أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 16 - صـ 643

جلسة 28 من يونيه سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد محمد محفوظ، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح.

(124)
الطعن رقم 721 لسنة 35 القضائية

( أ ) تفتيش. "إذن التفتيش". "إصداره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
الخطأ في بيان نوع وسيلة نقل المواد المخدرة لا يصلح وجهاً للنعي على جدية التحريات التي انصبت على شخص المتهم. مثال.
(ب) تفتيش. "إذن التفتيش". "الدفع ببطلان الإجراءات". دفوع. نقض. "أسباب الطعن". "ما لا يقبل منها".
اختلاف الدفع ببطلان إذن التفتيش عن الدفع ببطلان إجراءاته. عدم جواز إثارة الدفع ببطلان إجراءات تنفيذ الإذن لأول مره أمام محكمة النقض.
(جـ) تفتيش. "إذن التفتيش". "تنفيذه".
لا يجوز لغير من عين بالذات من مأموري الضبط القضائي في إذن التفتيش أن ينفذه ولو كان ذلك بطريق الندب من المأمور المعين، ما دام الإذن لا يملكه هذا الندب.
طريقة تنفيذ الإذن موكولة إلى رجل الضبط المأذون له به، يجريها تحت إشراف سلطة التحقيق ورقابة محكمة الموضوع.
(د) تفتيش. "إذن التفتيش". مواد مخدرة.
إثبات الحكم أن إجراءات التفتيش تمت وفقاً للإذن الصادر من النيابة بالتفتيش واستناداً إليه. لا جدوى مما يثيره المتهم من أن إلقاء المخدر كان اختيارياً أو اضطرارياً.
(هـ) دفوع. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب."
الدفع بتلفيق التهمة. من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً.
(و) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في دفاعه والرد عليه استقلالاً. كفاية الرد الضمني.
1 - لما كان محور التحريات لإصدار الإذن بالتفتيش هو شخص الطاعن وليس سيارته وصدر الإذن بناء عليها، فإن الخطأ في بيان نوع وسيلة النقل لا يصلح وجهاً للنعي على جدية التحريات التي انصبت أصلاً على اتجار الطاعن في المواد المخدرة وأنه كان بسبيل نقل كمية منها، ولا يعيب الحكم الخلاف الظاهر بين محضري التحريات وضبط الواقعة في خصوص نوع السيارة التي كان قد أعدها الطاعن لنقل المواد المخدرة طالما أن ما أثبته الحكم في مدوناته لا أثر للتناقض فيه ولا تثريب عليه إن هو لم يعرض لهذا التعارض ما دام قد استخلص الإدانة بما لا تضارب فيه، ولا عليه أن هو التفت عن الرد على دفاع الطاعن في هذا الصدد الذي استهدف به النيل من إذن التفتيش ما دام أن الطاعن أو المدافعين عنه لم يثيروا بجلسة المحاكمة دفاعاً بهذا المعنى.
2 - يوجد فرق بين الدفع ببطلان إذن التفتيش وبين الدفع ببطلان إجراءاته، وإذ كان الطاعن لم يدفع ببطلان إجراءات التفتيش أثناء المحاكمة فإنه لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه في حقيقته دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها، وما دامت قد اطمأنت إلى أن التفتيش قد أسفر عن العثور على المواد المخدرة فإنه لا يجوز مصادرتها فيما اطمأنت إليه أو إثارة ذلك الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض. ولما كان لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافعين عنه قد أبدى أيهم دفعاً ببطلان التفتيش تأسيساً على أن الضابطين اللذين نيط بهما تنفيذه غير مأذون لهما في ذلك ولا يجوز ندبهما للقيام به لخلو الإذن مما يخول الصادر إليه حق ندب سواه لإجرائه، وكان الحكم قد خلا مما يدل على هذا البطلان، فإنه لا يجوز للطاعن أن يثير ذلك أمام محكمة النقض.
