مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1965) - صـ 1644

(150)
جلسة 13 من يونيه سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة على محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومي نصار وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 1312 لسنة 7 القضائية

( أ ) موظف - مدة خدمة سابقة - القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة - يفيد منه جميع الموظفين الموجودين في الخدمة وقت صدوره أياً كان تاريخ التحاقهم بها - قاعدة حساب مدد الخدمة السابقة في الحكومة أو في الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة أو في غير الحكومة وهذه الأشخاص الإدارية.
(ب) موظف - مدة خدمة سابقة - قضاء إداري - اختصاص - مدد الخدمة التي قضيت في غير الحكومة والأشخاص الإدارية العامة - اشتراط القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 لضمها اتفاق طبيعة العمل فيها مع طبيعة العمل في الحكومة - اختصاص لجنة شئون الموظفين بالتحقق من توافر هذا الشرط - لا يخل برقابة القضاء الإداري في هذا المضمار - أساس ذلك.
(جـ) موظف - مدة خدمة سابقة - شروط اتفاق طبيعة العمل السابق مع العمل الجديد - لا يعنى تمام التطابق والتحاذي من جميع الوجوه - يكفى أن يكون العمل السابق بحسب الاستعداد فيه والتأهيل له متماثلاً مع العمل الحالي - قيام هذا التماثل بين عمل المحاسب ببنك مصر وعمل مساعد مأمور الضرائب.
1 - سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة يفيد منه جميع الموظفين الموجودين في الخدمة وقت صدوره أياً كان تاريخ التحاقهم بالخدمة وقد نص هذا القرار في المادة الثانية منه على أن مدد العمل السابقة في الحكومة أو في الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانية الملحقة أو المستقلة تحسب كاملة سواء أكانت متصلة أم منفصلة بشروط حددتها المادة المذكورة كما نص هذا القرار في الفقرة الرابعة من المادة المشار إليها على أن مدد العمل السابقة التي تقضي في غير الحكومة والأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانية المستقلة أو الملحقة سواء كانت متصلة أو منفصلة تحسب ثلاثة أرباعها بشرطين: ( أ ) لا تقل مدة الخدمة السابقة عن سنتين. (ب) أن تكون طبيعة العمل فيها متفقة مع طبيعة العمل بالحكومة ويرجع في ذلك إلى لجنة شئون الموظفين المختصة.
2 - أنه وإن كان القرار الجمهوري سالف الذكر قد اشترط لضم المدة التي قضت في غير الحكومة والأشخاص الإدارية العامة أن تكون طبيعة العمل فيها متفقة مع طبيعة العمل في الحكومة وناط بلجنة شئون الموظفين أن تحدد ذلك إلا أن هذا لا يعنى ألا يكون للقضاء الإداري حق مراقبة صحة السبب الذي استندت إليه الإدارة في رفض ضم مدة الخدمة السابقة ومدى مطابقتها للقانون، وواقع الأمر أن واضع القرار الجمهوري إنما يهدف من إسناد التقارير إلى لجنة شئون الموظفين إلى تحقيق ضمانة أكبر تكفل حسن تطبيق القانون إذ كان الوضع قبل صدور القرار الجمهوري لا يستلزم عرض الأمر في هذا الشأن على لجنة شئون الموظفين المختصة وإنما كان ذلك موكلاً إلى الرئيس الإداري ينفرد فيه بالتقرير ومن ثم فالرجوع إلى هذه اللجنة لم يكن مقصوداً به الخروج على ما كان مستقراً في القضاء الإداري من تسليط رقابته على تقدير الإدارة في مسألة ما إذا كان العمل السابق متفقاً في طبيعته أو غير متفق، ذلك أنه وفقاً لقانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 يختص هذا المجلس بهيئة قضاء إداري بالفصل في بعض المسائل وتكون فيها ولاية القضاء كاملة ومن بين ما نص عليه من ذلك المنازعات المتعلقة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين أو ورثتهم والطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو منح علاوة، ومن المقرر أنه تفسيراً لهاتين الفقرتين جرى القضاء الإداري على اختصاصه بالنظر في جميع القرارات التي تؤثر في الحاضر أو المستقبل في مرتبات الموظفين أو معاشاتهم أو في ترقياتهم أو في منحهم العلاوات، ولا شبهة في أنه يندرج في هذه الولاية المحددة تلك المنازعات المتعلقة بضم مدة الخدمة لأنها تؤثر في المركز القانوني للموظف ويمتد آثرها إلى الأحكام التي يخضع لها المرتب والترقية والعلاوة أو المعاش وإذا كان هذا الأمر من المسلمات فإن وزن الأمور بالقسط في الحالة المعروضة تقتضي من هذه المحكمة أن تزن طبيعة الوظيفة السابقة ومدى اتفاقها مع طبيعة الوظيفة الجديدة في ضوء المستندات المقدمة إليها لتقول كلمتها وإلا أصبحت رقابتها غير جدية والقول بغير ذلك يؤدي إلى جعل الحق في الضم، وهو حق مستمد أصلاً من القانون خاضعاً لمحض تقدير الإدارة ورهين بمشيئتها دون معقب عليها من القضاء الإداري وهو ما لا يمكن قبوله بحال.
