مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشر - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1970) - صـ 335

(53)
جلسة 23 من مايو سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف إبراهيم الشناوي ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

القضية رقم 684 لسنة 12 القضائية

موظف "ضم مدة خدمة". مسئولية الجهة الإدارية. "تعويض".
عدم رفع دعوى الإلغاء في الميعاد ليس إلا سبباً غير مباشر لا تنقطع به علاقة السببية بين الخطأ الذي وقع من جهة الإدارة وبين الأضرار التي لحقت المطعون ضده من جراء تراخيها في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحساب مدة خدمته.
يبين من الاطلاع علي أوراق الطعن أن المطعون ضدها تقدمت بطلب لحساب مدة خدمتها السابقة بالتعليم الحر مدعماً بالمستندات الكافية بتاريخ 18من أكتوبر سنة 1950، ولما لم تجبها جهة الإدارة إلى طلبها، تظلمت من التأخير في إجراء التسوية بتظلم قدمته بتاريخ 18 من نوفمبر سنة 1950، ثم توالت تظلماتها إلى جهة الإدارة، وبتاريخ 24 من يناير سنة 1951 أرسلت إدارة المستخدمين الأوراق إلى مراقب عام منطقة القاهرة الشمالية للتحري عن مدة الخدمة السابقة واعتمادها، وقد تأشر من تلك الجهة على الأوراق بتاريخ 19 من فبراير سنة 1951 بأن المدة صحيحة وتعتمد، ومن هذا يتضح أنه لو بادرت جهة الإدارة إلى التحري عن مدة خدمة المطعون ضدها السابقة منذ تقديم طلبها الأول، لاستوفيت الأوراق والإجراءات قبل إصدار حركة الترقيات التي تمت في أول فبراير سنة 1951 بوقت كاف، ولرقيت المطعون ضدها بالأقدمية بموجب ذلك القرار وعلى ذلك فإن تراخي جهة الإدارة, في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحساب تلك المدة كان هو السبب المباشر المنتج فيما أصاب المطعون ضدها من عدم ترقيتها، وأما عدم قيامها برفع دعوى الإلغاء في الميعاد، فليس إلا سبباً غير مباشر لا تنقطع به علاقة السببية بين الخطأ الذي وقع من جهة الإدارة وبين الأضرار التي لحقت بالمطعون ضدها من جراء ذلك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المدعية أقامت الدعوى رقم 1686 لسنة 17 القضائية ضد وزير التربية والتعليم، بعريضة أودعتها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 27 من يوليه سنة 1963 طالبة الحكم أصلياً بإلغاء القرارات التي تخطتها في الترقية إلى الدرجتين الخامسة والرابعة وقد صدر أولها في أول نوفمبر سنة 1950 بترقية السيدة عائشة محمود محرز إلى الدرجة الخامسة، وصدر الثاني بتاريخ أول فبراير سنة 1951 بترقية السيدة ماري إبراهيم كامل إلى الدرجة الخامسة، وصدر الثالث بتاريخ 31 من أغسطس سنة 1957 بترقية زميلتيها المشار إليهما إلى الدرجة الرابعة، وبصفة احتياطية بإلزام الحكومة بأن تدفع لها مبلغ 1000 جنيه على سبيل التعويض. وقالت شرحاً لدعواها أنها عينت بمدرسة كلية البنات القبطية الحرة في 24 من ديسمبر سنة 1945، وبتاريخ 12 من أكتوبر سنة 1950 عينت في وزارة التربية والتعليم وحسبت لها أقدميتها السابقة في التعليم الحر، فأرجعت أقدميتها في الدرجة السادسة إلى 24 من ديسمبر سنة 1943، ورقيت إلى الدرجة الخامسة في أول أكتوبر سنة 1951 وإلى الرابعة في 21 من يولية سنة 1958، وقد اتضح لها أن بعض زميلاتها الأحدث منها في أقدمية الدرجة السادسة قد رقين إلى الدرجة الخامسة ثم إلى الدرجة الرابعة قبلها, فقد حصلت زميلتها السيدة عائشة محمود محرز على الدرجة السادسة في 24 من أكتوبر سنة 1944 ورقيت إلى الخامسة في أول نوفمبر سنة 1950 وإلى الرابعة في 31 من أغسطس سنة 1957 وحصلت السيدة ماري إبراهيم كامل على السادسة في 10 من نوفمبر سنة 1946 ثم رقيت إلى الخامسة في أول فبراير سنة 1951 وإلى الرابعة في 31 من أغسطس سنة 1957، وعندما عملت بهذه القرارات، تظلمت إلى جهة الإدارة لتصحيح وضعها بالنسبة إليهما، فلما لم تجبها إلى طلبها بادرت إلى تقديم طلب لإعفائها من رسوم رفع الدعوى، ثم أقامتها بطلباتها المشار إليها فيما تقدم.