3 - الأصل أنه لا يجوز لغير من عين بالذات من مأموري الضبط القضائي في إذن التفتيش أن ينفذه ولو كان ذلك بطريق الندب من المأمور المعين ما دام الإذن لا يملكه هذا الندب، إلا أن طريقة تنفيذ الإذن موكولة إلى رجل الضبط المأذون له به يجريها تحت إشراف سلطة التحقيق ورقابة محكمة الموضوع، فله أن يتخذ من وسائل التحوط ما يمكنه من تحقيق الغرض من التفتيش المأذون له به وأن يستعين في ذلك بأعوانه من رجال الضبط القضائي أو غيرهم من رجال السلطة العامة بحيث يكونون على مرآى منه وتحت بصره.
4 - لا جدوى مما يثيره الطاعن من أن إلقاء المخدر كان اختيارياً أو اضطرارياً طالما أن الحكم قد أثبت أن إجراءات التفتيش تمت وفقاً للإذن الصادر بالتفتيش واستناداً إليه، فإنه أيا كان الأمر في شأن الإلقاء فإنه لا يقدح في سلامة التفتيش الذي تم تنفيذاً لأمر النيابة به.
5 - الدفع بتلفيق التهمة للمتهم هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً.
6 - لا تلتزم المحكمة بمتابعة المتهم في دفاعه والرد عليه على استقلال طالما أن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 22 أغسطس سنة 1962 بدائرة قسم المطرية محافظة القاهرة: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1، 2، 34/ 1 - أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرافق. فقرر بذلك. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنايات القاهرة دفع الحاضر مع المتهم ببطلان إجراءات القبض والتفتيش والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 3 مارس سنة 1964 عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبغرامة قدرها ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المادة المخدرة المضبوطة. وقد ردت المحكمة في أسبابها على الدفع قائلة بأنه على غير أساس فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه القصور والفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في الإسناد وإخلال بحق الدفاع فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم أورد في بيانه لواقعة الدعوى أن التحريات التي صدر إذن التفتيش بناء عليها دلت على اتجار الطاعن في المواد المخدرة وأنه بسبيل نقل كمية منها إلى مدينة القاهرة في إحدى السيارات دون تحديد لنوعها مع أن التحريات أفصحت عن نوع هذه السيارة بأنها "جيب" وأعدت لهذا الغرض - في حين أن السيارة التي ضبطت هي سيارة "شيفروليه" مما يدل على أن التحريات غير جدية ولم يعرض الحكم إلى هذا الخلاف أو يرد على دفاع الطاعن بشأنه مع دلالته على بطلان التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها الإذن به - كما أن الحكم لم يستظهر دفاع الطاعن المؤسس على استحالة واقعة إلقاء المخدرات بسبب انشغال يديه في قيادة السيارة وإنما تصدى برد غير سائغ إلى دفاعه الخاص بتلف نافذة الباب الأمامي الأيمن للسيارة التي قيل بأن الإلقاء تم عن طريقها مع أن الطاعن لم يشر إلى هذا التلف عند استجوابه أمام النيابة لأن واقعة الإلقاء ذكرها شهود الإثبات بعد استجوابه بعدة أيام ولم يوجه إليه المحقق أية أسئلة بشأنها ولم يكن في مقدوره والحال كذلك أن يبادر من تلقاء نفسه إلى ذكر هذا التلف أو الإشارة إليه قبل أن يدلى الشهود بأقوالهم. هذا وأن الحكم ذهب في مدوناته إلى أن تلف النافذة تم في الخفاء بيد أرادت خدمة الطاعن، في حين أن الثابت بالأوراق أن هذا التلف قديم وغير مفتعل وما جاء في شهادة الدكتور سعد عوض فرج من جواز حدوث التلف كنتيجة لقيام الضابط بإغلاقه النافذة لا يتفق وما أثبته الحكم من أن يداً عبثت في الخفاء بالنافذة خدمة للطاعن، ثم إن