مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1965) - صـ 1594

(145)
جلسة 6 من يونيه سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 1290 لسنة 8 القضائية

( أ ) دعوى الإلغاء - ميعاد الستين يوماً - قرار إداري - وجوب رفع دعوى الإلغاء خلال ستين يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به - علم صاحب الشأن بالقرار يقوم مقام إعلانه متى كان علماً يقينياً شاملاً لجميع العناصر التي يمكن له على أساسها تبين مركزه القانوني بالنسبة إلى هذا القرار وتحديد طريقة في الطعن عليه - ثبوت هذا العلم من أية واقعة أو قرينة تفيد حصوله دون التقيد في ذلك بوسيلة إثبات معينة.
(ب) تعويض - قرار إداري - مسئولية - مسئولية الحكومة عن القرارات الإدارية الصادرة في شأن الموظفين - نسبتها إلى المصدر الخامس من مصادر الالتزام وهو القانون لا المصدر الثالث وهو العمل غير المشروع - أساس ذلك أن القرارات الإدارية تصرفات قانونية وليست أفعالاً مادية.
(جـ) تعويض - قرار إداري - مسئولية - تقادم - نظام عام - التعويض المترتب على إصدار الحكومة قرارات مخالفة للقانون - هو من طبيعة الحق الناشئ عن هذا القانون لأنه هو المقابل له - تقادمه بنفس مدة التقادم التي تسري في شأن الحق الأصلي - التعويض مقابل التخطي في الترقية - تقادمه بمضي المدة المسقطة للمرتب - للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.
1- إن قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن الأصل هو بالتطبيق لأحكام قانون مجلس الدولة رقم 112 لسنة 1946 المعمول بها وقت صدور القرار المطعون فيه، أن ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء هو ستون يوماً تسري من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به إلا أنه يقوم مقام الإعلان علم صاحب الشأن به بأي وسيلة من وسائل الأخبار بما يحقق الغاية من الإعلان ولو لم يقع هذا الإعلان بالفعل. بيد أن العلم الذي يمكن ترتيب هذا الأثر عليه من حيث جريان الميعاد المقرر لرفع دعوى الإلغاء يجب أن يكون علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً وأن يكون شاملاً لجميع العناصر التي يمكن لصاحب الشأن على أساسها أن يتبين مركزه القانوني بالنسبة إلى هذا القرار ويستطيع أن يحدد على مقتضى ذلك طريقه في الطعن فيه، ولا يجري الميعاد في حقه إلا من اليوم الذي يثبت فيه قيام هذا العلم اليقيني الشامل ويثبت هذا العلم من أية واقعه أو قرينة تفيد حصوله دون التقيد في ذلك بوسيلة إثبات معينة وللقضاء الإداري في أعمال رقابته القانونية التحقق من قيام أو عدم قيام هذه القرينة أو تلك الواقعة وتقدير الأثر الذي يمكن ترتيبه عليها من حيث كفاية العلم أو قصوره وذلك حسبما تستبينه المحكمة من أوراق الدعوى وظروف الحال فلا يؤخذ بهذا العلم إلا إذا توافر اقتناعها بقيام الدليل عليه كما لا تقف عند إنكار صاحب المصلحة له حتى لا تهدد المصلحة العامة المبتغاة من تحصين القرارات الإدارية ولا تزعزع استقرار المراكز القانونية الذاتية التي اكتسبها أربابها بمقتضى هذه القرارات.
2- لئن كانت مسئولية الحكومة عن الأعمال المادية قد ينسب في مفهومات القانون المدني إلى المصدر الثالث من مصادر الالتزام وهو العمل غير المشروع فليس من شك في أن مسئوليتها عن القرارات الإدارية الصادرة في شأن الموظفين إنما ينسب إلى المصدر الخامس وهو القانون باعتبار أن هذه القرارات هي تصرفات قانونية وليست أفعالاً مادية طالما أن علاقة الحكومة بموظفيها هي علاقة تنظيمية عامة مصدرها القوانين واللوائح.
