مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1965) - صـ 1579

(143)
جلسة 6من يونيه سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الفتاح نصار وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 363 لسنة 7 القضائية

( أ ) دعوى الإلغاء - تسوية - موظف - ترقية - تخطي الموظف في الترقية بذريعة من نص المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تحظر ترقية الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية أو الموقوف عن العمل - تقيد الطعن في هذا التخطي بميعاد الستين يوماً - ليس في عبارة المادة المذكورة ما يوحي من قريب أو بعيد بأن الأمر مجرد تسويه.
(ب) موظف - ترقية - محاكمة تأديبية - حظر ترقية الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية أو الموقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف - أعمال هذا الحظر حتى يفصل في موضوع الاتهام الموجه إليه - صدور قرار من الهيئة التأديبية في مسألة فرعية متعلقة باختصاصها دون البت في ذات التهم من حيث الإدانة أو عدمها لا يكفى لرفع الحظر.
1- يبين من الرجوع إلى نص المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أنها قضت بأنه لا يجوز ترقية موظف محال إلى المحاكمة التأديبية أو موقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف.
ومفاد ذلك أنه متى صدرت حركة ترقيات وتخطى فيها أحد الموظفين بمقولة أن هذه المادة تمنع من ترقيته في تاريخ إجرائها، إن خطأً، أو صواباً، فإن توصل الموظف إلى حمل الإدارة على إنالته الترقية المدعي بها لا يتأتى إلا عن طريق الطعن بالإلغاء في ذلك القرار واتخاذ الإجراءات القانونية المقررة لذلك في مواعيدها ولا توحي عبارة المادة المذكورة من قريب أو بعيد بأن الأمر تسوية.
2- لما كانت المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 صريحة في نصها على أنه لا يجوز ترقية الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية أو الموقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف، فقد كان من المتفق مع القانون ألا ينظر في أمر ترقية المطعون ضده عند إجراء الترقية المطعون فيها إلى الدرجة السابعة الكتابية اعتباراً من 30/ 11/ 1954 لأنها أجريت أثناء وقف المطعون ضده عن العمل، ومن ثم كان سليماً أن تطالب وزارة الخزانة بطعنها المقدم لهذه المحكمة بتاريخ 8/ 12/ 1960 رفض دعوى المدعي ذلك أن المطعون ضده كان آنذاك محالاً إلى المحاكمة التأديبية مما كان يحول دون ترقيته حتى يفصل في موضوع الاتهام الموجة إليه ولا يكفي في ذلك قرار يصدر من الهيئة التأديبية في مسألة فرعية متعلقة باختصاصها دون البت في ذات التهم من حيث الإدانة أو عدمها وهو المناط الواجب تحقيقه عند تطبيق المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951.


إجراءات الطعن

بتاريخ 8/ 12/ 1960 أودع الأستاذ عزيز أنيس المحامي بإدارة قضايا الحكومة نائباً عن السيد وزير الخزانة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 363 لسنة 7 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة بتاريخ 9/ 10/ 1960 في الدعوى رقم 408 لسنة 6 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد محمد طاهر ضد وزارة الخزانة والقاضي برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفى الموضوع بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة السابعة الكتابية إلى 30/ 11/ 1954 وإلغاء القرار الصادر في 21/ 7/ 1958 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الوزارة المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطاعن قبوله شكلاً وفى الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً أو رفضها موضوعاً مع إلزام المطعون ضده في الحالتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وبعد