مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1970) - صـ 371

(58)
جلسة 30 من مايو سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف إبراهيم الشناوي ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

القضية رقم 1200 لسنة 11 القضائية

موظف "تحقيق". النيابة الإدارية "إخطار الجهة التابع لها الموظف بالتحقيق قبل البدء فيه".
إن القانون لم يرتب البطلان على إغفال إخطار النيابة الإدارية للجهة التابع لها الموظف قبل بدء التحقيق معه في الحالات التي يجرى فيها بدون طلب من الجهة التابع لها - أساس ذلك.
إن المادة الثالثة من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية وإن كانت قد أوجبت على النيابة الإدارية إخطار الوزير أو الرئيس الذي يتبعه الموظف بإجراء التحقيق قبل البدء فيه وذلك فيما عدا الحالات التي يجرى فيها التحقيق بناء على طلب الوزارة أو الهيئة التي يتبعها الموظف، إلا أن القانون لم يرتب جزاء البطن على إغفال هذا الإخطار. وإذا كان الأمر كذلك وكان المشرع لم يقيد النيابة الإدارية في مباشرتها لإجراءات التحقيق أو الاتهام فيما تتلقاه من شكاوى الإدارة، كما هو الشأن في النزاع الماثل - التي يثبت الفحص جديتها، على إذن الوزير أو الرئيس الذي يتبعه الموظف، وكانت الحكمة من مجرد إيجاب الإخطار المذكور على ما يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون أن يكون الوزير أو الرئيس على بينة مما يجري في شأن موظفيه في الوقت المناسب, فإن الإخطار والحالة هذه يكون قد شرع لمصلحة الإدارة وحدها تمكيناً لها من متابعة تصرفات العاملين فيها بما يحقق صالح العمل وحسن أدائه، ومن ثم فإن إغفال الإخطار لا ينطوي على المساس بمصالح العاملين أو الانتقاص من الضمانات المقررة لهم وبهذه المثابة فإن الإخطار لا يعد من الشروط الجوهرية التي يترتب على إغفالها ثمة بطلان بغير نص يجيز للعاملين التمسك به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أنه بتاريخ 17 من فبراير سنة 1965 أودعت النيابة الإدارية سكرتيرية المحكمة التأديبية للعاملين بالمؤسسات والشركات أوراق الدعوى التأديبية رقم 46 لسنة 1965 التي قيدت بسجل تلك المحكمة برقم 39 لسنة 7 القضائية وكذلك تقرير اتهام ضد السيد/....... رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة المنتجات العالمية بمرتب 4000 جنيه متضمناً اتهامه بأنه في المدة من 5 من يناير سنة 1963 إلى 13 من يوليه سنة 1964 بمقر عمله بالشركة وبصفته المذكورة خرج خروجاً خطيراً على مقتضى واجبات الوظيفة، وانحرف بالسلطة المخولة له، وتعمد مخالفة القانون مستهدفاً تحقيق مصلحة خاصة بما كان من شأنه الإخلال بحسن سير العمل في الشركة والإضرار بها مالياً بأن:
أولاً: عمد إلى تعيين السيد/..... رئيساً لشئون الأفراد بالمخالفة لقرار مجلس الإدارة بالشركة الصادر في 10 من سبتمبر سنة 1962 وللقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 مستغلاً في ذلك ما له من سلطة في قبول الطلب المقدم منه بعد الميعاد، وفي تسهيل اجتيازه للاختبار وفي استصدار قرار من مجلس الإدارة يخالف ما سبق أن وضعه من شروط معينة لشغل هذه الوظيفة.
ثانياً: اعتمد صرف مبلغ 365 جنيهاً و55 مليماً للسيد المذكور تحت ستار بدل انتقال، بالرغم من أن طبيعة وظيفته لا تتطلب مثل هذه الانتقالات، وذلك بقصد تحقيق مكسب مادي له على حساب الشركة.
وأنه بذلك يكو قد ارتكب المخالفات المالية والإدارية المنصوص عليها في المادتين 51، 53 من القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 في شأن العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة والمادة 76/ 6 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، وطلبت النيابة الإدارية محاكمته بالمواد سالفة الذكر وتطبيقاً للمواد 1، 5، 6 من القانون رقم 19 لسنة 1959 والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958.
