مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشر - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1970) - صـ 343

(54)
جلسة 23 من مايو سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف إبراهيم الشناوي ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

القضيتان رقما 713، 762 لسنة 12 القضائية

( أ ) دعوى "الصفة فيها".
إن توجيه الدعوى إلى عضو مجلس الإدارة المنتدب للهيئة والوزير المختص وهما لا يمثلانها وإنما الذي يمثلها، طبقاً لقانون إنشائها، هو رئيس مجلس إدارتها لا يعدو أن يكون خطأ في بيان ممثل الهيئة وليس أمر مخاصمة من لا صفة له - الخصم هو الهيئة صاحبة الصفة.
(ب) موظف "صاحب عهدة".
يتعين لكي يصدق على أحد الأمناء أنه صاحب عهدة أن تكون له السيطرة الكاملة على عهدته أثناء ممارسة العمل وأن تكفل له النظم السائدة المحافظة على هذه العهدة وعدم المساس بها في غير أوقات العمل.
1 - إنه بالنسبة إلى الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها على غير ذي صفة، استناداً إلى أن الدعوى وجهت إلى عضو مجلس الإدارة المنتدب للهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية ووزير الصناعة وهما لا يمثلان الهيئة، وإنما الذي يمثلها طبقاً لقانون إنشائها، هو رئيس مجلس إدارتها فمردود عليه بأن الدعوى وجهت إلى الهيئة العامة للمطابع الأميرية كما هو مستفاد من صحيفتها من أن المدعى عليهما هما عضو مجلس الإدارة المنتدب للهيئة العامة للمطابع الأميرية ووزير الصناعة بصفته الرئيس الأعلى للهيئة المذكورة، ومن طلب إلزام الهيئة المدعى عليها بالمصروفات، وإذا كان صحيحاً أن ممثل تلك الهيئة أمام القضاء هو رئيس مجلس إدارتها وليس عضو مجلس الإدارة المنتدب، وبفرض وجود الوظيفتين معاً وانفراد شاغل أولاً هما بتمثيل الهيئة، فإن الأمر لا يعدو أن يكون خطأ في بيان ممثل الهيئة، وليس أمر مخاصمة من لا صفة له، إذ الخصم هو الهيئة صاحبة الصفة، وهي مختصمة في الدعوى على نحو ما توضح، وإذا كانت إدارة قضايا الحكومة وقد خولت نيابة قانونية عن الهيئات العامة ومنها هيئة المطابع المدعى عليها، وقد حضرت بحكم هذه النيابة القانونية في الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري وأدلت بدفاع الهيئة المذكورة، دون أن تثير أي اعتراض في شأن بيان ممثل الهيئة، كما سلكت نفس المسلك في صحيفة طعنها أمام هذه المحكمة، فإن المحكمة لا ترى محلاً لترتيب أثر على ذكر أن ممثل الهيئة هو عضو مجلس الإدارة المنتدب وليس رئيس مجلس الإدارة، ولا تعتد بالتالي بما ذهبت إليه إدارة قضايا الحكومة من أن الدعوى رفعت على غير ذي صفة.
2 - يتعين لكي يصدق على أحد الأمناء أنه صاحب عهدة أن يكون له السيطرة الكاملة على عهدته وأن تكفل النظم السائدة المحافظة على هذه العهد وعدم المساس بها في غير أوقات العمل، فإذا كانت النظم المعمول بها تحول بين صاحب العهدة وبين السيطرة على عهدته أو لا تتوفر معها وسائل على هذه العهدة، وتتيح أن تتداول العهدة أيد كثيرة لا تكون مسئولة عنها فإن الأمر لا يعدو أن يكون نوعاً من المسئولية الشائعة يصعب معها تحديد من هو صاحب العهدة ومن هو المسئول عنها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات - وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعنين - تتحصل في أن السيد عبد الغفار الشامي أقام الدعوى رقم 429 لسنة 10 القضائية ضد السيدين/ عضو مجلس الإدارة المنتدب للهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية ووزير الصناعة بصفته الرئيس الأعلى للهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة في 31 من أغسطس سنة 1963 بعد أن صدر في 20 من يوليه سنة 1963 قرار بإعفائه من الرسوم (طلب الإعفاء رقم 236 لسنة 10 ق)، طلب فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 28 من أبريل سنة 1962 بخصم يوم من راتبه مع تحميله دفع مبلغ 186 جنيه و519 مليماً مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه أنه في مساء يوم 15 من مايو سنة 1961 وقع حادث سرقة كليشهات رصاص من ورشة صب الفرم بالمطبعة الأميرية، وفي أعقاب هذا الحادث أمرت الهيئة في 31 من مايو سنة 1961 بتشكيل لجنة لجرد عهدة المدعي - بوصفه مشرفاً على قسم صب الفرم - وقد قدمت هذه اللجنة تقريراً زعمت فيه أنها وجدت بعهدة المدعي عجزاً بقدر بـ 746.075 كيلو جراماً ولم تذهب اللجنة إلى أن مسئولية هذا العجز تقع على المدعي, بسبب ما تبينته وأثبتته في تقريرها من أن النظام الذي وضعته الهيئة للمحافظة على العهدة هو نظام معيب، لأن قسم صهر الرصاص موجود خارج الورشة مقر عمل المدعي وبعيد عن رقابته، ولأن العمل يسير في الورشة ليلاً ونهاراً على نظام ورديات ثلاث متتالية، والمدعي يعمل في الوردية الأولى فقط لمدة ست ساعات، ولم تقم الهيئة بوضع النظام الذي يكفل المحافظة على العهدة مع تعاقب الأمناء عليها، ولأن المدعي سبق أن نبه المسئولين بالهيئة إلى النقص في المحافظة على العهدة دون جدوى، ونظراً لأن هذا التقرير لم يكن ثمرة بحث دقيق ودراسة عميقة، فقد أصدرت الهيئة قراراً بتشكيل لجنتين أخريين لإجراء الجرد السنوي أولاً هما في سبتمبر سنة 1961 والأخرى في 22 من نوفمبر سنة 1961, وقد باشرت اللجنتان مأموريتهما وانتهيا إلى دحض تقرير اللجنة الأولى، وإلى أنه لا يوجد أي عجز - بالمعنى القانوني المفهوم - في عهدة المدعي، ولكنه فوجئ رغم ذلك بصدور قرار من السيد المدعى عليه الأول بتاريخ 28 من أبريل سنة 1962 بمجازاته بخصم يوم من راتبه مع تحميله بمبلغ 186 جنيه و519 مليم قيمة نصف العجز الذي ورد بتقرير اللجنة الأولى، وقد تظلم من هذا القرار إلى السيد وزير الصناعة، ولما لم يتلق من سيادته رداً على تظلمه، قدم بتاريخ 29/ 7/ 1962 طلباً إلى هيئة المساعدة القضائية لإعفائه من الرسوم القضائية المقررة على رفع الدعوى بالطعن على القرار آنف الذكر, ثم أقام هذه الدعوى.
أم السيد/ جمال الدين محمد عاشور الشهير "بشرف عاشور" فقد أقام الدعوى رقم 450 لسنة 9 القضائية ضد السيد/ عضو مجلس الإدارة المنتدب للهيئة العامة لشئون الطابع الأميرية أمام المحكمة الإدارية لوزارة الصناعة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة في 3 من سبتمبر سنة 1962 طلب فيها إلغاء القرار الصادر في 21 من مايو سنة 1962 بإنذار المدعي وتحميله نصف قيمة العجز وإلزام المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة, وقال شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 21 من مايو سنة 1962 أصدر المدعى عليه قراراً بمجازاة المدعي بالإنذار وتحميله نصف قيمة العجز في عهدة الرصاص، لما ثبت في حقه من إهمال وتقصير في المحافظة على العهدة الخاصة بالمعادن بورشة صب الفرم الأمر الذي أدى إلى وجود عجز جسيم بها، واستطرد قائلاً أنه لما كان هذا القرار مخالفاً للقانون، فقد تظلم منه في 23 من يونيه سنة 1962 غير أنه لم يتلق رداً على تظلمه، وقال أنه يبني دعواه على أنه ليس بعهدته ورشة صب الفرم، وأن المسئول عنها هو مشرف الورشة وهو وحده صاحب العهدة والمسئول عن سلامتها والمحافظة عليها وأن المدعي ليس متضامناً معه في هذه العهدة.
وقد أجابت الجهة الإدارية على دعوى السيد/ عبد الغفار محمد الشامي بقولها أن الجرد السنوي الذي أجري في 19 من سبتمبر سنة 1961 والذي لم يسفر عن وجود أي عجز، هو جرد أثبت التحقيق أنه بني على عمليات باطلة مما يشك في قيمته، ولذلك اقترح المحقق اعتباره كأن لم يكن فقد تبين من التحقيق أن المسئولين عن ورشة صب الفرم أخذوا بعد جرد 31 من مايو سنة 1961 يبالغون في تقدير الكميات التي يجري تشغيلها من خامات الرصاص لكي تبتلع أي قدر من العجز يسفر عنه الجرد السنوي، أما بالنسبة إلى ما ذهب إليه المدعي من أنه يهمل في عمله, فقد أثبت التحقيق تقاعسه عن تنظيم العمل بورشته في نطاق اختصاصه باعتباره مشرفاً على ورشة صب الفرم وبالتالي مهيمناً على أعمالها سيما وهو من قدامى الموظفين بالهيئة، وكان واجباً عليه تنظيم أموره وعهدته.