استيفاء الطعن للإجراءات المقررة قانوناً وإحالته إلى هذه المحكمة ونظره على الوجه الموضح بمحاضر الجلسات عينت لإصدار الحكم جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن المدعي أقام أمام المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة الدعوى رقم 408 لسنة 6 القضائية طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر بالترقية من الدرجة الثامنة الكتابية إلى الدرجة السابعة الكتابية اعتباراً من 30/ 11/ 1954 فيما تضمنه من تخطية في الترقية وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه أنه حصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية القسم الخاص وفى أبريل سنة 1949 التحق بوظيفة كاتب بمراقبة الخزانة العامة بالدرجة الثامنة وبتاريخ 30/ 11/ 1954 أصدرت وزارة الخزانة قرارً بالترقية إلى الدرجة السابعة الكتابية بالأقدمية المطلقة اعتباراً من هذا التاريخ وقد رقى بهذا القرار زملاء له أحدث منه وقد رأت الوزارة عدم ترقيته لأنه كان في ذلك الوقت موقوفاً عن العمل لما نسب إليه من اتهامات ثبتت براءته منها بحكم صدر من محكمة الجنايات، وفى أبريل 1956 أعيد إلى عمله واعتباراً من أبريل 1955 رقى إلى الدرجة السابعة الشخصية وذلك بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 وأضاف أن الوزارة قد أصدرت بتاريخ 31/ 7/ 1958 قراراً بالترقية إلى الدرجة السادسة اعتباراً من هذا التاريخ بالأقدمية المطلقة وقد شمل هذا القرار ترقية زملاء له أحدث منه في تاريخ حصولهم على الدرجة الثامنة ولكنهم أقدم منه في تاريخ حصولهم على الدرجة السابعة حيث رقوا إلى هذه الدرجة بالقرار الصادر في 30/ 11/ 1954 وهو الذي لم يرق بموجبه بسبب وقفه عن عمله وقال أن حقه قد تعلق بالطعن في القرارين الصادرين بالترقية إلى الدرجتين السابعة والسادسة ولذلك تظلم إدارياً ثم رفع دعواه.
ودفعت الوزارة الدعوى بأن المدعي أوقف عن العمل في 19/ 1/ 1952 بسبب وجود عجز في أوراق النقد بخزانة المالية وتحقيق النيابة في الحادث وصدر في 11/ 11/ 1955 قرار بإحالته إلى مجلس التأديب العادي بالوزارة لاتهامه بالاختلاس وبجلسة 30/ 11/ 1955 أصدرت محكمة الجنايات حكمها بالبراءة وبتاريخ أبريل سنة 1956 تقرر رفع الإيقاف عن المدعي وأعيد إلى العمل وبتاريخ 29/ 5/ 1956 أحيل المدعى إلى مجلس التأديب العادي بتهمة الإهمال الذي تسبب عنه الاختلاس وبتاريخ 3/ 7/ 1956 قرر مجلس التأديب عدم اختصاصه لأن المخالفة مالية ويختص بها مجلس التأديب للمخالفات المالية، وبتاريخ 14/ 8/ 1956 تقرر أن تتخذ الإجراءات نحو إحالة المدعي إلى مجلس التأديب المختص وأرسلت الأوراق إلى ديوان المحاسبة لرفع الدعوى وفى 27/ 4/ 1958 أفاد الديوان بأنه لم يرفع بعد الدعوى التأديبية.
وقالت الوزارة أن المدعي يطعن في حركة الترقيات الصادرة في 30/ 11/ 1954 فيما تضمنه من تخطية في الترقية إلى الدرجة السابعة ولما كان وقفه عن العمل قد رفع عنه في أبريل سنة 1956 فكان عليه أن يطعن في قرار الترقية في خلال ستين يوماً من تاريخه أي من أبريل 1956 تاريخ قرار رفع الإيقاف أو من 1/ 7/ 1956 تاريخ قرار مجلس التأديب بعدم اختصاصه بنظر دعوى الإهمال ولكنه لم يتظلم إلا في 10/ 8/ 1958 ولم يقدم طلب الإعفاء إلا في 29/ 11/ 1958 أي بعد الميعاد المقرر، لذلك تكون الدعوى غير مقبولة شكلاً أما بالنسبة إلى الموضوع فإنه لا يجوز ترقية المدعي إلى الدرجة السابعة أثناء وقفه عن العمل أي قبل أبريل 1956 وهو تاريخ رفع الإيقاف عنه طبقاً للمادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وفضلاً عن ذلك فإنه كان محالاً إلى مجلس التأديب العادي في مايو 1956 وقد رقى بتاريخ 31/ 10/ 1957 إلى الدرجة السابعة الشخصية اعتباراً من 10/ 4/ 1955 تطبيقاً لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953.
