أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 16 - صـ 501

جلسة24 من مايو سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، وجمال المرصفاوى, ومحمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام.

(101)
الطعن رقم 80 لسنة 35 القضائية

( أ ) شيك. أسباب الإباحة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
ضياع الشيك أو سرقته من الأسباب التي تخول للساحب المعارضة في صرف قيمته إذا ما أتاها بنية سليمة. على المحكمة تحقيقه قبل الحكم بإدانة المتهم وإلا كان حكمها معيباً ومنطوياً على الإخلال بحق الدفاع.
(ب) إجراءات المحاكمة. "شفوية المرافعة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما يوفره".
المحاكمات الجنائية تبنى ـ بحسب الأصل ـ على التحقيقات الشفوية التي تجريها المحكمة بالجلسة. تمسك المتهم بسماع شهود أمام درجتي التقاضي. التفات المحكمة عن هذا الطلب بلا مبرر. إخلال بحق الدفاع.
1ـ من المقرر أن ضياع الشيك أو سرقته من الأسباب التي تخول للساحب المعارضة في صرف قيمته إذا ما أتاها بنية سليمة صيانة لماله مما يتعين على المحكمة تحقيقه قبل الحكم بإدانة المتهم. إذ هو دفاع جوهري من شأنه إن صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى. فإذا التفتت عنه بلا مبرر كان قضاؤها معيباً ومنطوياً على إخلال بحق الدفاع.
2ـ إن المحاكمات الجنائية ـ بحسب الأصل ـ تبنى على التحقيقات الشفوية التي تجريها المحكمة بالجلسة في حضور المتهم وتسمع فيها الشهود ما دام سماعهم ممكناً ـ وهى لا تكون في حل من ذلك إلا برضاء المتهم أو المدافع عنه صراحة أو ضمناً بحيث إذا لم تفعل على الرغم من تمسك المتهم بسماعهم أمام درجتي التقاضي فإنها تكون قد أخلت بمبدأ شفوية المرافعة ـ فإذا كانت المحكمة قد التفتت عن طلب الطاعن سماع أقوال الشهود تحقيقاً لدفاعه دون أن تبرر مسلكها في الالتفات عن هذا الطلب فإن قضاءها يكون معيباً ومنطوياً على إخلال بحق الدفاع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 5/ 12/ 1958 بدائرة قسم الزيتون: أعطى بسوء نية لصبحي لبيب قزمان شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابه بالمادتين 336 و337 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. وقضت محكمة الزيتون الجزئية حضورياً بتاريخ 31/ 12/ 1959 عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة 500 قرش لإيقاف التنفيذ وألزمته بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم. وقضت محكمة القاهرة الابتدائية ـ بهيئة استئنافية ـ حضورياً بتاريخ 25/ 12/ 1963 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف في خصوص العقوبة بالاكتفاء بتغريم المتهم عشرة جنيهات وتأييده فيما عدا ذلك. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وشابه قصور في التسبيب ذلك بأن الطاعن أقام دفاعه على تخلف ركن إصدار الشيك تأسيساً على أنه حرره بقصد شراء بضائع لم يتم شراؤها ثم افتقده وأخطر البنك بوقف صرفه لفقده وطلب أمام درجتي التقاضي سماع الشهود تحقيقاً لدفاعه ولكن المحكمة دانته دون أن تلتفت إلى طلبه أو ترد عليه مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الحاضر مع الطاعن طلب أمام محكمة أول درجة بجلسة 19/ 11/ 1959 سماع الشهود وقد قضت المحكمة بإدانته دون أن تسمع شهوداً ولما استأنف الطاعن هذا الحكم عاود الحاضر معه التمسك بسماع الشهود بجلسات 26/ 10/ 1960, 11/ 11/ 1962, 12/ 12/ 1962 وأصر بجلسة المرافعة الأخيرة في 20/ 11/ 1963 على طلب سماع شهود النفي ومناقشة شهود الإثبات ولكن المحكمة الاستئنافية قضت بتعديل الحكم المستأنف فيما يتعلق بتقدير العقوبة دون أن تسمع هي أيضاً أحداً من الشهود الذين طلب الطاعن سماع أقوالهم تحقيقاً لدفاعه كما لم ترد على طلبه هذا. لما كان ذلك, وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد حصل دفاع الطاعن بقوله: "وحيث إنه بسؤال المتهم بالمحضر المؤرخ 8/ 4/ 1959 بقسم الزيتون أنكر ما أسند إليه وقرر أنه كان قد كتب هذا الشيك وشيك آخر بمبلغ مائتي جنيه على ذمة شراء مواد أولية خاصة بمصنعه وكان هذا في شهر أكتوبر سنة 1958 وأنه سلم الشيك لمدير مصنعه الذي أبلغه بعد ذلك بفقده منه وذلك بعد أن تعذر عليه شراء المواد الأولية الصادر بشأنها الشيك فأخطر البنك يوم 12/ 12/ 1958 بعدم صرف قيمة الشيك لفقده منه وأن تاريخ استحقاق الشيك كان يوم 5/ 12/ 1958 وطلب الدفاع عنه بالجلسة وبمذكرته القضاء ببراءته ورفض الدعوى المدينة تأسيساً على أن الجريمة لم تستكمل بعد أركانها القانونية إذ أن الركن الأول وهو ركن إعطاء الشيك غير متوافر لعدم إعطائه الشيك للمجني عليه بقصد صرف قيمته". وكان ما أورده الحكم عن تذرع الطاعن بفقد الشيك هو دفاع جوهري إذ من شأنه إن صح تغير وجه الرأي في الدعوى لما هو مقرر من أن ضياع الشيك أو سرقته من أسباب الإباحة التي تخول للساحب المعارضة في صرف قيمته - إذا ما أتاها بنية سليمة - صيانة لماله مما كان يتعين على المحكمة تحقيقه قبل الحكم بإدانة الطاعن. لما كان ذلك, وكانت المحكمة فوق ذلك قد التفتت - وعلى ما سلفت الإشارة إليه - عن طلب الطاعن سماع الشهود تحقيقاً لدفاعه دون أن تبرر مسلكها في الالتفات عن هذا الطلب فإن قضاءها يكون معيباً ومنطوياً على إخلال بحق الدفاع, ذلك أن المحاكمات الجنائية ـ بحسب الأصل ـ تبنى على التحقيقات الشفوية التي تجريها المحكمة بالجلسة في حضور المتهم وتسمع فيها الشهود ما دام سماعهم ممكناً وهى لا تكون في حل من ذلك إلا برضاء المتهم أو المدافع عنه صراحة أو ضمناً بحيث إذا لم تفعل على الرغم من تمسك المتهم بسماعهم أمام درجتي التقاضي - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنها تكون قد أخلت بمبدأ شفوية المرافعة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في طعنه.