3- ولما كان التعويض المترتب على إصدار الحكومة لقرارات مخالفة للقانون هو من طبيعة الحق الناشئ عن هذا القانون لأنه هو المقابل له فتسري بالنسبة للتعويض مدة التقادم التي تسري بالنسبة للحق الأصلي. ولما كان التعويض بغرض التسليم باستحقاقه موضوعاً تبعاً لصلاحيته للترقية بموجب القرار الأول، مطلوباً مقابل حرمان المدعي من مرتبات الدرجة التي تخطى فيها بالقرار المطعون فيه الذي يزعم مخالفته للقانون فقد سقطت دعوى التعويض هذه بمضي المدة المسقطة للمرتب وهى طبقاً لنص المادة 50 من القسم الثاني من اللائحة المالية للميزانية والحسابات خمس سنوات تصبح الماهية بعدها حقاً مكتسباً للحكومة وللمحكمة أن تقضي بالسقوط من تلقاء نفسها لأن الاعتبارات التي يقوم عليها نص المادة 50 سالفة الذكر هي اعتبارات تنظيمية تتعلق بالمصلحة العامة استقراراً للأوضاع الإدارية وتقضي بها المحاكم كقاعدة قانونية واجبة التطبيق في علاقة الحكومة بموظفيها وهى علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح ومن بينها اللائحة المشار إليها.


إجراءات الطعن

بتاريخ 19/ 6/ 1962 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 19/ 4/ 1962 في الدعوى رقم 589 لسنة 11 القضائية المرفوعة من محمد محمود هاني البكري ضد وزارة الخزانة والضرائب والأموال المقررة القاضي برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وبرفض الدفع بسقوط حق المدعي بالتقادم في المطالبة بالفروق المالية وبرد أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة إلى 1/ 5/ 1946 وفي الدرجة الرابعة إلى 1/ 5/ 1950 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات. طلب السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول دعوى المطعون ضده شكلاً واحتياطياً برفضها مع إلزامه في أي الحالتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن الطعن إلى المدعي في 23/ 6/ 1962 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 9/ 1/ 1965 وأخطرت الحكومة والمدعي في 12/ 12/ 1964، بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 28/ 3/ 1965، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن على الوجه المبين بالمحضر قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بتعديل أقدميته في الدرجة الخامسة بإرجاعها إلى 1/ 5/ 1946 بدلاً من 1/ 1/ 1950 وبتعديل أقدميته في الدرجة الرابعة الفنية بإرجاعها إلى 1/ 5/ 1950 بدلاً من 1/ 7/ 1955 مع ما يترتب على ذلك من أثار بالنسبة للفروق في الراتب والأجر الإضافي وبدل الانتقال الثابت وفى بدل السفر اعتباراً من 18/ 8/ 1948 تاريخ نقله إلى مصلحة الضرائب مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وعدل المدعي طلباته أثناء نظر الدعوى وأعلن الحكومة بعريضة جديدة في 13/ 6/ 1961 طلب فيها الحكم احتياطياً بإلزام جهة الإدارة بأن تدفع له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت عن القرارين المطعون فيهما، وقام المدعي بشرح دعواه على الوجه المبين بوقائع وأسباب الحكم المطعون فيه. وبجلسة 19/ 4/ 1962 قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وقبولها وبرفض الدفع بسقوط حق المدعي بالتقادم في المطالبة بالفروق المالية وبرد أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة إلى 1/ 5/ 1946 وفى الدرجة الرابعة إلى 1/ 5/ 1950 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للشكل على أن نشر القرار المطعون فيه الصادر في 21/ 9/ 1947 على جميع