وبتاريخ 9/ 10/ 1960 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها المشار إليه واستندت في قضائها إلى أنه بالنسبة لطلب المدعي إرجاع أقدميته في الدرجة السابعة إلى 30/ 11/ 1954 بدلاً من 10/ 4/ 1955 فإن هذا الطلب ليس في حقيقته إلا طلب تسوية حالة تطبيقاً للمادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فالمدعي إنما يستمد حقه من نص القانون مباشرة عن طريق الطعن بطريق الإلغاء في قرار معين ولما كان طلب تسوية الحالة لا يخضع لقواعد التظلم الوجوبى ولا يشترط رفعه في ميعاد معين لذلك يكون الدفاع بعد قبوله قد قام على غير أساس من القانون. أما بالنسبة للطلب الثاني وهو طلب إلغاء القرار الصادر في 31/ 7/ 1958 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة فإنه قد تظلم منه في 10/ 8/ 1958 ولم يثبت أن الجهة الإدارية قد ردت عليه في خلال الستين يوماً التالية لتاريخ قيده بها، وبتاريخ 30/ 11/ 1958 تقدم المدعي يطلب إعفائه من الرسوم القضائية وصدر قرار الإعفاء منها في تاريخ 5/ 5/ 1959 وأقام هذه الدعوى في 9/ 6/ 1959 ومن ثم تكون الدعوى قد رفعت في المعاد القانوني مما يتعين معه الحكم برفض الدفاع بعد قبولها وبقبولها وبالنسبة إلى الموضوع نوهت المحكمة بأن تطبيق الفقرة الأخيرة من المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 منوط بعدم إدانة الموظف عن التهم التي قدم من أجلها للمحاكمة، سواء أكان ذلك بصدور حكم بالبراءة أو بعدول الجهة الإدارية عن السير في إجراءات محاكمته أو ببطلان قرار الإحالة أو صدور حكم بعدم اختصاص مجلس التأديب بمحاكمته وتقاعس الجهة الإدارية عن السير في إجراءات المحاكمة مدة طويلة ينبئ عن عدولها عن السير في إجراءات المحاكمة وترتيباً على ذلك فقد كان من المتعين عليها عندما قامت بترقيته إلى الدرجة السابعة أن ترجع أقدميته فيها إلى التاريخ الذي كانت تتم فيه ترقيته لو لم يحل إلى المحكمة التأديبية. ولما كان المدعي يلحقه الدور للترقية إلى الدرجة السابعة بالأقدمية اعتباراً من 30/ 11/ 1954 ذلك أنه كان يسبق السيد/ صلاح عثمان فإنه يتعين على الجهة الإدارية إرجاع أقدميته إلى هذا التاريخ وبذلك يكون طلب المدعي الأول على أساس سليم من القانون. ولما كانت الوزارة قد أصدرت بتاريخ 31/ 7/ 1958 قراراً بترقية السيد/ صلاح عثمان إلى الدرجة السادسة الكتابية بالأقدمية المطلقة وقد وضح حق المدعي في أن يسبق السيد/ صلاح عثمان في أقدمية الدرجة السابعة وبذلك كان يلحقه الدور للترقية بالأقدمية في القرار المطعون منه للدرجة السادسة ذلك أن هذا القرار قد شمل ترقية السيد/ صلاح عثمان، وهو أحدث من المدعي، وبذلك يكون القرار المطعون فيه إذ تخطى المدعى في الترقية إلى الدرجة السادسة قد صدر مخالفاً للقانون مما يتعين الحكم بإلغائه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية.