الحكم أغفل الرد على ما دفع به الطاعن من تلفيق التهمة له لخدمة خصومه كما أعرض عن الإشارة أو الرد على ما أبداه الطاعن من خصومة لرجال الأمن ومسلكهم نحوه، وأخيراً فإن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وهو بمعرض الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش المؤسس على أن الضابطين محمد عبد الستار فتحي ومحمد ماهر يوسف اللذين قاما بمطاردته وهو يلقي بالمخدرات من نافذة السيارة لم يكن مأذوناً لهما بإجراء القبض والتفتيش وهو أمر تم على بعد كيلو متر من مكان وجود الضابط محمد فكري البندراي المنوط به وحده تنفيذ الإذن ولم تكن جريمة الطاعن متلبساً بها فإنه ما كان يحق لهما مطاردته التي تعد بمثابة قبض ويكون التخلي في هذه الحالة غير اختياري مما كان يتعين معه إطراح الدليل المستمد منه، وإن الحكم إذ خلص إلى أن إذن النيابة بالتفتيش لا التخلي عن المخدر هو أساس الإجراءات التي اتخذت مع الطاعن مما يستوي معه أن يكون هذا التخلي اختيارياً أو اضطرارياً ما دام مسبوقاً بإذن من سلطة التحقيق، وقد جانب الصواب إذ الدفع لم يكن أساسه على ما فهم الحكم خطأ التخلي وإنما كان مبناه أن من قاما بالقبض غير مأذون لهما في إجرائه والتفت الحكم عن استظهاره أو الرد عليه مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن النقيب محمد فكرى البنداري معاون مكتب مخدرات القاهرة استصدر إذناً من النيابة بضبط وتفتيش المتهم (الطاعن) نظراً لما دلت عليه التحريات من أنه يتجر في المواد المخدرة وأنه بسبيل نقل كمية منها إلى مدينة القاهرة في إحدى السيارات وفى مساء يوم 22/ 8/ 1962 أعد النقيب المذكور كميناً بمعاونة زميله النقيب محمد عبد الستار فتحي والملازم أول محمد ماهر يوسف لضبط المتهم وانتظراه بصحراء المطرية على الطريق الذي اعتاد المتهم أن يسلكه لنقل المخدرات وحوالي الساعة 11 مساء أقبل المتهم يقود سيارته وبها المواد المخدرة فاعترضتها إحدى سيارات رجال الضبط وقطعت عليها الطريق فلما رأى المتهم ذلك أراد العودة بسيارته من حيث أتى إلا أن سيارة أخرى من سيارات رجال الشرطة حالت دونه فلما شعر المتهم بذلك جعل يلقي من نافذة السيارة الأمامية اليمنى بتلك المواد التي كانت في حيازته فجعل النقيب محمد عبد الستار فتحي والملازم أول محمد ماهر يوسف يلتقطانها فالتقط أولهما لفافة كبيرة بداخلها ثمان طرب من الحشيش والتقط الثاني لفافة أخرى كان بداخلها سبع طرب من الحشيش, ثم بعد ذلك أجروا ضبط المتهم وفتشوه فلم يجدوا معه شيئاً من الممنوعات وأجروا تفتيش السيارة التي كان يقودها المتهم فلم يجدوا شيئاً فألقوا القبض عليه واقتادوه إلى مكتب المخدرات وحرروا محضراً بما تقدم وأخطروا النيابة التي تولت التحقيق" وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة لديه على هذا النحو في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال النقيبين محمد فكرى البنداري ومحمد عبد الستار فتحي ومن أقوال الملازم أول محمد ماهر يوسف ومن تقرير المعمل الكيماوي المتضمن نتيجة التحليل وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وتتوافر بها كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من التفاته عن الرد على الدفع ببطلان التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها الإذن به مردوداً بأنه فضلاً عن أنه لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافعين عنه قد أثار أي منهم دفعاً بهذا المعنى بل إن كل ما قاله المدافع عنه الأول في هذا الخصوص: "القضية مناقشة للدليل... والمتهم (الطاعن) والدته بنت حسين عابدين وتملك 80 فدناً ومن أسرة كريمة وابنها