وبجلسة 4 من يوليه سنة 1965 حكمت المحكمة بمجازاة السيد/....... بخصم شهر واحد من راتبه لما ثبت في حقه، وأقامت قضاءها على أنه اقتراف مخالفة قرار مجلس إدارة الشركة الصادر في 10 من سبتمبر سنة 1962 بقبوله طلب السيد/..... المقدم بعد الميعاد المحدد لتقديم طلبات شغل وظيفة المشرف على شئون الإفراد بالشركة وامتحانه وإنجاحه في هذا الامتحان دون الاستناد إلى أي دليل مادي على صحة البيانات الخاصة بسابقة خبرته في أعمال شئون الأفراد، وبذلك يكون قد ثبت سوء قصده انحرافه بالسلطة مستغلاً سلطة مجلس الإدارة التقديرية في أمور التعيين رغم أنها مقيدة بما وضعه المجلس ذاته من قواعد. وأضافت المحكمة أن قرار تعيين السيد/..... بمرتب قدره ستون جنيهاً في الشهر بتاريخ 9 من يناير سنة 1963 خالف حكم المادة السابعة من القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 بإصدار لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة التي لا تجيز التعيين رأساً في وظيفة من الفئة السادسة فما فوقها إلا بقرار من رئيس الجمهورية وبالنسبة للاتهام الثاني قالت المحكمة أن السيد/.... حصل في الفترة من 21 من فبراير سنة 1963 حتى 13 من يوليه سنة 1964 على مبلغ 259 جنيهاً و500 مليم كمصاريف انتقال وقد اعتمد رئيس مجلس إدارة الشركة صرف بعض هذه المبالغ، وأضافت أن طبيعة عمل وظيفة مدير إدارة شئون الأفراد لا تتطلب مثل هذه الانتقالات الدورية المتكررة طوال المدة المذكورة باعتبارها وظيفة مكتبية ومن ثم تكون هذه التهمة ثابتة في حقه في حدود المبالغ التي اعتمد صرفها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأوجه الآتية:
أولاً: أن النيابة الإدارية لم تقم بإخطار الوزير أو الرئيس الذي يتبعه الطاعن بإجراء التحقيق قبل البدء فيه بالتطبيق لحكم المادة الثالثة من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، ومن ثم تكون الإجراءات التي اتبعتها النيابة الإدارية بالمخالفة لذلك باطلة.
ثانياً: إن القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 سالف الذكر لم يطرح للتوزيع بل ولم يطبع أو يبدأ في طبعه إلا بعد مضي مدة طويلة على تعيين السيد/........
ثالثاً: إن الاتهام الأول غير قائم على أساس من الواقع، ذلك أن مجلس إدارة الشركة لم يقرر في جلسته المعقودة في 10 من سبتمبر سنة 1962 إجراء مسابقة أو امتحان، ومن ثم فلم ينص على ميعاد معين لتقديم الطلبات لشغل وظيفة المشرف على شئون الأفراد، وأن العضو المنتدب طبقاً لقرار مجلس إدارة الشركة الصادر في 11 من أبريل سنة 1960 يملك بغير حاجة إلى الرجوع إلى مجلس الإدارة تعيين أي موظف لغاية مرتب 125 جنيهاً وتقرير شروط تعيينهم وأعمالهم وتحديد أجورهم ومرتباتهم. ومن جهة أخرى فإن تصرف الشركة صحيح في قبول طلب السيد/..... تأسيساً على أنه ذكر أنه تقدم بطلبه عند الإعلان الأول على رقم البريد الخاطئ، فتعلق حقه في التقدم للاختبار، علاوة على أن مجلس إدارة الشركة لم يتطلب الإعلان في الصحف.