3 - إن المقصود بالشرط الخاص باتحاد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته هو أن يتماثل العملان وليس مؤدي ذلك أن يكون الاختصاص واحد في العملية وأن يكون العملان متطابقين تمام التطابق بحيث يتحاذيان من جميع الوجوه وإنما يكتفي أن يكون العمل السابق بحسب الاستعداد فيه والتأهيل له متماثلا للعمل الحالي، وإذ كان الثابت من الأوراق أن مصلحة الضرائب ارتأت أن عمل المحاسب بالبنك يعد عملاً فنياً يتفق في طبيعته مع عمل مساعد مأمور الضرائب وذلك بمناسبة ضم مدة خدمة سابقة لزميلين للمدعي. إذ أن في مقدمة ما يجب توافره في موظف الضرائب الفني الإلمام التام بعملي المحاسبة والمراجعة من الناحيتين النظرية والعملية وقد أتاح له عمله بالبنك خلال المدة الطويلة من عمله فيه فرصة استكمال المران العملي بفضل ما أحاط به من مبادئ هذين العملين، وهذا المران من شأنه أن يعينه كثيراً على أداء عمله ومن ثم يستقيم القول بأن عمله الحالي بالمصلحة في أهم نواحيه - وهى ناحية الفحص - يعد استمراراً لعمله السابق في البنك، وفضلاً عما تقدم فإن لجنة شئون الموظفين بمصلحة الضرائب ذاتها عند نظرها للطلبات المقدمة من الموظفين المذكورين وغيرها من زملاء المدعي لضم باقي مدد خدمتهم السابقة بالبنوك إلى مدد خدمتهم الحالية بالمصلحة عملاً بأحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 قد رأت بمحضرها رقم 49 لسنة 1959 في 27/ 8/ 1959 أن طبيعة عملهم السابق يتفق وطبيعة عملهم بالحكومة وفى هذا تأكيد من جانب لجنة شئون موظفي المصلحة لما سبق أن قررته مصلحة الضرائب من تماثل هذين العملين، وتأسيساً على ما تقدم يكون ما انتهت إليه لجنة شئون موظفي مصلحة الضرائب وضمنته محضرها رقم 33 لسنة 1959 في 19/ 5/ 1959 من اعتبارها مدة خدمة المدعي السابقة ببنك مصر غير متفقة مع عمله الجديد كمساعد مأمور ضرائب دون إبداء أسباب غير متمشي مع المبادئ التي سلف بيانها فضلاً عن تعارضه مع ما قررته هي بنفسها بالنسبة لزملاء المدعي ذلك أن هذا الرأي لا يتفق مع ما سبق إيراده من أنه يكتفي في هذا الصدد بأن يكون العمل السابق بحسب الاستعداد فيه والتأهيل له مماثلاً للعمل الحالي، ويترتب على ما تقدم أن تقدير لجنة شئون الموظفين الصادر برفض طلب المدعي ضم مدة خدمته السابقة ببنك مصر يكون على خلاف ما يقضي به التطبيق السليم للقانون.


