أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 16ـ صـ 393

جلسة 20 من أبريل سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، وقطب فراج، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام.

(81)
الطعن رقم 363 لسنة 35 القضائية

( أ ) اختصاص. "اختصاص محاكم".
قرار وزير العدل بإنشاء نيابة ومحكمة جزئية يختصان بجرائم الآداب بمدنية القاهرة. طبيعته: قرار تنظيمي. لا يسلب المحاكم العادية اختصاصها العام. اشتراطه لاختصاص هذه المحكمة وقوع الجرائم في دائرة اختصاص محافظة القاهرة.
(ب) عقوبة. "تقديرها".
عدم خروج المحكمة في تقدير العقوبة المقضي بها على المتهم عما هو مقرر قانوناً للجريمة التي دين بها. هي لا تسأل عن موجبات الشدة حتى لو كانت قد تزيدت فذكرت لها عللاً خاطئة.
(ج، د) إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ج) القاضي غير ممنوع من الأخذ بالأقوال التي يدلي بها الشاهد على سبيل الاستدلال إذا أنس فيها الصدق. أخذ المحكمة بشهادة شاهد يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(د) لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال شهود الإثبات والإعراض عن أقوال شهود النفي.
1 - قرار وزير العدل الصادر في 14 من يناير سنة 1964 بإنشاء نيابة ومحكمة جزئية يختصان بجرائم الآداب بمدنية القاهرة فضلاً عن أنه قرار تنظيمي لا يسلب المحاكم العادية اختصاصها العام - فإنه قد شرط لاختصاص هذه المحكمة بنظر الجنح والمخالفات التي نص عليها وقوعها في دائرة اختصاص محافظة القاهرة. ولما كانت الجريمتان اللتان دين الطاعن بهما - علاوة على أنهما وقعتا خارج دائرة هذا الاختصاص - قد قام الارتباط بينهما، فكان متعيناً أن تفصل فيهما محكمة واحدة هي التي تملك الحكم في الجريمة التي عقوبتها أشد.
2 - لما كانت المحكمة لم تخرج في تقدير العقوبة المقضي بها على الطاعن عما هو مقرر قانوناً لجريمة الضرب التي دين الطاعن بها وفقاً للمادة 242/ 1 من قانون العقوبات، فإنها لا تسأل عن موجبات الشدة حتى لو كانت قد تزيدت فذكرت لها عللاً خاطئة لا تنتجها أو تؤدي إلى عكسها.
3 - لم يحرم الشارع القاضي من الأخذ بالأقوال التي يدلي بها الشهد على سبيل الاستدلال إذا أنس فيها الصدق، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. ولما كانت المحكمة قد عولت في الإدانة على أقوال المجني عليهما، فإنه لا يقبل من الطاعن منازعته في ذلك بدعوى أن أقوالهما سمعت على سبيل الاستدلال أو أنهما حديثا السن مادام لا يدعي عدم تمييزهما، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن من قبيل الجدل الموضوعي مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن قاله شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 17/ 11/ 1963 بدائرة بلبيس: أولاً: المتهمون الثلاثة: (1) أحدثوا عمداً بفتحي عبد العزيز محمد الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً (2) تعرضوا لأنثى بالقول على وجه يخدش حياءها على النحو المبين بالمحضر. ثانياً: (المتهم الثالث) أحدث عمداً بمحمد كامل عبد الحميد الدهشان الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت عقابهم بالمادتين 242/ 1 و306 مكرر من قانون العقوبات. ومحكمة بلبيس الجزئية قضت غيابياً بتاريخ 2 فبراير سنة 1964 عملاً بمادتي الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات بحبس كل من المتهمين شهراً واحداً مع الشغل وقدرت مبلغ خمسة جنيهات كفالة لإيقاف التنفيذ لكل. فعارض المحكوم عليهم في هذا الحكم وقضى في معارضتهم بتاريخ 3 مايو سنة 1964 بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المتهمون هذا الحكم. ومحكمة الزقازيق الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت بتاريخ 15 نوفمبر سنة 1964 حضورياً للثاني وغيابياً للباقين بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن وآخرين - لم يطعنا - بجريمتي الضرب العمد والتعرض بالقول لأنثى على وجه يخدش حياءها قد شابه القصور والفساد في الاستدلال كما أخطأ في الإسناد وخالف القانون وانطوى على بطلان في الإجراءات أثر في الحكم، ذلك بأنه عول في الإدانة على أقوال المجني عليهما في محضر جمع الاستدلالات مع أنهما حديثا السن وأدليا بها بغير يمين، وأطرح شهادة شاهدي نفي الطاعن وهما من رجال الأمن وسمعت أقوالهما بعد حلف اليمين، كما