مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1970) - صـ 392

(60)
جلسة 31 من مايو سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد مختار العزبي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد طاهر عبد الحميد وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر وأحمد علي حسن العتيق المستشارين.

القضية رقم 506 لسنة 13 القضائية

موظف "تأديب" الإحالة إلى المحاكمة التأديبية. دور النيابة الإدارية.
ولئن كانت النيابة الإدارية تنفرد بمباشرة الدعوى التأديبية إلا أن إحالة الموظف إلى المحكمة التأديبية ليس مقصوراً على النيابة الإدارية إنما تشاركها في هذا الاختصاص الجهة الإدارية بحيث إذا رأت إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية تعين على النيابة الإدارية مباشرة الدعوى التأديبية - مؤدى ذلك اعتبار الموظف محالاً للمحاكمة التأديبية من التاريخ الذي تفصح فيه الجهة الإدارية عن إرادتها الملزمة في إقامة الدعوى التأديبية. أثر ذلك.
ولئن كانت النيابة الإدارية هي وحدها التي تنفرد باختصاص مباشرة الدعوى التأديبية أمام المحكمة، إلا أن تحريك الدعوى التأديبية أو بالأحرى إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية ليس مقصوراً فقط على النيابة الإدارية إنما تشاركها في هذا الاختصاص الجهة الإدارية بحيث إذا رأت هذه الجهة بمقتضى السلطة المخولة لها في المادة 12 آنفة الذكر إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية تعين على النيابة الإدارية مباشرة الدعوى التأديبية، وهي إذ تباشر الدعوى التأديبية في هذه الحالة إنما تباشرها نيابة عن الجهة الإدارية صاحبة الإرادة الأصلية في إقامة الدعوى التأديبية.
ومن حيث إنه متى وضح أن دور النيابة الإدارية في الحالة التي تطلب فيها الجهة الإدارية إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية مقصور على تنفيذ قرارها في هذا الشأن فتلتزم باتخاذ الإجراءات القانونية التي تقتضيها مباشرة الدعوى التي تحركت فعلاً بطلب الجهة الإدارية فإن لا مناص من القول بأنه يتعين اعتباراً من التاريخ الذي تفصح فيه الجهة الإدارية عن إرادتها الملزمة في إقامة الدعوى التأديبية اعتبار الموظف محالاً إلى المحاكمة التأديبية أما إجراءات مباشرة الدعوى فهي لا تعدو حسبما سلف البيان إجراءات تنفيذية للقرار الصادر من الجهة الإدارية بالإحالة والذي يتحدد على مقتضاه ومن تاريخ صدوره مركز الموظف القانوني من حيث الآثار التي رتبها القانون عليه في شأنه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أنه بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 31 من يوليه سنة 1963 أقام المدعي الدعوى رقم 747 لسنة 10 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم والتي أحيلت إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص وقيدت بجدولها تحت رقم 1878 لسنة 19 القضائية وذكر في عريضة دعواه أن الوزارة تخطته في الترقية إلى الدرجة الثالثة الفنية المتوسطة بالقرار رقم 333 الصادر في 27 من نوفمبر سنة 1962 بمقولة أنه محال إلى المحاكمة التأديبية على حين أن قرار إحالته إلى المحاكمة لم يودع سكرتارية المحكمة التأديبية إلا في 13 من ديسمبر سنة 1962 أي بعد صدور قرار الترقيات فلم يكن ثمة مانع من ترقيته وقت صدوره، وإذ صدر متضمناً تخطيه في الترقية يكون قد خالف القانون وهو يطلب من أجل ذلك "الحكم بإلغاء القرار رقم 333 الصادر بتاريخ 19 من ديسمبر سنة 1962 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثالثة الفنية المتوسطة اعتباراً من 27 من نوفمبر سنة 1962، وما يترتب على ذلك من تاريخ إلزام الحكومة بالمصروفات" وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن الوزارة طلبت إلى النيابة الإدارية في 2 من يوليه سنة 1962 إحالة المدعي إلى المحاكمة التأديبية أي قبل صدور القرار المطعون فيه فكان لا مناص إعمالاً لحكم المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة من تركه في الترقية حتى تتم محاكمته. وبجلسة 19 من يناير سنة 1967 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى قاضياً "بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء حركة الترقيات المعتمدة بتاريخ 27 من نوفمبر سنة 1962 الصادر بها القرار التنفيذي رقم 333 بتاريخ 19 من ديسمبر سنة 1962 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثالثة الفنية المتوسطة وألزمت الحكومة المصروفات" وأقامت المحكمة قضاءها على أن قرار الإحالة قد أودع سكرتارية المحكمة التأديبية في 13 من ديسمبر سنة 1962 بينما اعتمدت حركة الترقيات المطعون فيها بتاريخ 27 من نوفمبر سنة 1962 أي أن الترقيات تمت في وقت لم يكن المدعي فيه قد أحيل إلى المحاكمة التأديبية فلم يكن ثمة ما يحول قانوناً دون ترقيته.