أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة التاسعة والأربعون - صـ 763

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد مصباح شرابيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد غريانى، حسين متولى، عبد الحميد الحلفاوى وحسن حسن منصور نواب رئيس المحكمة.

(185)
الطعن رقم 360 لسنة 64 القضائية "أحوال شخصية"

(1) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير أقوال الشهود". إثبات "البينة".
استقلال قاضى الموضوع بتقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها. له الأخذ بأقوال شاهد دون الآخر أو ببعض أقوال الشاهد مما يرتاح إليه ويثق به. شرطه. ألا يخرج بعبارات الشهادة عن مدلولها.
(2) استئناف "الأثر الناقل للاستئناف: نطاق الاستئناف ".
محكمة الاستئناف. وظيفتها. إعادة النظر فى الحكم المستأنف من الناحية القانونية والموضوعية. تقدير محكمة أول درجة لأقوال الشهود. وجوب خضوعه لرقابة المحكمة الاستئنافية. علة ذلك.
(3) أحوال شخصية "المسائل المتعلقة بالمسلمين: تطليق للضرر". محكمة الموضوع.
الضرر الموجب للتفريق. م 6 من م بق 25 لسنة 1929. ماهيته. معياره. شخصى لا مادى. استقلال قاضى الموضوع بتقدير أى من الزوجين المتسبب فى الضرر.
(4) نقض "أسباب الطعن: الأسباب غير المقبولة: السبب الموضوعي".
النعى فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فى تقدير أدلة الدعوى. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(5) محكمة الموضوع" سلطتها فى إعادة الدعوى للمرافعة".
إعادة الدعوى لمرافعة ليس حقاً للخصوم. استقلال محكمة الموضوع بتقديره. إغفالها الإشارة إليه بمثابة رفض ضمنى له.
1 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاضى الموضوع فله أن يأخذ بما يطمئن إليها منها أو بأقوال شاهد دون الآخر أو ببعض أقوال الشاهد مما يرتاح إليه ويثق به دون البعض الآخر من غير أن يكون ملزماً ببيان أسباب ترجيحه لما أخذ به. واطراحه لغيره، بلا معقب عليه من محكمة النقض ما دام لم يخرج بعبارات الشهادة عن مدلولها.
2 - لمحكمة الاستئناف أن تعيد النظر فى الحكم المستأنف من الناحيتين القانونية والموضوعية، وأن تستخلص من أقوال الشهود ما تطمئن إليه، ولو كان مخالفاً لما استخلصته محكمة أول درجة التى سمعتهم، إذ أنه يجب عليها إعمالاً للأثر الناقل للاستئناف أن تقول كلمتها فى تقديرها لأقوال الشهود.
3 - الضرر الموجب للتفريق وفقاً لنص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو إيذاء الزوج زوجته بالقول أو الفعل إيذاءً لا يليق بمثلها بحيث تعتبر معاملته لها فى العرف معاملة شاذة تشكو منها المرأة، ولا ترى الصبر عليه، ومعيار هذا الضرر شخصى لا مادى يختلف باختلاف بيئة الزوجين، ودرجة ثقافتهما، والوسط الاجتماعى الذى يحيط بهما، وتقدير ما إذا كان أحد الزوجين هو المتسبب فى الضرر دون الآخر من مسائل الواقع التى يستقل قاضى الموضوع بتقديرها.
4 - النعى لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فى تقدير أدلة الدعوى، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن إعادة الدعوى للمرافعة ليست حقاً للخصوم يتحتم اجابتهم إليه بل هو أمر متروك لتقدير محكمة الموضوع، وإغفالها الإشارة إليه يعد بمثابة رفض ضمنى له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1960 لسنة 1992 كلى أحوال شخصية شمال القاهرة على المطعون ضده بطلب الحكم بتطليقها عليه بائناً للضرر، وقالت بياناً لدعواها إنها زوج له، وأنه دأب على الإساءة إليها والتشهير بها بما يستحيل معه دوام العشرة بينهما، ومن ثم أقامت الدعوى، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن سمعت شهود الطرفين، حكمت بتاريخ 12/ 6/ 1993 بتطليق الطاعنة على المطعون ضده طلقة بائنة للضرر. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 1129 لسنة 110 ق القاهرة، وبتاريخ 30/ 5/ 1994 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم، عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالأول والثانى منها على الحكم المطعون فيه الفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه برفض دعواها على سند من المحضرين رقمى 28، 75 لسنة 1992 إدارى الزيتون، 6642 لسنة 1992 إدارى النزهة اللذين تضمنا ابلاغ المطعون ضده بتواجدها بمسكن آخر غير مسكن الزوجية مع آخر، وأن أقواله خلت مما يفيد اتهامه لها وهذا القول قد يصح بالنسبة للمحضر الأول دون الثانى الذى أبلغ فيه المطعون ضده بتواجدها بمسكن آخر واتهمها بالزنا، كما أغفل الحكم ما أورده المطعون ضده فى مذكرة دفاعه الختامية من أن الطاعنة سخرت أحد عمداء الشرطة فى تحرير المحضر رقم 7538 لسنة 1992 إدارى الزيتون فى الوقت الذى قامت هى بتحرير المحضر الأول وهو ما يتضمن إضرارا بها تستحيل معه دوام العشرة وأورد الحكم أن المحكمة لاتطمئن إلى شاهدى الطاعنة لأنها جاءت من أشخاص غير مقربين للزوجين فى حين أنهما صديقان للاسرة، وخلت الأوراق من أن شهادة شاهديها جاءت سماعية على نحو ما ذهب الحكم ، ومن ثم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك بأن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاضى الموضوع فله أن يأخذ بما يطمئن إليها منها أو بأقوال شاهد دون الآخر أو ببعض أقوال الشاهد مما يرتاح إليه ويثق به دون البعض الآخر من غير أن يكون ملزماً ببيان أسباب ترجيحه لما أخذ به. واطراحه لغيره، بلا معقب عليه من محكمة النقض ما دام لم يخرج بعبارات الشهادة عن مدلولها. ولمحكمة الاستئناف أن تعيد النظر فى الحكم المستأنف من الناحيتين القانونية والموضوعية، وأن تستخلص من أقوال الشهود ما تطمئن إليه، ولو كان مخالفا لما استخلصته محكمة أول درجة التى سمعتهم، إذ أنه يجب عليها إعمالاً للأثر الناقل للاستئناف أن تقول كلمتها فى تقديرها لأقوال الشهود. وكان الضرر الموجب للتفريق وفقاً لنص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو إيذاء الزوج زوجته بالقول أو الفعل إيذاء لا يليق بمثلها بحيث تعتبر معاملته لها فى العرف معاملة شاذة تشكو منها المرأة، ولا ترى الصبر عليها ، ومعيار هذا الضرر شخصى لا مادى يختلف باختلاف بيئة الزوجين، ودرجة ثقافتهما، والوسط الاجتماعى الذى يحيط بهما، وتقدير ما إذا كان أحد الزوجين هو المتسبب فى الضرر دون الآخر من مسائل الواقع التى يستقل قاضى الموضوع بتقديرها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنة بتطليقها على المطعون ضده على سند من عجزها عن إثبات دعواها بعد أن أطرح أقوال شاهديها، لعدم اطمئنان المحكمة إليها وأن أقوال المطعون ضده فى المحضرين رقمى 6642 لسنة 1992 إدارى النزهة، 7538 لسنة 1992 إدارى الزيتون لم تتضمن ما يفيد اتهامه للطاعنة صراحة بل أثبت أن شكوكاً ساورته من وجودها بالمسكن الكائن بدائرة الزيتون وتأيدت هذه الشكوك ببعض الصور الفوتوغرافية، فيكون إبلاغه بأمر واقع نتيجة تصرفاتها لوجودها فعلاً فى ذلك المسكن وهى التى جعلته يشك فى سلوكها فلا يمكن اعتبار ذلك ضرراً تستفيد منه فى التطليق، وهذه أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق، وتؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها الحكم، وتكفى لحمل قضائه، وفيها الرد الضمنى المسقط لما ساقته الطاعنة، فإن النعى لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فى تقدير أدلة الدعوى، وهو ما لايجوز إثارته امام محكمة النقض ومن ثم فإنه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك تقول إنها تقدمت لمحكمة الاستئناف بطلب لفتح باب المرافعة فى الدعوى بعد حجزها للحكم إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب دون أن تشير إليه فى حكمها.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك بأنه من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن إعادة الدعوى للمرافعة ليست حقا للخصوم يتحتم إجابتهم إليه بل هو أمر متروك لتقدير محكمة الموضوع، واغفالها الإشارة إليه يعد بمثابة رفض ضمنى له ـ ومن ثم فإن النعى يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.