رابعاً: أنه لا دليل على صحة ما نسب إلى الطاعن في الاتهام الثاني من أنه حابى السيد/..... بصرف بدلات انتقال صورية إليه.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن القائم على طلب بطلان إجراءات النيابة الإدارية لمخالفتها حكم المادة الثالثة من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية ابتناء على أن النيابة الإدارية لم تخطر الوزير أو الرئيس الذي يتبعه الطاعن قبل البدء في التحقيق معه, فإن هذا النعي مردود ذلك أن المادة المشار إليها وإن كانت قد أوجبت على النيابة الإدارية إخطار الوزير أو الرئيس الذي يتبعه الموظف بإجراء التحقيق قبل البدء فيه وذلك فيما عدا الحالات التي يجرى فيها التحقيق بناء على طلب الوزارة أو الهيئة التي يتبعها الموظف، إلا أن القانون لم يرتب جزاء البطلان على إغفال هذا الإخطار. وإذا كان الأمر كذلك وكان المشرع لم يقيد النيابة في مباشرتها لإجراءات التحقيق أو الاتهام فيما تتلقاه من شكاوى الأفراد، كما هو الشأن في النزاع الماثل - التي يثبت الفحص جديتها. على إذن الوزير أو الرئيس الذي يتبعه الموظف، وكانت الحكمة من مجرد إيجاب الإخطار المذكور على ما يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون أن يكون الوزير أو الرئيس على بينة مما يجري في شأن موظفيه في الوقت المناسب, فإن الإخطار والحالة هذه يكون قد شرع لمصلحة الإدارة وحدها تمكيناً لها من متابعة تصرفات العاملين فيها بما يحقق صالح العمل وحسن أدائه، ومن ثم فإن إغفال الإخطار لا ينطوي على المساس بمصالح العاملين أو الانتقاص من الضمانات المقررة لهم وبهذه المثابة فإن الإخطار لا يعد من الشروط الجوهرية التي يترتب على إغفالها ثمة بطلان بغير نص يجيز للعاملين التمسك به. ويكون الدفع والأمر كذلك غير قائم على سند من القانون.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن مجلس إدارة الشركة وافق بجلسته المنعقدة في 10 من سبتمبر سنة 1962 على تعيين موظف للإشراف على شئون المستخدمين من خريجي كليات التجارة أو الحقوق أو ما يعادلها وأن يكون ذا خبرة من خمس إلى عشر سنوات في أعمال شئون الأفراد بمرتب شهري حده الأقصى خمسون جنيهاً شاملاً لغلاء المعيشة, وأن تكون لجنة الاختبار من السادة عضو مجلس الإدارة المنتدب والمدير المالي ورئيس إدارة المستخدمين، وأن يكون الاختبار شفوياً. وبناء على ذلك قامت الشركة بالإعلان عن هذه الوظيفة في جريدة الأهرام بعدديها الصادرين في 13, 14 من أكتوبر سنة 1962 ونص الإعلان على أن تقدم الطلبات في موعد غايته 20 من أكتوبر إلى ص. ب 2221 القاهرة مستخدمين (2198). ولما لم يتقدم سوى عدد قليل لا تتوافر في أغلبهم الصفات المطلوبة وحتى يكون لدى الشركة فرصة كبيرة لاختيار الأصلح، على حد قولها، فقد أعادت الشركة الإعلان بجريدتي الأهرام والأخبار، في 13، 14 من ديسمبر سنة 1962 وتضمن هذا الإعلان أن يكون المتقدم من خريجي كليات التجارة (إدارة أعمال) أو الحقوق أو الشرطة من رتبة مقدم فأعلى وخبرة عشر سنوات على الأقل بعد التخرج في شئون الإفراد على أن ترسل الطلبات باللغتين العربية والإنجليزية مع صورة حديثة إلى الرقم 512 بالأهرام أو بالأخبار في موعد أقصاه 20 من ديسمبر سنة 1962. هذا ولم يذكر اسم الشركة أو عنوانها في أي من الإعلانين المشار إليهما, وقد تقدم لهذه الوظيفة ثلاثة عشر طلباً في الميعاد المحدد بالإعلان الثاني. وأعدت الشركة كشفاً خاصاً بأسماء المتقدمين كتب بالآلة الكاتبة في 3 من يناير سنة 1963 وأضيف إلى هذا الكشف في الفترة من 5 إلى 7 من يناير سنة 1963 اسم السيدين/..... و...... بالمداد. وعقدت لجنة الاختبار في 7 من يناير سنة 1963 وأثبتت في محضرها أنه قد وقع اختيارها على السيد/...... لحصوله على أعلي درجة في الاختبار ولطول خبرته بأعمال شئون الأفراد وأنه قبل العمل في الوظيفة بمرتب شهري شامل قدره ستون جنيهاً، وعلى هذا الأساس سارت إجراءات تعيينه في هذه الوظيفة.