وأجابت على دعوى السيد/ جمال الدين محمد عاشور بقولها أنه يوقع مع السيد المشرف على الورشة على كشوف العهدة وكشوف الجرد، وهو مسئول عن الورشة في وردية بعد الظهر باعتباره رئيساً منفرداً لها في تلك الوردية، ومسئول بالاشتراك مع السيد المشرف عليها في الوردية الصباحية ومسئول بصفة عامة باعتباره رئيساً لورشة صب الفرم وشريكاً مع السيد المشرف عليها في مسئولية تشغيلها والمحافظة على خاماتها.
وبجلسة 19 من أكتوبر سنة 1963 قضت المحكمة الإدارية لوزارة الصناعة التي رفعت إليها دعوى السيد/ جمال الدين محمد عاشور بعدم اختصاصها بنظرها وبإحالتها إلى المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية للفصل فيها.
وأثناء نظر الدعويين أمام المحكمة الإدارية للرئاسة صدر القانون رقم 144 لسنة 1964 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة، وتنفيذاً له تقرر إحالة الدعويين إلى محكمة القضاء الإداري، وقد تمت الإحالة وقيدت دعوى السيد/ عبد الغفار محمد الشامي برقم 1610 لسنة 19 القضائية ودعوى السيد/ جمال الدين محمد عاشور برقم 1604 لسنة 19 القضائية.
وبجلسة 9 من فبراير سنة 1966 قضت المحكمة في كل من الدعويين بإلغاء القرار المطعون فيه في شقيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات، وأقامت قضاءها بالنسبة للدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر طلب إلغاء القرار فيما قضى به من تحميل المدعي بنصف قيمة العجز - المستند إلى أن هذا الطلب تحكمه القواعد العامة في المسئولية المدنية - إلى أن هذا الدفع لا محل له ومردود عليه بأن هذه المنازعة هي في حقيقتها منازعة في راتب، ومن ثم ينعقد الاختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها، أما بالنسبة إلى الموضوع فقد أقامت المحكمة قضاءها على أنه من المقرر أن القرار التأديبي شأنه في ذلك شأن أي قرار إداري آخر، يجب أن يقوم على سبب يسوغ تدخل الإدارة لإحداث أثر قانوني في حق الموظف هو توقيع الجزاء للغاية التي استهدفها القانون وهي الحرص على حسن سير العمل، وأن سبب القرار التأديبي بوجه عام هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو إتيانه عملاً من الأعمال المحرمة عليه، وأن رقابة المحكمة على قرار الجزاء تجد حدها الطبيعي في التحقيق من صحة الوقائع التي استند إليها قرار الجزاء، وما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها مستفادة من أصول موجودة أو ليس لها وجود، وما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانوناً، وأنه بتطبيق الأصول السابقة في خصوصية النزاع وبالاطلاع على مفردات القضية يتضح أن المراحل التي سبقت وعاصرت القرار المطعون فيه تخلص في أنه في يوم 15/ 5/ 1961 وقعت سرقة ما مقداره 153 كيلو جراماً من الكليشهات الرصاص من ورشة صب الفرم بالهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، وقد أجري تحقيق في هذا الشأن رؤى فيه مساءلة السيد/ عبد الغفار محمد الشامي والسيد/ جمال محمد عاشور وذلك لإهمالهما في المحافظة على عهدة المعادن بورشة صب الفرم مما أدى إلى وجود عجز جسيم بها مع تحميلهما بقيمة العجز الذي أظهره الجرد المفاجئ في 31/ 5/ 1961 وقدره 746,075 كجم مناصفة بينهما، وأنه يبين من أمعان النظر في قرار الجزاء أن زجر السيد/ عبد الغفار محمد الشامي بعقوبة الخصم من الراتب بما يوازي يوم والسيد/ جمال محمد عاشور بعقوبة الإنذار كان من أجل مخالفة معينة هي إهمالهما في المحافظة على عهدة المعادن بورشة صب الفرم, وأنه يستفاد من مذكرة المحقق أن النظام المتبع في ورشة صب الفرم والمعمول به منذ سنوات طويلة هو نظام الوردية الواحدة حيث يتم غلق الورشة بمعرفة صاحب العهدة ويحفظ المفاتيح داخل دولاب خاص مقفل، وقد تغير هذا النظام في السنين الأخيرة حيث يجرى العمل ليلاً ونهاراً ثلاث ورديات متوالية ولا يبقى صاحب العهدة إلا وردية واحدة منها، كما أنه من الثابت أن قسم صهر الرصاص خارج عن مراقبة الورشة وذلك لوجوده في مكان آخر بعيد