أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 16 - صـ 471

جلسة 17 من مايو سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد محمد محفوظ، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح.

(95)
الطعن رقم 61 لسنة 35 القضائية

( أ ) قانون. "سريانه من حيث المكان". كلاب.
نطاق تطبيق المادة الثالثة من القانون رقم 203 سنة 1956 في شأن الكلاب ومرض الكلب قاصر على الطرق والأماكن العامة بالمدن وحدها دون القرى.
(ب) قانون. "تفسيره". لائحة تنفيذية.
عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر في لائحته التنفيذية فإن النص الأول يكون هو الواجب التطبيق باعتباره أصلاً للائحة. مثال.
1 - مؤدى ما نصت عليه المادة الثالثة من القانون رقم 203 لسنة 1956 في شأن الكلاب ومرض الكلب أن الفعل المؤثم بمقتضى هذا النص والمعاقب عليه طبقاً للمادة 14 منه إنما جعل الشارع نطاق تطبيقه قاصر على الطرق والأماكن العامة بالمدن وحدها، مما مفاده أن حكم هذه المادة لا يسري على الأماكن الخصوصية بالمدن ولا على القرى جميعها والجهات الأخرى التي قد تأخذ حكمها، بل يظل الفعل بمقتضى هذا النص خارجاً عن نطاق العقاب عليه.
2 - من المقرر أنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر في لائحته التنفيذية - فإن النص الأول يكون هو الواجب التطبيق باعتباره أصلاً للائحة. ومن ثم فإن ما ورد في المادة الثانية من قرار وزير الزراعة الصادر في 5 من نوفمبر سنة 1956 من الإشارة إلى تطبيق باقي مواد القانون 203 لسنة 1956 على جميع جهات الجمهورية لا يلغي النص الصريح في المادة الثالثة من القانون المذكور على أن نطاق تطبيق حكم هذا النص قاصر على المدن فقط دون القرى وغيرها من الجهات الأخرى التي تأخذ حكمها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 23/ 5/ 1963 بدائرة مركز أبو حمص: (أولاً) تسبب بخطئه في إصابة عبد الجواد عبد الرازق مصطفى وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن ترك كلبه دون كمامة رغم ميوله المؤذية فعقر المجني عليه سالف الذكر وأحدث إصابته (وثانياً) ترك كلبه بدون مقود أو كمامة في الطريق. وطلبت عقابه بالمواد 244/ 1 من قانون العقوبات و3 و4 و16 من القانون رقم 203 لسنة 1956. قضت محكمة أبو حمص حضورياً في 25/ 11/ 1963 ببراءة المتهم مما أسند إليه. فاستأنفت النيابة هذا الحكم. وقضت محكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - حضورياً في أول يناير سنة 1964 عملاً بمواد الاتهام بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم 200 قرش عن التهمة الأولى و10 ج عن التهمة الثانية. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده فيما نسب إليه في التهمة الثانية من ترك كلبه بدون مقود أو كمامة في الطريق قد أخطأ في تطبيق القانون، وذلك بأن نص المادة الثالثة من القانون رقم 203 سنة 1956 في شأن الكلاب ومرض الكلب جاء نطاق تطبيقها مقتصراً على المدن وحدها دون القرى، ثم إن قرار وزير الزراعة الصادر في 5 نوفمبر سنة 1956 نفاذاً لهذا القانون قد نص صراحة على سريان نصوص القانون المذكور على المدن وحدها، وطالما أن الثابت أن التهمة الثانية التي دين بها المطعون ضده لم تقع بإحدى المدن وإنما حدثت في ناحية سيدي عزاز التابعة لمركز أبو حمص فإن الفعل المسند إلى المطعون ضده في هذه التهمة يكون غير مؤثم قانوناً.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على المطعون ضده بوصف أنه في يوم 23 مايو سنة 1963 بدائرة مركز أبو حمص. (أولاً) تسبب بخطئه في إصابة عبد الجواد عبد الرازق مصطفى وكان ذلك ناشئاً على إهماله وعدم احتياطه بأن ترك كلبه دون كمامة رغم علمه بميوله المؤذية فعقر المجني عليه سالف الذكر وأحدث إصابته. (ثانياً) ترك كلبه بدون مقود أو كمامة في الطريق. وطلبت عقابه بالنسبة إلى التهمة الأولى بالمادة 244 من قانون العقوبات وبالنسبة إلى التهمة الثانية بالمواد 3 و4 و6 من القانون رقم 203 سنة 1956، وقضت محكمة أول درجة حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه، فاستأنفت النيابة العامة، ومحكمة ثاني درجة قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبتغريم المتهم 200 قرش عن التهمة الأولى وعشرة جنيهات عن التهمة الثانية.
