أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 16 - صـ 611

جلسة 21 من يونيه سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري؛ وجمال المرصفاوي، ومحمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام.

(120)
الطعن رقم 82 لسنة 35 القضائية

( أ ) دعوى عمومية. "تحريكها". دعوى مباشرة. سب.
للمدعي المدني أو من ينوب عنه بأي صورة من الصور في حدود القواعد العامة أن يحرك الدعوى أمام محكمة الموضوع مباشرة عن طريق الدعوى المباشرة.
(ب) نقض. "الطعن بالنقض".
الطعن بالنقض. طبيعته: هو خصومة خاصة. مهمة المحكمة فيها مقصورة على القضاء في صحة الأحكام من قبيل أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض عليها من طلبات وأوجه دفاع.
(ج) نقض. "أسباب الطعن". "ما لا يقبل من الأسباب". دعوى مدنية. دفوع.
الدفع بانتفاء الصفة واعتبار المدعي المدني تاركاً لدعواه المدنية. من الدفوع التي تستلزم تحقيقاً موضوعياً. عدم جواز التمسك بهما لأول مرة أمام محكمة النقض.
(د) حكم. "تسبيبه. بيانات التسبيب".
خلو الحكم الاستئنافي من ذكر مادة العقوبة. لا يعيبه. ما دام قد أقر في أسبابه الحكم الابتدائي الذي بينها.
(هـ) حكم. "تحريره والتوقيع عليه". محضر الجلسة.
إهمال كاتب الجلسة التوقيع على محضر الجلسة والحكم لا يبطلهما.
(و) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما لا يوفره". إثبات "معاينة" تحقيق. "إجراءاته".
طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة. عدم التزام المحكمة بإجابته.
(ز) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "شهود".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن. موضوعي.
1 - اشتراط تقديم الشكوى من المجني عليه أو من وكيله الخاص في الفترة المحددة بالمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية عن الجرائم المبينة بها - ومن بينها جريمة السب هو في حقيقته قيد وارد على حرية النيابة العامة في استعمال الدعوى الجنائية ولا يمس حق المدعي بالحقوق المدنية أو من ينوب عنه بأي صورة من الصور في حدود القواعد العامة في أن يحرك الدعوى أمام محكمة الموضوع مباشرة عن طريق الدعوى المباشرة.
2 - الطعن بالنقض لا يمكن اعتباره امتداداً للخصومة، بل هو خصومة خاصة مهمة المحكمة فيها مقصورة على القضاء في صحة الأحكام من قبيل أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض عليها من طلبات وأوجه دفاع - ومتى كان على محكمة النقض ألا تنظر القضية إلا بالحالة التي كانت عليها أمام محكمة الموضوع وكان الطاعن لم ينازع في صحة تمثيل محاميه فلا يقبل منه إثارة ذلك أمام محكمة النقض.
3 - إن الدفع بانتفاء الصفة واعتبار المدعي المدني تاركاً لدعواه المدنية هما من الدفوع التي تستلزم تحقيقاً موضوعياً مما مؤداه عدم جواز التمسك بهما لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أنه متى كان الحكم الابتدائي قد جاء به أنه عاقب المتهم بالمادة المطلوبة، وكانت هذه المادة مبينة بصدر الحكم، وكان الحكم المطعون فيه قد قال في أسبابه - إن هذا الحكم سليم - فذلك يفيد أخذه بالمادة المشار إليها، وفى هذا ما يكفي لسلامته.
5 - من المقرر أن إهمال كاتب الجلسة توقيع محضر الجلسة والحكم لا يترتب عليه وحده بطلانهما بل إنه يكون لهما قوامهما القانوني لتوقيع رئيس الجلسة عليهما.
6 - من المقرر أن طلب إجراء المعاينة هو من إجراءات التحقيق ولا تلتزم المحكمة بإجابته طالما أنه لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة وكان الهدف منه مجرد التشكيك في صحة أقوال المدعي المدني وشهوده.
7 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير أن تكون مطالبة ببيان أسباب ذلك. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على المحكمة من إدانته أخذاً بأقوال المدعي وشاهديه رغم ما وجه إليهم من شبهات ومطاعن يكون في غير محله.