عنه كما أنه لا يعرف الوارد إليه ولا المصدر للورشة بالوزن، يضاف إلى ذلك بالنسبة إلى السيد/ عبد الغفار محمد الشامي أنه كثيراً ما ينتدب من الوردية الصباحية في أعمال أخرى كلجان الجرد، وأنه بالنظام الجاري عليه العمل أثناء اكتشاف السرقة ووجود العجز لا يكون هناك محل لمساءلة المدعيين بدعوى ارتكابهما مخالفة الإهمال, نظراً لأنه يتعاقب على الورشة ثلاث ورديات، ومن غير المستساغ نسبة الإهمال للمدعيين ما دام أن الهيئة المدعى عليها لم تضع نظاماً محدداً يتضح منه اختصاص ومسئولية كل موظف وعامل، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه غير مستخلص استخلاصاً سائغاً ويعتبر مشوباً بعيب مخالفة القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه. لتخلف الإهمال سبب الجزاء في الشق الأول من القرار وسبب التعويض بتحميل المدعيين قيمة العجز في عهدة الرصاص في الشق الثاني منه.
ومن حيث إن الطعن في الحكم الصادر لصالح السيد/ عبد الغفار محمد الشامي يقوم على أن الحكم الطعون عليه أخطأ إذ قضى برفض الدفع بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الشق من القرار الخاص بتحميل المدعي بملغ 186 جنيهاً و519 مليماً قيمة نصف العجز في الرصاص، بزعم أن موضوع هذا الشق يتعلق بمنازعة في راتب، وظاهر أن هذا القول غير صحيح فالمسألة لا تتعلق براتب المطعون ضده على الإطلاق، وإنما تتعلق بمسئوليته المدنية عن الأشياء التي في عهدته, وإذا فرض أن المطعون ضده كان قد انتهت خدمته ولم يكن مستحقاً معاشاً فإن ذلك لا يمنع من الرجوع على أمواله الخاصة بهذه المبالغ، كما أخطأ الحكم المطعون عليه إذ ذهب إلى أن المطعون ضده غير مسئول عن العجز، ذلك لأن مسئولية المطعون ضده عن العهدة أساسها التزام مدني مصدره نص القانون مباشرة وهو نص المادة 45 من لائحة المخازن والمشتريات التي جعلت التزام أمناء المخازن وأرباب العهد التزاماً بنتيجة أي بغاية وليس التزاماً بوسيلة أي ببذل عناية، ومن ثم فإن المطعون ضده - وهو من أرباب العهد - مسئول عن أي عجز بمجرد حصوله حتى يقيم الدليل على وجود القوة القاهرة أو الحادث الفجائي، ولا حاجة إلى البحث عن إهماله أو عدم إهماله، لأن الخطأ ثابت في جانبه بمجرد حصول العجز.
ومن حيث إن الطعن في الحكم الصادر لصالح السيد/ جمال الدين عاشور يقوم على أن من المقرر أن القرار التأديبي شأنه في ذلك شان أي قرار إداري آخر يقوم على سبب يسوغ تدخل الإدارة لإحداث أثر قانوني في حق الموظف هو توقيع الجزاء للغاية التي استهدفها القانون وهي الحرص على حسن سير العمل، وإن سبب القرار التأديبي بوجه عام هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو إتيانه عملاً من الأعمال المحرمة عليه ولما كان الثابت في حق المطعون ضده أنه أخل بواجبات وظيفته بأن أهمل في تنظيم وضبط العمل بورشة صب الفرم بوصفه رئيساً لها فوقع العجز نتيجة هذا الإهمال ونتيجة إهمال السيد/ عبد الغفار الشامي المشرف على الورشة والمسئول عن عهدتها فإن الجزاء يكون في محله، أما ما ذهبت إليه المحكمة من أسباب للقول بعدم مسئولية المطعون ضده فهي في الحقيقة أسباب تؤكد مسئوليته، ذلك أن وجود ثلاث ورديات لم يترتب عليه وجود ثلاثة مشرفين ولا ثلاثة رؤساء للورشة، بل المشرف على الورشة واحد وهو السيد/ عبد الغفار الشامي ورئيس الورشة أيضاً واحد وهو المطعون ضده، وذلك حتى تتوحد المسئولية، وقد ترك لكل منهما في حدود اختصاصه أن يضبط وينظم العمل بما يحفظ سلامة العهدة أثناء الورديات الثلاثة، فسواء كان موجوداً أم غير موجود فهو مسئول عن العهدة وعن أي عجز يظهر بها، ومن ناحية أخرى فإن وجود ورشة صهر الرصاص خارج ورشة صب الفرم لا يعفي المطعون ضده أيضاً من مسئولية العجز الذي يكون نتج أثناء نقل الرصاص من وإلى هذه الورشة، والقول بأن الرصاص يخرج من هذه الورشة إلى تلك دون وزن أو حساب هو من صميم اختصاصه ومسئوليته ويقيم الحجة على إهماله الجسيم إذ المفروض أن يتخذ الإجراءات الكفيلة بمعرفة كميات الرصاص الخارجة والواردة.