أن الحكم إذ آخذ الطاعن والمتهمين الآخرين بالشدة، وصفهم بأنهم قطاع طرق يحملون المطاوي والسكاكين ويتعرضون للفتيات بما يخدش حياءهن ويعتدون بالضرب على من يعترض طريقهم، في حين أن الثابت بالأوراق أن الواقعة بفرض صحتها كانت نتيجة شجار عارض بين طلبة في المدارس حديثي السن وكان الطاعن ورفيقاه هم المجني عليهم فيه ولم تضبط سكين أو مطواة ولم يتعرضوا لمطلق الإناث - وإنما لفتاة واحدة - كما أن المحكمة انتهت إلى قيام الارتباط بين الجريمتين المسندتين إلى الطاعن وعاقبته بعقوبة الجريمة الأشد, وهى جنحة الضرب، في حين أن الجريمة الثانية - وهى التعرض لأنثى - ليست من اختصاصها، كما أن الاختصاص بمحاكمة الطاعن وهو حدث في الرابعة عشرة من عمره - كما أقر في التحقيق - منعقد لمحكمة الأحداث.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الضرب والتعرض بالقول لأنثى بما يخدش حياءها اللتين دان الطاعن بهما، وساق علي ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال فتحي عبد العزيز محمد ونعيمه محمد خليل التي أورد مؤداها، وهى أدلة سائغة مردودة لأصلها في الأوراق وتؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن قاله شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، وكان الشارع لم يحرم القاضي من الأخذ بالأقوال التي يدلي بها الشاهد على سبيل الاستدلال إذا أنس فيها الصدق، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. ولما كانت المحكمة قد عولت في الإدانة على أقوال المجني عليهما، فإنه لا يقبل من الطاعن منازعته في ذلك بدعوى أن أقوالهما سمعت على سبيل الاستدلال أو أنهما حديثا السن مادام لا يدعي عدم تمييزهما، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن من قبيل الجدل الموضوعي مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة بعد أن بينت واقعة الدعوى وأوردت الأدلة على ثبوتها عرضت إلى ظروف تشديد العقاب فقالت "... ومن ثم والمتهمون من طلبة العلم الذين يفترض توافر الخلق الحسن فيهم وتعول الأمة عليهم في بناء مستقبلها ومجتمعها المثالي فإنه وقد خيب هؤلاء المتهمون أمل أمتهم فيهم فتحولوا إلى قطاع طرق يحملون السكاكين والمطاوي ويتعرضون للفتيات بما يؤذي شعورهن ويخدش حياءهن ويعتدون بالضرب على من يعترض طريقهم ذلك وينبههم إلى سوء تصرفهم ومجافاته للخلق والواجب، فإن المحكمة ترى لزاماً عليها أن تقسو في العقاب..." وكانت المحكمة لم تخرج في تقدير العقوبة المقضي بها على الطاعن وهى الحبس مع الشغل لمدة شهر واحد عما هو مقرر قانوناً لجريمة الضرب التي دين الطاعن بها وفقاً للمادة 242/ 1 من قانون العقوبات، فإنها لا تسأل عن موجبات الشدة حتى لو كانت قد تزيدت فذكرت لها عللاً خاطئة لا تنتجها أو تؤدي إلى عكسها. لما كان ذلك، وكان قرار وزير العدل الصادر في 14 من يناير سنة 1964 بإنشاء نيابة ومحكمة جزئية يختصان بجرائم الآداب بمدنية القاهرة - فضلاً عن أنه قرار تنظيمي لا يسلب المحاكم العادية اختصاصها العام - فإنه قد شرط لاختصاص هذه المحكمة بنظر الجنح والمخالفات التي نص عليها, وقوعها في دائرة اختصاص محافظة القاهرة. ولما كانت الجريمتان اللتان دين الطاعن بهما - علاوة على أنهما وقعتا خارج دائرة هذا الاختصاص - قد قام الارتباط بينهما وفصلت فيها محكمة الموضوع فيه حسبما استخلصته من الظروف والوقائع المطروحة عليها, فكان متعيناً أن تفصل فيهما محكمة واحدة هي التي تملك الحكم في الجريمة التي عقوبتها أشد وهى محكمة بلبيس الجزئية في حالة الدعوى. لما كان ذلك، وكان الطاعن ينازع في أنه بلغ يوم ارتكابه الجريمتين المسندتين إليه الخامسة عشرة من عمره - على ما هو ظاهر من التحقيقات، وعلى خلاف ما قدرته به محكمة الموضوع - بما يجعل الاختصاص بنظر الدعوى لمحكمة الأحداث وحدها طبقاً للفقرة الأولى من المادة 344 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا الوجه من أوجه الطعن أنه مرفق بها "بطاقة أحوال طالب عام 1964" باسم محمد عبد العزيز طرد - الطاعن - صادرة من معهد التربية الرياضية للمعلمين بحلوان التابع لمديرية جنوب القاهرة التعليمية بمحافظة القاهرة، وثابت بها أنه من مواليد 28/ 11/ 1945، مما مفاده أنه تجاوز الخامسة عشرة يوم ارتكاب الحادث في 17/ 11/ 1963 وهو ما لم تخطئ محكمة الموضوع في تقديره. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.