مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشر - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1970) - صـ 244

(40)
جلسة 22 من مارس سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد طاهر عبد الحميد رئيس المحكمة وعضوية السادة الأستاذة يوسف إبراهيم الشناوي ومحمد فهمي طاهر ومحمد صلاح السعيد وأحمد علي حسن العتيق المستشارين.

القضية رقم 321 لسنة 9 القضائية

قرار إداري "شكله" موظف "لجنة شئون العاملين. نقل من وظيفة إلى أخرى" القرار الإداري ليست له صيغ معينة لا بد من انصبابه في إحداها بصورة إيجابية - إن ما ورد بأعمال محضر لجنة شئون الموظفين من حصر للوظائف الكتابية يكون منطوياً على قرار ينقل من عداهم من أصحاب الدرجات الكتابية إلى الدرجات الإدارية المماثلة لها.
إن القرار الإداري ليست له صيغ معينة لا بد من انصبابه في إحداها بصورة إيجابية وإنما يكون كل ما يحمل معني اتجاه إرادة جهة الإدارة في نطاق سلطتها الملزمة إلى أحداث أثر قانوني متى كان ذلك ممكناً جائزاً منطوياً على قرار إداري وإذ جرى توزيع درجات الكادر الكتابي - فيما ورد بأعمال محضر لجنة شئون الموظفين بجلستها المشار إليها - خلال المدة التي أجاز فيها القانون رقم 87 لسنة 1953 نقل الموظف من وظيفة فنية متوسطة أو كتابية إلى وظيفة فنية عالية أو إدارية من الدرجة ذاتها فإن ما ورد بتلك اللجنة من حصر الوظائف الكتابية يكون منطوياً على قرار بنقل من عداهم من أصحاب الدرجات الكتابية إلى الدرجات الإدارية المماثلة لها وإذ خلت محاضر تلك الجلسة من أسماء من رقوا بالاختيار في حركة 30 من أبريل سنة 1953 وكل من يسبق الطاعن في الاقدمية من حملة المؤهلات المتوسطة لهذا فإنهم يعتبرون جميعاً قد نقلوا من ذلك التاريخ إلى الكادر الإداري.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن تخلص في أنه بتاريخ 19 من يونية سنة 1955 أودع المدعي قلم كتاب محكمة القضاء الإداري صحيفة استئناف عن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة في الدعوى رقم 3509 لسنة 1 القضائية والقاضي برفض دعواه طالباً الحكم (أولاً) بإرجاع أقدميته في الدرجة الثالثة إلى 30 من أبريل سنة 1953 وفي الدرجة الثانية إلى 28 من يولية سنة 1955 وما يترتب على ذلك من آثار (ثانياً) إلغاء القرار الصادر في 28 من فبراير سنة 1957 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى مع ما يترتب على ذلك من آثار. وتوجز دعواه حسبما عرضها بصحيفة استئنافه وما صاحبها ولحقها من مذكرات في أنه كان يشغل وظيفة مفتش حسابات من الدرجة الرابعة العالية بوزارة المالية والاقتصاد وتخطى في الترقية إلى الدرجة الثالثة بالقرار الصادر في 30 من أبريل سنة 1953 وينعي المدعي على هذا القرار صدوره مخالفاً للقانون للأسباب الآتية:
أولاً - اعتبرت الوزارة وظائف الديوان العام مقسمة إلى وحدات مستقلة مع أنه بفروعه المختلفة وبينها الحسابات وحدة واحدة ولو أنها أجرت الترقية على أساس أن جميع موظفي الديوان العام تنظمهم أقدمية واحدة لإدراكه الدور دور في الترقية بالأقدمية في هذا القرار.
ثانياً - إن كشوف الأقدمية جمعت بين ذوي المؤهلات العالية وبين غيرهم من غير الحاصلين عليها وفي ذلك مخالفة للمادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تقضي بتحديد نسبة معينة من الدرجات المخصصة بالاختيار لجواز ترقية حملة المؤهلات المتوسطة عليها ولو التزمت الوزارة حكم القانون في هذا الخصوص لإدراك المدعي الدور في الترقية بالأقدمية خاصة وأن الملحوظ أن الحركة المطعون فيها قد التزمت عنصر الأقدمية وحده في جميع الدرجات دون تخصيص أي نسبة منها للاختيار.