أقسام مصلحة الأموال المقررة لا يكفي لقيام العلم اليقيني بالقرار وفحواه كما أن تظلم المدعي بتاريخ 10/ 10/ 1947 إلى مأمور مركز شربين لا يمكن أن يكون قرينة تفيد علم المدعي بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً شاملاً لجميع العناصر التي يمكن على أساسها أن يحدد المدعي مركزه القانوني "وبذلك فلا يعتد إلا بالتظلم المقدم من المدعي في 29/ 11/ 1956 ومن ثم تكون الدعوى مرفوعة في الميعاد. أما الدفع بسقوط حق المدعي في الفروق المالية فهو أيضاً غير صائب لأن الفروق المتنازع عليها لا يتلقاها المدعي مباشرة من قاعدة قانونية وإنما سبيله إليها الطعن في قراري الترقية ومن ثم لا يسري ميعاد السقوط بالنسبة إليها إلا من تاريخ الحكم بها. وقضت المحكمة بأن قراري الترقية قد خالفا القانون لأن المدعي أقدم من بعض من رقوا بهذين القرارين وهو متساو معهم في الكفاية.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الدعوى غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد لأن القرار المطعون فيه نشر على جميع الجهات التابعة لمصلحة الأموال المقررة بتاريخ 15/ 10/ 1947 برقم 2/ 21/ 37 وتظلم منه المطعون ضده بتاريخ 10/ 10/ 1947 مما يكفى لكي يتحقق في حقه العلم اليقيني بالقرار المطعون فيه وكان عليه أن يقيم دعواه في الميعاد المحدد لذلك قانوناً إلا أنه لم يقم برفع هذه الدعوى إلا في 26/ 2/ 1957 فتكون هذه الدعوى غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد. وقالت الحكومة عن الموضوع أن أقدمية المدعي لم تكن تسعفه في نسبة الأقدمية وأما عن الاختيار فإن الإدارة تترخص في الترقية ويكون قرارها غير خاضع لرقابة القضاء إلا حيث يكون ثمة انحراف بالسلطة ولم يقدم المدعي الدليل على انحراف الإدارة بسلطتها ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وقامت به حالة من حالات الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا.
أ - عن الدفع بعد قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد.
من حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن الأصل - هو بالتطبيق لأحكام قانون مجلس الدولة رقم 112 لسنة 1946 المعمول بها وقت صدور القرار المطعون فيه - أن ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء هو ستون يوماً تسري من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به إلا أنه يقوم مقام الإعلان علم صاحب الشأن بأي وسيلة من وسائل الإخبار بما يحقق الغاية من الإعلان ولم لم يقع هذا الإعلان بالفعل. بيد أن العلم الذي يمكن ترتيب هذا الأثر عليه من حيث جريان الميعاد المقرر لرفع دعوى الإلغاء يجب أن يكون علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً وأن يكون شاملاً لجميع العناصر التي يمكن لصاحب الشأن على أساسها أن يتبين مركزه القانوني بالنسبة إلى هذا القرار ويستطيع أن يحدد على مقتضى ذلك طريقه في الطعن فيه, ولا يجري الميعاد في حقه إلا من اليوم الذي يثبت فيه قيام هذا العلم اليقيني الشامل ويثبت هذا العلم من أية واقعة أو قرينة تفيد حصوله دون التقيد في ذلك بوسيلة أثبات معينة وللقضاء الإداري في أعمال رقابته القانونية التحقق من قيام أو عدم قيام هذه القرينة أو تلك الواقعة وتقدير الأثر الذي يمكن ترتيبه عليها من حيث كفاية العلم أو قصوره وذلك حسبما تستبينه المحكمة من أوراق الدعوى وظروف الحال فلا تأخذ بهذا العلم إلا إذا توافر اقتناعها بقيام الدليل عليه كما لا تقف عند إنكار صاحب المصلحة له حتى لا تهدد المصلحة العامة المبتغاة من تحصين القرارات الإدارية ولا تزعزع استقرار المراكز القانونية الذاتية التي اكتسبها أربابها بمقتضى هذه القرارات.