ردت جهة الإدارة - على الدعوى بمذكرات دفعت فيها بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم سابقة التظلم من القرارات المطعون فيها، وأما بالنسبة إلى الموضوع فقالت أن المدعية لم ترق إلى الدرجة الخامسة لأن أقدميتها في السادسة اعتبرت من تاريخ تعيينها في 12 من أكتوبر سنة 1950، ولم ترق إلى الدرجة الرابعة في 31 من أغسطس سنة 1957 لأنه كان مشترطاً للترقية أن تكون الأقدمية في الدرجة الخامسة راجعة إلى أكتوبر سنة 1950 وبشرط أن يكون الموظف قد نال الدرجة السادسة اعتباراً من 17 من ديسمبر سنة 1945, ومن ثم فلم تتوافر في المدعية الشروط المسوغة لترقيتها.
وأما بالنسبة إلى طلب التعويض فقالت جهة الإدارة أن ألحق فيه سقط بمضي خمس سنوات من واقعة التخطي في أول فبراير سنة 1951 لأن ما تطالب به هي فروق مرتب.
ومن حيث إنه بتاريخ 10 من فبراير سنة 1966 حكمت محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلي طلب إلغاء القرارات المطعون فيها وبإلزام المدعى عليها بأن تؤدي إلى المدعية مبلغ 300 جنيه على سبيل التعويض, وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة إلى الطلب الأصلي, على أنه وأن كانت المدعية قد تظلمت من القرارات المطعون فيها بتاريخ 19 من يوليه سنة 1962، غير أنها لم تراع بعد ذلك المواعيد القانونية المقررة لإقامة دعوى الإلغاء, فقد قدمت طلب الإعفاء من الرسوم في 12 من ديسمبر سنة 1962 أي بعد أكثر من ستين يوم محسوبة من تاريخ الرفض الحكمي للتظلم ومن ثم تكون الدعوى مرفوعة بعد الميعاد، وأما بالنسبة إلى طلب التعويض، فقالت المحكمة أن الدفع بسقوط الحق في طلب التعويض في غير محله، ذلك لأنه لما كانت المدعية لم تعلم بواقعة التخطي إلا منذ تاريخ تقديم التظلم بتاريخ 19 من يوليه سنة 1962، فلا تكون مدة التقادم قد تكاملت في حقها، أما ما ذهبت إليه جهة الإدارة من أنه جاء في تظلم المدعية أنها سبق أن تقدمت بعدة التماسات لتعديل أقدميتها في الدرجة الرابعة مما يقطع بعلمها بصدور القرار المطعون فيه في تاريخ سابق على تاريخ تظلمها الأخير، فإن الثابت من الاطلاع على ملف خدمة المدعية أنها تقدمت بتاريخ 18 من نوفمبر سنة 1950 بطلب لضم مدة خدمتها السابقة، وكان يجب على الوزارة أن تجيب المدعية إلى طلبها في وقت ملائم دون أن تفوت عليها نتائج تقديمه من تعديل أقدميتها في الدرجة السادسة بما يجعلها أقدم من زميلتيها المطعون في ترقيتهما، لا سيما أنها حذرت في طلبها المشار إليه من التأخير في ضم مدة خدمتها، ولما كانت جهة الإدارة قد تراخت في احتساب مدة خدمة المدعية السابقة لمدة تقارب العام منذ تعيين المدعية في خدمة الحكومة في 12 من أكتوبر سنة 1950 حتى صدر إذن الضم في 3 من سبتمبر سنة 1951، فمن ثم تكون الوزارة قد ارتكبت خطأ في حق المدعية يستوجب مسئوليتها عن التعويض، عما نجم عن هذا التراخي من أضرار تمثلت في تأخير تعديل أقدمية المدعية في الدرجة السادسة وتخطيها في الترقية إلى الدرجتين الخامسة والرابعة, وقدرت المحكمة التعويض الذي يجبر هذا الضرر بمبلغ إجمالي قدره 300 جنيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن, على ما جاء في تقرير الطعن والمذكرات الشارحة، أن الحكم المطعون فيه أخطا في تأويل القانون وتطبيقه من الأوجه الآتية، وأولها أنه تنفيذاً لأحكام قانون الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 نقلت اختصاصات وزارة التربية والتعليم إلى المحافظات اعتباراً من يناير سنة 1960، ومن هذا التاريخ أصبح جميع العاملين بمرفق التربية والتعليم تابعين للمحافظات، ولما كانت المدعية قد أقامت الدعوى باعتبارها مدرسة بمدرسة الظاهر الثانوية النسوية التابعة لمنطقة شرق القاهرة ضد وزارة التربية والتعليم التي لا شأن لها بالموضوع منذ أن نقلت اختصاصاتها إلى السلطات المحلية، ولم توجهها إلى محافظة القاهرة، فإن الدعوى تكون قد رفعت على غير ذي صفة ويتعين الحكم بعدم قبولها.
