مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشر - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1970) - صـ 197

(32)
جلسة 21 من فبراير 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف إبراهيم الشناوي ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن المستشارين.

القضية رقم 1322 لسنة 12 القضائية

( أ ) إدارة محلية. "اختصاص". حلول في السلطة.
إذا غاب المحافظ أو قام به مانع يحول دون مباشرته اختصاصاته أو شغر منصبه بسبب الوفاة أو الإحالة إلى المعاش حل محله في مباشرة اختصاصاته مدير الأمن في المحافظة فإذا قام هذا المانع أيضاً بمدير الأمن حل محله الحكمدار في مباشرة كافة اختصاصاته الأصلية منها وتلك المحالة إليه بحكم القانون. أساس ذلك.
(ب) إدارة محلية. موظف. تأديب "سلطات تأديبية"
رئيس المصلحة المركزي لا يختص بتوقيع العقوبات على موظفي فروع الوزارة بالمحافظة - أساس ذلك.
1 - إن المادة العاشرة من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر به القانون رقم 124 لسنة 1960 معدلة بالقانون رقم 151 لسنة 1961 تنص على أن "يحل مدير الأمن في المحافظة محل المحافظ عند غيابه". وتقضي المادة 32 من القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة الشرطة معدلاً بالقانون رقم 257 لسنة 1960 بأنه "وفي حالة غياب أحد مديري الأمن ينوب عنه الحكمدار على ألا تجاوز مدة الإنابة سنة." وهذان النصان وإن كان يضمهما تشريعان مختلفان إلا أنه يحتويهما نظام تشريعي واحد يهدف إلي تنظيم الإدارة في نطاق المحافظة وحسن سير العمل بها، ومن ثم يتعين اعتبارهما في مجال التفسير كلا لا يتجزأ يكمل أحدهما الآخر ويوضحه ويزيل غموضه، ومؤدي ربط النصين المذكورين بعضهما ببعض أنه إذا غاب المحافظ أو قام به مانع يحول دون مباشرته اختصاصاته أو شغر منصبه بسبب الوفاة أو الإحالة إلى المعاش حل محله في مباشرة اختصاصاته مدير الأمن في المحافظة، فإذا قام هذا المانع أيضاً بمدير الأمن حل محله الحكمدار في مباشرة كافة اختصاصاته, الأصلية منها وتلك المحالة إليه بحكم القانون. وفي هذا تحقيق لمبدأ سير المرافق العامة بانتظام واطراد وعدم تعطلها بسبب قيام مثل هذه الموانع التي تعتبر من حالات الضرورة والتي يسوغ معها طبقاً للأصول العامة وبغير نص أن ينحدر مباشرة اختصاص الأصيل فيها إلى من يليه.
2 - إن المادة السادسة من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 151 لسنة 1961 قد خولت المحافظ في دائرة اختصاصه السلطة في توقيع الجزاءات التأديبية على جميع موظفي فروع الوزارات التي نقلت اختصاصاتها إلى المجالس المحلية وتلك التي لم ينقل القانون اختصاصاتها، في حدود اختصاص الوزير.... وكانت المادة 22 من اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية الصادر بها القرار الجمهوري رقم 1513 لسنة 1960 قد نصت على أن يكون ممثل الوزارة في مجلس المحافظة (ومن بينهم ممثل وزارة الخزانة) رئيساً للجهاز الذي يتولي أعمال المرفق الذي تقوم عليه وزارته ويكون له في ذلك سلطات رئيس المصلحة تحت إشراف المحافظ. لما كان الأمر كذلك وكان القرار المطعون فيه قد صدر من السيد/ مدير عام مصلحة الأموال المقررة دون المحافظ أو ممثل وزارة الخزانة في المحافظة فإنه يكون قد صدر من غير مختص. ويؤيد هذا النظر ما نصت عليه المادة 93 من القانون المشار إليه من تخويل الوزير ذي الشأن، إذ أسفر التفتيش عن وقوع خطأ أو إهمال جسيم في أعمال المجلس المتعلقة بمرفق معين، سلطة معاقبة موظف الملف المتسبب في هذا الخطأ أو الإهمال، ذلك أن تقرير هذه السلطة في