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق ومما أكدته مصلحة الأموال المقررة وهو ما لم يدحضه المدعي بحجة ايجابية ولم يقم الدليل على عكسه أن حركة الترقيات التي أجرتها المصلحة قد نشر القرار الصادر بها في 15/ 10/ 1947. ووزع على جميع الجهات التابعة لمصلحة الأموال المقررة برقم 2 - 21/ 37 فإن هذا النشر والتوزيع وإن لم يعتبرا أداة لافتراض العلم حتماً إلا أنهما ينهضان قرينة قوية على تحققه ما دام لم يثبت العكس وقد اعتد المشرع في المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة بالنشرات التي تصدرها المصلحة كوسيلة من وسائل الاختبار بالقرار الإداري ورتب عليها ذات الأثر الذي رتبه على النشر في الجريدة الرسمية أو على إعلان صاحب الشأن بالقرار, يضاف إلى هذا ويعززه أن المدعي قدم بتاريخ 10 أكتوبر سنة 1947 طلباً إلى مأمور مركز شربين ذكر فيه أنه عين بمصلحة الأموال المقررة في يونيه سنة 1938 بالدرجة السادسة ومضى على تعيينه تسع سنين وقد ظهرت حركة ترقيات موظفي المصلحة طبقاً لمشروع التنسيق وأنه قد أغفل في هذه الحركة رغم قيامة بأعمال ومسئوليات هامه وأمضى المدة القانونية للترقية وحائز على درجة بكالوريوس التجارة. والتمس المدعي في ختام طلبه رفعه إلى المديرية للنظر، وقد تأشر عليه بتاريخ 21/ 10/ 1947 من مأمور مركز شربين بإحالته للمديرية للنظر في الشكوى لإغفال المدعي في حركة التنسيق, وجميع ما سلف هو قرينة أخرى مكملة للقرينة الأولى ومؤكدة لها على قيام العلم النافي للجهالة بالقرار الصادر في 21/ 9/ 1947 بحركة التنسيق وهى الوحيدة التي تمت في هذا التاريخ وصدر بها هذا القرار المطعون فيه الذي تحدث عنه المدعي في الطلب المقدم منه لمأمور مركز شربين في 10/ 10/ 1947 وإذ رفع المدعي دعواه في 26/ 2/ 1957 بعد أن تظلم بتاريخ 29/ 11/ 1956 من القرارين المطعون فيها وهما اللذين صدرا في 21/ 9/ 1947, 30/ 4/ 1950 يكون قد رفع دعواه بالنسبة للقرار الأول بعد الميعاد ومن ثم يتعين قبول الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد فيما يختص بالقرار الصادر في 21/ 9/ 1947 بإجراء ترقيات بالتنسيق إلى الدرجة الخامسة.
ب - عن الدفع بعدم قبول إلغاء القرار الصادر في 30/ 4/ 1950 لعدم التظلم منه.
ومن حيث إن الحكومة دفعت في مذكرتها الأخيرة بعدم قبول إلغاء القرار الصادر في 30/ 4/ 1950 بالترقية إلى الدرجة الرابعة تأسيساً على أن المطعون ضده لم يتظلم من هذا القرار قبل رفع دعواه وفقاً لنص المادة 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة ومن ثم فإن طلبه إلغاء قرار الترقية المذكور يكون غير مقبول شكلاً لرفعه رأساً إلى المحكمة دون التظلم منه إلى الجهة الإدارية التي أصدرته.
ومن حيث إن الثابت أن المطعون ضده كان قد تظلم إلى وزير المالية والاقتصاد في 29/ 11/ 1956 من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الرابعة بالأقدمية بالقرار الصادر في 30/ 4/ 1950 باعتباره أقدم من بعض من رقوا بهذا القرار إذ ترجع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى 1/ 5/ 1946 إذ ما صحح وضعه في هذه الدرجة وأرجعت أقدميته فيها إلى هذا التاريخ ولما لم تجبه الإدارة إلى طلبه رفع دعواه بإيداع صحيفتها في 26/ 2/ 1957 وبذلك يكون المدعي قد تظلم من القرار الصادر في 30/ 4/ 1950 إلى الجهة الإدارية التي أصدرته ثم أعقبه برفع دعواه في الميعاد القانوني.
