مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشر - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1970) - صـ 217

(36)
جلسة 8 من مارس سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد مختار العزبى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد طاهر عبد الحميد وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر وأحمد علي حسن العتيق المستشارين.

القضية رقم 284 لسنة 13 القضائية

موظف. "تعيين" - تجنيد "شهادة الأخلاق. التقارير السرية". أولوية المجند. شهادات الأخلاق والتقارير السرية المنصوص عليها في المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 تعتبر من مسوغات التعيين أو المستندات الواجب تقديمها مع طلبات التعيين - وجوب تقديمها في الميعاد المعين لتقديم الطلبات - أثر عدم تقديمها في الميعاد.
لما كانت شهادات الأخلاق والتقارير السرية المنصوص عليها في المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 سالفة الذكر تعتبر - بحكم طبائع الأشياء - من مسوغات التعيين أو من المستندات الواجب تقديمها مع طلبات التعيين فقد لزم أن تقدم بالتطبيق لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 ولائحته التنفيذية في الميعاد الذي يعينه ديوان الموظفين لتقديم الطلبات، ومن ثم ينبني على عدم تقديمها في هذا الميعاد الإخلال بشرط التمتع بالأولوية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المدعي أقام الدعوى رقم 602 لسنة 17 القضائية ضد السيدين/ وزير الخزانة ومدير عام مصلحة الضرائب بصفتهما بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 27 من يناير سنة 1963 طلب فيها الحكم "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تعديل الأمر الإداري رقم 1 لسنة 1962 والمتضمن اعتبار أقدمية الطالب في الدرجة السادسة الفنية من 5 من سبتمبر سنة 1956 تاريخ تعيين من يليه في ترتيب مسابقة ديوان الموظفين إلى تاريخ تعيين السيد/ عطا عبد السلام عطا في 4 من سبتمبر سنة 1956 مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية في المرتب والأجر الإضافي وبدل الانتقال الثابت وتسوية حالته على هذا الأساس مع إلزام المطعون عليهما بالمصاريف وأتعاب المحاماة" وتوجز أسانيد دعواه في أنه حصل على ليسانس الحقوق سنة 1955 ثم تقدم إلى المسابقة التي أجراها ديوان الموظفين برقم 8 لسنة 1956 للتعيين في وظيفة من الدرجة السادسة الفينة واجتاز الامتحان وكان ترتيبه الثامن ورشح للتعيين بمصلحة الضرائب وبعد اتخاذ الإجراءات عين بالدرجة السادسة الفينة اعتباراً من 24 من أكتوبر سنة 1956 ثم أرجعت أقدميته في هذا الدرجة بناء على تظلم قدم منه إلى 5 من سبتمبر سنة 1956 وهو تاريخ تعيين التاسع الذي يليه في الترتيب وأنه تقدم بعد ذلك بتظلم أبدى فيه طلبين: أولهما تعديل الأمر الإداري رقم 1 لسنة 1960, بحيث تكون أقدميته في الدرجة السادسة العالية من تاريخ تعيين الأول في الترتيب في مسابقة ديوان الموظفين رقم 8 لسنة 1956 وهو السيد/ عطا عبد السلام عطا إسماعيل الحاصل على أولوية التجنيد حيث أن مجموع الدرجات التي حصل عليها المدعي أكبر من مجموع درجات المذكور وأن من حقه الإفادة من قانون التجنيد أسوة به على أن يسبقه في الأقدمية وثانيهما إلغاء قرار الترقية الصادر من مصلحة الضرائب في 20 من يوليه سنة 1961 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة الفنية العالية اعتباراً من هذا التاريخ. وقد استجابت المصلحة إلى طلبه الثاني أمام الطلب الأول فقد رفضت الاستجابة إليه، واستندت في ذلك إلى أنه لم يتقدم بالتقرير السري في الموعد المحدد عن طريق وحدته وهي - في نظره - حجة داحضة ذلك أنه لا يجوز التمسك بشكليات قصد بها مجرد التنظيم حيث لم يضع القانون جزاء على مخالفتها وأنه لا يجوز تفويت حقه بناء على مجرد إعلان من الديوان لا يرقي