مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1965) - صـ 1638

(149)
جلسة 13 من يونيه 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور احمد موسى وعلى محسن مصطفى وعبد الفتاح نصار وحسنين رفعت حسنين المستشارين.

القضية رقم 472 لسنة 7 القضائية

( أ ) موظف - مكافأة نهاية الخدمة - ميعاد - سكوت المدعي عن تضمين تظلماته المقدمة بخصوص إعادته للخدمة أية مطالبة للمكافأة عن مدة خدمته السابقة - سقوط حقه في المكافأة بانقضاء المواعيد المقررة قانوناً لطلبها.
(ب) موظف - مكافأة نهاية الخدمة - فصل - فصل الموظف من الخدمة لجمعه بين وظيفته وعمل آخر دون إذن - يعد من قبيل العزل المنصوص عليه بالمادة 61 من قانون المعاشات الملكية رقم 5 لسنة 1909 - سقوط الحق في مكافأة نهاية الخدمة تبعاً لذلك.
1 - بالرجوع إلى التظلمات المقدمة من المدعي بخصوص إعادته للخدمة في المدة من تاريخ فصله إلى تاريخ استلامه العمل في 12 من أكتوبر 1951 وهى تجاوز الستة أشهر وبمطالعة الطلبات المقدمة منه يعد هذا التاريخ إلى 17/ 8/ 1955 وهى عديدة وجميعها مودع ملف خدمته لا يبين منها أن المدعي ضمنها مطالبته بمكافأة عن مدة خدمته، ومن ثم فإنه وقد قضت المادة 40 من القانون رقم 5 لسنة 1909 الخاص بالمعاشات الملكية بأنه يجب تقديم طلب المعاش أو المكافأة مع جميع المستندات في ميعاد ستة أشهر تمضي من اليوم الذي يفقد فيه الموظف أو المستخدم حقه في ماهيته ووظيفته، ثم تكفلت المادة 41 من القانون المذكور بالنص على أنه إذا قدم أي طلب يختص بالمعاش أو المكافأة بعد انقضاء المواعيد المقررة في المادة السابقة وبخلاف الشكل المقرر فيها فيكون مرفوضاً وتسقط جميع حقوق الطالب في المعاش أو المكافأة، فإنه تطبيقاً لهذين النصين لا يحق للمدعي المطالبة بمكافأة ما عن مدة خدمته السابقة.
2 - على موجب المادة 61 من قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909 فإن العزل بالكيفية المنصوص عليها في اللوائح يوجب سقوط كل الحقوق في المكافأة وإذا أعيد الموظف أو المستخدم المعزول بهذه الكيفية إلى الخدمة فمدد خدمته السابقة لا تحسب في تسوية المعاش أو المكافأة عن مدة خدمته الجديدة وغنى عن البيان أن فصل المدعي من الخدمة لجمعه بين وظيفته وعمل آخر دون إذن خروجاً على مقتضيات الوظيفة وواجباتها هو من قبيل العزل الذي عينته المادة 61 سالفة الذكر، ويؤكد هذا السقوط أيضاً أن انتهاء خدمة المدعي على نحو ما ذكر يخرج بذاته عن الحالات التي جعلها الشارع في المادة 32 من قانون المعاشات المذكور موجبة لمنح المكافآت للمستخدمين المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال المندرجين في الجدول حرف (ا) ومن بينهم المدعي باعتباره شاغلاً لوظيفة مؤذن، إذ قصر منح هذه المكافآت على حالات انتهاء الخدمة بسبب بلوغ السن بمقتضى الفقرة الثالثة من المادة 14 أو بسبب العاهة أو المرض أو كبر السن مما يجعلهم غير لائقين للخدمة وكلها حالات لم تتحقق بالنسبة إلى المدعي عند انتهاء خدمته السابقة التي يطالب بالمكافأة عنها.