التشريع لا يكون تطبيقاً لأصل، وإنما يرد استثناء من هذا الأصل، وهو عدم مكنة الوزير معاقبة هؤلاء الموظفين إلا في الحالة سالفة البيان. ولا يسوغ القول باختصاص رئيس المصلحة المركزي بتوقيع العقوبات على موظفي فروع الوزارة بالمحافظة لما يؤدي إليه هذا القول من ازدواج في الاختصاص تأباه طبائع الأشياء ومقتضيات التنظيم الإداري للمصالح العامة. كما أنه إذا كان رئيس المصلحة المحلي يحجب بسلطته في التأديب. سلطة رئيس المصلحة المركزي في نطاق المحافظة فأولى أن تحجب السلطة التأديبية للمحافظ - وهي سلطة الوزير - اختصاص رئيس المصلحة المركزي في هذا الشأن، وأنه إذ أناط التشريع بموظف ما اختصاصاً معيناً بنص صريح فلا يجوز لغيره أن يتصدى لهذا الاختصاص أو أن يحل فيه محل صاحبه إلا بناء على حكم القانون (أصالة أو تفويضاً)، وليس في القانون ما يجيز لرئيس المصلحة المركزي أية سلطة في تأديب العاملين في نطاق المحافظة.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن السيد/ أحمد فؤاد الغريب أقام الدعوى رقم 206 لسنة 18 القضائية ضد السيدين/ وزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الأموال المقررة ومحافظ الغربية بصفته، بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 12 من ديسمبر سنة 1963 طلب فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الإداري الصادر من محافظة الغربية في 14 من يوليه سنة 1963 بمجازاته بخصم خمسة أيام من مرتبه وما يترتب على ذلك من آثار، وبإلغاء القرار الإداري الصادر من مدير عام مصلحة الأموال المقررة في 27 من يوليه سنة 1963 بخصم ثلاثة أيام من مرتبه وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام المدعي عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقدم المدعي شرحاً لدعواه أنه تقدم إلى محافظة الغربية متظلماً من القرار الأول في 4 من أغسطس سنة 1963 ولما لم تستجب له أقام دعواه ناعياً على هذا القرار، أنه لم يصدر عن محافظ الغربية وإنما أصدره السيد/ حكمدار الغربية وهو غير مختص قانوناً، ذلك أن مديري أمن مديريات الأمن هم الذين يحلون طبقاً لحكم المادة العاشرة من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 محل المحافظين في حالة غيابهم دون حكمداري هذه المديريات، وخلص إلى أن القرار يعتبر بهذه المثابة معدوماً. وأضاف المدعي أن القرار بني على أنه وهو معاون مالية كفر الزيات تدخل في عمل زميله السيد/ توفيق الحسيني قنديل معاون المالية ومحاولته التفتيش على دار سينما كفر الزيات في غير وقت اختصاصه والتعدي عليه بألفاظ نابية على مشهد من الجماهير في محل عام، وأنه عرض برؤسائه وأثبت أقوالاً غير صحيحة بمحاضر وتقارير وإشارات رسمية نسبها إليهم. وأنكر المدعي ما نسب إليه من اعتداء على زميله المذكور واتهم السيد/ محمد شبانه ملاحظ ضريبة الملاهي لسينما كفر الزيات باختلاق هذه الواقعة بسبب ما نسبه إليه من إهمال في أداء أعماله وأن باقي الشهود من أصدقاء هذا الملاحظ ولم يبتغوا بشهادتهم وجه الحق ولكن مجاملة صديقهم، وأشار المدعي إلى أن السيد/ توفيق الحسيني قنديل نفى واقعة الاعتداء عليه. وأردف المدعي أنه لم يعرض برؤسائه ولم يستهدف ذلك إطلاقاً بل عمد إلى المكاتبات الصريحة بغية الإسراع إلى اتخاذ حل برفع الحرج والخطر بسبب ترك الملاهي دون ملاحظة. وبالنسبة لقرار الجزاء الثاني الذي أصدره السيد/ مدير عام مصلحة الأموال المقررة فقد أشار المدعي إلى أنه تظلم منه في 17 من أغسطس سنة 1963 ثم أقام دعواه الماثلة ناعياً عليه صدوره من غير مختص طبقاً لأحكام قانون الإدارة المحلية.