ومن حيث إنه بتاريخ 8/ 12/ 1960 طعنت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزارة الخزانة في هذا الحكم طالبة إلغاءه واستندت في ذلك إلى أن الدعوى التي يقيمها الموظف بطلب رد أقدميته إلى وضعها الصحيح تعتبر بمثابة طعن بالإلغاء في قرار الترقية المطعون فيه ويسري في شأن هذه الدعوى المواعيد المقررة قانوناً لرفع الإلغاء ووجوب التظلم إداريا. وإذا كان المدعي لم يراع تلك المواعيد عند رفع الدعوى برد أقدميته إلى تاريخ القرار المؤرخ 31/ 11/ 1954 بالترقية إلى الدرجة السابعة فإن الدعوى في هذا الشق من الطلبات تكون غير مقبولة شكلاً ويصبح لا حق له في الطعن في قرار الترقية إلى الدرجة السادسة المؤرخ 31/ 7/ 1958.
وقد استطردت الإدارة الطاعنة تقول أنه حتى على فرض التسليم بما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من حيث رفع الدعوى في الميعاد فإن الترقية طبقاً للمادة 106 من القانون رقم210 لسنة 1951 منوطه بأن يثبت عدم إدانة الموظف المحال للمحاكمة التأديبية ولا يكفى في ذلك مجرد صدور قرار مجلس التأديب في مسألة متعلقة بالاختصاص. وإذ كان الثابت أن المطعون ضده لم يصدر في شأنه قرار قاطع من الهيئة التأديبية بثبوت إدانته من عدمه فإن الوزارة لا تزال في سبيل إحالته إلى الجهة التأديبية المختصة قانوناً إذ لم يكن ديوان المحاسبة قد أقام الدعوى أمام المجلس التأديبي المختص حين صدور القانون رقم 117 لسنة 1958 الخاص بالنيابة الإدارية موحداً اختصاص المحاكمة التأديبية بالنسبة إلى المخالفات المالية والإدارية على السواء ولم ترفع الدعوى أمام هذه المحاكم للآن فإن الحكم المطعون فيه لا يكون على حق فيما قضى به للمطعون ضده بإرجاع أقدميته في الدرجة السابعة إلى 31/ 11/ 1954 وبالتالي بإلغاء قرار الترقية إلى الدرجة السادسة المؤرخ في 31/ 7/ 1958 بالتطبيق للمادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951.
ومن حيث إنه لا صحة لما ذهبت إليه المحكمة الإدارية في حكمها المطعون فيه من أن طلب المدعي إرجاع أقدميته إلى الدرجة السابعة إلى 30/ 11/ 1954 بدلاً من 10/ 4/ 1955 إنما هو تسوية لحالته بإرجاع أقدميته إلى الدرجة السابعة تطبيقاً لنص المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بمقولة أن إرجاع الأقدمية مستمد من نصوص القانون مباشرة وأنه لا يحتاج فيه من ثم إلى طريق الطعن بالإلغاء في قرار التخطي، ولا وجه تبعاً لذلك لما ذهبت إليه المحكمة الإدارية أيضا من أن دعوى المطعون ضده لا تخضع لقواعد التظلم الوجوبى ولا يشترط رفعها في الميعاد، لا صحة لكل ذلك لأنه بالرجوع إلى نص المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 يبين أنها قضت بأنه "لا يجوز ترقية موظف محال إلى المحاكمة التأديبية أو موقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف".
ومفاد ذلك أنه متى صدرت حركة ترقيات وتخطى فيها أحد الموظفين بمقولة أن هذه المادة تمنع من ترقيته في تاريخ إجرائها إن خطأً أو صواباً، فإن توصل الموظف إلى حمل الإدارة على إنالته الترقية المدعي بها لا يتأتى إلا عن طريق الطعن بالإلغاء في ذلك القرار واتخاذ الإجراءات القانونية المقررة لذلك في مواعيدها ولا توحي عبارة المادة المذكورة من قريب أو بعيد بأن الأمر أمر تسوية.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإنه يتعين النظر فيما إذا كان طعن المدعي قد التزم أو لم يلتزم الإجراءات والمواعيد التي قررها القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم الطعن بإلغاء القرارات الإدارية.