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن قبول طلب السيد/..... قد جاء على خلاف ما انطوت عليه شروط الإعلان المنشور في 13، 14 من ديسمبر سنة 1962، فهو ليس من خريجي كليات التجارة أو الحقوق أو الشرطة وإنما هو من خريجي كلية الزراعة، كما أنه تقدم بطلبه إلى السيد رئيس مجلس إدارة الشركة والعضو المنتدب بها في 5 من يناير سنة 1963 في حين أن اسم الشركة لم يظهر في الإعلان الذي نص فيه على أن يكون تقديم الطلبات إلى جريدتي الأهرام والأخبار وفي موعد أقصاه 20 من ديسمبر سنة 1962. وبالرغم من كل ذلك فقد قبل هذا الطلب، وكان من المتعين استبعاده تحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص ونأياً عن مواطن الريب الشبهات. ولا حجة في القول بأن قرار مجلس إدارة الشركة الصادر في 10 من سبتمبر سنة 1962 لم يشترط إجراء مسابقة أو امتحان ومن ثم فلم ينص على ميعاد لتقديم الطلبات لشغل هذه الوظيفة، لا حجة في ذلك لأن ما انتهى إليه مجلس الإدارة في الجلسة المشار إليها من تشكيل لجنة الاختبار والنص على أن يكون الاختبار شفوياً، من مقتضاه ولازمه أن تكون إرادة مجلس الإدارة قد انصرفت إلى أن يكون التعيين بمسابقة عامة يعلن عنها في الصحف التزاماً بما قضت به المادة الثانية من القانون رقم 113 لسنة 1958 في شأن التعيين في وظائف شركات المساهمة والمؤسسات العامة والذي ظل العمل به سارياً في ظل القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 بإصدار لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة، حيث نصت هذه المادة كأصل عام على أن يكون التعيين في أية وظيفة من وظائف شركات المساهمة والمؤسسات العامة التي لا يقل المرتب الأصلي المقرر لها عن 15 جنيهاً شهرياً بامتحان مسابقة عامة تعلن عنها في الصحف. وعلي هذا الفهم السليم سارت إجراءات الشركة في الإعلان في الصحف عن هذه المسابقة بما يدحض الادعاء بأن مجلس الإدارة لم يذهب إلى التعيين في هذه الوظيفة - التي يزيد مرتبها على الحد المشار إليه - بامتحان مسابقة عامة يعلن عنها. وتبعاً لذلك ينهار الادعاء الآخر بأن من سلطة رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب بالشركة التعيين في الوظائف بمرتب لا يتجاوز 125 جنيهاً في الشهر دون مسابقة عامة لأن الاستثناء من الأصل العام المشار إليه لا يكون طبقاً لحكم المادة الثانية سالف الذكر إلا بقرار مسبب من مجلس الإدارة بالنسبة لتعيين الموظفين الذين تتوفر فيهم خبرة خاصة يلزم توافرها للتعيين في وظائف معينة. هذا وإذا كان السيد/...... قد أشار إلى سبق تقدمه بطلب لشغل الوظيفة المشار إليها في ظل الإعلان الأول وفي الميعاد المحدد به, فإنه فضلاً عن عدم قيام الدليل على صحة هذا الادعاء، فإن الإعلان الأول قد استنفذ الغرض منه بعدم التقدم بمن تتوفر فيه المواصفات المطلوبة لشغل الوظيفة مثار المنازعة، ولذلك لم تقم الشركة بمد موعد التقدم بطلبات الالتحاق، ولكنها أعادت الإعلان عن هذه الوظيفة، وبشروط جديدة من حيث المؤهل ومدة الخبرة والأوراق المطلوبة، وحددت موعداً أقصى للتقدم بالطلبات منبت الصلة بالموعد الأول. وبناء عليه فإنه على فرض صحة الدفاع المثار في هذا الشأن فإنه ما كان يجوز قبول الطلبات التي سبق التقدم بها في ظل الإعلان الأول.
ومن حيث إن السيد رئيس مجلس إدارة الشركة والعضو المنتدب بها قد أقر في التحقيق عند سؤاله عمن أضاف اسم السيدين/.... و..... إلى كشف المرشحين بالرغم من مخالفة طلبيهما لشروط الإعلان، فقرر أنه يعتقد أنه هو الذي أضاف اسميهما لكي يكونا ضمن المرشحين ويسري عليهما الاختبار كباقي المرشحين، وأضاف في موضع أخر أنه لا يتقيد كثيراً بموعد تقديم الطلبات وأحياناً ما يقبل طلبات تعرض بعد الميعاد طالما أن هناك مجالاً لاختيار الأصلح وفي هذا الدليل المقنع على أنه مسئول عن قبول السيدين المذكورين بالمخالفة لشرط الإعلان ولم ينطو التحقيق عي ما يدحض هذا القرار.
