (المدخل). وثانياً: بحبس المتهم الأول سنة مع الشغل وكفالة 500 قرش لوقف التنفيذ. وثالثاً - برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية قبل المسئولة عن الحقوق المدنية وبقبولها. رابعاً - بإلزام المتهم الأول والمسئولة عن الحقوق المدنية (مؤسسة النقل العام) متضامنين بأن يؤديا إلى المدعين بالحق المدني مبلغ ألفي جنيه وألزمتهما مصاريف الدعوى المدنية. فاستأنف هذا الحكم كل من المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية والمدعين بالحقوق المدنية. ومحكمة مصر الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في 8 ديسمبر سنة 1962 بقبول الاستئنافات شكلاً وفى الموضوع - في الدعوى الجنائية - بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل - وفى الدعوى المدنية - بتعديل الحكم المستأنف فيها إلى إلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين أن يدفعوا للمدعين بالحق المدني مبلغ ثلاثة آلاف من الجنيهات والمصاريف المدنية الاستئنافية المناسبة لما قضى به ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. ثم صدر أمر بتقدير هذه المصروفات ضد المسئولة عن الحقوق المدنية بمبلغ 131 ج و 500 م, فعارضت فيه، وقضى في معارضتها في 22 يونيه سنة 1963 بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً و تأييد أمر التقدير المعارض فيه وألزمتها المصروفات. فطعنت المؤسسة في الحكم الأخير بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى ما تنعاه الطاعنة - مؤسسة النقل العام - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض معارضتها وتأييد أمر التقدير المعارض فيه قد خالف القانون، ذلك بأن الحكم قال بسلامة إلزام الطاعنة المصروفات الاستئنافية عن مبلغ 2000 ج فوق إلزامها المصروفات الابتدائية عن هذا المبلغ بدعوى أنها خسرت استئنافها بالنسبة له، على الرغم من أنه طبقاً لنص المادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944 لا تستحق عليها هذه الرسوم، لأن الحكومة لا تؤدي رسوماً على الدعاوى التي ترفعها ولو خسرتها، وأما بالنسبة لاستئناف المطعون ضدهم، فإنه لما كان لم يقض لهم فيه إلا بمبلغ 1000 ج زيادة عما قضى لهم به ابتدائياً، وكان الحكم الاستئنافي قد قضى بإلزام الطاعنة المصروفات المناسبة فإن كل ما يحق للمطعون ضدهم أن يرجعوا به على الطاعنة لا يعدو مصروفات مبلغ 3000 ج فقط. وتقول الطاعنة إنه فضلاً عما تقدم فإن ثمة مخالفة أخرى وقع فيها الحكم، ذلك بأنه وهو يصدر عن محكمة استئنافية قد جاوز اختصاص تلك المحكمة حين تناول بالتقدير مصروفات الدعوى الابتدائية ولم يقصر تقديره على مصروفات الدعوى الاستئنافية، فخرج بذلك عما يقضى به القانون من أن الهيئة التي تصدر الحكم هي التي تقدر مصروفات الدعوى الصادر حكمها فيها، وأصبح لكلا الأمرين معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مراجعة الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت ضد محمد أحمد يوسف المحصل بمؤسسة النقل لمحاكمته بوصف أنه: أولاً - تسبب من غير قصد ولا تعمد في إصابة منيرة سليمان سليمان بالإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن أعطى إشارة السير لقائد "التروللي باس" قبل التأكد من تمام هبوط الركاب فتحركت العربة وسقطت المجني عليها على الأرض وأصيبت. ثانياً - أعطى إشارة بقيام قطار "التروللي باس" قبل ركوب الركاب. وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمواد 244 من قانون العقوبات و11 و17 من لائحة الترام. وبالجلسة قرر زوج المجني عليها أنها توفيت، وادعى ورثتها مدنياً قبل