ومن حيث إنه لم يثبت بأي دليل أو قرينة - على خلاف الحال في القرار الأول المطعون فيه الصادر في 21/ 9/ 1947 - على قيام علم المدعي بالقرار الثاني الصادر في 30/ 4/ 1950 أو نشره أو إعلانه بأي وسيلة من وسائل الإخبار بما يحقق الغاية من الإعلان وفقاً لقضاء هذه المحكمة كما سبق إيضاحه فإن دعوى المدعي بالنسبة لهذا القرار الثاني تكون قد رفعت في الميعاد القانوني. ويتعين من ثم رفض الدفع بعدم قبول إلغاء القرار الصادر في 30 من ابريل سنة 1950
جـ - عن موضوع القرار الصادر في 30/ 4/ 1950:
من حيث إن المدعى ينعي على هذا القرار أنه صدر مخالفاً للقانون لأنه لو اعتبرت أقدميته في الدرجة الخامسة راجعة إلى 1/ 5/ 1946 وهو موضوع طلبه بالنسبة للقرار الأول المطعون فيه والصادر في 21/ 9/ 1947 لأدركته الترقية إلى الدرجة الرابعة بالأقدمية بالقرار الثاني الصادر في 30/ 4/ 1950 لأنه كان يعتبر عندئذ أقدم من بعض من رقوا بالأقدمية إلى هذه الدرجة ولما كانت أقدميته المدعي في الدرجة الخامسة لم تعدل نتيجة لأن هذه المحكمة انتهت إلى عدم قبول دعواه لرفعها بعد الميعاد بخصوص طلب إلغاء القرار الصادر في 21/ 9/ 1947 وبالتالي فإن القرار الصادر في 30/ 4/ 1950 بالترقية إلى الدرجة الرابعة لصالح من ترجع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى 1/ 5/ 1946. يكون قد صدر صحيحاً في تخطيه للمدعي في الترقية إلى الدرجة الرابعة بالأقدمية المطلقة إذ أن أقدميته في الدرجة الخامسة والتي لم تعدل كطلبه في دعواه التي رفضت شكلاً ترجع إلى 1/ 1/ 1950 ويتعين لذلك القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص وبرفض دعوى المدعي إلغاء القرار الصادر في 30 من أبريل سنة 1950 لصدوره صحيحاً ولأن أقدميته في الدرجة الخامسة لا تخوله الترقية بموجب هذا.
د - عن الطلب الاحتياطي وهو المطالبة بدفع مبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت:
من حيث إن الدعوى صالحة للفصل فيها.
ومن حيث إن المدعي قد أضاف أمام محكمة القضاء الإداري إلى طلباته الواردة في عريضة دعواه طلباً احتياطياً بإلزام الحكومة بأن تدفع له مبلغ قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت وتقدم المدعي بهذا الطلب بعريضة أعلن بها الحكومة بتاريخ 13/ 6/ 1961 خلال نظر الدعوى. ولما كانت محكمة القضاء الإداري قد قضت للمدعي بإجابته إلى طلباته الأصلية وأقامت الحكومة طعنها أمام هذه المحكمة تطلب إلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول دعوى المطعون ضده شكلاً واحتياطياً برفضها, فإنه يتعين على هذه المحكمة بحكم طبائع الأشياء أن تفصل في طلب التعويض الاحتياطي ما دامت قد انتهت بالنسبة للقرار الأول المطعون فيه إلى عدم قبول الطعن فيه لرفع الدعوى بشأنه بعد فوات الميعاد وبالنسبة للقرار الثاني إلى رفض طلب إلغائه وبذلك لا يترتب على هذا القضاء على الوجه سالف الذكر حرمان المدعي من نظر طلبه الاحتياطي سيما وأن دعوى التعويض صالحة للفصل فيها, لتوافر كافة العناصر اللازمة لذلك.