ومن حيث إنه عن الشطر الثاني من الاتهام الأول والذي يتحصل في أن المخالف سهل اجتياز السيد/..... للاختبار فهو قول مرسل لا دليل عليه من الأوراق، فقد قامت لجنة الاختبار بامتحانه وحررت بذلك محضراً ضمنته أنها اختبرت جميع الحاضرين ووقع اختيارها على السيد المذكور لحصوله على أعلى درجة في الاختبار ولطول خبرته التي تمثلت في تقلبه في الوظائف الحكومية بعد حصوله على بكالوريوس كلية الزراعة في عام 1939 إلى أن استقال من الخدمة في ديسمبر سنة 1952 لممارسته الأعمال الحرة، وقد عمل زهاء عشر السنوات رئيساً لمجلس إدارة الشركة الحديثة للأتوبيس وعضواً منتدباً لها. وإذا كان قد تردد في التحقيق أن السيد/...... زميل للسيد/ مدير عام المؤسسة العامة للصناعات الغذائية وهو الذي أوصى به فليس في ذلك وحده ما يدل بذاته على انحياز المخالف للسيد/ ... وإنجاحه في الامتحان دون وجه حق. ومن ثم يكون هذا الشطر من الاتهام منهار الأساس.
ومن حيث إنه عن الشطر الثالث من الاتهام الأول الذي يتحدد في أن المخالف استغل سلطة وظيفته في استصدار قرار من مجلس الإدارة يخالف ما سبق أن وضعه من شروط معينة لشغل هذه الوظيفة فهو قول عار من أي دليل يسانده إلا مجرد الظن، وقد أشار أعضاء مجلس الإدارة في إجابتهم إلى أن موافقتهم على زيادة مرتب هذه الوظيفة من 50 جنيهاً إلى 60 جنيهاً في الشهر كانت بناء على ما تضمنه محضر لجنة الاختبار وما أدلي به رئيس مجلس الإدارة والمدير المالي من كفاية المرشح للوظيفة وخبرته الطويلة في إدارة الشركة الخاصة به، ومن ثم فلا وجه للتعويل على هذا الشطر من الاتهام إذا ما أخذ في الاعتبار أن قيام السيد/..... بإدارة شركته الخاصة زهاء عشر السنوات فضلاً عن الأعمال الحكومة التي باشرها لا شك يكسبه خبره في شئون الأفراد تؤهل لشغل هذا المنصب.
ومن حيث إنه عن الاتهام الثاني فالثابت من الأوراق أن السيد/....... حصل خلال الفترة من 21 من فبراير سنة 1963 إلى 13 من يوليه سنة 1964 على مبلغ 259 جنيهاً، 500 مليم كمصاريف انتقال اعتمد المخالف بعضها. وقد أبدى المخالف في التحقيق أن السيد المذكور يشرف على شئون الأفراد الذين يعملون
بالشركة سواء بالمركز الرئيسي بالقاهرة أو بمصنعيها بروض الفرج وبهتيم وبفرعها بالإسكندرية وعلى ذلك فإن طبيعة عمله تتطلب المرور على مصنعي الشركة حسب ظروفه وأنه على علم دائم بتحركاته. ولم يحقق هذا الدفاع على وجاهته ولم يقم دليل من الأوراق على أن المبالغ التي حصل عليها السيد/........ لا تمثل فعلاً مقابل مصاريف الانتقال ومن ثم يكون هذا الاتهام مفتقراً للسبب المبرر له. أما ما استند إليه الحكم المطعون فيه من أن طبيعة عمل السيد المذكور لا تتطلب مثل هذه الانتقالات فهو لا يعوزه الدليل فحسب بل وينفيه أن تعدد أماكن نشاط الشركة على الوجه السالف البيان لا شك يتطلب في بعض الحالات ضرورة الانتقال إلى مواقع العمل للإشراف على شئون القائمين على شئون الأفراد وحل مشاكل العمال في أماكن عملهم بما يكفل حسن سير العمل.