ومن حيث إنه لم يثبت من الأوراق أن المطعون ضده علم بالقرار الصادر بالترقية إلى الدرجة السابعة في 30/ 11/ 1954 قبل تظلمه من هذا القرار في 10/ 8/ 1958 كما أنه عندما علم بالقرار الصادر بالترقيات إلى الدرجة السادسة في 31/ 7/ 1958 تظلم منه في 10/ 8/ 1958 ثم تقدم بطلب معافاة من الرسوم القضائية في 30/ 11/ 1958 فصدر القرار بمعافاته من تلك الرسوم في 5/ 5/ 1958 فأقام الدعوى في 9/ 6/ 1959. ومن ثم تكون الدعوى قد رفعت في الميعاد القانوني.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلب المطعون ضده الخاص بإلغاء القرار الصادر في 30/ 11/ 1954 لما زعمه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة السابعة الكتابية وطلبه الخاص بإلغاء القرار الصاد في 31/ 7/ 1958 لما أدعاه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية فإن الثالث من الأوراق أن المدعي حصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية القسم الخاص عام 1948 والتحق بالخدمة في وظيفة من الدرجة الثامنة في 10/ 4/ 1949 ثم حصل على الدرجة السابعة في 10/ 4/ 1955, وفى 19/ 1/ 1952 اكتشف عجز في أوراق النقد بخزانة المالية أتهم فيه بعض الموظفين ومنهم المدعي وأبلغت النيابة بالحادث. وفى سبتمبر سنة 1952 تقرر إيقافه هو ولفيف من زملائه الصيارف وفى 11/ 11/ 1955 صدر قرار بإحالة المدعي وزملائه الذين وجد عجز في عهدتهم إلى مجلس التأديب العادي بالوزارة بتهمة الاختلاس وبجلسة 30/ 11/ 1955 أصدرت محكمة الجنايات حكمها بالبراءة وبتاريخ أبريل سنة 1956 تقرر رفع الإيقاف وأعيد المدعي وزملاؤه إلى العمل وبتاريخ 29/ 5/ 1956 تقررت إحالتهم إلى مجلس التأديب العادي بتهمة الإهمال الذي تسبب عنه الاختلاس، وبتاريخ 2/ 7/ 1956 قرر مجلس التأديب عدم اختصاصه لأن المخالفة مالية ويختص بها مجلس التأديب للمخالفات المالية، وبتاريخ 14/ 8/ 1956 تقررت إحالتهم إلى مجلس التأديب للمخالفات المالية، وفى 22/ 10/ 1956 أرسلت الأوراق إلى ديوان المحاسبة لرفع الدعوى التأديبية وفى 27/ 4/ 1958 أفاد الديوان بأنه لم يرفع الدعوى التأديبية. وبتاريخ 6/ 4/ 1964 أفادت وزارة الخزانة بأنه قد صدر حكم المحكمة التأديبية بجلسة 25/ 2/ 1962 ببراءة المطعون ضده مما نسب إليه وخلال وقف المطعون ضده عن العمل ثم إحالته إلى المحكمة التأديبية صدر قرار بالترقيات إلى الدرجة السابعة في 30/ 11/ 1954 وآخر بالترقيات إلى الدرجة السادسة في 31/ 7/ 1958.