لا يعقل أن يتجر بالمخدرات وشعبة البحث الجنائي لها تحريات في قضية مجلس الدولة مؤرخة 8/ 6/ 1961 أن المتهم ليس له نشاط في الاتجار بالمخدرات... وأن الشكوى كيدية وذكر أن للمتهم سيارة جيب ولم يثبت أن للمتهم سيارة جيب" الأمر الذي لا يعدو القول المرسل على إطلاقه دون أن يحمل على الدفع الصريح ببطلان التفتيش أو أن يشتمل على بيان ما يرمى إليه الطاعن منه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد في بيانه لواقعة الدعوى: "أن النقيب محمد فكرى البندارى معاون مكتب مخدرات القاهرة استصدر إذناً من النيابة بضبط وتفتيش المتهم (الطاعن) نظراً لما دلت عليه التحريات أنه يتجر في المواد المخدرة وأنه بسبيل نقل كمية منها إلى مدينة القاهرة في إحدى السيارات". وذكر وهو بمعرض تحصيله لمؤدى أقوال هذا الشاهد أنه: "علم من تحرياته السرية أن المتهم يتجر في المواد المخدرة وأنه بسبيل نقل كمية منها إلى القاهرة بإحدى السيارات" وإذ ما كان الحكم قد خلص من ذلك إلى صحة التفتيش وعول على الدليل المستمد منه، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. ومتى أقرت تلك السلطة على ما ارتأته في هذا الصدد فلا سبيل لمصادرتها في عقيدتها ولا يجدي المتهم نعيه أن إذن التفتيش صدر بناء على تحريات جدية أو دون الكفاية مما لا يجوز معه مجادلتها فيما انتهت إليه من كفايتها لتسويغ إصدار الإذن. ولما كان يبين مما خلص إليه الحكم أن المحكمة أقرت النيابة العامة على ما ارتأته من جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش فإنه لا سبيل لمصادرتها في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير جدية التحريات التي سبقت إذن التفتيش والمسوغة لإصداره وهو ما لا يجوز إثارته ابتداء لدى محكمة النقض وتكون بذلك دعوى الطاعن في هذا الشأن غير مقبولة. لما كان ما تقدم، وكان محور تلك التحريات هو شخص الطاعن وليس سيارته وصدر الإذن بناء عليها فإن الخطأ في بيان نوع وسيلة النقل بفرض صحته لا يصلح وجهاً للنعي على جدية التحريات التي انصبت أصلاً على اتجار الطاعن في المواد المخدرة وأنه كان بسبيل نقل كمية منها إلى القاهرة, ولا يعيب الحكم ذلك الخلاف الظاهر بين محضري التحريات وضبط الواقعة في خصوص نوع السيارة التي كان قد أعدها الطاعن لنقل المواد المخدرة طالما أن ما أثبته الحكم في مدوناته لا أثر للتناقض فيه ولا تثريب عليه إن هو لم يعرض لهذا التعارض ما دام قد استخلص الإدانة بما لا تضارب فيه ولا عليه إن هو التفت عن الرد على دفاع الطاعن في هذا الصدد الذي استهدف به النيل من إذن التفتيش ما دام أن الطاعن أو المدافعين عنه لم يثيروا بجلسة المحاكمة دفاعاً بهذا المعنى. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محلة. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل دفاع الطاعن الموضوعي وعول في رفضه له والرد عليه على ما أورده من أن أقوال الطاعن الأولى التي أدلى بها عند استجوابه أمام النيابة جاءت خلواً من الإشارة إلى تلف آلة رفع الزجاج مع أهمية هذا الدفاع ولو كان هذا الدفاع صحيحاً لبادر الطاعن إلى ذكره وترديده في أول استجواب له مما يدل على أن زجاج هذه النافذة كان مفتوحاً وقت ضبط الواقعة وفق ما ذكره الضابطان في أقولهما وأن آلة تشغيلها أتلفت بعد الضبط خدمة للطاعن وعلى ما أثبته وشهد به الدكتور المهندس سعد عوض فرج من أن ماكينة تشغيل الزجاج معطلة بسبب التصاق غير طبيعي للتروس بسب سوء استعمال الأكرة وقد يكون ذلك سابقاً على إغلاق هذا الزجاج ثم حدث العطل عند محاولة الضابط إغلاق الزجاج بعد ضبط السيارة وقد يكون استعمال الضابط للأكرة في هذه المرة بالذات هو