والثاني أن المحكمة ذهبت إلى أن مدة التقادم لا تسري إلا من تاريخ التظلم الذي قدمته المدعية في 19 من يوليه سنة 1962، في حين أن الوزارة قدمت ما يثبت أن المدعية كانت تعلم بالقرارات المطعون فيها في تاريخ سابق على ذلك، فقد أشارت المدعية في طلبها المقدم بتاريخ 18 من نوفمبر سنة 1950 إلى أن عدم حساب مدة خدمتها السابقة يؤثر على حقها في الترقيات التي تجري بالنسبة إلى زميلاتها، ثم أشارت في تظلمها الأخير إلى أنها سبق أن قدمت عدة التماسات لتعديل تاريخ ترقيتها إلى الدرجة الرابعة وهذه الطلبات تقطع بعلم المدعية بالقرارات المطعون فيها منذ صدورها، وعلى ذلك يكون قد مضى أكثر من عشر سنوات على علم المدعية, ويكون الحق في طلب التعويض قد سقط باكتمال التقادم قبل رفع الدعوى، سواء بالتطبيق للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني أو طبقاً للتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 50 من لائحة الميزانية والحسابات. والثالث أنه لم يقع من الوزارة أي تراخ في ضم مدة خدمة المدعية السابقة، ذلك لأن الأحكام المضمنة في قراري مجلس الوزراء الصادرين في 5 من مارس سنة 1945، 16 من أكتوبر سنة 1946 بشأن حساب مدد الخدمة السابقة في التعليم الحر، لا تعدو أن تكون قواعد تنظيمية عامة، تضمنت شروطاً يجب توافرها لإمكان الضم، وناطت بجهات الإدارة التحقق من توافر هذه الشروط، ولهذه الجهات أن تتبع الإجراءات التي تكفل التحقق من توافر هذه الشروط، ولما كان الثابت أن المدعية عينت في 12 من أكتوبر سنة 1950 وطلبت ضم مدد خدمتها في التعلم الحر بتاريخ 18 من نوفمبر سنة 1950 ولم تتوان جهة الإدارة في اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقق من توافر الشروط التي يتطلبها القانون, ثم أصدرت قرار الضم في 3 من سبتمبر سنة 1951، فإنها لا تكون قد تراخت في إجابة طلب المدعية، ويضاف إلى ذلك كله أن قرار ترقية السيدة عائشة محرز إلى الخامسة صدر بتاريخ أول نوفمبر سنة 1950 أي قبل أن تتقدم المدعية بطلب حساب خدمتها السابقة. كما صدر قرار ترقية السيدة مارية كامل في أول فبراير سنة 1951 أي بعد طلب الضم بأقل من ثلاثة أشهر، وما كان في المستطاع إنجاز الإجراءات المتعلقة بالضم قبل فوات تلك المدة. وواقع الأمر أن المدعية هي التي تسببت بخطئها فيما وقع لها من أضرار, ذلك لأن السبب المباشر فيما أصابها من أضرار، أنها لم تراع المواعيد المقررة لرفع دعوى الإلغاء وكل ذلك من الإجراءات التي كان في مكنة المطعون ضدها أن تقوم بها ببذل جهد يسير، وإذا لم تفعل فليس لها أن تطالب بالتعويض لأن خطأها استغرق كل خطأ آخر, بل لم يقع من جهة الإدارة أي خطأ يبرر الحكم بالتعويض، لأنها لا تكن مسئولة عن ترك المطعون ضدها في الترقية ما دامت لم تتبين حقيقة أقدميتها عند إصدار قرارات الترقية.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الأول من الطعن، والمتعلق بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة فقد نصت المادة 19 من القانون رقم 124 لسنة 1960 بإصدار قانون نظام الإدارة المحلية على ما يأتي "يتولى مجلس المحافظة في نطاق السياسة العامة للدولة إنشاء وإدارة مختلف المرافق والأعمال ذات الطابع المحلي التي تعود بالنفع العام على المحافظة، ويتولى بوجه خاص في حدود القوانين واللوائح الأمور الآتية... (ب) القيام بشئون التعليم والشئون الصحية والاجتماعية في المستوى الذي تحدده اللائحة التنفيذية،..." ونصت المادة 