أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 890

جلسة 22 من أكتوبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربينى، وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن على المغربى.

(184)
الطعن رقم 694 لسنة 43 القضائية

(1) حكم. "بياناته". محضر الجلسة.
محضر الجلسة يكمل الحكم فى خصوص بيان أسماء الخصوم فى الدعوى.
(2 و3) إثبات. "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(2) تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم. موضوعى.
(3) التناقض الذى يعيب الحكم. ماهيته؟
(4) نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل فى موضوع الدعوى وتقدير الأدلة. عدم جواز إثارته أمام النقض.
1 - من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم فى خصوص بيان أسماء الخصوم فى الدعوى. ولما كان الثابت أن محضر جلسة المحاكمة الابتدائية قد اشتمل على بيان أسماء القصر الثلاثة المدعين مدنياً، فإنه لا يعيب الحكم اقتصاره على إيراد اسم المدعية بالحقوق المدنية عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر الثلاثة دون ذكر أسمائهم طالما أن محضر الجلسة يكمل الحكم فى هذا البيان.
2 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه فى هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية فى الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا يقبل مصادرة المحكمة فى هذا التقدير. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه التقرير الطبى الشرعى المقدم فى الدعوى بإمكان وقوع الحادث وفق تصوير الشاهدين وبما يتفق وإقرار الطاعن فى التحقيقات واستندت إلى الرأى الفنى الوارد بهذا التقرير فيما استخلصته واطمأنت إليه وأطرحت فى حدود سلطتها التقديرية التقرير الطبى الاستشارى بما تضمنه من مطاعن على التقرير الطبى الشرعى، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة فى ذلك أمام محكمة النقض ما دام استنادها إلى التقرير السابق ذكره سليما لا يشوبه خطأ، وهى غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى ما طلبه من استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هى من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء.
3 - من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة ولما كان ما أورده الحكم من أقوال الشاهدين والمعاينة لا يتعارض مع ما حصله من مؤدى التقرير الطبى الشرعى بل يتوافق معه، فإن ما ينعاه الطاعن من قصور وتناقض فى التسبيب لا يكون له محل.
4 - الجدل فى موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 2 مايو سنة 1967 بدائرة قسم المطرية محافظة القاهرة: (أولاً) تسبب خطأ فى قتل ...... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احترازه ورعونته بأن أطلق عياراً نارياً وسط المساكن دون حذر فأصاب المجنى عليه وأحدث إصابته التى أودت بحياته. (ثانياً) أطلق سلاحا ناريا داخل المدينة. وطلبت عقابه بالمادتين 238/ 1 و 379/ 2 من قانون العقوبات. وادعت مدنيا ...... عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر..... وطلبت القضاء لها قبل المتهم بتعويض قدره خمسة آلاف جنيه مع المصاريف المدنية. ومحكمة المطرية الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 2 من أبريل سنة 1969 عملاً بمادتى الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ عن التهمتين وإلزامه أن يدفع لى المدعية بالحق المدنى عن نفسها وبصفتها مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمصاريف. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم، ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 4 نوفمبر سنة 1969 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم خمسين جنيهاً وتأييده فيما عدا ذلك وألزمت المتهم مصروفات الدعوى المدنية الاستئنافية. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض، وبتاريخ 8 نوفمبر سنة 1970 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة القاهرة الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت من جديد بتاريخ 2 مايو سنة 1972 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتغريم المتهم خمسين جنيها وإلزامه أن يدفع للمدعية بالحق المدنى عن نفسها وبصفتها مبلغ ثلاثة آلاف جنيه ومصاريف الدعوى المدنية عن الدرجتين. فطعن وكيل المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل الخطأ قد شابه بطلان وإخلال بحق الدفاع وقصور وتناقض فى التسبيب، ذلك بأنه اقتصر على ذكر أن المدعية بالحق المدنى رفعت الدعوى عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر دون أن يبين أسماءهم. كما أن المدافع عن الطاعن أثار فى مذكرته المقدمة إلى المحكمة استحالة حصول إصابة المجنى عليه من مثل المسدس المضبوط فى الحادث لأن مدى إطلاقه لا يصل بحال إلى مسافة خمسة وأربعين متراً وهى المسافة المقول بأن المجنى عليه أصيب منها وأن المستفاد من وصف التقرير الطبى الشرعى للاصابة أن العيار أطلق فى مستوى أفقى فى حين أن المعاينة دلت على أن الطاعن أطلق العيار من داخل منزله، وكان المجنى عليه يعتلى ربوة تعلو سور المنزل مما يتحتم معه أن يكون مسار العيار النارى من أسفل لأعلى. وقدم الدفاع تقريراً طبياً استشارياً يظاهر دفاعه وتمسك بطلب مناقشة كبير الأطباء الشرعيين فيما تضمنه إلا أن المحكمة أعرضت عن التقرير الطبى الاستشارى ولم تجب الدفاع إلى طلبه وردت عليه بما لا يصلح رداً. وفضلاً عن ذلك فإن الحكم قد عول على أقوال الشهود وما ورد بتقرير الطب الشرعى دون أن يعنى برفع التناقض بين الدليلين القولى والفنى مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن البين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أن........ ادعت مدنياً بجلسة أول يناير سنة 1969 أمام محكمة أول درجة فى مواجهة الطاعن - عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر وهم...، .... مطالبة بتعويض قدره خمسة آلاف جنيه وقدمت قرار المعافاة وصورة من قرار محكمة الأحوال الشخصية بتعيينها وصية على القصر. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم فى خصوص بيان أسماء الخصوم فى الدعوى، وكان الثابت أن محضر جلسة المحاكمة الابتدائية قد اشتمل على بيان أسماء القصر الثلاثة المدعين مدنياً، فإنه لا يعيب الحكم اقتصاره على إيراد اسم المدعية بالحقوق المدنية عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر الثلاثة دون ذكر أسمائهم طالما أن محضر الجلسة يكمل الحكم فى هذا البيان. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة القتل الخطأ التى دان بها الطاعن وساق على ثبوتها فى حقه أدلة مردودة إلى أصولها الثابتة فى الأوراق من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شاهدى الإثبات والمعاينة والتقرير الطبى الشرعى وإقرار الطاعن فى التحقيقات بأنه أطلق عياراً نارياً من مسدسه فى اتجاه الصبية الذين كانوا على الرمل المجاور لمنزله بقصد إرهابهم وأنه علل إصابة المجنى عليه باحتمال أنه كان واقفا معهم، وقد أورد الحكم مؤدى هذه الأدلة فحصل أقوال الشاهدين بما مؤداه أنهما كانا يجلسان مع المجنى عليه على التل الرملى حينما أصيب المجنى عليه من عيار نارى أطلقه الطاعن الذى اعتاد تهديدهم بإطلاق النار عليهم كلما تجمعوا للعب الكرة. كما نقل عن المعاينة ما يفيد بأن جثة المجنى عليه وجدت على مرتفع من الرمال ملاصق للجزء البحرى من السور الشرقى لمنزل المتهم (الطاعن) وأن المجنى عليه كان يجلس مع صحبه على كومة الرمال الملاصقة للسور الشرقى للمنزل الذى يبلغ ارتفاعه نحو أربعة أمتار وأن الرمال الملاصقة لهذا السور تنخفض قليلاً بجواره ثم ترتفع بأقصى الجهة البحرية بحيث تكون مساوية تقريباً لأعلى السور وأن الطاعن أطلق العيار صوب الجهة الشرقية وقد أرشد عن مكان إطلاق النار بما يبعد عن مرتفع الرمال الملاصقة لسور المنزل الشرقى بحوالى خمسة وأربعين متراً وأنه يمكن لمن يقف بالمكان الذى أطلق