ومن حيث إن إدارة قضايا الحكومة دفعت في المذكرتين المقدمتين منها أثناء نظر الطعنين أمام هذه المحكمة بدفعين جديدين أولهما: عدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها على غير ذي صفة. وقالت في بيان هذا الدفع أن من المقرر أن تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة القانونية عنها والمرد في بيان حدود هذه النيابة القانونية وتعيين مداها إنما يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون، وينبني على هذا أنه يتعين أن توجه الخصومة القضائية إلى من له الحق والصفة في النيابة قانوناً عن الجهة ذات الشأن بالنزاع موضوع الدعوى، والثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها أن المطعون ضده إنما يعمل بالهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، وأن مثار المنازعة في الدعوى إنما يتصل بعمله في تلك الهيئة، ولما كانت هذه الهيئة هي شخص معنوي عام ذو شخصية اعتبارية وفقاً للمادة الأولى من القانون رقم 312 لسنة 1956 بإنشاء الهيئة ويمثله أمام القضاء وفقاً للمادة الرابعة من ذات القانون رئيس مجلس الإدارة، وهو ما نصت عليه أيضاً المادة التاسعة من قانون الهيئات العامة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1963 فقد كان من المتعين على المطعون ضدهما ألا يختصما رئيس مجلس الإدارة المنتدب ووزير الصناعة وهما ليسا صاحبي صفة في تمثيل الهيئة أو التقاضي باسمها، ومن ثم يكون دعوياهما قد وجهتا إلى غير ذي صفة، ويتعين الحكم بعدم قبولهما شكلاً لرفعهما على غير ذي صفة، وغني عن البيان أن شكل الدعوى وما يتصل به من قبولها أو عدم قبولها إنما هو من المسائل المتعلقة بالنظام العام، خاصة في مجال الأقضية الإدارية، ومن ثم كان الدفع بعدم قبول الدعوى هو من الدفوع التي تبدى في أية حالة كانت عليها الدعوى. أما الدفع الثاني فهو عدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إلى طلب إلغاء الشق الخاص بالجزاء الموقع على المطعون ضدهما، حيث لا يعتد بالتظلم المقدم منهم إلى وزير الصناعة، ومن ثم فإن دعوى الإلغاء تكون قد أقيمت غير مسبوقة بتظلم إلى السلطة الإدارية التي أصدرت القرار أو رئاستها وفقاً للبند (2) من المادة 12 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959.