ومن حيث إنه ولئن كانت مسئولية الحكومة عن الأعمال المادية قد ينسب في مفهومات القانون المدني إلى المصدر الثالث من مصادر الالتزام وهو العمل غير المشروع فليس من شك في أن مسئوليتها عن القرارات الإدارية الصادرة في شأن الموظفين إنما ينسب إلى المصدر الخامس وهو القانون باعتبار أن هذه القرارات هي تصرفات قانونية وليست أفعالا مادية طالما أن علاقة الحكومة بموظفيها هي علاقة تنظيمية عامة مصدرها القوانين واللوائح، ولما كان التعويض المترتب على إصدار الحكومة لقرارات مخالفة للقانون هو من طبيعة الحق الناشئ عن هذا القانون لأنه هو المقابل له فتسري بالنسبة للتعويض مدة التقادم التي تسري بالنسبة للحق الأصلي. ولما كان التعويض بغرض التسليم باستحقاقه موضوعاً تبعاً لصلاحيته للترقية بموجب القرار الأول، مطلوباً مقابل حرمان المدعي من مرتبات الدرجة التي تخطى فيها بالقرار المطعون فيه الذي يزعم مخالفته للقانون فقد سقطت دعوى التعويض هذه بمضي المدة المسقطة للمرتب وهى طبقاً لنص المادة 50 من القسم الثاني من اللائحة المالية للميزانية والحسابات خمس سنوات تصبح الماهية بعدها حقاً مكتسباً للحكومة, وللمحكمة أن تقضي بالسقوط من تلقاء نفسها لأن الاعتبارات التي يقوم عليها نص المادة 50 سالفة الذكر هي اعتبارات تنظيمية تتعلق بالمصلحة العامة استقراراً للأوضاع الإدارية وتقضي بها المحاكم كقاعدة قانونية واجبة التطبيق في علاقة الحكومة بموظفيها وهى علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح ومن بينها اللائحة المشار إليها.
ومن حيث إن المدعي وقد أقام دعوى التعويض في 13/ 6/ 1961 بعد مضي أكثر من خمس سنوات من تاريخ ترقيته فعلاً إلى الدرجة الخامسة في 1/ 1/ 1950 وهى الترقية التي طلب إرجاع أقدميته فيها إلى 1/ 5/ 1946 عن طريق الطعن بالإلغاء في القرار الأول الصادر في 21/ 9/ 1947, فإن دعوى التعويض تكون قد سقطت بمضي المدة سيما وأن مدة التقادم قد تكاملت دون أن تقطعها مطالبة قضائية أو تظلم إداري ومن ثم يتعين على المحكمة أن تقضي بسقوط الحق في المطالبة بالتعويض بمضي المدة المسقطة ومن البداهة أنه لا يجوز طلب تعويض عن القرار الثاني الصادر في 30/ 4/ 1950 إذ أن المحكمة قد انتهت في شأنه إلى القضاء بأنه قد صدر سليماً ومتفقاً مع القانون نظراً لأن أقدميته ما كانت تسمح له بالترقية بموجب هذا القرار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى خلاف ما تقدم فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين القضاء بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد بالنسبة للطعن بالإلغاء في القرار الصادر في 21/ 9/ 1947 وسقوط الحق في المطالبة بالتعويض وبرفض الدعوى فيما عدا ذلك من الطلبات وألزمت المدعي بكامل المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول دعوى إلغاء القرار الصادر في 21 من سبتمبر سنة 1947 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة وبسقوط الحق في طلبه التعويض عن القرار المذكور وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت المدعي بالمصروفات.