ثالثاً - إن التقارير السنوية السرية الخاصة بعام 1952 لم تكن قد وضعت قبل إعداد الحركة المطعون فيها، وهي التي جعلها القانون أساس للاختيار وبالتالي لم يكن هناك أساس قانوني يسمح في الأخذ وبغير معيار الأقدمية حتى في الدرجات المخصصة للاختيار.
وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة وقت صدور القرار المطعون فيه لم تكن تسعفه في الترقية بالأقدمية إلى الدرجة الثالثة الإدارية في كادر حسابات الوزارات والمصالح بالوزارة إذ كان يسبقه فيه ستة من زملائه لم تشملهم كذلك حركة 30 من أبريل سنة 1953 بل أنه لو صح القول بوحدة الميزانية فإن تأخر أقدمية المدعي عن زملائه المشار إليهم تحول كذلك دون ترقيته. وأما بالنسبة لما يثيره من مخالفة حكم المادة 41 من القانون رقم 210 سنة 1951 فمردود عليه بأن المطعون في ترقيتهم وإن كانوا من الحاصلين على مؤهلات متوسطة إلا أنهم معينون في الكادر الإداري قبل إجراء حركة الترقيات المطعون فيها ولم يرقوا نقلاً من الكادر الكتابي ومن ثم لا ينصرف إليهم القيد الوارد بالمادة سالفة الذكر. أما في بالنسبة المخصصة للاختيار فقد رقي فيها السيدان شفيق رفقي لطيف وجمال الدين أحمد إذ قدرت درجة كفاية أولهما ب 100% وثانيها ب 85% بينما درجة كفاية المدعي 60% وأشارت الوزارة في ردها إلى ما جاء بمحضر لجنة شئون الموظفين بالوزارة بجلستها المنعقدة في 30 من أبريل سنة 1953 من أنه نظراً لأن التقارير السنوية عن هذا العام قد تأخرت عن المواعيد المقررة لها رسمياً بسبب تأخر ديوان الموظفين في وضع النموذج الخاص بها، فقد رأت اللجنة وهي تضم جميع وكلاء الوزارة ومساعديهم ومديري العموم فيها وهم الذين يشرفون على كل أقسام الوزارة، أن تعتبر آراءهم المدونة بهذا المحضر كأنها تقارير سرية تمثل درجة الكفاية طبقاً للمادة 32 من قانون نظام موظفي الدولة "وقد اعتمد الوزير توصيات اللجنة المذكورة كما أن تلك اللجنة كانت قد بحثت بجلستها المنعقدة في 22 من فبراير سنة 1953 موضوع توزيع درجات الكادر الكتابي على مختلف أقسام الديوان العام للوزارة، كما حددت أسماء الموظفين الذين سيشغلون الدرجات الكتابية وقد اعتبرت الوزارة نتيجة لذلك أنه من لم يرد اسمه بين هؤلاء من موظفي الدرجة السادسة فما فوقها إداريون كما ردت الوزارة على طلب المدعي الخاص بترقيته للدرجة الأولي فقالت أنه لم يكون صالحاً للترقية لتلك الدرجة عند صدور قرار 28 من فبراير سنة 1957 لأنه كان من موظفي الدرجة الثالثة وقتئذٍ ولم يرق إلى الدرجة الثانية إلا في الحركة المذكورة. هذا فضلاً عن أن الترقية للدرجة الأولي تتم بالاختيار دون تقيد بالأقدمية، وخلصت الوزارة إلى طلب رفض الدعوى. وبجلسة 27 من ديسمبر سنة 1962 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى قاضياً برد أقدمية المستأنف في الدرجة الثالثة إلى 30 من أبريل سنة 1953 وفي الدرجة الثانية إلى 28 من يولية سنة 1955 وبإلغاء القرار الصادر في 28 من فبراير سنة 1957 فيما تضمنه من تخطي المستأنف في الترقية إلى الدرجة الأولى مع ما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام الحكومة المصروفات عن الدرجتين. وقد أسست المحكمة قضاءها على ما ثبت لها من مراجعتها لميزانية وزارة المالية والاقتصاد لسنة 1952 - 1953 من انعدام التناسق والانسجام الهرمي في الدرجات داخل وحدات الديوان العام للوزارة الأمر الذي لا يمكن معه اعتبار هذه الوحدات مستقلة وقائمة بذاتها من ناحية الدرجات مما يتعين معه اعتبار الديوان العام بجميع أقسامه