ومن حيث إن المحكمة قررت ضم الطعن رقم 762 لسنة 12 القضائية إلى الطعن رقم 713 لسنة 12 القضائية - لما بين موضوعيهما من ارتباط - ليصدر فيهما حكم واحد.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الشق من القرار الخاص بتحميل كل من المدعيين بقيمة نصف العجز في عهدة الرصاص، بمقولة أن الفصل في هذا الشق هو فصل في مسئولية المدعيين عن العجز، وهي مسئولية مدنية تحكمها قواعد القانون المدني, وأن الجهة الإدارية تستطيع بمقتضى قرارها هذا أن ترجع على أموال المدعيين الخاصة، ومن ثم فليس الأمر أمر منازعة في راتب مما يختص به مجلس الدولة, فمردود عليه بأن القرار الذي تصدره الجهة الإدارية بتحميل أحد العاملين بها بقيمة العجز في عهدته، لا يعدو أثره، بالنسبة إلى تقرير مسئوليته عن هذا العجز، حقها في التنفيذ المباشر على مرتبه أو معاشه أو ما في حكمهما عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 111 لسنة 1951 المعدل بالقانون رقم 324 لسنة 1956 وذلك في حدود الربع، ولا يتعدى ذلك إلى التنفيذ على أمواله الخاصة، لأن حق جهة الإدارة في التنفيذ المباشر ليس حقاً أصلياً، وإنما هو حق استثنائي مقرر بنص صريح في القوانين أو اللوائح في حالات محددة على سبيل الحصر، فالقرار الذي تصدره جهة الإدارة بتحميل أحد العاملين بقيمة العجز في عهدته، هو بحسب مآله قرار بخصم قيمة هذا العجز من راتبه أو معاشه أو ما في حكمها في حدود ما يسمح به القانون, فالمنازعة في مثل هذا القرار هي منازعة في راتب، والقضاء الإداري لا يفصل في هذا المنازعة إلا على هذا الأساس ولا يتعدى حكمه هذا النطاق، وليست رقابته قاصرة على النظر فيما إذا كان الخصم قد تم في حالة من الحالات التي يجيزها القانون ولأمر يتعلق بالوظيفة سبباً أو مناسبة وفي الحدود التي أجازها القانون - كما تذهب إلى ذلك الجهة الإدارية - فحسب، وإنما رقابته تمتد إلى بحث مدى صحة وسلامة السند القانوني الذي تستند إليه الإدارة في ممارستها لحقها في التنفيذ المباشر على راتب العامل، ذلك أنه وإن كانت جهة الإدارة قد خولت هذا الحق في أحوال معينة لحكمة ظاهرة، إلا أن حقها ليس مطلقاً وليس بمنأى عن رقابة القضاء لمدى شرعيته, وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن اختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعات الخاصة بالمرتبات المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 الخاص بتنظيم مجلس الدولة، وهو اختصاص مطلق شامل لأصل تلك المنازعات ولجميع مشاكلها، وبهذه المثابة تنظر المحكمة في حدود اختصاصها الكامل ما يكون قد صدر بشأن تلك المرتبات من قرارات أو إجراءات، وذلك باعتبارها من العناصر التي تثير المنازعة حول استحقاق هذا المرتب كاملاً خلال فترة معينة، ومن ثم فإذا استقطعت الإدارة جزءاً من راتب المدعي استيفاء لدين عليه فإن هذا الاستقطاع في ذاته هو مثار المنازعة في الراتب فتختص المحكمة بنظرة بمقتضى اختصاصها الكامل.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها على غير ذي صفة، استناداً إلى أن الدعوى وجهت إلى عضو مجلس الإدارة المنتدب للهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية ووزير الصناعة, وهما لا يمثلان الهيئة، وإنما الذي يمثلها طبقاً لقانون إنشائها، هو رئيس مجلس إدارتها فمردود عليه بأن الدعوى وجهت إلى الهيئة العامة للمطابع الأميرية, كما هو مستفاد من صحيفتها من أن المدعى عليهما هما عضو مجلس الإدارة المنتدب للهيئة العامة للمطابع ووزير الصناعة بصفته الرئيس الأعلى للهيئة المذكورة، ومن طلب إلزام الهيئة المدعى عليها بالمصروفات، وإذا كان صحيحاً أن ممثل تلك الهيئة أمام القضاء هو رئيس مجلس إدارتها وليس عضو مجلس الإدارة المنتدب، وبفرض وجود الوظيفتين معاً وانفراد شاغل أولاهما بتمثيل الهيئة، فإن الأمر: لا يعدو أن يكون خطأ في بيان ممثل الهيئة، وليس أمر مخاصمة من لا صفة له، إذ الخصم هو الهيئة صاحبة الصفة، وهي مختصمة في الدعوى على نحو ما توضح، وإذا كانت إدارة قضايا الحكومة وقد خولت نيابة قانونية عن الهيئات العامة ومنها هيئة المطابع المدعى عليها، قد حضرت بحكم هذه النيابة القانونية في الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري وأدلت بدفاع الهيئة المذكورة، ودون أن تثير أي اعتراض في شأن بيان ممثل الهيئة، كما سلكت نفس المسلك في صحيفة طعنها أمام هذه المحكمة، فإن المحكمة لا ترى محلاً لترتيب أثر على ذكر, أن ممثل الهيئة هو عضو مجلس الإدارة المنتدب وليس رئيس مجلس الإدارة، ولا تعتد بالتالي بما ذهبت إليه إدارة قضايا الحكومة من أن الدعوى رفعت على غير ذي صفة.