أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 967

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسن أبو الفتوح الشربينى، وإبراهيم أحمد الديوانى، وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن على المغربى.

(202)
الطعن رقم 747 لسنة 43 القضائية

تموين. وصف التهمة. نقض. "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون". قطاع عام. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". عقوبة. خطأ.
عدم تقيد محكمة الموضوع بالوصف الذى ترفع به الدعوى. عليها تبين حقيقة الواقعة الجنائية.
إدانة الطاعن بصفته صاحب مصنع تصرف فى سلعة صرفت له من احدى شركات القطاع العام بغير الكيفية أو لغير الغرض المنصرفة من أجله عملا بالقرار 54 لسنة 1945 الغير منطبق عليها خطأ حجب المحكمة عن بحث مدى انطباق القرار 7 لسنة 1967 عن الواقعة المادية ذاتها. وجوب النقض والاحالة ما دامت العقوبة النقض بها أشد من تلك المقررة بالقرار الأخير.
من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم وأن واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ذلك أنها وهى تفصل فى الدعوى لا تتقيد بالواقعة فى نطاقها الضيق المرسوم فى وصف التهمة المحالة عليها بل إنها مطالبة بالنظر فى الواقعة الجنائية التى رفعت بها الدعوى على حقيقتها كما تبينتها من الأوراق ومن التحقيق الذى تجريه فى الجلسة. وكل ما تلتزم به هو ألا تعاقب المتهم عن واقعة غير التى وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أعمل فى حق الطاعن أحكام القرار الوزارى رقم 504 لسنة 1945 الذى لا ينطبق على الواقعة دون أن ينظر فى مدى انطباق أحكام القرار الوزارى رقم 70 لسنة 1967 على الواقعة المادية ذاتها، وهى أن الطاعن بصفته صاحب مصنع تصرف فى سلعة صرفت له من إحدى شركات القطاع العام بغير الكيفية أو لغير الغرض المنصرفة من أجله وينزل عليها حكم القانون الصحيح، وكانت العقوبة المقضى بها أشد من العقوبة المنصوص عليها فى القرار الوزارى الاخير، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه. وإذ كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن تمحيص الواقعة وبيان مدى انطباق القرار الوزارى رقم 70 لسنة 1967 عليها، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم فى يوم 8 من أبريل سنة 1968 بدائرة قسم باب الشعرية محافظة القاهرة: تصرفوا فى المواد التموينية المبينة بالمحضر فى غير الغرض المنصرفة من أجله. وطلبت عقابهم بمواد القانون رقم 95 لسنة 1945 المعدل بالقانون رقم 250 لسنة 1954. ومحكمة قسم باب الشعرية الجزئية قضت فى الدعوى غيابياً بتاريخ 5 نوفمبر سنة 1969 عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين ستة شهور مع الشغل وكفالة خمسة جنيها لوقف التنفيذ وغرامة مائة جنيه لكل منهم مع شهر ملخص الحكم على واجهة المحل لمدة مساوية لمدة الحبس. فعارضوا، وقضى فى معارضتهم (أولاً) بقبول معارضة كل من الأول والثانى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وببراءتهما. (ثانياً) بقبول معارضة المتهم الثالث شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه فيما قضى به من عقوبة شهر ملخص الحكم وتأييده فيما عدا ذلك، فاستأنف هذا المتهم. ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت فى الدعوى غيابياً بتاريخ 26 ديسمبر سنة 1971 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض، وقضى فى معارضته بتاريخ 11 يونيه سنة 1972 بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه، فطعن الوكيل عن المحكوم عليه وكذلك النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن المقدم من النيابة العامة ومبنى الوجه الأول من الطعن المقدم من المحكوم عليه هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان هذا الأخير بجريمة التصرف فى المواد التموينية لغير الغرض المنصرفة من أجله قد أخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه خلص إلى أن الواقعة المرفوعة عنها الدعوى الجنائية تخضع لأحكام القرار الوزارى رقم 504 لسنة 1945 أخذاً بالوصف الذى أسبغته عليها النيابة العامة فى حين أن