إجراءات الطعن

بتاريخ 13/ 6/ 1961 وفى خلال الستون يوماً التالية لرفض الطلب الذي قدم للجنة المساعدة القضائية بجلسة 15/ 4/ 1961 أودع الوكيل عن السيد/ ألفي عزيز عبد الملك عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة التسويات) بجلسة 12/ 12/ 1960 في الدعوى رقم 454 لسنة 4 القضائية المرفوعة منه ضد وزارة الخزانة القاضي "برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات" وطلب المدعي للأسباب المبينة بصحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بالطلبات الواردة بعريضة الدعوى الأصلية وقد أعلن الطعن للحكومة في 19/ 6/ 1961، وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/ 4/ 1964، وأخطرت الحكومة والمدعي في 22/ 3/ 1964 بميعاد هذه الجلسة، وفيها قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 18/ 4/ 1965 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن على الوجه الموضح بالمحضر أرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بأحقيته في ضم مدة خدمته السابقة ببنك مصر من 22/ 9/ 1956 إلى 1/ 10/ 1958 إلى مدة خدمته الحكومية مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال في بيان ذلك أنه حصل على بكالوريوس كلية التجارة في دور يوليو سنة 1956 بدرجة جيد، وفى 22/ 9/ 1956 التحق ببنك مصر فرع القاهرة ثم اجتاز المسابقة رقم 15 لسنة 1958 بديوان الموظفين للتعيين في إحدى وظائف الدرجة السادسة بالكادر العالي بالمصالح الحكومية، ثم صدر قرار بتعيينه بمصلحة الضرائب في 24/ 9/ 1958 للعمل كمساعد مأمور ضرائب بالدرجة السادسة الفنية وقدم استقالته من بنك مصر في 1/ 10/ 1958 واستلم العمل في مأمورية ضرائب الأقصر في 4/ 10/ 1958 وذكر في الاستمارة رقم 103 ع. ح أن له مدة خدمة سابقة ببنك مصر من 22/ 9/ 1956 حتى 1/ 10/ 1958 ثم طالب بمجرد تعيينه في 6/ 10/ 1958 بضم مدة خدمته السابقة، غير أن لجنة شئون الموظفين قررت رفض طلبه لأن طبيعة العمل السابق الذي كان يقوم به المدعي ببنك مصر لا يتفق مع عمله الجديد بمصلحة الضرائب، وذلك بالرغم من أن طبيعة عمله السابق ببنك مصر تشابه تماماً عمله بمصلحة الضرائب حيث إن بنك مصر كان يطبق قانون الدمغة رقم 224 لسنة 1951 وضريبة القيم المنقولة وقانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955 وهي نفس القوانين التي يطبقها بالمصلحة.
وأجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي حاصل على بكالوريوس التجارة سنة 1956 ورشح للتعيين في وظيفة من الدرجة السادسة الفنية، وصدر قرار بذلك في 24/ 9/ 1958 ثم تقدم بطلب ضم ثلاثة أرباع مدة خدمته السابقة ببنك مصر إلى مدة خدمته الحالية وذلك بالتطبيق للقرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 ولما كانت المدة المراد ضمها غير حكومية، لذلك استوجب الأمر تطبيق أحكام المادة الثانية من القرار الجمهوري المذكور التي تقضي بأن تكون طبيعة العمل في المدة المراد ضمها متفقة مع طبيعة العمل بالحكومة وأنه يرجع في تقدير ذلك إلى لجنة شئون الموظفين المختصة، وقد رأت لجنة شئون الموظفين بجلستها المنعقدة في 19/ 5/ 1959 أن طبيعة العملين مختلفة ولذلك أمتنع ضم تلك المدة إلى مدة خدمته الحالية، وتقرير اللجنة في نهائي ولا معقب عليه لأنه صادر من السلطة التي أناطها القانون بإصداره في حدود الرخصة المخولة لها قانوناً بمقتضى القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958.
وبجلسة 12/ 12/ 1960 قضت المحكمة برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أنه يشترط حتى يتسنى ضم ثلاثة أرباع مدة خدمة المدعي السابقة بالبنك إلى مدة خدمته بالحكومة أن تكون طبيعة العمل في الأولى متفقة مع طبيعة العمل في الحكومة، وإذ كان المدعي بالبنك المشار إليه بقلم الحسابات الجارية ومن ثم كان عمله مقصوراً على عمليات حسابية بحته تتلخص في رصد إيداع ومسحوبات العملاء وهو عمل لا يستلزم إلا قدرة محدودة على الأعمال الحسابية في حين أن عمله كمساعد مأمور ضرائب متعدد النواحي ويستلزم معرفة بقوانين الضرائب وقدرة على تطبيقها من الناحيتين القانونية والحسابية حيث يشمل تطبيقاً لضريبتي الأرباح والمهن الحرة وضريبة كسب العمل وضريبة التركات، وترتيباً على ذلك فإن طبيعة العملين تكون غير متفقة ومن ثم فإن لجنة شئون الموظفين بمصلحة الضرائب كانت على حق حينما قررت ذلك ويكون اعتراض المدعي على قرارها في ذلك غير قائم على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن طعن المدعي يقوم على أن المحكمة التي يبتغيها القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 