منه المتهم العيار أن يشاهد بوضوح من يوجد على مرتفع الرمال. ثم أورد الحكم ما استخلصه من تقرير الطبيب الشرعى ومفاده أن إصابة المجنى عليه الموصوفة بالرأس يمكن حدوثها من إطلاق عيار نارى من مثل المسدس المضبوط فى الحادث ومن مسافة خمسة وأربعين متراً وأن اتجاه الطلق النارى كان من اليمين إلى اليسار وأن السلاح المضبوط مسدس عيار 6.35 صالح للاستعمال أعطت المسحة المأخوذة من ماسورته أو من الطلقة الفارغة نتيجة إيجابية لمخلفات البارود واستطرد الحكم بعد ذلك إلى إيراد ما قرره الطاعن فى تحقيقات النيابة بما محصله أنه اعتاد إطلاق الأعيرة النارية من مسدسه فى الهواء لإرهاب الصبية الذين يقذفون حديقته بالأحجار وأنه فى يوم الحادث رفع مسدسه عاليا واطلق منه عيارا تجاه الصبية أثناء جلوسهم على الرمل المجاور لمنزله ثم علم إثر ذلك بمقتل المجنى عليه. وعرض الحكم لدفاع الطاعن والتقرير الطبى الاستشارى الذى قدمه وطلب مناقشة كبير الأطباء الشرعيين ورد على ما أثير فى شأن ذلك كله بقوله "وإذ كان الثابت من وقائع الدعوى وظروفها أن المجنى عليه كان يجالس أصحابه على كومة من الرمل وعلى مقربة من مسكن المتهم وأن هذا الأخير كان يضجر باجتماعهم فى هذا المكان فدأب على تقذيفهم بأعيرة نارية فى الهواء بقصد إرهابهم وكان الثابت كذلك بإقرار المتهم أنه أطلق يوم الحادث العيار النارى الذى اعتاد إطلاقه من مسدسه المرخص له بحمله عيار 6.35، ثم سمع صياحاً ينبعث من خارج داره فور إطلاقه هذا العيار ثم علم بإصابة المجنى عليه فى مقتل، ولم يثبت أن عياراً نارياً آخر قد انطلق من غير المتهم وقت الحادث وكان الثابت أيضاً من أقوال شاهدى الواقعة..... و...... أن المتهم هو الذى أطلق العيار النارى الذى قتل المجنى عليه، وكانت المحكمة تطمئن إلى صحة أقوالهما. إذا كان الأمر كذلك، وكان الثابت من التقرير الطبى الشرعى أن إصابة المجنى عليه القاتلة يمكن أن تحدث من مسدس المتهم وبالتصوير الذى ذكره الشهود والمتفق مع الواقع ومن مثل المسافة التى كانت بينه وبين المجنى عليه وقت إصابته فإن المحكمة من ثم تلتفت عن طلب المتهم استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته فيما أثاره خاصاً بمسار العيار ومدى الإطلاق وتطرح من حسابها ما أشار إليه التقرير الإستشارى من لزوم إجراء تجارب ترى المحكمة عدم لزومها للفصل فى الدعوى ما دامت قد اطمأنت إلى سلامة التقرير الطبى الشرعى وصحة ما رجحه بشأن كيفية إصابة المجنى عليه على اعتبار أنه هو الذى يتفق مع وقائع الدعوى وأدلتها المطروحة عليها". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه فى هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية فى الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا يقبل مصادرة المحكمة فى هذا التقدير، وكانت المحكمة فيما سلف بيانه قد اطمأنت إلى ما تضمنه التقرير الطبى الشرعى المقدم فى الدعوى بإمكان وقوع الحادث وفق تصوير الشاهدين وبما يتفق وإقرار الطاعن فى التحقيقات واستندت إلى الرأى الفنى الوارد بهذا التقرير فيما استخلصته واطمأنت إليه وأطرحت فى حدود سلطتها التقديرية التقرير الطبى الإستشارى بما تضمنه من مطاعن على التقرير الطبى الشرعى، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة فى ذلك أمام محكمة النقض ما دام استنادها إلى التقرير السابق ذكره سليماً لا يشوبه خطأ. وهى غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى ما طلبه من استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هى من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أى من الأمرين قصدته المحكمة، وكان ما أورده الحكم من أقوال الشاهدين والمعاينة لا يتعارض مع ما حصله من مؤدى التقرير الطبى الشرعى بل يتوافق معه، فإن ما ينعاه الطاعن من قصور وتناقض فى التسبيب لا يكون له محل وهو فى واقعه لا يعدو أن يكون محاولة لإعادة الجدل فى موضوع الدعوى وتقدير الادلة فيها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن بالمصاريف المدنية.