إجراءات الطعن

بتاريخ 3/ 1/ 1961 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بجلسة 5/ 11/ 1960 في الدعوى رقم 483 لسنة 7 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد قضب العريان ضد وزارة الأوقاف القاضي "باستحقاق المدعي في صرف المكافأة التي يستحقها عن مدة خدمته من أول أبريل سنة 1943 إلى أول مارس سنة 1951 ورفض ما عدا ذلك في طلبات وألزمت المدعي عليها بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة" وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من استحقاق المطعون ضده مكافأة عن مدة خدمته السابقة ورفض الدعوى مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، وقد أعلن الطعن إلى المدعي في 17/ 1/ 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6/ 2/ 1965 وأخطرت الحكومة والمدعي في 13/ 1/ 1965 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 18/ 4/ 1965 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن على الوجه الموضح تفصيلاً بالمحضر أرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام دعواه طالباً صرف المكافأة التي يستحقها عن مدة خدمته السابقة وتسوية حالته طبقاً لقواعد الإنصاف الصادرة في 30 من يناير سنة 1944 ومنحه إعانة غلاء المعيشة على أساس ثلاثة جنيهات شهرياً، وقال في بيان ذلك أنه عين بوظيفة مؤذن بمسجد الأوقاف الكبير بكفر الزيات في أول أبريل سنة 1943 بمرتب شهري قدره جنيه، وفى أول أغسطس سنة 1947 رفع مرتبه إلى جنيه واحد و750 مليماً شهرياً ثم فصل من الخدمة في أول مارس سنة 1951 وبتاريخ 12 أكتوبر سنة 1951 أعيد تعيينه من جديد في وظيفته وبمرتب شهري قدره ثلاثة جنيهات، وقد كان يتعين على الوزارة منحه إعانة غلاء المعيشة على أساس هذا الأجر الأخير غير أن الوزارة ظلت تمنحه هذه الإعانة على أساس الأجر الذي كان يتقاضاه عند فصله، كما أنها لم تصرف له الفروق على أساس الإنصاف الذي يستحقه من بدء الخدمة أسوة بزملائه باعتباره معيناً منذ سنة 1943 وعلاوة على ذلك فقد امتنعت عن صرف المكافأة التي يستحقها عن مدى خدمته السابقة على قرار الفصل المشار إليه.
وأجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن سبب فصل المدعي من الخدمة في أول مارس سنة 1951 هو جمعه بين عمله كمؤذن واشتغاله بمهنة الحانوتية ورفضه الانقطاع لأعمال المسجد ونظراً إلى التظلمات العديدة التي قدمها وما ثبت من أنه استقال من القيام بمهنة الحانوتية رأت الوزارة إعادة تعيينه من جديد بحالته ومرتبه السابقين ومن ثم منح مرتباً قدره جنياً واحداً و750 مليماً اعتباراً من 12 أكتوبر سنة 1951 تاريخ مباشرته العمل ثم رفع مرتبه إلى ثلاثة جنيهات شهرياً من أول يناير سنة 1953 طبقاً لأوضاع الميزانية وبذلك يكون المدعي قد حصل على جميع حقوقه ولا يجوز له المطالبة بالمكافأة أو تسوية حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف عن مدة خدمته السابقة على فصله بسبب جمعه بين عمله ومهنة الحانوتية كما لا يجوز منحه علاوة غلاء المعيشة إلا على أساس الأجر الذي كان يتقاضاه عند عودته للخدمة وهو جنيهاً واحداً و750 مليماً لتثبيتها على مقتضاه.