وبجلسة الأول من شهر يونيه سنة 1966 "حكمت المحكمة بإلغاء القرارين الطعون فيهما وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات"، وأقامت قضائها على أن قانون الإدارة المحلية لم يتضمن نصاً يخول إنابة وكيل الحكمدار في مباشرة اختصاص المحافظ في حالة غيابه ومن ثم فلا يكون لوكيل الحكمدار سلطة توقيع عقوبتي الإنذار والخصم على موظفي الجهاز المالي بالمحافظة طالما أنه لم يصدر قرار بندبه أو تفويضه، ومن ثم يكون القرار الذي أصدره السيد/ وكيل الحكمدار في 14 من يوليه سنة 1963 بمجازاة المدعي بخصم خمسة أيام من مرتبه باطلاً لصدوره من غير مختص. واستندت المحكمة في قضائها بالنسبة للقرار الثاني إلى أن قانون الإدارة المحلية خول المدير المالي سلطة رئيس المصلحة بالنسبة لموظفي القسم المالي بالمحافظة، وبهذه المثابة يكون هو صاحب الاختصاص في توقيع عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب المنصوص عليها في المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 دون مدير عام مصلحة الأموال المقررة التي يتبعها القسم المالي في المحافظة، ومن ثم فإن قراره الصادر في 25 من يوليه سنة 1963 بمجازاة المدعي بخصم ثلاثة أيام من مرتبه باطل لصدوره من غير مختص.
ومن حيث إن الطعن يقوم على سببين، أولهما: أن الحكم المطعون فيه أخطأ فيما ذهب إليه من أن المحافظ بالنيابة وهو حكمدار الغربية حينذاك لا يملك تأديب موظفي المحافظة أثناء غياب المحافظ ومدير الأمن، ذلك أن الذي ينوب عن المحافظ طبقاً لقانون الإدارة المحلية هو مدير الأمن فإذا غاب مدير الأمن ناب عنه حكمدار المحافظة. ولما كان حكمدار المحافظة في وقت إصداره قرار مجازاة المطعون ضده في 14 من يوليه سنة 1963 هو المحافظ بالنيابة نظراً لوفاة المحافظ وإحالة مدير الأمن إلى المعاش في أول أبريل سنة 1963 وظلت وظيفة مدير الأمن شاغرة إلى أول سبتمبر سنة 1963 فإن قراره المطعون فيه يكون قد صدر من مختص. ويقوم السبب الثاني للطعن، على أن الحكم أخطأ فيما ذهب إليه من أن مدير عام مصلحة الأموال المقررة لا يملك أن يؤدب موظفي المصلحة الذين يعملون في المحافظات، ذلك أن قانون الإدارة المحلية لم يتضمن إلغاء سلطة الوزير أو رئيس المصلحة في هذا الشأن وإنما أضاف إليها سلطة المحافظة ومن ثم يكون الحكم قد خالف حكم القانون حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن المادة العاشرة من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر به القانون رقم 124 لسنة 1960 معدلة بالقانون رقم 151 لسنة 1961 تنص على أن "يحل مدير الأمن في المحافظة محل المحافظ عند غيابه". وتقضي المادة 32 من القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة الشرطة معدلاً بالقانون رقم 257 لسنة 1960 بأنه "وفي حالة غياب أحد مديري الأمن ينوب عنه الحكمدار على ألا تجاوز مدة الإنابة سنة." وهذان النصان وإن كان يضمهما تشريعان مختلفان إلا أنه يحتويهما نظام تشريعي واحد يهدف إلى تنظيم الإدارة في نطاق المحافظة وحسن سير العمل بها، ومن ثم يتعين اعتبارهما في مجال التفسير كلا لا يتجزأ يكمل أحدهما الآخر ويوضحه ويزيل غموضه، ومؤدي ربط النصين المذكورين بعضهما ببعض أنه إذا غاب المحافظ أو قام به مانع يحول دون مباشرته اختصاصاته أو شغر منصبه بسبب الوفاة أو الإحالة إلى المعاش حل محله في مباشرة اختصاصاته مدير الأمن في المحافظة، فإذا قام هذا المانع أيضاً بمدير الأمن حل محله الحكمدار في مباشرة كافة اختصاصاته, الأصلية منها وتلك المحالة إليه بحكم القانون. وفي هذا تحقيق لمبدأ سير المرافق العامة بانتظام واطراد وعدم تعطلها بسبب قيام مثل هذه الموانع التي تعتبر من حالات الضرورة والتي يسوغ معها طبقاً للأصول العامة وبغير نص أن ينحدر مباشرة اختصاص الأصيل فيها إلى من يليه.