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة إلى الشق الخاص بالجزاء، على أساس أنه لم يسبق رفع الدعوى بالطعن على هذا الشق، تظلم يعتد به قانوناً، إذ أن المدعيين قد تظلما من هذا القرار إلى وزير الصناعة، وهو ليس مصدر القرار ولا الجهة الرئاسية لمصدره وفقاً للبند 2 من المادة (12) من قانون مجلس الدولة, فإنه يبين من مراجعة ملفي التظلمين أن تظلمي المدعيين أرسلا فور تقديمهما إلى الهيئة العامة للمطابع الأميرية، وقد أحالهما السيد عضو مجلس الإدارة المنتدب للهيئة وهو مصدر القرار إلى مفوض الدولة لبحثهما وتلقى رده في شأنهما ومن ثم يكون هذا الدفع بدوره في غير محله خليقاً بالرفض.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن واقعات الدعوى تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه في ليلة 16من مايو سنة 1961 وقع حادث سرقة كليشهات رصاص من ورشة صب الفرم بالهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، وقد انتهى التحقيق الذي أجري في هذا الشأن إلى تحديد كمية الرصاص المسروق بمائة وثلاثة وخمسين كيلو جراماً، وإلى أن السرقة وقعت نتيجة لإهمال عمال الورشة ورئيسهم المباشر في وردية الليل، وعلى أثر ذلك أمرت الهيئة بتشكيل لجنة لجرد عهدة الورشة، وقد أسفر جردها عن وجود عجز قدره 1017,582 كيلو جراماً من الرصاص ونظراً لأن اللجنة لم تقم بخصم مقدار الكمية المسروقة، ولا مقدار عادم التشغيل في حين أن كميات كبيرة من الرصاص الذي قامت بجرده كانت مشغولة بالورشة، فقد جرى خصم الكمية المسروقة والكمية التي قدرت لعادم التشغيل - والتي نازع المدعيان في صحة تقديرها - فأصبح العجز 746.075 كيلو جراماً، وعندما تم الجرد السنوي للورشة في 19 من سبتمبر سنة 1961 لم يسفر عن وجود أي عجز، وقد ذكر في التحقيق أن السبب فيما أسفر عنه هذا الجرد من عدم وجود عجز هو المبالغة في رقم التشغيلات على خلاف الواقع, ولذلك رأت جهة التحقيق استبعاد نتائج هذا الجرد وأوصت بتشكيل لجنة فنية لضبط دفاتر الورشة وتنظيم عملياتها وعمل جرد آخر وذلك حتى يمكن تفادي ما قد يحدث من مخالفات، وقد تمت الموافقة على هذه التوصية، وقد ذكر السيد/ عبد الغفار محمد الشامي في صحيفة دعواه وفي مذكراته أن اللجنة التي ووافق على إعادة تشكيلها للقيام بجرد عهدة الورشة من جديد على أسس سليمة، قد أسفر جردها عن عدم وجود عجز، وقد ندد بعدم تعليق الهيئة على ما ذكره في شأن نتيجة هذا الجرد، وبالرغم من ذلك فقد لزمت الهيئة الصمت بالنسبة إلى هذه النتيجة، الأمر الذي يلقى ظلالاً من الشك حول حقيقة وجود العجز ومقداره وأسبابه، وتشير الأوراق إلى أن اللجنة التي قامت بعمل الجرد المفاجئ في 31 من مايو سنة 1961 والتي انتهت إلى وجود العجز، لم تشأ - على فرض التسليم بصحة وجود العجز - أن تحمل السيدين/ عبد الغفار محمد الشامي وجمال الدين محمد عاشور بمسئوليته، تاركة تحديد هذه المسئولية لسلطة الحقيق، وذلك لما أثبتته في تقريرها من أن العمل كان يسير في الورشة على نظام الوردية الواحدة وقد ظل معمولاً بهذا النظام سنوات طويلة، حيث كان يتم إغلاق الورشة بمعرفة صاحب العهدة الذي يحفظ المفاتيح داخل دولاب خاص مستقل, وذلك بخلاف ما يسير عليه العمل في السنين الأخيرة، حيث يجرى العمل ليلاً ونهاراً ثلاث ورديات متوالية لا يوجد صاحب العهدة إلا في واحدة منها، ولما أثبتته اللجنة كذلك من أن قسم صهر الرصاص - وهو أحد أقسام الورشة - موجود في مكان بعيد عنها وبالتالي بعيد عن رقابة المشرفين عليها والمسئولين عن عهدتها، وقد أهابت اللجنة بالهيئة أن تبادر إلى تكوين لجنة يكون لها دراية بلوائح المخازن لوضع النظام الذي يكفل المحافظة على عهدة الورشة وتحديد مسئولية القائمين عليها, إذ أن النظام الذي يجري عليه العمل يحول بين صاحب العهدة وواجب المحافظة عليها، لأن العهدة تتداولها أيد كثيرة لا سلطان له عليها، وتشير الأوراق كذلك إلى أن السيد/ عبد الغفار محمد الشامي نبه المسئولين بالهيئة مراراً إلى أن النظام الذي يجرى عليه العمل وتكرار ندبه إلى أعمال أخرى خارج الورشة يباعد بينه وبين الإشراف على عهدته، ولكن الهيئة لم تستجب إلى تنبيهاته وتحذيراته.