ومن حيث إن المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أنفة الذكر قد نصت على أنه "لا يجوز ترقية الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية أو الموقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف، وفى هذه الحالة يسرى حكم المادة 104 (وهى تقضي بأنه في حالة الخصم من المرتب لغاية خمسة عشر يوماً وفى حالة تأجيل العلاوة مدة تقل عن سنة تحجز الدرجة للموظف إن كان له حق الترقية إليها بالأقدمية على ألا تزيد مدة حجز الدرجة على سنة) فإذا استطالت المحاكمة لأكثر من سنة وثبت عدم إدانة الموظف وجب عند ترقيته احتساب أقدميته في الدرجة المرقى إليها من التاريخ الذي كانت ستتم فيه لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة عندما أحجمت عن ترقية المدعي إلى الدرجة السابعة الكتابية اعتباراً من 30/ 11/ 1954 كان يدفعها إلى ذلك أن المطعون ضده كان موقوفاً عن العمل اعتباراً من سبتمبر سنة 1952، لاتهامه فيما اكتشف من وجود عجز في أوراق النقد بخزانة المالية التي كان يعمل بها وقد أحالته إلى المحكمة التأديبية للنظر فيما كان منسوباً إليه في هذا الصدد. ولما كانت المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 صريحة في نصها على أنه لا تجوز ترقية الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية أو الموقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف، فقد كان متفقاً مع القانون ألا ينظر في أمر ترقية المطعون ضده عند إجراء الترقية المطعون فيها إلى الدرجة السابعة الكتابية اعتباراً من 30/ 11/ 1954 لأنها أجريت أثناء وقف المطعون ضده عن العمل كما سبق البيان ومن ثم كان سليماً أن تطلب وزارة الخزانة في طعنها المقدم لهذه المحكمة بتاريخ 8/ 12/ 1960 رفض دعوى المدعي ذلك أن المطعون ضده كان آنذاك محالاً إلى المحاكمة التأديبية مما كان يحول دون ترقيته وحتى يفصل في موضوع الاتهام الموجه إليه ولا يكفي في ذلك قرار يصدر من الهيئة التأديبية في مسألة فرعية متعلقة باختصاصها دون البت موضوعياً في ذات التهمة من حيث الإدانة أو عدمها وهو المناط الواجب تحقيقه عند تطبيق نص المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951.
ومن حيث إن المادة المذكورة نصت كذلك على أنه إذا استطالت المحاكمة لأكثر من سنة وثبتت عدم إدانة الموظف وجب عند ترقيته احتساب أقدميته في الدرجة المرقى إليها من التاريخ الذي كانت تتم فيه أو لم يكن محالاً إلى المحاكمة التأديبية، ومن ثم فإنه إذا انتهت المحاكمة التأديبية بحكم ببراءته قاطع في عدم إدانته فإنه يتعين أن تراجع جهة الإدارة نفسها وتنظر في أمر ترقيته من التاريخ الذي كانت تتم فيه أو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية.
ومن حيث إنه قد تبين من كتاب وزارة الخزانة المؤرخ 6/ 4/ 1964 (رقم 400 - 22/ 23) أن المحكمة التأديبية بوزارة الخزانة قد أصدرت بجلستها المؤرخة 25/ 2/ 1961 حكمها ببراءة المطعون ضده مما نسب إليه وأن الوزارة مع ذلك لم تقم من جانبها بتطبيق المادة 106 من قانون التوظف على حالته انتظاراً للفصل في الطعن الحالي المنظور أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن المطعون ضده يكون محقاً في اعتبار ترقيته إلى الدرجة السابعة من 30/ 11/ 1954 ثم إلى الدرجة السادسة من 31/ 7/ 1958 وما يترتب على ذلك من آثار على أنه من ناحية المصروفات فإنه يتعين تحميله إياها لأنه حين أقام دعواه أمام المحكمة الإدارية بإلغاء تخطيه للترقية إلى الدرجة السابعة ثم إلى الدرجة السادسة لم يكن محقاً في دعواه إزاء صراحة المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 كما سلف القول، ولما قضت له المحكمة الإدارية بإلغاء تخطيه على غير ما يقضي به القانون فإن طعن الحكومة في تاريخ تقديمه كان في محله إذ لم ينشأ حق المطعون ضده في إرجاع أقدميته وإلغاء تخطيه إلا من تاريخ الحكم ببراءته في 25/ 2/ 1961.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وبإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة السابعة الكتابية إلى 30 من نوفمبر سنة 1954، وفى الدرجة السادسة إلى 31 من يوليه سنة 1958 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعي بالمصروفات.