ومن حيث أنه بالبناء على ذلك يكون القرار المطعون فيه الذي أصدره حكمدار الغربية في 14 من يوليه سنة 1963 باعتباره محافظاً بالنيابة بسبب وفاة المحافظ وإحالة مدير الأمن إلى المعاش في أول أبريل سنة 1963، صادراً من مختص قانوناً بما لا وجه للنعي عليه، وإذا ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف حكم القانون جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن القرار المشار إليه قد نسب إلى المدعي - وكان يشغل وظيفة معاون مالية مركز كفر الزيات ومفتش ضريبة الملاهي بها - أنه تداخل في عمل زميله السيد/ توفيق الحسيني قنديل معاون مالية مركز كفر الزيات ومحاولته التفتيش على دار سينما كفر الزيات في غير وقت اختصاصه، - والتعدي على زميله المذكور بألفاظ نابية على مشهد من الجماهير بمحل عام، ومحاولته التعريض برؤسائه وإثبات أقوال غير صحيحة بمحاضر وتقارير واستمارات رسمية نسبها إليهم، وانتهي القرار إلى مجازاته بخصم خمسة أيام من مرتبه. وقد قام هذا القرار على ما يبين من التحقيقات على أسباب صحيحة استخلصت استخلاصاً سائغاً من أصول ووقائع ننتجها مادياً وقانوناً. فالثابت من أقوال السيد/ محمد إبراهيم شبانه ملاحظ الضريبة بكفر الزيات أن السيد/ توفيق الحسيني قنديل معاون المالية كان يقوم بالتفتيش على عمله في سينما كفر الزيات وحاول المدعي أخذ الدفاتر منه للاطلاع عليها فمنعه السيد/ توفيق الحسيني باعتبار أنه هو المفتش المختص وليس للمدعي ثمة اختصاص في التفتيش وقتئذ، وثارت بسبب ذلك مشادة عنيفة بين الاثنين تبادلاً فيها ألفاظاً بذيئة نابية على مسمع ومشهد من جمهور السينما وحاول السيد/ توفيق الحسيني إخراج مسدسه من جيبه فمنعه صاحب السينما وأخرجه منها. وأضاف هذا الشاهد أنه كان قد سبق أن قامت مشادة أخري بين السيدين المذكورين في أبريل سنة 1963 تبادلاً فيها السباب على وجه غير لائق أمام جمهور السينما وشهد بصحة هذه الوقائع كل من السادة محمد عبد العزيز السيد المحصل بمجلس مدينة كفر الزيات ومحمد محمد أبو عرب المدرس بالمدارس الإعدادية وعبد السلام السيد عبد الله مستغل السينما وعبد الحميد إبراهيم سكرتير مدرسة كفر الزيات الإعدادية. ويخلص من ذلك أن الاتهام في هذا الشق منه قد قام على أسباب تبرره وتسانده، ولا ينال منها ما أثاره المدعي من أن ثمة خلافاً بينه وبين السيد/ محمد إبراهيم شبانة، حيث أيد باقي الشهود أقواله ولم يقم دليل من الأوراق يبرر الادعاء بأنهم شهدوا بغير الحق. كما لا ينال من ذلك إنكار السيد/ توفيق الحسيني قنديل للوقائع التي أدلى بها الشهود لأنه كان في موفق الاتهام وكان من مصلحته إنكار هذه الوقائع، وبالرغم من ذلك فلم يفلح في درء المسئولية عنه ونال جزاءه بخصم يوم من مرتبه, وبالنسبة للواقعة الأخيرة وهي الخاصة بمحاولة المدعي التعريض برؤسائه واتهامه مدير القسم المالي والمسئولين بالقسم المذكور بتحريض السادة عبد الحكيم زكي ومحمود الخضيري والسيد أحمد الطنبولى الصرافين على عدم العمل بملاحظة الملاهي وتركها, فقد كذب هؤلاء الصرافون هذا الادعاء واتهموا المدعي بافتراء هذه الوقائع واختلاقها, وأضاف السيد/ عبد الحكيم مهنا أن المدعي كان يسعى بالوقيعة بينه وبين زميله الطنبولى. وبذلك يكون المدعي قد أخل بواجبات وظيفته، بما تقتضيه، من احترام اختصاص زملائه وعدم إقحام نفسه عليهم دون سند من نظام أو قانون, ومن احترام زملائه وعدم الاعتداء عليهم والظهور بالمظهر اللائق والسلوك القويم أمام الجمهور خاصة أثناء تأدية العمل بما يتناسب مع شرف الوظيفة العامة والقائمين عليها، كما أخل بواجبات وظيفته بما تقتضيه من توقير الرؤساء وعدم التعريض بهم دون وجه حق. وحاصل ذلك أن الاتهام بكامل أشطاره قد قام على أسباب صحيحة مستمدة من الأوراق تبرر النتيجة التي انتهي إليها حقاً وعدلاً بما لا مجال للنعي عليه.