وحدة واحدة تنتظم جميع موظفيه أقدمية واحدة هذا من جهة ومن جهة أخري فإن القرار المطعون فيه قد تضمن ترقية خمسة من الموظفين ذوي المؤهلات المتوسطة إلى الدرجة الثالثة بالأقدمية بالمخالفة لحكم المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي لا تجيز ترقية الموظفين ذوي المؤهلات المتوسطة على درجات بالكادر العالي في النسبة المخصصة للترقية بالأقدمية وإنما تجيز ترقيتهم في نسبة الاختيار في حدود 40% منها وبإبطال ترقية هؤلاء وعلى أساس أن الديوان العام وحدة يدرك المدعي الدور في الترقية بالأقدمية بالقرار المطعون فيه، وإذ كان قد رقي إلى الدرجتين الثالثة والثانية وقت صدور الحكم فقد أرجعت أقدميته في الدرجة الثالثة إلى 30 من أبريل سنة 1953 كما أرجعت أقدميتة في الدرجة الثانية إلى 28 من يولية سنة 1955 أما بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار الصادر في 28 من فبراير سنة 1957 بالترقية إلى الدرجة الأولي فقد ذكرت المحكمة أن حجة الوزارة القائمة على أنه في التاريخ المراد ترقيته فيه لتلك الدرجة كان بالدرجة الثالثة قد سقطت وأن الوزارة لم تدفع الدعوى بما يؤثر على كفايته ولهذا استجابت كذلك لهذا الطلب.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون فيما ذهب إليه من اعتبار جميع الوظائف المدرجة في أقسام الميزانية بالديوان العام للوزارة المدعى عليها وحدة واحدة وأنه حتى مع التسليم بصحة ذلك - وهو غير صحيح - وإدماج كادر الديوان العام والحسابات فإن المطعون ضده لا يجد بين أقرانه أقدمية تسمح بترقيته فهو لا يسبق في الأقدمية سوي السيدين/ شفيق رفقي لطيف وجمال الدين أحمد وكلاهما رقي بالاختيار. كما أنه لا وجه لإعمال المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في خصوصية هذه الدعوى لسببين:
أولهما - أن المطعون في ترقيتهم من ذوي المؤهلات المتوسطة معينون أصلاً وفي تاريخ سابق على ترقيتهم بالكادر الإداري.
والثاني - أن مراعاة النسب الواردة في تلك المادة لا تكون إلا عند الترقية من أعلي درجة في الكادر الفني المتوسط إلى الدرجة التالية لها في الكادر الفني العالي ولم يكن بالوزارة وقت إجراء حركة الترقيات المطعون فيها وظائف بالكادر الفني العالي من الدرجة الثالثة - كما تكون النسبة ملحوظة عند الترقية من أعلى درجة من درجات الكادر الكتابي إلى الدرجة التالية لها في الكادر الإداري والمطعون في ترقيتهم وإن كانوا من ذوي المؤهلات المتوسطة إلا أنهم معينون أصلاً بالكادر الإداري ومن ثم لا ينطبق عليهم القيد الوارد بتلك المادة، هذا إلى أن الترقية إلى الدرجة الأولي تتم بالاختيار المطلق دون التقيد بالأقدمية.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن ومبناه أن الديوان العام بوزارة المالية والاقتصاد لا يعتبر وحدة واحدة في الأقدمية والترقية وبالتالي لا تنتظم موظفي أقسامه المختلفة أقدمية واحدة فقد بان من الاطلاع على ميزانية الدولة لعام 1952 - 1953 أن التوزيع الوارد بميزانية الديوان العام ليس مقصوداً به تقسيمه إلى وحدات مستقلة بذاتها وآية ذلك انعدام التناسق والانسجام الهرمي بين الدرجات داخل تلك الوحدات ولهذا فإنه لا يمكن اعتبار هذه الوحدات قائمة بذاتها من ناحية توزيع الدرجات بما يمتنع معه ترقية بعض موظفي هذه الوحدات على درجات الوحدات الأخرى بل يعتبر الديوان العام بجميع أقسامه وحدة واحدة بالنسبة إلى جميع الدرجات وإلى ترتيب الأقدمية عند الترقية إليها بهذا يكون الوجه الأول من أوجه الطعن غير سديد.
