مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1970) - صـ 363

(56)
جلسة 24 من مايو سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد مختار العزبي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد طاهر عبد الحميد وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر وأحمد علي حسن العتيق المستشارين.

القضية رقم 226 لسنة 11 القضائية

موظف "مؤهل دراسي" - قواعد الإنصاف
قرار مجلس الوزراء الصادر في 7 أكتوبر سنة 1945 - السلطة المختصة لتطبيق قواعد الإنصاف على الموظفين الناجحين في امتحان القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية هي وزارة المالية بالاشتراك مع وزارة المعارف العمومية - لا تستطيع إحدى الوزارتين أن تنفرد بتطبيق هذه القواعد على الموظفين المذكورين - أساس ذلك.
إن مؤدى قرار مجلس الوزراء سالف الذكر أن السلطة المختصة بتطبيق قواعد الإنصاف على الموظفين الناجحين في امتحان القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية هي وزارة المالية بالاشتراك مع وزارة المعارف العمومية ويترتب على ذلك أن أيا من الوزارتين لا تستطيع قانوناً أن تنفرد بتطبيق قواعد الإنصاف على الموظفين المذكورين، فوزارة المالية ليس في مكنتها أن تقرر تطبيق هذه القواعد دون الرجوع إلى وزارة المعارف العمومية كي تقرر ما إذا كان مستوى الدراسة والامتحان في المدارس غير الحكومية يطابق مثيله في المدارس الحكومية أو عدمه كما أنه لا يمكن تطبيق تلك القواعد بمجرد أن تقرر وزارة المعارف العمومية أن مستوى الدراسة والامتحان في هذه المدارس يطابق مثيله في المدارس الحكومية بل لابد من أن تشترك الوزارتان معاً في تقرير تطبيق قواعد الإنصاف على الموظفين المشار إليهم ما دامت اعتبارات قرار مجلس الوزراء المبين آنفاً تنطق بذلك وما دامت القاعدة هي وجوب التزام حدود الاختصاص التي رسمها المشرع فإذا اشترط لممارسة عمل مشاركة عدة هيئات وتعاونها معاً فلا يبرم هذا العمل إلا بموافقتها جميعاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1087 لسنة 16 القضائية ضد السيدين وزير الخزانة ومراقب عام مستخدمي وزارة الخزانة بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 18 من يوليه سنة 1962 طلب فها الحكم باعتباره حاصلاً على شهادة معادلة للشهادة الابتدائية وهي شهادة اجتياز امتحان القبول بالمدارس الثانوية من مدرسة صدق الوفاء الثانوية في عام 1920 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال شرحاً لدعواه أنه بعد أن نجح في امتحان القبول بهذه المدرسة وأمضى عامين بالقسم الثانوي تقدم لامتحان الكفاءة ورسب فيه في 23 من يوليه سنة 1924 عين بديوان الأوقاف الخصوصية الملكية السابق بمرتب شهري قدره خمسة جنيهات وكان هذا التعيين على أساس أنه أتم التعليم الابتدائي وراسب في امتحان شهادة الكفاءة وقد استعلم الديوان المذكور في حينه من وزارة المعارف عن صحة ذلك فأجابته الوزارة بما يؤيده وقد ظل يعمل بالديوان ثم بإدارة تصفية الأموال المصادرة ثم نقل إلى ديوان عام وزارة الخزانة إلى أن حصل على الدرجة الرابعة وبعد مرور أكثر من سبعة وثلاثين عاماً على خدمته فوجئ بفتوى من ديوان الموظفين بأن يعامل معاملة غير الحاصل على مؤهل دراسي وذلك بمناسبة ترشيحه للترقية إلى الدرجة الثالثة تأسيساً على أن مدرسة صدق الوفاء الثانوية لم تكن ضمن المدارس الثانوية المعتمدة في امتحان القبول بقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يونيه سنة 1950. هذا مع أن مجلس الوزراء قد وافق في 7 من أكتوبر سنة 1945 على تطبيق قواعد الإنصاف على حملة شهادة إتمام الدراسة الابتدائية وما يعادلها وذلك بمنحهم ماهية قدرها خمسة جنيهات شهرياً في الدرجة التاسعة من تاريخ التعيين ولقد خول المجلس وزارة المالية بالاشتراك مع وزارة المعارف تطبيق قواعد الإنصاف على الناجحين في امتحان المدارس الابتدائية أو امتحان القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية ومدرسة الأبيض بالسودان بشرط أن تقرر وزارة المعارف أن مستوى الدراسة والامتحان في هذه المدارس يطابق مثله بمدارس الوزارة. وبتاريخ 16 من سبتمبر سنة 1946 أرسلت وزارة المالية مذكرة معتمدة من الوزير طالبة معاملة مدرسة صدق الوفاء معاملة مدارس إخوان ويصا الإعدادية ووادي النيل وهي المدارس المعتمدة من حيث اعتبار النجاح في امتحان القبول فيها معادلاً للنجاح في امتحان القبول في المدارس الأخرى ووزارة المعارف - في نظره - مختصة بتقرير المماثلة التي نص عليها قرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1945 ولا يبقى إلا إعمال أثر ذلك بصدور قرار وزارة المالية في هذا الشأن. وأجابت الوزارة عن الدعوى بمذكرة دفعت فيها بعدم قبولها لأن المدعي تظلم للوزارة في 20 من ديسمبر سنة 1960 لرفضها اعتباره حاصلاً على مؤهل علمي يعادل الشهادة الابتدائية، وأخطرته الوزارة برفض تظلمه في 14 من يونيه سنة 1962 أي بعد فوات أكثر من ستين يوماً والمدعي لم يقم برفع الدعوى إلا في 8 من يوليه سنة 1962 أي بعد فوات المواعيد القانونية وطلبت الوزارة الحكم برفض الدعوى من حيث الموضوع تأسيساً على أن مدرسة صدق الوفاء الثانوية الحرة لم تكن من المدارس المعتمدة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يونيه سنة 1950. وبجلسة 7 من ديسمبر سنة 1964 قضت محكمة القضاء الإداري "بأحقية المدعي في تطبيق قراري مجلس الوزراء الصادرين في 30 من يناير و29 من أغسطس سنة 1944 الخاصين بقواعد الإنصاف و7 من أكتوبر سنة 1950 الخاص بالشهادات المعادلة للشهادة الابتدائية على النحو المبين بالأسباب وألزمت الحكومة بالمصروفات" وأقامت المحكمة قضاءها على أن الدعوى من قبيل المنازعات المتعلقة بالتسوية التي لا تتقيد في إقامتها بالمواعيد المقرر لإلغاء القرارات الإدارية إذ المدعي يستهدف في الحقيقة تطبيق قواعد الإنصاف عليه باعتباره حاصلاً على شهادة معادلة للشهادة الابتدائية وبالنسبة إلى الموضوع أقامت قضاءها على أن وزارة المعارف قد وافقت على معاملة مدرسة صدق الوفاء ببولاق معاملة مدراس إخوان ويصا الإعدادية ووادي النيل، وهي تلك التي سبق أن اعتبرت الوزارة أن مستوى الدراسة والامتحانات فيها يطابق مثيله بمدارس الوزارة. وقد أرسلت الوزارة هذه الموافقة إلى وزارة المالية (مراقبة مستخدمي الحكومة) للعلم وإجراء اللازم وأنه إذا كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1945 السابق الإشارة إليه قد خول وزارة المالية الاشتراك مع وزارة المعارف في تطبيق قواعد الإنصاف على الناجحين في الشهادة الابتدائية أو القبول في المدارس الثانوية غير الحكومية فإن مهمة وزارة المالية في هذا الشأن تقتصر فقط على التطبيق المالي وهو ما تقتضيه طبائع الأشياء وتوزيع الاختصاصات بين الوزارات المختلفة في حدود القوانين واللوائح وأنه لذلك يجب أن يعول على موافقة وزارة المعارف المشار إليها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن مفهوم قرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1945 هو أن جهة الاختصاص المخول لها سلطة إعمال قواعد الإنصاف هي وزارة المالية ووزارة المعارف، وقد صدر الكتابان الدوريان من وزارة المالية في 3 من مارس و14 من سبتمبر سنة 1946 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء المشار إليه - بعد استيفاء الإجراءات المطلوبة وتقدير وزارة المعارف مستوى الدراسة والامتحان - مبنيين على سبيل الحصر للمدارس غير الحكومية المعتبرة معادلة لنظيرتها من المدارس الحكومية وليس من بينها مدرسة صدق الوفاء الثانوية كما أن هذه المدرسة ليست من المدارس المعتمدة في امتحان القبول بالمدارس الثانوية الموضحة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يونيه سنة 1950 وأنه لا يمكن الاعتداد بمذكرات كتبت في هذا الشأن طالما أنه لم يصدر قرار من جهة الاختصاص وهي وزارة المالية بالاشتراك مع وزارة المعارف باعتبار هذه المدرسة معادلة في مستوى الدراسة والامتحان لمدارس الحكومة.