ومن حيث إنه بالنسبة للقرار الثاني الذي أصدره السيد/ مدير عام مصلحة الأموال المقررة بمجازاة المدعي بخصم ثلاثة أيام من مرتبه، فالثابت أن المدعي كان يشغل عند وقوع المخالفات المنسوبة إليه في هذا القرار وظيفة معاون مالية بمحافظة الغربية، ولما كانت المادة السادسة من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 151 لسنة 1961 قد خولت المحافظ في دائرة اختصاصه السلطة في توقيع الجزاءات التأديبية على جميع موظفي فروع الوزارات التي نقلت اختصاصاتها إلى المجالس المحلية وتلك التي لم ينقل القانون اختصاصاتها، في حدود اختصاص الوزير.... وكانت المادة 22 من اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية الصادر بها القرار الجمهوري رقم 1513 لسنة 1960 قد نصت على أن يكون ممثل الوزارة في مجلس المحافظة (ومن بينهم ممثل وزارة الخزانة) رئيساً للجهاز الذي يتولى أعمال المرفق الذي تقوم عليه وزارته ويكون له في ذلك سلطات رئيس المصلحة تحت إشراف المحافظة. لما كان الأمر كذلك وكان القرار المطعون فيه قد صدر من السيد/ مدير عام مصلحة الأموال المقررة دون المحافظ أو ممثل وزارة الخزانة في المحافظة فإنه يكون قد صدر من غير مختص. ويؤيد هذا النظر ما نصت عليه المادة 93 من القانون المشار إليه من تخويل الوزير ذي الشأن، إذ أسفر التفتيش عن وقوع خطأ أو إهمال جسيم في أعمال المجلس المتعلقة بمرفق معين، سلطة معاقبة موظف المرفق المتسبب في هذا الخطأ أو الإهمال، ذلك أن تقرير هذه السلطة في التشريع لا يكون تطبيقاً لأصل، وإنما يرد استثناء من هذا الأصل، وهو عدم مكنة الوزير معاقبة هؤلاء الموظفين إلا في الحالة سالفة البيان. ولا يسوغ القول باختصاص رئيس المصلحة المركزي بتوقيع العقوبات على موظفي فروع الوزارة بالمحافظة لما يؤدي إليه هذا القول من ازدواج في الاختصاص تأباه طبائع الأشياء ومقتضيات التنظيم الإداري للمصالح العامة. كما أنه إذا كان رئيس المصلحة المحلي يحجب بسلطته في التأديب, سلطة رئيس المصلحة المركزي في نطاق المحافظة فأولى أن تحجب السلطة التأديبية للمحافظ - وهي سلطة الوزير - اختصاص رئيس المصلحة المركزي في هذا الشأن، وأنه إذا أناط التشريع بموظف ما اختصاصاً معيناً بنص صريح فلا يجوز لغيره أن يتصدى لهذا الاختصاص أو أن يحل فيه محل صاحبه إلا بناء على حكم القانون (أصالة أو تفويضاً)، وليس في القانون ما يجيز لرئيس المصلحة المركزي أية سلطة في تأديب العاملين في نطاق المحافظة. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر وقضى بإلغاء القرار المشار إليه لصدوره من غير مختص فإنه يكون قد أصاب الحق بما لا مطعن عليه.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم يتعين القضاء بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء قرار السيد/ محافظ الغربية بالنيابة بمجازاة المدعي بخصم خمسة أيام من مرتبه وبرفض دعوى المدعي في هذا الشق منها، وبرفض الطعن بالنسبة للقرار الثاني الذي أصدره السيد/ مدير عام مصلحة الأموال المقررة بمجازاة المدعي بخصم ثلاثة أيام من مرتبه, مع إلزام المدعي ووزارة الخزانة بالمصروفات مناصفة.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من إلغاء قرار محافظة الغربية بالنيابة المطعون فيه وبرفض دعوى المدعي في هذا الشق منها، وبرفض الطعن فيما عدا ذلك، وألزمت كلاً من المدعي ووزارة الخزانة بنصف المصروفات.