وبجلسة 5 نوفمبر سنة 1960 قضت المحكمة باستحقاق المدعي في صرف المكافأة التي يستحقها عن مدة خدمته من أول أبريل سنة 1943 إلى أول مارس سنة 1951 ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت المدعي عليه بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة، وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن خدمة المدعي كانت قد انتهت بقرار فصله الأول فأنشأ هذا القرار في حقه مركزاً قانونياً انتهت به هذه الخدمة وقتذاك ولا يزيل أثره كونه أعيد للخدمة من جديد بعد أن استقال من أعمال الحانوتية وزوال السبب الموجب لفصله وتأسيساً على ذلك لا يكون ثمة سند من القانون لحرمان المدعي من المكافأة التي يستحقها عن مدة خدمته السابقة خصوصاً وأن الطلبات المقدمة منه لإعادته إلى الخدمة وما حوته من عبارات تدل على ما يعانيه من الفاقة والعوز تعتبر شاملة لطلب المكافأة في بحر الستة شهور المحددة قانوناً، علاوة على أن الوزارة نفسها لا تنازعه فيها وإنما تكتفي بالقول بأن صرفها لا يكون إلا بعد نهاية مدة خدمة المدعي، وفيما يتعلق بطلب المدعي تطبيق قواعد الإنصاف على حالته باعتباره في الخدمة منذ سنة 1943 فإنه ما كان يمكن تطبيق هذه القواعد على خدم المساجد ومؤذنيها إلا بفتح الاعتماد اللازم لهذا الغرض في ميزانية الوزارة المستقلة بذاتها، واستمر الحال كذلك إلى أن صدر المرسوم بفتح هذا الاعتماد الإضافي، ومن ثم فإنه اعتباراً من 7 فبراير سنة 1952 رفعت مرتبات من عين منهم قبل يناير سنة 1944 ومن عين منهم بعد هذا التاريخ رفعت مرتباتهم من أول يناير سنة 1953، وإذا كان الثابت أن المدعي أعيد تعيينه في 12 من أكتوبر سنة 1951 بمرتبه السابق وهو جنيهاً واحداً و750 مليماً رفع إلى ثلاثة جنيهات منذ أول يناير سنة 1953، فإنه يكون قد حصل جميع حقوقه في هذا الشأن وبالتالي فإنه لا يستحق إعانة غلاء المعيشة إلا على أساس المرتب الذي أعيد تعيينه به ما دام أن كل زيادة يحصل عليها بعد ذلك لا يترتب عليها زيادة في إعانة الغلاء، وذلك تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1950 بتثبيتها.
ومن حيث إن طعن الوزارة ينصب على ما قضى به الحكم المذكور من استحقاق المدعي مكافأته عن مدة خدمته السابقة وتقوم على أن المادة 61 من القانون رقم 5 لسنة 1909 بشأن المعاشات الملكية تنص على أن العزل بالكيفية المنصوص عنها في اللوائح يوجب سقوط كل الحقوق في المكافأة، ولما كان المدعي قد فصل من الخدمة لجمعه بين عمله كمؤذن وامتهانه الحانوتية خلافاً لما هو واجب على الموظف من عدم الجمع بين وظيفته الحكومية وأي عمل آخر فإن فصله لهذا السبب يجعله لا يستحق مكافأة ما عن مدة خدمته السابقة على الفصل، وفضلاً عن ذلك فإنه بالتطبيق للمادتين 40، 41 من القانون سالف الذكر وتنص أولاهما على وجوب تقديم طلب المكافأة في ميعاد ستة أشهر وتقضي الثانية بأن عدم تقديم هذا الطلب في الميعاد يترتب عليه سقوط الحق في المكافأة فإن المدعي ما دام لم يتقدم بطلب صرف مكافأته إلا في 17/ 8/ 1955 يكون حقه في هذه المكافأة قد سقط استناداً لهذا الوجه أيضاً.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى التظلمات المقدمة من المدعي بخصوص إعادته للخدمة في المدة من تاريخ فصله إلى تاريخ استلامه العمل في 12 من أكتوبر سنة 1951، وهى تجاوز الستة أشهر وبمطالعة الطلبات المقدمة منه بعد هذا التاريخ إلى 17/ 8/ 1955 وهى عديدة وجميعها مودع ملف خدمته لا يبين منها أن المدعي ضمنها مطالبة ما بمكافأة عن مدة خدمته ومن ثم فإنه وقد قضت المادة 40 من القانون رقم 5 لسنة 1909 الخاص بالمعاشات الملكية بأنه يجب تقديم طلب المعاش أو المكافأة مع جميع المستندات في ميعاد ستة أشهر تمضي من اليوم الذي يفقد فيه الموظف أو المستخدم حقه في ماهيته ووظيفته، ثم تكلفت المادة 41 من القانون المذكور بالنص على أنه إذا قدم أي طلب يختص بالمعاش أو المكافأة بعد انقضاء المواعيد المقررة في المادة السابقة وبخلاف الشكل المكرر فيها فيكون مرفوضاً وتسقط جميع حقوق الطالب في المعاش أو المكافأة، فإنه تطبيقاً لهذين النصين لا يحق للمدعي المطالبة بمكافأة ما عن مدة خدمته السابقة.