35 من اللائحة التنفيذية على أن "يباشر مجلس المحافظة شئون التربية والتعلم الآتية (1) إنشاء وتجهيز وإدارة المدارس الثانوية العامة والفنية، عدا المدارس التجريبية والنموذجية التي تتبع الوزارة مباشرة..." ومفاد هذين النصين، أنه وإن كان المشرع قد أحل هيئات الحكم المحلي محل وزارة التربية والتعليم في القيام على مرفق التعلم بالمحافظات, غير أن ذلك كان في حدود معينة لاعتبارات تتعلق بحسن سير مرفق التعليم، فقد رأى المشرع أن يبقى للوزارة المشار إليها الإشراف وإدارة أنواع معينة من المدارس، وهي المدارس النموذجية والتجريبية، لما لذلك من اتصال بالسياسة العامة للتعليم في البلاد. ولما كانت إدارة قضايا الحكومة قد ذكرت في مذكرتها المقدمة إلى دائرة فحص الطعون بجلسة 19 من يناير سنة 1970 أن المطعون ضدها قد أقامت دعواها باعتبارها مدرسة بمدرسة الظاهر الثانوية النسوية، وهي حالياً المدرسة التجريبية للبنات بالظاهر، فمن ثم فإن هذه المدرسة ومدرسيها كانوا تابعين للوزارة قبل العمل بقانون الإدارة المحلية ولم يتأثر الوضع في شأن هذه التبعية بقانون الإدارة المحلية، فتظل وزارة التربية والتعليم، وهي التي أصدرت القرارات التي تطلب المطعون ضدها التعويض عنها، هي الجهة الإدارية صاحبة الشأن في المنازعة، ويؤكد هذا ويؤيده أن الوزارة هي التي ردت على الدعوى في جميع مراحلها بل وتمسكت أمام القضاء الإداري بأنها الجهة صاحبة الشأن في المنازعة دون المحافظة عندما دفعت بعدم قبول الدعوى لعدم التظلم إليها من القرارات المطعون فيها وكانت المطعون ضدها قد قدمت تظلمها عن طريق هيئات الإدارة المحلية، ويترتب على ذلك كله أن يكن هذا الوجه من أوجه الطعن على غير أساس من القانون حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الثاني من الطعن والمتعلق بسقوط الحق في إقامة دعوى التعويض بالتقادم الثلاثي أو بالتقادم الخمسي، فإن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه برفض هذا الدفع للأسباب التي قام عليها، ويضاف إلى ذلك أنه يبين من الاطلاع على التظلمات التي قدمتها المطعون ضدها في 18 من نوفمبر سنة 1950 وما بعد ذلك، أنه وإن كانت المطعون ضدها قد استحثت جهة الإدارة على سرعة حساب مدة خدمتها السابقة حتى لا تضار من تأخير التسوية، كما أشارت إلى أنه قد يترتب على التأخير في ذلك ترقية زميلاتها الأحدث منها في الأقدمية، إلا أنها لم تطعن في قرارات معينة، كما لا يؤخذ من هذه التظلمات أن المطعون ضدها كانت تعلم بأن ثمة قرارات قد تخطتها في الترقية، ويترتب على ذلك كما ذهب الحكم المطعون فيه بحق، أن مدة التقادم المسقط للحق في طلب التعويض، لا تسري إلا ن تاريخ التظلم المؤرخ 19 من يوليه سنة 1962، لأنه التظلم الذي يفيد أن المطعون ضدها علمت بالقرارات المطعون فيها من تاريخ تقديمه، ولا تسري من تاريخ سابق، لأن جهة الإدارة لم تقدم الدليل على علم المطعون ضدها بتلك القرارات في تاريخ سابق على تاريخ ذلك التظلم، ولما كانت مدة التقادم أياً كانت مدتها محسوبة من تاريخ ذلك التظلم، لم تتكامل قبل رفع الدعوى، فمن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون أيضاً على غير أساس.