وحيث إن الحكم الاستئنافي المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن المتهم (المطعون ضده) ترك كلبه في الطريق دون كمامة فعقر المجني عليه وأحدث إصابته واستند في الإدانة إلى أقوال المجني عليه وشيخ خفراء ناحية سيدي عزاز. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 203 سنة 1956 في شأن الكلاب ومرض الكلب قد انتظمت نصوصه على أحكام مختلفة تحقيقاً لأغراض الشارع في مكافحة مرض الكلب، من بينها ما نص عليه في المادة الثالثة من أنه: "يجب أن تكون جميع الكلاب مكممة ومقوده بزمام أثناء سيرها في الطريق والأماكن العامة بالمدن وإلا أعدمت ولا يكون لأصحابها أي حق في التعويض". هذا وأن العقوبة المقررة لمن يخالف هذا النص طبقاً لنص المادة 14 من القانون المذكور هي الحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر والغرامة التي لا تقل عن عشرة جنيهات أو إحدى هاتين العقوبتين، وكان وزير الزراعة قد أصدر في 5 نوفمبر سنة 1956 قراراً بناء على التفويض المخول له بموجب نص المادة 16 من ذات القانون بتحديد الجهات التي يسري عليها القانون ونص في مادته الأولى على أن تسري أحكام المادتين الأولى والثانية من القانون سالف الذكر على مدن بعينها عددها على سبيل الحصر وأردف ذلك بما نص عليه في المادة الثانية من هذا القرار من أن أحكام هذا القانون تسري على جميع جهات الجمهورية. لما كان ما تقدم، وكان مؤدى ما نص عليه في المادة الثالثة من القانون رقم 203 لسنة 1956 سالف البيان أن الفعل المؤثم بمقتضى هذا النص والمعاقب عليه طبقاً للمادة 14 منه إنما جعل الشارع نطاق تطبيقه قاصر على الطرق والأماكن العامة بالمدن وحدها، مما مفاده أن حكم هذه المادة لا يسري على الأماكن الخصوصية بالمدن ولا على القرى جميعها والجهات الأخرى التي قد تأخذ حكمها، بل يظل الفعل بمقتضى هذا النص خارجاً عن نطاق العقاب عليه، ولا يغير من ذلك أن يكون وزير الزراعة قد أشار في المادة الثانية من قراره بتعميم سريان أحكام باقي مواد القانون التي من بينها حكم المادة الثالثة على جميع جهات الجمهورية، دون تفرقة بين المدن والقرى، وإذ ما كان من المقرر أنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر في لائحته التنفيذية - كما هو الحال في هذه الدعوى - فإن النص الأول يكون هو الواجب التطبيق باعتباره أصلاً للائحة. لما كان ذلك, فإن ما ورد في المادة الثانية من قرار وزير الزراعة من الإشارة إلى تطبيق باقي مواد القانون على جميع جهات الجمهورية لا يلغي النص الصريح في المادة الثالثة من القانون المشار إليه. على أن نطاق تطبيق حكم هذا النص قاصر على المدن فقط دون القرى وغيرها من الجهات الأخرى التي تأخذ حكمها. لما كان ذلك , وكان الفعل المادي في التهمة الثانية التي دين بها المطعون ضده، وهو ترك كلبه في الطريق غير مقود بزمام أو مكمم أثناء سيره لا يكون مؤثماً قانوناً إلا في نطاق الطرق والأماكن العامة في المدن وحدها وكان بيان حصول الواقعة بالنسبة إلى التهمة الثانية - كما هو الحال في هذه الدعوى - إنما يعتبر من البيانات الجوهرية اللازمة لصحة الحكم الصادر فيها بالإدانة إذ بغير ذلك لا تستطيع محكمة النقض مراقبة سلامة تطبيق القانون على وجهه الصحيح. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه اقتصر في بيانه لمكان حصول الواقعة على ما أورده في وصف التهمة من حصول الحادث بدائرة مركز أبو حمص دون أن يعين مكان وقوعه في دائرة هذا المركز. ولما كان ما استطرد إليه الحكم من الإشارة إلى أقوال شيخ خفراء سيدي عزاز لا يدل بذاته على تحديد مكان حصول الواقعة كما صار إثباتها في مدوناته، فإن الحكم المطعون فيه على هذا النحو يكون قاصر البيان بما يعيبه ويوجب نقضه. لما كان ما تقدم جميعه، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.