ومع ذلك فإنه حتى لو صحت على الفرض الجدلي متابعة الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من التعويل على أن الطلبات المقدمة من المدعي لإعادته للخدمة وتلك الخاصة بإنصافه وضم مدة خدمته السابقة قد تحمل في طياتها المطالبة بجميع حقوقه ومنها المكافأة المستحقة له فإن هذا الاستحقاق المزعوم يحول دونه اعتباراً آخر يتعلق بسقوط المكافأة على أساس آخر وهو سقوطها في حالة العزل وهو ما أكدته المادة 61 من قانون المعاشات آنف الذكر حين تضمنت ونوهت صراحة على موجب المادة 61 من قانون المعاشات رقم 5 لسنة 1909، فإن العزل بالكيفية المنصوص عليها في اللوائح يوجب سقوط كل الحقوق في المكافأة وإذا أعيد الموظف أو المستخدم المعزول بهذه الكيفية إلى الخدمة فمدد خدمته السابقة لا تحسب في تسوية المعاش أو المكافأة عن مدة خدمته الجديدة وغنى عن البيان أن فصل المدعي من الخدمة لجمعه بين وظيفته وعمل آخر دون إذن خروجاً على مقتضيات الوظيفة وواجباتها هو من قبيل العزل الذي عنته المادة 61 سالفة الذكر، ويؤكد هذا السقوط أيضاً أن انتهاء خدمة المدعي على نحو ما ذكر يخرج بذاته عن الحالات التي جعلها الشارع في المادة 32 من قانون المعاشات المذكور موجبة لمنح المكافأة للمستخدمين المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال المندرجين في الجدول حرف ( أ ) ومن بينهم المدعي باعتباره شاغلاً لوظيفة مؤذن إذ قصر منح هذه المكافآت على حالات انتهاء الخدمة بسبب بلوغ السن بمقتضى الفقرة الثالثة من المادة 14 أو بسبب العاهة أو المرض أو كبر السن مما يجعلهم غير لائقين للخدمة وكلها حالات لم تتحقق بالنسبة إلى المدعي عند انتهاء خدمته السابقة التي يطالب بالمكافأة عنها.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه وقد ذهب مذهباً مخالفاً فيما يتعلق بما قضى به من استحقاق المدعي صرف مكافأته عن مدة خدمته السابقة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين من ثم إلغاؤه في هذا الشق منه والقضاء برفض هذا الطلب، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد صدر برفض ماعدا ذلك من طلبات على وجه صائب سليم يتفق وأحكام القانون فإن الدعوى بهذه المثابة تصبح برمتها واجبة الرفض ويتعين إلزام رافعها بكامل مصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من استحقاق المدعي لصرف المكافأة عن مدة خدمته التي انتهت في أول مارس سنة 1951 وبرفض هذا الطلب وتأييد الحكم فيما عدا ذلك وألزمت المدعي بالمصروفات.