الذي أكمل حدوث العطل, وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت هذه المحكمة بضمها تحقيقاً لما أثاره الطاعن في طعنه من أن ما قاله الحكم واستند إليه فيما تقدم لا سند له من الأوراق ـ أن الطاعن حين سئل في تحقيق النيابة ووجه برؤية شهود الإثبات له وهو يلقى بالمواد المخدرة من السيارة اقتصر على مجرد الإنكار ولم يثر دفاعاً ما بشأن تلف زجاج النافذة، كما يبين من ذات التحقيق أن النقيب محمد عبد الستار فتحي شهد بأنه عاين السيارة عقب الضبط وجلس فيها وكلف الطاعن بقيادتها إلى مكتب المخدرات وجزم بأن زجاج النافذة اليمنى للسيارة كان مفتوحاً والعطل استحدث بعد ترك السيارة أمام مبنى المحافظة قبل تحقيق النيابة. وذكر الملازم أول محمد ماهر يوسف في ذات التحقيق أنه رأى الطاعن وهو يلقي بالمواد المخدرة المضبوطة خلال تلك النافذة وأنه هو نفسه الذي قام بإغلاق زجاجها بعد ضبط الواقعة عقب وصوله مبنى المحافظة. وأكد أن الزجاج كان مفتوحاً قبل ذلك، وشهد الدكتور المهندس سعد عوض فرج في تحقيق النيابة بأنه قد يكون هناك سوء استعمال متكرر سابق على الضبط وحدوث العطل عندما حاول الضابط إغلاق الزجاج بعد ضبط السيارة وأوضح أن استعمال الضابط للأكرة في هذه المرة بالذات هو الذي أكمل حدوث العطل ومن الجائز أن زجاج النافذة كان مفتوحاً وقت الحادث وحدث العطل نتيجة لمحاولة إغلاق الضابط إياه لأن تحديد وقت حدوث العطل لا يمكن الجزم به. ولما كان يبين مما تقدم, أن ما أورده الحكم وهو بمعرض الرد على دفاع الطاعن في هذا الصدد له أصله الثابت بالأوراق وأن ما استظهره الحكم من أن زجاج النافذة كان مفتوحاً عندما ألقى الطاعن منها بالمواد المخدرة المضبوطة لا يضيره ما قاله الحكم بعد ذلك أن يداً امتدت إلى هذه النافذة في الخفاء وعبثت بها خدمة للطاعن إذ هو مجرد تزيد لا يقدح في سلامة الحكم ولا يوثر على ما انتهى إليه من اطمئنانه لحالة النافذة قبل استعمالها في إلقاء المخدر وضبطها بعد أن أورد من الأدلة والمظاهر التي تدل على أن النافذة كانت مفتوحة عندما ألقى الطاعن بالمواد المخدرة منها وقت ضبطه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة الخطأ في الإسناد للاعتبارات التي ساقها في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، وكان الدفع بتلفيق التهمة للمتهم هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في دفاعه والرد عليه على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو لم يستظهر أو يرد على ما دفع به الطاعن من تلفيق التهمة له وما أثاره من خصومة بينه وبين رجال الأمن مادام أن ذلك من ضروب الدفاع الموضوعي الذي لا يستأهل رداً خاصاً إذ الرد عليه يستفاد دلالة من قضائه بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت السائغة التي أوردها، وإذ كان لا يستحيل في العقل إمكان إلقاء الطاعن بلفافتي المخدر بإحدى يديه وإمساكه بعجلة القيادة بيده الأخرى في اللحظات التي استغرقها في الإلقاء فإن منعاه في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد عرض إلى ما أثاره الدفاع بجلسة المحاكمة من دفع ببطلان إجراءات القبض لعدم قيام حالة التلبس وتخلى الطاعن عن المواد المخدرة - بفرض صحته - لم يكن اختيارياً ورد عليه في قوله: "وبما أنه قد يكون هذا الدفع أساساً للمناقشة لو أنه لم يكن هناك إذن قد صدر من النيابة لضبط وتفتيش المتهم ومن ثم فإن هذا الإذن هو أساس الإجراءات التي اتخذت مع المتهم وليس أساسها هو تخلي المتهم عن هذه المادة. كما أراد الدفاع عن المتهم أن يصور الواقعة على أساس أن التخلي كان اضطرارياً فإنه لا يؤثر على واقعة الضبط في شئ ما