من ضم مدة الخدمة السابقة كلها أو بعضها هي الخبرة التي استفادتها الموظف من عمله السابق مما يعود على العمل الجديد بالفائدة والنفع، ولما كان قلم الحسابات الجارية من أهم الأقسام في البنوك التجارية وذلك لأن معظم أرباح البنك تنتج من استثمار أموال الحسابات الجارية، كما أن العمليات التي تتم في هذا القلم تعامل بضريبة فوائد الديون أو بضريبة القيم المنقولة في نفس الوقت الذي تعامل فيه المستندات المستخدمة في هذا القسم بضريبة الدمغة، ووظيفة الكنترول بقلم الحسابات الجارية التي كان يشغلها المدعي بالبنك هي مراجعة جميع أعمال القلم واكتشاف الأخطاء بمجرد حدوثها وعمل الميزانيات الخاصة به وكلها مما يستدعي أن يكون الموظف الذي يعمل بها ملماً تماماً بالأصول المحاسبية السليمة وبالدقة في عمليات المراجعة، ومع هذا فإن لجنة شئون الموظفين بمصلحة الضرائب ذاتها عدلت عن رأيها ورأت أن طبيعة العمل ببنك مصر تتفق وطبيعة العمل بالنسبة لمساعدي المأموريات وفعلاً وافقت على ضم مدد الخدمة السابقة لزملاء المدعي وهم السادة حسين محمد حسن محمود وعز الدين سامي ومرزوق عبد المقصود محمد وصدر بذلك القرار الوزاري رقم 7 لسنة 1960، كما وافقت على ضم مدة خدمة السيد/ أحمد سليمان إبراهيم بليطة ومؤهله كذلك بكالوريوس تجارة بموجب القرار الوزاري رقم 6 لسنة 1960.
ومن حيث إنه (سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة يفيد منه جميع الموظفين الموجودين في الخدمة وقت صدوره أياً كان تاريخ التحاقهم بالخدمة وقد نص هذا القرار في المادة الثانية منه على أن مدد العمل السابقة في الحكومة أو في الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة تحسب كاملة سواء أكانت متصلة أم منفصلة بشروط حددتها المادة المذكورة كما نص هذا القرار في الفقرة الرابعة من المادة المشار إليها على أن مدد العمل السابقة التي تقضي في غير الحكومة والأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات المستقلة أو الملحقة سواء أكانت متصلة أو منفصلة تحسب ثلاثة أرباعها بشرطين: ( أ ) ألا تقل مدة الخدمة السابقة عن سنتين. (ب) أن تكون طبيعة العمل فيها متفقة مع طبيعة العمل بالحكومة ويرجع في ذلك إلى لجنة شئون الموظفين المختصة)
(2) ومن حيث إنه وإن كان القرار الجمهوري سالف الذكر قد اشترط لضم المدة التي سبقت في غير الحكومة والأشخاص الإدارية العامة أن تكون طبيعة العمل فيها متفقة مع طبيعة العمل في الحكومة وناط بلجنة شئون الموظفين أن تحدد ذلك إلا أن هذا لا يعنى ألا يكون للقضاء الإداري حق مراقبة صحة السبب الذي استندت إليه الإدارة في رفض ضم مدة الخدمة السابقة ومدى مطابقتها للقانون، وواقع الأمر أن واضع القرار الجمهوري إنما يهدف من إسناد التقدير إلى لجنة شئون الموظفين إلى تحقيق ضمانة أكبر تكفل حسن تطبيق القانون، إذ كان الوضع قبل صدور القرار الجمهوري لا يستلزم عرض الأمر في هذا الشأن على لجنة شئون الموظفين المختصة وإنما كان ذلك موكولاً إلى الرئيس الإداري ينفرد فيه بالتقدير، ومن ثم فالرجوع إلى هذه اللجنة لم يكن مقصوداً به الخروج على ما كان مستقراً في القضاء الإداري من تسليط رقابته على تقدير الإدارة في مسألة ما إذا كان العمل السابق متفقاً في طبيعته أو غير متفق، ذلك أنه وفقاً لقانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 يختص هذا المجلس بهيئة قضاء إداري بالفصل في بعض المسائل وتكون فيها ولاية القضاء كاملة ومن بين ما نص عليه من ذلك المنازعات المتعلقة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين وورثتهم والطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقيات أو منح علاوة، ومن المقرر أنه تفسيراً لهاتين الفقرتين جرى القضاء الإداري على اختصاصه بالنظر في جميع القرارات التي تؤثر في الحاضر أو المستقبل في مرتبات الموظفين أو معاشاتهم أو ترقيتهم أو في منحهم العلاوات، ولا شبهة في أنه يندرج في هذه الولاية المحددة تلك المنازعات المتعلقة بضم مدة الخدمة لأنها تؤثر في المركز القانوني للموظف ويمتد آثرها إلى الأحكام التي يخضع لها المرتب والترقية والعلاوة أو المعاش، وإذا كان هذا الأمر من المسلمات فإن وزن الأمور بالقسط في الحالة المعروضة تقتضي من هذه المحكمة أن تزن طبيعة الوظيفة السابقة ومدى اتفاقها مع طبيعة الوظيفة الجديدة في ضوء المستندات المقدمة إليها لتقول كلمتها وإلا أصبحت رقابتها غير جدية والقول بغير ذلك يؤدي إلى جعل الحق في الضم - وهو حق مستمد أصلاً من القانون - خاضعاً لمحض تقدير الإدارة ورهين بمشيئتها دون معقب عليها من القضاء الإداري وهو ما لم يمكن قبوله بحال.