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الثالث من الطعن، والخاص بأنه لم يحدث تراخ من جهة الإدارة في تسوية حالة المطعون ضدها بما ترتب على ذلك من تفويت حقها في الترقية بالقرارات المطعون فيها، فإنه يبين من الاطلاع على أوراق الطعن أن المطعون ضدها تقدمت بطلب لحساب مدة خدمتها السابقة بالتعليم الحر مدعماً بالمستندات الكافية بتاريخ 18 من أكتوبر سنة 1950، ولما لم تجبها جهة الإدارة إلى طلبها، تظلمت من التأخير في إجراء التسوية بتظلم قدمته بتاريخ 18 من نوفمبر سنة 1950، ثم توالت تظلماتها إلى جهة الإدارة، وبتاريخ 24 من يناير سنة 1951 أرسلت إدارة المستخدمين الأوراق إلى مراقب عام منطقة القاهرة الشمالية للتحري عن مدة الخدمة السابقة واعتمادها، وقد تأشر من تلك الجهة على الأوراق بتاريخ 19 من فبراير سنة 1951 بأن المدة صحيحة وتعتمد، ومن هذا يتضح أنه لو بادرت جهة الإدارة إلى التحري عن مدة خدمة المطعون ضدها السابقة منذ تقديم طلبها الأول، لاستوفيت الأوراق والإجراءات قبل إصدار حركة الترقيات التي تمت في أول فبراير سنة 1951 بوقت كاف، ولرقيت المطعون ضدها بالأقدمية بموجب ذلك القرار وعلى ذلك فإن تراخي جهة الإدارة, في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحساب تلك المدة كان هو السبب المباشر المنتج فيما أصاب المطعون ضدها من عدم ترقيتها، وأما عدم قيامها برفع دعوى الإلغاء في الميعاد، فليس إلا سبباً غير مباشر لا تنقطع به علاقة السببية بين الخطأ الذي وقع من جهة الإدارة وبين الأضرار التي لحقت بالمطعون ضدها من جراء ذلك, وأما بالنسبة إلى قرار الترقية الذي صدر في أول نوفمبر سنة 1950، فلا تستحق المطعون ضدها التعويض عن تخطيها في الترقية بموجبه, نظراً لأن المدة التي مضت بين تاريخ تقديم طلب حساب مدة الخدمة السابقة وإجراء الترقية, وهي لا تجاوز الاثنى عشر يوماً، لا تعتبر في حد ذاتها كافية للتحري عن مدة الخدمة السابقة واعتمادها ومن ثم فلم يكن في مكنة جهة الإدارة تعديل أقدمية المطعون ضدها قبل حركة الترقيات سالفة الذكر، ويترتب على ذلك أنه لا يمكن نسبة أي خطأ إلى تلك الجهة بسبب عدم ترقية المطعون ضدها في تلك الحركة، لأنه لم يكن في وسعها أن تتبين حقيقة أقدمية المطعون ضدها في الدرجة السادسة في ذلك الحين.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد قدر التعويض المستحق للمطعون ضدها على أساس أن جهة الإدارة قد تراخت في إجراء التسوية وتعديل أقدمية المطعون ضدها في الدرجة السادسة لمدة سنة، وأن هذا التراخي أصاب المطعون ضدها بأضرار تمثلت في تخطيها في الترقية بموجب القرارات المطعون فيها، في حين أنه اتضح مما سبق بيانه أن الأضرار المباشرة التي أصابت المطعون ضدها نتيجة لخطأ جهة الإدارة تنحصر في عدم ترقيتها بموجب القرار الصادر في أول فبراير سنة 1951، فإن هذا يستتبع إعادة النظر في مقدار التعويض المحكوم به، حتى يكون متناسباً مع الأضرار الحقيقية التي أصابت المطعون ضدها، ومراعاة للأسباب المتقدمة تقدر هذه المحكمة التعويض الذي تستحقه المطعون ضدها بمبلغ 100 جنيه.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى المصروفات فنظراً لأن جهة الإدارة لم تستجب إلى تظلم المطعون ضدها المقدم بتاريخ 16 من يوليه سنة 1962 وجرتها بذلك إلى التقاضي، فإن المحكمة ترى إلزام الطاعنة بالمصروفات كاملة.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه والاكتفاء بإلزام وزارة التربية والتعليم بأن تدفع إلى المطعون ضدها تعويضاً شاملاً قدره مائة جنيه والمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه والاكتفاء بإلزام وزارة التربية والتعليم بأن تدفع إلى المطعون ضدها مبلغ مائة جنيه وألزمت الوزارة المذكورة بالمصروفات.