ومن حيث إن حاصل ما تقدم أن ما ثبت في حق المخالف هو قبوله الطلب المقدم إليه من السيد/.....، بالرغم من مخالفته لشروط الإعلان، لشغل وظيفة المشرف على شئون الأفراد في الشركة. وقد تمثلت هذه المخالفة على التفصيل السالف البيان في أن السيد/...... لم يكن حاصلاً على المؤهل المطلوب في الإعلان ولم يتقدم بطلبه في الميعاد القانوني وعن الطريق المرسوم في الإعلان. ولو التزم المخالف شروط الإعلان لاستبعد هذا الطلب منذ البداية ولما تم تعيين السيد المذكور في هذه الوظيفة. ومما لا شك فيه أن هذه المخالفة تشكل ذنباً إدارياً يتمثل في إهدار مبدأ تكافؤ الفرص بين الأفراد وعدم إتاحة الفرص المتساوية أمامهم للتقدم لمثل هذه المسابقة وما يترتب على ذلك من ضمان اختيار أكثرهم كفاية وصلاحية. والمحكمة في مجال تقدير الجزاء المناسب لهذه المخالفة تقدر أن المخالف كان حريصاً على اختيار أنسب الأشخاص لهذا المنصب وقد شدته خبرة السيد/...... الطويلة في المناصب التي تولاها وفي رئاسة مجلس إدارة الشركة الخاصة به، وتوسم فيه الصلاحية الكاملة لشغل منصب المشرف على شئون الأفراد وقد ردد المخالف شعوره هذا في مذكرته المقدمة إلى مجلس إدارة الشركة في 9 من يناير سنة 1963 وإلى المؤسسة العامة للصناعات الغذائية في كتابه المؤرخ في 9 من مارس سنة 1963 بمناسبة طلب استصدار قرار جمهوري رقم 3546 لسنة 1962 سالف الذكر بعد أن وافقت المؤسسة بخطابها المؤرخ في 29 من يناير سنة 1963 على تعيينه مؤقتاً بعقد محدد المدة إلى حين إصدار قرار بإنشاء هذه الوظيفة وبيان مواصفاتها بدرجتها المالية طبقاً للقرار الجمهوري المشار إليه، وقد حدا ذلك بالسيد رئيس مجلس إدارة المؤسسة إلى الاتجاه في كتابة المؤرخ في 23 من فبراير سنة 1965 إلى السيد مدير مكتب وزير الصناعية الخفيفة إلى أنه يمكن حمل قرار مجلس إدارة الشركة في هذا التعيين على أنه ينطوي ضمناً على إلغاء المسابقة التي سبق الإعلان عنها والاتجاه إلى تعيينه بالخبرة طبقاً لحكم المادة الثانية من القانون رقم 113 لسنة 1958 سالف الذكر وإن كان يعوز القرار الصياغة اللفظية القانونية التي تؤكد هذا التفسير، وقد ساقت المحكمة هذا الاتجاه الذي ذهبت إليه المؤسسة، في مقام التخفيف من مسئولة المخالفة، إلا أنها لا توافق عليه كسند يبرر انتفاء مسئوليته, لأنه فضلاً عن أنه لم يستصدر قراراً من مجلس إدارة الشركة بإلغاء المسابقة وتعيين السيد/........ بالخبرة مع إعفائه من شروط الامتحان ولم يطلب ذلك منه، فإنه لم يعرض على مجلس إدارة الشركة أن السيد/.... تقدم في المسابقة بعد الميعاد المحدد لذلك بالإعلان وبالمحالفة لشروطه الأخرى ومن أجل ذلك كله ومراعاة لما لمسته المحكمة من ماضي المخالف الطويل في الشركة ونشاطه في النهوض بها حيث قفزت أرباحها في السند 1963/ 1964 إلى ما يزيد على الربع مليون جنيه سنوياً وهو ما يجاوز رأس مال الشركة وقتئذٍ, فقد رأت المحكمة الاكتفاء بإنذاره.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف صواب الواقع والقانون جديراً بالتعديل على الوجه السالف البيان مع إلزام كل من طرفي الخصومة بنصف المصروفات.

"فهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وتوقيع جزاء الإنذار على الطاعن وألزمت كلاً من الطرفين بنصف المصروفات.