ومن حيث إن حاصل الوجه الثاني من أوجه الطعن أنه حتى مع القول بإدماج كادر وحدات الديوان العام فإن الدور ما كان يصيب المدعي في الترقية بالأقدمية إذ أنه لا يسبق سوى اثنين وقد رقيا بالاختيار وهما من حملة الشهادات المتوسطة وأنه لا وجه لأعمال حكم المادة 41 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على هذه المنازعة.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن المادة 41 تتضمن حكمين من أحكام الترقية الأول من أعلي درجة من الكادر الفني المتوسط إلى الدرجة التالية لها في الكادر الفني العالي في حدود النسبة المخصصة للاختيار وهو ما تحدثت عنه الفقرة الأولى منها التي ذيل عجزها بالعبارة الآتية "ويعمل بهذه القواعد عند الترقية إلى أية درجة أعلى" أما الثاني فهو الترقية من أعلى درجة من درجات الكادر الكتابي إلى الدرجة التالية لها في الكادر الإداري في حدود النسبة المخصصة للاختيار وهو ما توجت به الفقرة الثانية من هذه المادة وجاء عجزها خلواً من العبارة الواردة في عجز الفقرة الأولى بل ولم يحل إليها أو يأتي بأية إشارة عنها مما يقطع بمغايرة الحكم في الفقرتين يؤكد ذلك أن هذه المادة كانت تجري من قبل من غير فقرات وفي ذيلها العبارة آنفة الذكر فلم يكن هناك وقتئذٍ مجال لأدنى ريب في أنها تصدق على الحالتين معاً أما وضعها بعد ذلك على فقرتين على الوجه سالف الذكر والآتيان بهذه العبارة في ذيل الفقرة الأولى بالذات فيكون حكمها خاصاً بها دون الفقرة الثانية وذلك لأنها تأتي بقيد على أصل والقيد دائماً يطبق في أضيق الحدود ولا يسوغ التوسع في مجال أعماله ويظاهر هذا المفهوم المنبثق من عبارة النص الصريحة والمبادئ الأصولية في التفسير وتوافر الحكمة - مع أنه لا حاجة إلى البحث وراء توافرها أو عدمه في حالة النص الصريح - وهي أن الكادر الفني العالي تصل درجاته العالية إلى درجات ذات مسئولية خطيرة لا يستطيع الاضطلاع بها إلا ذوو الثقافات الفنية العالية وليس الأمر كذلك في حالة الكادر الإداري الذي لا تزيد من درجاته كثيراً عن درجات الكتابي. ولا يقدح في صحة ما سبق من قضاء لهذه المحكمة وفي وجوب إنزال مقتضاه على واقعات هذه الخصومة ما ينعاه المدعي من أن ذوي المؤهلات المتوسطة الذين رقوا في القرار الصادر في 30 من أبريل سنة 1953 لم يصدر في شأنهم قرار إداري بنقلهم من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري وأن محضر لجنة شئون الموظفين المنعقدة بجلسة 22 من فبراير سنة 1953 فيما تضمنه من توزيع للدرجات الكتابية لا يمكن اعتباره ناقلاً لمن لم يرد له ذكر فيه من درجته الكتابية إلى درجة إدارية وأساس ذلك أن القرار الإداري ليست له صيغ معينة لا بد من انصبابه في إحداها بصورة إيجابية وإنما يكون كل ما يحمل معنى اتجاه إرادة جهة الإدارة في نطاق سلطتها الملزمة إلى إحداث أثر قانوني متى كان ذلك ممكناً وجائزاً, منطوياً على قرار إداري وإذ جرى توزيع درجات الكادر الكتابي - فيما ورد بأعمال من محضر لجنة