ومن حيث إنه يتعين بادئ ذي بدء - والحال ما قدمنا - وقبل الخوض في مدى مسئولية صاحب العهدة والأسباب التي تعفيه من المسئولية وما إلى ذلك، تحديد المركز القانوني للمدعيين لمعرفة ما إذا كانا يعتبران من وجهة النظر القانونية صاحبي عهدة أم لا.
ومن حيث إنه يتعين لكي يصدق على أحد الأمناء أنه صاحب عهدة أن تكون له السيطرة الكاملة على عهدته أثناء ممارسة العمل وأن تكفل النظم السائدة المحافظة على هذه العهدة وعدم المساس بها في غير أوقات العمل، فإذا كانت النظم المعمول بها تحول بين صاحب العهدة وبين السيطرة على عهدته أو لا تتوفر معها وسائل المحافظة على هذه العهدة، وتتيح أن تتداول العهدة أيد كثيرة لا تكون مسئولة عنها فإن الأمر لا يعدو أن يكون نوعاً من المسئولية الشائعة يصعب مها تحديد من هو صاحب العهدة ومن هو المسئول عنها.
ومن حيث إنه بتطبيق هذا المبدأ على واقعات الدعوى يتضح بجلاء أنه لا يمكن اعتبار السيد/ عبد الغفار محمد الشامي صاحب عهدة بالمعنى القانوني الذي أوضحناه، كما لا يمكن من باب أولى اعتبار السيد/ جمال الدين محمد عاشور - وهو الذي كان دوره قاصراً على مجرد التوقيع على كشوف الجرد والعهدة باعتباره رئيساً للورشة - صاحب عهدة كذلك، وبالتالي تنتفي مسئوليتهما عن العجز في ورشة صب الفرم، الذي حملتهما به الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، وذلك على فرض تحقق وجود هذا العجز.
ومن حيث إنه ما دام أن المدعيين لا يعتبران من الناحية القانونية صاحبي عهدة، وتنتفي بالتالي مسئوليتهما عن العجز فيها, فإنه ينهار كذلك الأساس الذي تستند إليه الهيئة في مجازاتهما وقد اعترفت سلطة التحقيق في مذكرتها بشأن هذا الموضوع، أن تقسيم العمل إلى ثلاث ورديات لا يوجد صاحب العهدة إلا في واحدة منها فقط - وهذا هو السبب الرئيسي في عدم إمكان السيطرة أو المحافظة على العهدة - هو أمر خارج عن إرادة صاحب العهدة وسلطته, إلا أنها حاولت بالرغم من ذلك أن تنسب إلى المدعيين الإهمال والتقصير في تنظيم العمل في حدود ونطاق اختصاصهما بما يكفل المحافظة على العهدة، والواقع أنه ما دام التنظيم الأساسي الذي هو من شأن المرفق، والذي يخرج عن سلطة المدعيين واختصاصهما المساس به هو السبب في عدم إمكان السيطرة أو المحافظة على العهدة، فإن أي تنظيم للعمل في حدود ونطاق اختصاصهما لم يكن ليغير من هذا الأمر شيئاً.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون قرار مجازاة المدعيين غير مستخلص استخلاصاً سائغاً من الأوراق ومن أصول تنتجه، ويكون قرار تحميلهما بقيمة العجز في العهدة غير مستند إلى سند من القانون, ويكون الحكم المطعون عليه قد أصاب الحق والقانون حين قضى بإلغاء هذا القرار بشقيه، ويكون النعي على هذا الحكم في غير محله، ويتعين لذلك رفض الطعنين مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعنين المضمومين رقم 713 لسنة 12 القضائية ورقم 762 لسنة 12 القضائية شكلاً وفي موضوعهما برفض الطعنين وألزمت الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية بالمصروفات.