ومن حيث إنه بالنسبة لمدى اتفاق طبيعة العمل السابق مع العمل الجديد فإن المقصود بالشرط الخاص باتحاد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته هو أن يتماثل العملان وليس مؤدي ذلك أن يكون الاختصاص واحداً في العملية وأن يكون العملان متطابقين تمام التطابق بحيث يتحدان من جميع الوجوه وإنما يكتفي أن يكون العمل السابق بحسب الاستعداد فيه والتأهيل له متماثلاً للعمل الحالي، وإذ كان الثابت من الأوراق أن مصلحة الضرائب ارتأت أن عمل المحاسبة للبنك يعد عملاً فنياً يتفق في طبيعته مع عمل مساعد مأمور الضرائب وذلك بمناسبة ضم مدة خدمة سابقة لزميلين للمدعي "إذ أن في مقدمة ما يجب توافره في موظف الضرائب الفني الإلمام التام بعملي المحاسبة والمراجعة من الناحيتين النظرية والعملية وقد أتاح له عمله بالبنك خلال المدة الطويلة من عمله فيه فرصة استكمال المران العملي بفضل ما أحاط به من مبادئ هذين العملين، وهذا المران من شأنه أن يعينه كثيراً على أداء عمله ومن ثم يستقيم القول بأن عمله الحالي بالمصلحة في أهم نواحيه - وهي ناحية الفحص - يعد استمراراً لعمله السابق في البنك، وفضلاً عما تقدم فإن لجنة شئون الموظفين بمصلحة الضرائب ذاتها عند نظرها للطلبات المقدمة من الموظفين المذكورين و غيرهما من زملاء المدعي لضم باقي مدد خدمتهم السابقة بالبنوك إلى مدة خدمتهم الحالية بالمصلحة عملاً بأحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 قد رأت بمحضرها رقم 49 لسنة 1959 في 27/ 8/ 1959 أن طبيعة عملهم السابق يتفق وطبيعة عملهم بالحكومة وفى هذا تأكيد من جانب لجنة شئون موظفي المصلحة لما سبق أن قررته مصلحة الضرائب من تماثل هذين العملين، وتأسيساً على ما تقدم يكون ما انتهت إليه لجنة شئون موظفي مصلحة الضرائب وضمنته محضرها رقم 33 لسنة 1959 في 19/ 5/ 1959 من اعتبارها مدة خدمة المدعي السابقة ببنك مصر غير متفقة مع عمله الجديد كمساعد مأمور ضرائب دون إبداء أسباب غير متمش مع المبادئ التي سلف بيانها فضلاً عن تعارضه مع ما قررته هي بنفسها بالنسبة لزملاء المدعي، ذلك أن هذا الرأي لا يتفق مع ما سبق إيراده من أنه يكتفي في هذا الصدد بأن يكون العمل السابق بحسب الاستعداد فيه والتأهيل له ممثلاً للعمل الحالي، ويترتب على ما تقدم أن تقدير لجنة شئون الموظفين الصادر برفض طلب المدعي ضم مدة خدمته السابقة ببنك مصر يكون على خلاف ما يقضي به التطبيق السليم للقانون، ومتى كان المدعي على حق في الإفادة من أحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 من حيث ضم ثلاثة أرباع مدة خدمته السابقة التي قضاها ببنك مصر اعتباراً من 22/ 9/ 1956 إلى 1/ 10/ 1958 لتوافر شروط الضم في حقه، فإن الحكم المطعون فيه وقد جرى بغير هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين لذلك إلغاؤه والقضاء للمدعي بطلباته مع إلزام الحكومة بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباستحقاق المدعي لضم ثلاثة أرباع خدمته السابقة ببنك مصر من 22 من سبتمبر سنة 1956 إلى أول أكتوبر سنة 1958 في حساب أقدمية في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي وما يترتب على ذلك من أثار على الوجه المبين بالأسباب وألزمت الحكومة بالمصروفات.