الوقائع

أقام المدعى بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة الدرب الأحمر الجزئية ضد الطاعن بوصف أنه في يوم 23/ 9/ 1962 بدائرة قسم الدرب الأحمر: سب المدعي بالحق المدني "الأستاذ جاد العبد جاد" علناً على النحو الوارد بعريضة الدعوى. وطلب معاقبته بالمادتين 171، 306 من قانون العقوبات وإلزامه أن يدفع له مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض. وفى أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة دفع الحاضر مع المتهم بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما بغير الطريق القانوني. وقضت هذه المحكمة حضورياً بتاريخ 13 مايو سنة 1963 عملاً بالمادة 301 عقوبات (أولاً) برفض الدفع بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية وقبولهما (وثانياً) تغريم المتهم عشرة جنيهات بلا مصاريف جنائية (وثالثاً) إلزامه أن يدفع للمدعي المدني مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض والمصروفات المدنية المناسبة فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 30 يناير سنة 1964 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصاريف المدنية الاستئنافية مع إعفائه من المصاريف الجنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السب العلني قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه بطلان في ذاته وفى إجراءات المرافعة وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب، ذلك بأن المحكمة رفضت الدفع الخاص بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية على الرغم من عدم قيام المدعي بالحق المدني أو وكيله الخاص بتقديم الشكوى المنصوص عليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات كما أن الأستاذ محمد عيسى المحامي حضر للمرافعة عن المدعي دون أن يكون موكلاً في ذلك ولا يغني في هذا الصدد التوكيل الذي حضر بموجبه الأستاذ محمد زايد إذ تبين أنه غير صحيح، وكان مؤدى ذلك القضاء باعتبار المدعي تاركاً لدعواه. هذا وقد خلا الحكم المطعون فيه من بيان تاريخ الحكم الابتدائي وما قضى به ومواد الاتهام وتوقيع أمين السر على نسخة الحكم الأصلية كما اعتبر شهادة الأستاذ مصطفى كامل المحامي وعول عليها في إدانة الطاعن في حين أنه لم يكن حاضراً وقت وقوع الحادث، كما أعرض عن دفاع الطاعن في شأن تضارب المدعي في وقت وقوع الحادث وظروف حضوره إلى مكانه، كما لم تستجب المحكمة إلى طلب ضم أصل محضر جلسة 23/ 9/ 1962الخاص بالقضية رقم 2403 سنة 1960 مدني كلي القاهرة وهو سند الحكم في وجود المدعي بمحكمة مصر الابتدائية يوم الحادث حيث وقع، وكذا طلب إجراء معاينة مكان الحادث حتى تتبين منها بطلان تصوير الواقعة وكذب أقوال شهود الإثبات، وأغفلت الرد على كل أولئك بما يبرر إطراحها لها وكذا الشأن بالنسبة لما أثاره الطاعن تدليلاً على عدم وجود الشاهد رمضان طه الليثي.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدي بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية ورد عليه في قوله: "وحيث إنه لما كانت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المعدودة بها. فإن الواضح هو استلزام وجود التوكيل في حالة تقديم شكوى وعدم تقديم الشكوى يحول بين النيابة العامة وبين رفع الدعوى الجنائية ولكن لا يحرم المجني عليه من رفع الدعوى المباشرة، ورفع الدعوى لا يلزم فيه التوكيل الخاص لأن اشتراط وجود التوكيل وارد على تقديم الشكوى لا على رفع الدعوى، ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى على غير أساس متعين الرفض" وما قاله الحكم يستقيم به الرد على الدفع، ذلك بأن اشتراط تقديم الشكوى من المجني عليه أو من وكيله الخاص في الفترة المحددة بالمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية عن الجرائم المبينة بها - ومن بينها جريمة السب المقامة عنها الدعوى المطروحة - هو في حقيقته قيد وارد على حرية النيابة العامة في استعمال الدعوى الجنائية ولا يمس حق المدعي بالحقوق المدنية أو من ينوب عنه بأي صورة