ومن حيث إنه في 7 من أكتوبر سنة 1945 أصدر مجلس الوزراء قرار بتخويل وزارة المالية بالاشتراك مع وزارة المعارف العمومية سلطة تطبيق قواعد الإنصاف على الموظفين الناجحين في امتحان إتمام الدراسة الابتدائية أو امتحان القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية بشرط أن تقرر وزارة المعارف العمومية أن مستوى الدراسة والامتحان في هذه المدارس يطابق مثيله بمدارس الوزارة وتنفيذاً لهذا القرار أصدرت وزارة المالية الكتابين الدوريين رقم ف 234 - 3/ 3 في 3 من مارس و14 من سبتمبر سنة 1946 بتطبيق قواعد الإنصاف على الناجحين في امتحانات الدراسة الابتدائية أو امتحان القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية التي عقدت في المدة من سنة 1916 إلى سنة 1923 - وهي المدة التي كانت فيها الشهادة الابتدائية الحكومية ملغاة - بمدارس الهيئات والجمعيات الآتية: - الأوقاف الملكية - وزارة الأوقاف - الجمعية الخيرية الإسلامية - جمعية العروة الوثقى - جمعية المساعي المشكورة - مدارس الأقباط الكبرى - وادي النيل الثانوية - كلية غردون - مدرسة الأبيض بالسودان - مجالس المديريات - المدرسة الإعدادية بالقاهرة - مدرسة إخوان ويصا بأسيوط.
ومن حيث إن مؤدى قرار مجلس الوزراء سالف الذكر أن السلطة المختصة بتطبيق قواد الإنصاف على الموظفين الناجحين في امتحان القبول بالمدارس الثانوية غير الحكومية هي وزارة المالية بالاشتراك مع وزارة المعارف العمومية ويترتب على ذلك أن أياً من الوزارتين لا تستطيع قانوناً أن تنفرد بتطبيق قواعد الإنصاف على الموظفين المذكورين، فوزارة المالية ليس في مكنتها أن تقرر تطبيق هذه القواعد دون الرجوع إلى وزارة المعارف العمومية كي تقرر ما إذا كان مستوى الدراسة والامتحان في المدارس غير الحكومية يطابق مثيله في المدارس الحكومية أو عدمه كما أنه لا يمكن تطبيق تلك القواعد بمجرد أن تقرر وزارة المعارف العمومية أن مستوى الدراسة والامتحان في هذه المدارس يطابق مثيله في المدارس الحكومية بل لابد من أن تشترك الوزارتان معاً في تقرير تطبيق قواعد الإنصاف على الموظفين المشار إليهم ما دامت عبارات قرار مجلس الوزراء المبين آنفاً تنطق بذلك وما دامت القاعدة هي وجوب التزام حدود الاختصاص التي رسمها المشرع فإذا اشترط لممارسة عمل ما مشاركة عدة هيئات وتعاونها معاً فلا يبرم هذا العمل إلا بموافقتها جميعاً.
ومن حيث إن مدرسة صدق الوفاء الثانوية ببولاق التي يقول المدعي أنه نجح في امتحان القبول بها لم تكن من بين المدارس التي وردت في كتابي وزارة المالية المشار إليهما الصادرين في عام 1946 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1945 سالف البيان ومن ثم فإن المدعي لا يفيد من قواعد الإنصاف ولا يغير من هذا النظر أن وزارة المعارف العمومية قد اعتبرت في 19 من سبتمبر سنة 1946 أن مستوى الدراسة والامتحان في هذه المدرسة مطابق لمثيله في المدارس الحكومية ما دام لم يصدر من وزارة المالية قرار بتطبيق قواعد الإنصاف على الموظفين الناجحين في امتحان القبول بها ولا وجه بعد ذلك لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن وزارة المعارف العمومية بعد إذا قدرت من الناحية الفنية بأن مستوى الدراسة والامتحان في مدرسة صدق الوفاء الثانوية يطابق مثيله بمدارس الحكومة فإنه يتعين إعمال أثر هذه المماثلة وأنه من ثم تقتصر مهمة وزارة المالية على التطبيق المالي بحسب ما لها من اختصاص مخول لها في القوانين واللوائح - لا وجه لذلك إذ فضلاً عن أن هذا لا يتفق مع ما جاء بقرار مجلس الوزراء الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1945 على الوجه المبين آنفاً فإنه من المسلم أن اختصاص وزارة المالية في شأن تفسير وتطبيق قواعد الإنصاف هو اختصاص أصيل مقرر لها في قرارات مجلس الوزراء الصادرة في هذا الشأن.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم تكون الدعوى غير قائمة على أساس سليم من القانون وإذ قضى الحكم المطعون فيه بأحقية المدعي في تطبيق قراري مجلس الوزراء الصادرين في 30 من يناير و29 من أغسطس سنة 1944 الخاصين بقواعد الإنصاف و8 من أكتوبر سنة 1945 الخاص بالشهادات المعادلة للشهادة الابتدائية فإنه يكون قد جانب الصواب وأخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.