المتهم ومؤسسة النقل العام - الطاعنة - بمبلغ ستة آلاف جنية، وقد أدخلت النيابة العامة متهماً آخر في الدعوى هو سائق "التروللي باس" وطلبت تطبيق المادة 238 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين. ومحكمة أول درجة قضت حضورياً للمتهم الأول وغيابياً للثاني: أولاً - بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية قبل المتهم الثاني. ثانياً - بحبس المتهم الأول سنة مع الشغل وكفالة 500 قرش لوقف النفاذ ثالثاً - رفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية قبل المسئولة عن الحقوق المدنية وبقبولها. رابعاً - إلزام المتهم الأول والمسئولة عن الحقوق المدنية "مؤسسة النقل العام" متضامنين بأن يؤديا إلى المدعين بالحق المدني مبلغ 2000 ج وألزمتهما بمصاريف الدعوى المدنية. استأنف المحكوم عليه والمدعون بالحقوق المدنية والمسئولة عنها "الطاعنة" هذا الحكم فقضت المحكمة الاستئنافية بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وفى الدعوى المدنية بتعديل الحكم المستأنف فيها إلى إلزام المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية متضامنين بأن يدفعا للمدعين بالحق المدني مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمصروفات المدنية الاستئنافية المناسبة لما قضى به. ثم صدر أمر بتقدير هذه المصروفات ضد الطاعنة بمبلغ 131 ج و500 م فعارضت فيه, وقضى في المعارضة - بالحكم المطعون فيه - بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد أمر التقدير المعارض فيه، وأسس الحكم قضاءه على أن الرسوم المستحقة على الطاعنة عن مبلغ ألفي جنيه المحكوم به ابتدائياً ضدها هي 50 ج و500 م، وأنها تلزم أيضاً بمبلغ 50 ج قيمة المصاريف الاستئنافية عن هذا المبلغ لأنها خسرت استئنافها عنه، وأن باقي المبلغ الوارد بأمر التقدير وهو 31 ج و500 م يمثل الرسوم عن مبلغ ألف جنيه - عن الدرجتين - وهو ما زاده الحكم الاستئنافي على التعويض المحكوم به ابتدائياً للمدعين بالحقوق المدنية. لما كان ذلك، وكانت المادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية. التي تتحدى بها الطاعنة فيما تنعاه على الحكم من مخالفة للقانون - يجرى نصها بأنه "لا تستحق رسوم على الدعاوى التي ترفعها الحكومة. فإذا حكم في الدعوى بإلزام الخصم بالمصاريف استحقت الرسوم الواجبة". وكانت مؤسسة النقل العام - الطاعنة - تعتبر هيئة مستقلة لها شخصية معنوية وميزانية مستقلة عن ميزانية الدولة وهى من ثم ليست مصلحة من مصالح الحكومة، فإن حكم المادة 50 سالفة الذكر لا ينصرف إليها ولا تعفى بالتالي من أداء الرسوم المقررة على ما ترفعه من دعاوى ويكون ما قدره الحكم المطعون فيه من الرسوم وألزم به الطاعنة بمناسبة خسرانها استئناف الحكم الابتدائي بالتعويض البالغ مقداره ألفي جنيه، وهو كل ما ينصب عليه نعي الطاعنة بصدد التقدير صحيحاً في القانون. لما كان ذلك, وكان تقدير الرسوم متفرع عن الأصل المقضى فيه, وهو قضاء محكمة الموضوع, وكانت المحكمة الاستئنافية هي المحكمة التي يؤول إليها نظر الدعوى بجميع عناصرها فيما رفع عنه الاستئناف ترتيباً على الأثر الناقل للاستئناف، فإن تلك المحكمة وهى تنظر في أمر تقدير الرسوم تكون هي المختصة بما يثار حول مقدارها عن الدرجتين - لا حول أساس الالتزام بها - وفى حدود قضاء محكمة الموضوع بهذا الإلزام, ويكون النعي بعدم اختصاص محكمة الجنح المستأنفة بتقدير مصروفات الدعوى الابتدائية غير سديد.
وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم يكون الطعن بشقيه على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة المصروفات.