من الصور في حدود القواعد العامة في أن يحرك الدعوى أمام محكمة الموضوع مباشرة عن طريق الدعوى المباشرة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن خاصاً بوكالة الأستاذ محمد زايد المحامي عن المدعي وبطلانها لاستنادها إلى توكيل لا وجود له فإنه قول لا يقبل منه أمام هذه المحكمة ذلك لأن الطعن بالنقض لا يمكن اعتباره امتداداً للخصومة، بل هو خصومة خاصة مهمة المحكمة فيها مقصورة على القضاء في صحة الأحكام من قبيل أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض عليها من طلبات وأوجه دفاع. ومتى كان على محكمة النقض ألا تنظر القضية إلا بالحالة التي كانت عليها أمام محكمة الموضوع, وكان الطاعن لم ينازع في صحة تمثيل الأستاذ محمد زايد, فلن يقبل منه إثارة ذلك أمام محكمة النقض, هذا فضلاً عن أن الدفع بانتفاء الصفة واعتبار المدعي المدني تاركاً لدعواه المدنية هما من الدفوع التي تستلزم تحقيقاً موضوعياً مما مؤداه عدم جواز التمسك بهما لأول مرة أمام هذه المحكمة إذ لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن قد نازع في صحة تمثيل الأستاذين محمد زايد والأستاذ محمد عيسى المحاميين ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس.
لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم الاستئنافي المطعون فيه أنه أحال في بيان وصف التهمة وواقعة الدعوى ومادة الاتهام إلى الحكم الابتدائي الذي اعتنقه وأيده لما بني عليه من أسباب، وكان الحكم الابتدائي قد أورد في ديباجته مادتي الاتهام بقوله "وطلبت النيابة عقابه بالمادتين 171، 306 عقوبات مع أقصى عقوبة" كما أثبتها ثانية في أسبابه بقوله "ومن ثم يتعين عقابه وفقاً للمادة 306 عقوبات" وكان من المقرر أنه متى كان الحكم الابتدائي قد جاء به إنه عاقب المتهم بالمادة المطلوبة، وكانت هذه المادة مبينة بصدر الحكم، وكان الحكم المطعون فيه قد قال في أسبابه إن هذا الحكم سليم - كما هو الحال في الحكم الماثل - فذلك يفيد أخذه بالمادة المشار إليها وفى هذا ما يكفي لسلامته ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. أما ما يثيره بشأن عدم توقيع أمين السر على نسخة الحكم الأصلية فمردود بما هو مقرر من أن إهمال كاتب الجلسة توقيع محضر الجلسة والحكم لا يترتب عليه وحده بطلانهما بل إنه يكون لهما قوامهما القانوني لتوقيع رئيس الجلسة عليهما - هذا ولم ينازع الطاعن في أن النسخة الأصلية للحكم موقع عليها من رئيس الجلسة. لما كان ما تقدم، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات محكمة ثاني درجة أن الطاعن طلب بجلسة 26/ 12/ 1963 ضم أجندتي الدائرتين 30 و31 للاطلاع على قرار الدائرتين في يوم 23/ 9/ 1962 ثم عاد وقرر في نفس الجلسة بتنازله عن طلب الضم، ثم طلب ظرفاً النزاع حجز القضية للحكم دون أن يتمسك الطاعن بطلب إجراء المعاينة التي طالب بإجرائها من مذكرته حسبما يقول في أسباب طعنه مما لا تلتزم معه المحكمة بالتعرض لهذا الطلب ولا تثريب عليها إذا هي لم ترد عليه، من المقرر أن طلب إجراء المعاينة هو إجراءات التحقيق ولا تلتزم محكمة الموضوع بإجابته طالما أنه لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة, وكان هدف الطاعن مجرد التشكيك في صحة أقوال المدعي المدني وشهوده. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع لعدم استجابة المحكمة إلى طلب ضم أصل محضر جلسة 23/ 9/ 1962 الخاص بالقضية رقم 2403 سنة 1960 مدني كلي القاهرة وإلى طلب إجراء معاينة محل الحادث يكون على غير أساس. لما كان ما سلف، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال المجني عليه وشاهديه، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليهما مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير أن تكون مطالبة ببيان أسباب ذلك. لما كان ذلك, فإن ما ينعاه الطاعن على المحكمة من إدانته أخذاً بأقوال المدعي وشاهديه رغم ما وجهه إليهم من شبهات ومطاعن يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة مع إلزام الطاعن المصروفات المدنية.