شئون الموظفين بجلستها المشار إليها - خلال المدة التي أجاز فيها القانون رقم 87 لسنة 1953 نقل الموظف من وظيفة فنية متوسطة أو كتابية إلى وظيفة فنية عالية أو إدارية من الدرجة ذاتها فإن ما ورد بتلك اللجنة من حصر للوظائف الكتابية يكون منطوياً على قرار بنقل من عداهم من أصحاب الدرجات الكتابية إلى الدرجات الإدارية المماثلة لها وإذ خلت محاضر تلك الجلسة من أسماء من رقوا بالاختيار في حركة 30 من أبريل سنة 1953 وكل من يسبق الطاعن في الأقدمية من حملة المؤهلات المتوسطة لهذا فإنهم يعتبرون جميعاً قد نقلوا من ذلك التاريخ إلى الكادر الإداري.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة محضر لجنة شئون الموظفين بالديوان العام وفروعه بجلساتها المنعقدة خلال المدة من 25 من مارس سنة 1953 حتى يوم 30 من أبريل سنة 1953 الذي صدر على أساسه القرار المطعون فيه أن عدد الدرجات التي خصصت للترقية إلى الدرجة الثالثة بكادر الديوان العام وحسابات الوزارات والمصالح تبلغ ثلاث عشرة درجة تم شغل تسعة منها بالأقدمية أما الأربعة الأخرى فقد تم شغلها بالاختيار، ولما كان ترتيب المطعون عليه بين أقدمية شاغلي الدرجة الرابعة الإدارية بكادر الديوان العام وحسابات الوزارات والمصالح عند صدور القرار موضوع هذا الطعن هو التاسع عشر بينهم فإن أقدميته ما كانت لتؤهله للترقية بالأقدمية وإذ لم يكن الطاعن يسبق سوى اثنين رقيا بالاختيار هما السيدان/ شفيق رفقي لطيف وجمال الدين أحمد وقد ألغيت ترقية ثانيهما ورقي بدلاً منه السيد/ محمد الشرقاوي الذي ترجع أقدميته في الدرجة الرابعة إلى 15 من مارس سنة 1950 ومن ثم ينحصر الخلاف حول ترقية السيد/ شفيق رفقي لطيف بالاختيار. وأيا كان الرأي القانوني في ضوء الجدل الذي أثير حول الترقية بالاختيار بصفة عامة بالقرار موضوع هذا الطعن على أساس أن التقارير السنوية لم تكن قد وضعت بعد عند صدور القرار آنف الذكر، فإن إلغاء ترقية السيد/ شفيق رفقي لطيف وبقية من رقوا بالاختيار ما كانت لتفيد المدعي الذي كان يسبقه آخرون في ترتيب الأقدمية ومن ثم لا تكون له مصلحة تسند طعنه، وحاصل ذلك ولازمه أن هذا الطعن لا يفضي بالطاعن إلى أحقيته في إرجاع أقدميته في الدرجة الثالثة إلى 30 من أبريل سنة 1953 ويكون بذلك مستأهلاً الرفض وكذلك شأن طلبه إرجاع أقدميته في الدرجة الثانية إلى 28 من يوليه سنة 1955 طالما أنه بني على طلبه الخاص بأقدميته في الدرجة الثالثة.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب الطاعن إلغاء القرار الصادر في 28 من فبراير سنة 1957 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى فهو خليق بالرفض كذلك إذ أن الطاعن لم يرق إلى الدرجة الثانية إلا من التاريخ الذي يود أن يرد إليه أقدميته في الدرجة الأولي. وإذ اخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع وإلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاًً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.