إلى مرتبة القانون فيعدله أو يحد من أثره - وأجابت الجهة الإدارية عن الدعوى بمذكرة تضمنت أن كل مسابقة يعلن عنها الديوان تنص على أنه يشترط للتمتع بالأولوية المنصوص عليها بالمادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 أن يتقدم المجندون عن طريق وحداتهم بتقارير سرية مرضية أما من أتموا الخدمة الإلزامية فيتعين عليهم التقدم بشهادة أخلاق بدرجة جيد جداً على الأقل على أن تقدم هذه التقارير أو الشهادات قبل انتهاء ميعاد قبول الطلبات ومرد ذلك أنه يترتب على تقديم الشهادات أو التقارير السري المذكورة تعديل في قوائم الناجحين التي تعد ويرسلها ديوان الموظفين إلى الوزارة أو الهيئة المختصة بالتعيين لتتولي تعيينهم بحسب ترتبيهم الوارد في هذه القوائم وفق ما تقضي به المادة السابعة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 وأنه من ثم كان من اللازم تقديم الشهادات والتقارير السرية المشار إليها قبل إعداد هذه القوائم، ونظراً لأن المدعي لم يتقدم إلى الديوان عن طريق وحدته بالتقرير السري المشار إليه ليتمتع بالأولوية في الميعاد المحدد بالإعلان الخاص بالمسابقة فيكون بذلك قد فقد شرط التمتع بالأولوية المذكورة, أما السيد/ عطا عبد السلام فقد أتم الخدمة الإلزامية وقدم شهادة بتأدية الخدمة بدرجة أخلاق قدوة حسنة في المواعيد المحددة بالإعلان ومن ثم استحق التمتع بهذه الأولوية. وبجلسة 28 من نوفمبر سنة 1966 قضت محكمة القضاء الإداري: "بتعديل أقدمية المدعي في الدرجة السادسة الفنية العالية بجعلها من 4 من سبتمبر سنة 1956، واعتباره سابقاً في ترتيب الأقدميه على السيد/ عطا عبد السلام عطا وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات" وأقامت قضاءها على أن المستفاد من نص المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 أنه يحوز للمجند التقدم بطلب تعيين في الوظائف في وزارات الحكومة ومصالحها وتكون له الأولوية في التعيين على زملائه الناجحين معه في نفس مرتبة النجاح وإذا تعدد المرشحون الناجحون في امتحان المسابقة من المجندين أو ممن أتموا الخدمة يكون التعيين من بينهم على أساس درجة الأسبقية في الامتحان أو في مرتبة النجاح المطلوبة، ولم يحدد المشرع ميعاداً معيناً لتقديم شهادة أخلاق بدرجة جيد جداً على الأقل أو تقارير سرية مرضية التي نص عليها القانون, ولذلك فلا يجوز لديوان الموظفين أن يضع شروطاً أو قيوداً في شأن تقديم هذه الشهادات أو التقارير لم ينص عليها القانون وأنه لما كان الثابت أن السيد/ عطا عبد السلام عطا الناجح مع المدعي في مسابقة ديوان الموظفين رقم 8 لسنة 1956 قد حصل على 236 درجة بينما كان مجموع درجات المدعي 291 درجة وقد تمتع الأول بأولوية التعيين فعين في الدرجة السادسة اعتباراً من 4 من سبتمبر سنة 1956 بينما عين المدعي في هذه الدرجة اعتباراً من 5 من سبتمبر سنة 1956 فمن ثم يتعين تعديل أقدمية المدعي بجعلها من 4 من سبتمبر سنة 1956 واعتباره سابقاً في ترتيب الأقدمية على السيد/ عطا عبد السلام.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أنه ولئن كانت المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1959 لم تنص على ميعاد لتقديم شهادة الأخلاق والتقارير السرية فإن تحديد هذا الميعاد من اختصاص ديوان الموظفين طبقاً للمادة 14 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة 2 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور، وقد أخطأ الحكم إذ قرر أن اشتراط الديوان تقديم هذه الشهادات أو التقارير قبل انتهاء ميعاد تقديم الطلبات تعتبر تقرير شروط وقيود مخالفة للقانون، ذلك أن ديوان الموظفين لم يقيد حق المجند أو من أتم الخدمة الإلزامية في أولوية التعيين وإنما نظم استعمال هذا الحق طبقاً للسلطة المخولة له بمقتضى المادة 2 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 210 لسنة 1951.