السلعة موضوع الجريمة وهى "عسل الجلوكوز" ليست من بين السلع الواردة على سبيل الحصر فى القرار الوزارى المذكور وهى تدخل فى نطاق احكام القرار الوزارى رقم 70 لسنة 1967، وكان الواجب على المحكمة أن ترد الواقعة إلى تكييفها الصحيح وتنزل عليها حكم القانون بإعمال أحكام القرار الوزارى الأخير، أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون معيبا بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك بأن النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية على المحكوم عليه - بوصف أنه فى يوم 8 من أبريل سنة 1968 بدائرة قسم باب الشعرية تصرف فى المواد التموينية المبينة بالمحضر فى غير الغرض المنصرفة من أجله، وطلبت معاقبته بالمواد 12 و25 و55 من قرار وزير التموين رقم 504 لسنة 1945 المعدل وبالمواد 56 و57 و58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 المعدل. ومحكمة أول درجة قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس الطاعن ستة أشهر مع الشغل وبتغريمه مائة جنيه مع شهر ملخص الحكم على واجهة المحل مدة مساوية لمدة الحبس. فعارض المحكوم عليه وقضى فى معارضته بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه فيما قضى به من شهر ملخص الحكم وتأييده فيما عدا ذلك، فاستأنف وقضى فى الاستئناف غيابياً بقبوله شكلاً وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف، وقضى فى المعارضة الاستئنافية بالتأييد. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى المفردات المضمومة أن السلعة موضوع الاتهام هى "عسل الجلوكوز" وهى منصرفة من الشركة العامة لصناعة النشا والجلوكوز وقد دان الحكم المطعون فيه المحكوم عليه بسبب تصرفه فيها لغير الغرض المنصرفة من أجله طبقاً لمواد الاتهام التى طلبت النيابة العامة تطبيقها على الفعل، وكان الثابت من مطالعة الجدول الملحق بقرار وزير التموين رقم 504 لسنة 1945 أن عسل الجلوكوز ليس من بين السلع الواردة فيه، وكان قرار وزير التموين رقم 70 لسنة 1967 المعمول به اعتباراً من 12 ابريل سنة 1967 قد نص فى مادته الأولى على أنه "يحظر على الجمعيات التعاونية والشركات والهيئات وأصحاب المصانع والمسئولين عن إدارتها الذين يقومون باستلام مقادير من المواد والسلع - دون تحديد لأصنافها - من المؤسسات العامة أو شركات القطاع العام للاتجار فيها أو لتصنيعها التصرف فى هذه المواد والسلع أو استخدامها بغير الكيفية أو لغير الغرض الذى سلمت من أجله" ونصت المادة الثانية من ذات القرار على معاقبة من يخالف أحكام المادة الأولى بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين - على أن تضاعف العقوبة فى حالة العود مع مصادرة الأشياء موضوع الجريمة فى جميع الأحوال. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم وأن واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ذلك أنها وهى تفصل فى الدعوى لا تتقيد بالواقعة فى نطاقها الضيق المرسوم فى وصف التهمة المحالة عليها بل إنها مطالبة بالنظر فى الواقعة الجنائية التى رفعت بها الدعوى على حقيقتها كما تبينتها من الأوراق ومن التحقيق الذى تجريه فى الجلسة وكل ما تلتزم به هو ألا تعاقب المتهم عن واقعة غير التى وردت بأمر الاحالة أو طلب التكليف بالحضور، ولما كان الحكم المطعون قد أعمل فى حق الطاعن أحكام القرار الوزارى رقم 504 لسنة 1945 الذى لا ينطبق على الواقعة دون أن ينظر فى مدى انطباق أحكام القرار الوزارى رقم 70 لسنة 1967 على الواقعة المادية ذاتها وهى أن الطاعن بصفته صاحب مصنع تصرف فى سلعة صرفت له من إحدى شركات القطاع العام بغير الكيفية أو لغير الغرض المنصرفة من أجله وينزل عليها حكم القانون الصحيح، وكانت العقوبة المقضى بها أشد من العقوبة المنصوص عليها فى القرار الوزارى الأخير. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه. وإذ كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن تمحيص الواقعه وبيان مدى انطباق القرار الوزارى رقم 70 لسنة 1967 عليها، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الاحالة دون حاجة للتعرض لباقى أوجه الطعن الواردة بتقرير الأسباب المقدم من المحكوم عليه.