دام أنه كان قد صدر إذن سابق من النيابة لضبط وتفتيش المتهم على أساس هذا الإذن سارت إجراءات ضبط المتهم"، ما أثبته الحكم من ذلك سائغ في العقل وصحيح في القانون ما دام أن الحكم جعل سند التفتيش ودعامته الإذن به. وإذ كان ذلك، فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعن من أن إلقاء المخدر كان اختيارياً أو اضطرارياً طالما أن الحكم قد أثبت أن إجراءات التفتيش تمت وفقاً لهذا الإذن واستناداً إليه فإنه أيا كان الأمر في شأن الإلقاء فإنه لا يقدح في سلامة التفتيش الذي تم تنفيذاً للأمر النيابة به أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من أنه أخطأ في فهم أساس الدفع ببطلان التفتيش وقعوده عن استظهاره أو الرد عليه إذ أن قوام الدفع لم يكن التخلي وإنما كان سنده بطلان إجراءاته لعدم اختصاص الضابطين محمد عبد الستار فتحي ومحمد ماهر يوسف بتنفيذ الإذن الذي عين له غيرهما ولم يرخص له سلطة ندبهما أو ندب غيرهما فمردود هذا النعي بأنه يوجد فرق بين الدفع ببطلان إذن التفتيش وبين الدفع ببطلان إجراءاته، وإذ كان الطاعن لم يدفع ببطلان إجراءات التفتيش أثناء المحاكمة فإنه لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه في حقيقته دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها، وما دامت قد اطمأنت إلى أن التفتيش قد أسفر عن العثور على المواد المخدرة المضبوطة فإنه لا يجوز مصادرتها فيما اطمأنت إليه أو إثارة ذلك الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض. ولما كان ذلك، وكان لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافعين عنه قد أبدى أيهم دفعاً ببطلان التفتيش تأسيساً على أن الضابطين اللذين نيط بهما تنفيذه غير مأذون لهما في ذلك ولا يجوز ندبهما للقيام به لخلو الإذن مما يخول الصادر إليه حق ندب سواه لإجرائه، وكان الحكم قد خلا مما يدل على هذا البطلان فإنه لا يجوز للطاعن أن يثير ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يجوز لغير من عين بالذات من مأموري الضبط القضائي في إذن التفتيش أن ينفذه ولو كان ذلك بطريق الندب من المأمور المعين ما دام الإذن لا يملكه هذا الندب، إلا أن طريقة تنفيذ الإذن موكولة إلى رجل الضبط المأذون له به يجريها تحت إشراف سلطة التحقيق ورقابة محكمة الموضوع، فله أن يتخذ من وسائل التحوط ما يمكنه من تحقيق الغرض من التفتيش المأذون له به وأن يستعين في ذلك بأعوانه من رجال الضبط القضائي أو غيرهم من رجال السلطة العامة بحيث يكونون على مرأى منه وتحت بصره وإذ ما كان من دلالة ما أثبته الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وما حصله من شهادة النقيب محمد فكرى البندارى أن الضابطين الآخرين إنما كانا يعملان تحت إمرة المأذون له بالتفتيش وتحت إشرافه فإن ما يثيره الطاعن من عدم اختصاصهما بتنفيذ الإذن لا يكون مقبولاً طالما أن الحكم قد استظهر هذا الإشراف وأوضح أنهما لم يعملا على استقلال وإنما التزما حدود ما أصدره إليهما رئيسهما المعين لتنفيذ الإذن والحاضر معها إبان إجرائه، وفضلاً عن ذلك فإن مطاردة الضابطين للطاعن إنما استهدفت ضبطه وإحضاره إلى المأذون له بالتفتيش بقصد تنفيذ الأمر الصادر من النيابة لتفتيشه لاستحالة تنفيذ بمفرده في الطريق الذي اعتاد الطاعن المرور منه بسيارته ومن ثم فإنه لا غبار على مسلك الضابطين إذا ما قبضا عليه بقصد تمكين رئيسهما الصادر باسمه إذن التفتيش من تنفيذ مقتضاه. لما كان ذلك، فإنه ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير صحيح في القانون وبعيد عن محجة الصواب. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.