ومن حيث إن المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية تنص على أنه "يجوز للمجند أن يتقدم للتوظف في وزارات الحكومة ومصالحها والهيئات الاعتبارية العامة ويكون وجوده في التجنيد بعد التعيين في الوظيفة في حكم الإعارة ويكون للمجند ولمن أتم خدمته الإلزامية الأولوية في التعيين على زملائه المرشحين معه في نفس مرتبة النجاح, وإذا كان التعيين في الوظيفة بامتحانات مسابقة فيكون له الأولوية في التعيين على زملائه الناجحين معه في ذلك الامتحان وإذا تعدد المرشحون الناجحون في امتحان المسابقة من المجندين أو من أتموا الخدمة يكون التعيين من بينهم بحسب درجة الأسبقية في الامتحان أو في مرتبة النجاح المطلوبة ويشترط للتمتع بالأولوية المنصوص عليها في هذه الفقرة الحصول على شهادة أخلاق بدرجة جيد جداً على الأقل أو تقارير سرية مرضية......" وتنص المادة 14 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي يحكم واقعة النزاع على أن "تبين في اللائحة التنفيذية طريقة الإعلان عن الوظائف الخالية وتقديم الطلبات من المرشحين كما تبين في هذه اللائحة أحكام الامتحان المقرر لشغل الوظيفة" وتنص المادة الثانية من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور على أن "يتولي ديوان الموظفين الإعلان عن الوظائف الخالية المطلوب التعيين فيها وذلك في نشرة الديوان الرسمية وفي صحيفة أو أكثر من الصحف اليومية المقررة لنشر الإعلانات الحكومية وكذلك بالتعليق في لوحة تعد لذلك في الوزارة أو المصلحة المختصة. ويجب أن يتضمن الإعلان المذكور بياناً عن ميعاد تقديم الطلبات وعن فئة الوظائف المعلن عنها ونوعها ودرجتها ومسوغات التعيين فيها والمستندات الواجب تقديمها وغير ذلك من الشروط التي يستلزمها القانون" وتنص المادة السابعة من تلك اللائحة على أن "يرتب الناجحون في كل امتحان في قوائم بحسب درجة الأسبقية فيه وإذا تساوى اثنان أو أكثر في الترتيب قدم صاحب المؤهل الأعلى فالأقدم في التخرج فلأكبر سناً. ويرسل الديوان إلى الوزارة أو الهيئة المختصة بالتعيين صورة من قوائم الناجحين مع ترشيح العدد الكافي منهم لتتولى تعيينهم بحسب ترتيبهم الوارد في هذه القوائم".
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 خولت المجند أولوية في التعيين على زملائه الناجحين معه وأنه إذا تعدد المرشحون الناجحون في امتحان المسابقة من المجندين أو من أتموا الخدمة فيكون التعيين من بينهم بحسب درجة الأسبقية في الامتحان أو في مرتبة النجاح المطلوبة بشرط الحصول على شهادة أخلاق بدرجة جيد جداً على الأقل أو تقارير سرية مرضية، وأنه وإن لم تكن هذه المادة قد عينت ميعاداً لتقديم هذه الشهادات أو التقارير بيد أن أحكام اللائحة التنفيذية للقانون رقم 210 لسنة 1951 قد استلزمت تعيين ميعاد لتقديم مسوغات التعيين والمستندات الواجب تقديمها مع طلبات التعيين وخولت ديوان الموظفين سلطة تعيين هذا الميعاد وقد أحال القانون رقم 210 لسنة 1951 في المادة 14 منه إلى اللائحة التنفيذية في شأن هذا التنظيم كما سلف البيان ولما كانت شهادات الأخلاق والتقارير السرية المنصوص عليها في المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 سالفة الذكر تعتبر - بحكم طبائع الأشياء - من مسوغات التعيين أو من المستندات الواجب تقديمها مع طلبات التعيين فقد لزم أن تقدم بالتطبيق لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 ولائحته التنفيذية في الميعاد الذي يعينه ديوان الموظفين لتقديم الطلبات، ومن ثم ينبني على عدم تقديمها في هذا الميعاد الإخلال بشرط التمتع بالأولوية. ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن ديوان الموظفين قد عين عند الإعلان عن الوظائف التي أعلن عن شغلها بموجب امتحان المسابقة الذي اجتازه المدعي بنجاح ميعاداً لتقديم الشهادات أو التقارير المنصوص عليها في المادة 59 آنفة الذكر ولم يقدم المدعي التقرير السري الخاص به في هذا الميعاد فإنه يكون قد أخل بشرط التمتع بالأولوية المنصوص عليها في المادة 59 المشار إلها وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه ويتعين والحالة هذه القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.