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الجهة الإدارية طلبت من النيابة الإدارية في 2 من يوليه سنة 1962 إحالة المدعي على المحاكمة التأديبية أي قبل اعتماد الترقيات التي تخطى فيها، فلم يكن مناص من إعمال حكم المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة وانتظار البت في ترقيته حتى تتم محاكمته إذ أن طلب الجهة الإدارية هذا يقوم مقام الإحالة إلى المحاكمة التأديبية في خصوص تطبيق المادة المذكورة.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن المسألة القانونية مثار النزاع تدور حول تحديد التاريخ الذي يعتبر فيه الموظف محالاً إلى المحاكمة التأديبية - فيمتنع من هذا التاريخ ترقيته إعمالاً لحكم المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة التي تنص على أنه "لا يجوز ترقية موظف محال إلى المحاكمة التأديبية أو موقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف".
ومن حيث إنه بالاطلاع على القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية - للتعرف على ماهية طلب الإدارة إقامة الدعوى التأديبية ضد الموظف في ضوء نصوصه - يتبين أنه نص في المادة 12 في الباب الثاني منه الخاص بإجراءات التحقيق والتصرف فيه على أنه "إذا رأت النيابة الإدارية حفظ الأوراق أو أن المخالفة لا تستوجب توقيع جزاء أشد من الخصم من المرتب مدة لا تجاوز 15 يوماً تحيل القضية إلى الوزير أو من يندب من وكلاء الوزارة أو الرئيس المختص. وعلى الجهة الإدارة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغها بنتيجة التحقيق أن تصدر قراراً بالحفظ أو بتوقيع الجزاء، فإذا رأت الجهة الإدارية تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية أعادت الأوراق إلى النيابة الإدارية لمباشرة الدعوى أمام المحكمة التأديبية المختصة". ونص في المادة 14 على أنه "إذا رأت النيابة الإدارية أن المخافة تستوجب جزاء يجاوز الخصم من المرتب لمدة أكثر من 15 يوماً، أحالت الأوراق إلى المحكمة المختصة مع إخطار الجهة التي يتبعها الموظف بالإحالة". وتناول القانون بعد ذلك في الباب الثالث منه بالتنظيم إجراءات المحاكمة فنص في المادة 22 منه على أن "يتولى الإدعاء أمام المحاكم التأديبية أحد أعضاء النيابة الإدارية" ونص في المادة 23 على أن "ترفع الدعوى التأديبية من النيابة الإدارية بإيداع أوراق التحقيق وقرار الإحالة سكرتارية المحكمة المختصة". وواضح من مجموع هذه النصوص أنه ولئن كانت النيابة الإدارية هي وحدها التي تنفرد باختصاص مباشرة الدعوى التأديبية أمام المحكمة، إلا أن تحريك الدعوى التأديبية أو بالأحرى إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية ليس مقصوراً فقط على النيابة الإدارية إنما تشاركها في هذا الاختصاص الجهة الإدارية بحيث إذا رأت هذه الجهة بمقتضى السلطة المخولة لها في المادة 12 آنفة الذكر إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية تعين على النيابة الإدارية مباشرة الدعوى التأديبية، وهي إذ تباشر الدعوى التأديبية في هذه الحالة إنما تباشرها نيابة عن الجهة الإدارية صاحبة الإرادة الأصلية في إقامة الدعوى التأديبية.
ومن حيث إنه متى وضح أن دور النيابة الإدارية في الحالة التي تطلب فيها الجهة الإدارية إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية مقصور على تنفيذ قرارها في هذا الشأن فتلتزم باتخاذ الإجراءات القانونية التي تقتضيها مباشرة الدعوى التي تحركت فعلاً بطلب الجهة الإدارية فإن لا مناص من القول بأنه يتعين اعتباراً من التاريخ الذي تفصح فيه الجهة الإدارية عن إرادتها الملزمة في إقامة الدعوى التأديبية اعتبار الموظف محالاً إلى المحاكمة التأديبية أما إجراءات مباشرة الدعوى فهي لا تعدو حسبما سلف البيان أما إجراءات تنفيذية للقرار الصادر من الجهة الإدارية بالإحالة والذي يتحدد على مقتضاه ومن تاريخ صدوره مركز الموظف القانوني من حيث الآثار التي رتبها القانون عليه في شأنه، وإذ كان من بين هذه الآثار امتناع ترقية الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية نفاذاً لحكم المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة المشار إليها، وكانت الجهة الإدارية قد طلبت إلى النيابة الإدارية في 2 من يوليه سنة 1962 إحالة المدعي إلى المحاكمة التأديبية، فإنها - تأسيساً على ما تقدم - إذ تركته في الترقيات التي تمت بعد ذلك التاريخ في 27 من نوفمبر سنة 1962، إعمالاً لحكم المادة المذكورة التي تقضي بانتظار البت في ترقية الموظف المحال إلى المحاكمة حتى يفصل في محاكمته التأديبية وقد يكون سببها من وجهة المصلحة العامة أشد خطورة من ضعف الكفاية الذاتية، وتكون في الحق قد التزمت حكم القانون في شأنه ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر مطابقاً لأحكام القانون ولا وجه للطعن فيه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.