مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1965) - صـ 1696

(156)
جلسة 20 من يونيه 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومي نصار وحسنين رفعت حسنين المستشارين.

القضية رقم 1520 لسنة 10 القضائية

أ - محكمة إدارية - اختصاص - القرار الجمهوري رقم 2199 لسنة 1964 بتعيين عدد المحاكم الإدارية وتحديد دائرة اختصاص كل منها - المناط فيه هو اتصال الجهة الإدارية بالمنازعة موضوعاً لا مجرد تبعية الموظف لها عند إقامة الدعوى إذا كان لا شأن لها بموضوع المنازعة أصلاً.
ب - اختصاص - تنازع سلبي - قضاء إداري - قضاء المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية بعدم اختصاصها بمقولة أن المحكمة الإدارية لوزارة التخطيط هي جهة الاختصاص، وصيرورة حكمها في ذلك نهائياً - قضاء المحكمة الأخيرة بدورها بعدم الاختصاص والطعن في حكمها أمام المحكمة الإدارية العليا - من شأن الطعن إثارة مسألة التنازع السلبي في الاختصاص برمته بين المحكمتين وهو أمر لا يقبل التجزئة بطبيعته - للمحكمة العليا أن تضع الأمر في نصابه الصحيح وتعين المحكمة المختصة بنظر الدعوى وتحيلها إليها ولو كانت هي المحكمة التي لم يطعن في حكمها في الميعاد - أساس ذلك.
1 - تنص المادة (6) من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة على أن "يكون لكل وزارة أو مصلحة عامة أو أكثر محكمة إدارية يبين عددها وتحدد دائرة اختصاص كل منها بقرار من رئيس الوزراء بناءً على اقتراح رئيس مجلس الدولة وقد صدر القرار الجمهوري رقم 2199 لسنة 1964 معيناً عدد هذه المحاكم وتحديد دائرة اختصاص كلً منها وقد جعل المشرع المناط في تحديد هذه الدائرة هو اختصاص الجهة الإدارية بالمنازعة أي اتصالها بها موضوعاً لا بمجرد تبعية الموظف لها عند إقامته الدعوى إذا كان لا شأن لها بموضوع المنازعة أصلاً.
2 - إذا كان الثابت أن المدعي رفع دعواه أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية فقضت بعدم اختصاصها بعد إذ رأت أن المحكمة المختصة هي المحكمة الإدارية لوزارة التخطيط التي تتبعها مصلحة الإحصاء وأصبح هذا الحكم نهائياً ولما طرح النزاع على هذه المحكمة الأخيرة قضت بدورها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى فطعن في هذا الحكم الأخير أمام المحكمة الإدارية العليا التي تبين لها أن النزاع يدخل في اختصاص المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية إذا ثبت ما تقدم فإن نهائية الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية لا يمنع المحكمة العليا من أن تحيل الدعوى إليها لتفصل في موضوعها ذلك أن الطعن أمام المحكمة العليا في حكم المحكمة الإدارية لوزارة التخطيط قد أثار بحكم اللزوم مسألة التنازع السلبي في الاختصاص برمته بين المحكمتين وهو أمر لا يقبل التجزئة بطبيعته وغنى عن البيان أنه من الأصول المسلمة التي يقوم عليها حسن توزيع العدالة وكفالة تأدية الحقوق لأربابها ألا يحول دون ذلك أن تسلب المحاكم من اختصاصها بتنازعها تنازعاً سلبياً فيما بينها في هذا الاختصاص بينما ولاية القضاء فيه معقود بنص القانون للجهة القضائية التي تتبعها هذه المحاكم مما لا مندوحة معه إذا أثير مثل هذا النزاع أمام المحكمة العليا التي تتبعها هذه المحاكم من أن تضع الأمر في نصابه الصحيح فتعين المحكمة المختصة بنظر الدعوى وتحيلها إليها كي تفصل فيها ولو كانت هي المحكمة التي لم يطعن في حكمها في الميعاد ولا وجه للتحدي بحجية حكمها لفوات ميعاد الطعن فيه لأن هذا الحكم لم يفصل في موضوع النزاع حتى يكون له قوة الشيء المحكوم فيه في هذا الخصوص وإنما اقتصر على النظر في الاختصاص منتهياً إلى التسلب منه، فكأن هذا الحكم - والحالة هذه - أحد حدي التنازع السلبي في الاختصاص الذي حده الأخر هو الحكم المطعون فيه وهذا التنازع السلبي هو أمر لا يقبل التجزئة كما سلف الإيضاح.


إجراءات الطعن

بتاريخ 12 من أغسطس سنة 1964 أودعت هيئة مفوضي الدولة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والتخطيط بجلسة 13 من يونيه سنة 1964 في القضية رقم 495 لسنة 10 القضائية والقاضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وطلبت الطاعنة للأسباب التي ابتنت عليها طعنها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع باختصاص المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وبإحالتها إليها للفصل فيها وقد عرض هذا الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 27 من فبراير سنة 1965 فقررت بإحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا التي نظرته بجلسة 25 من أبريل سنة 1965 وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعة الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما يبين من أوراقها تجمل في أن المدعية أقامت الدعوى رقم 74 لسنة 10 القضائية ضد مصلحة الإحصاء والتعداد بعريضة أودعت سكرتارية المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية والمجلس التنفيذي بتاريخ 29 من نوفمبر سنة 1962 طالبة الحكم بأحقيتها في منحها إعانة غلاء المعيشة اعتباراً من اليوم التالي لمضى سنة عليها في الخدمة استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ودفع الحاضر عن الجهة الإدارية بعدم اختصاص المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية بنظر الدعوى وطلب إحالتها إلى المحكمة المختصة، وبجلسة 29 من أبريل سنة 1963 أصدرت المحكمة حكمها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والتخطيط، وأقامت المحكمة قضاءها على أن مصلحة الإحصاء والتعداد المدعي عليها تتبع وزارة التخطيط ومن ثم فإن الاختصاص بنظر الدعوى ينعقد للمحكمة الإدارية لوزارة التخطيط.
وبناءً على ذلك أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية لوزارة التخطيط وقد دفع الحاضر عن الحكومة بعدم اختصاص المحكمة الإدارية لوزارة التخطيط بنظر الدعوى وطلب إحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية، وبجلسة 13 من يونيه سنة 1964 أصدرت المحكمة الإدارية لوزارة التخطيط حكمها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وأقامت المحكمة قضاءها إلى أن قرار رئيس الجمهورية رقم 743 لسنة 1963 بضم مصلحة الإحصاء والتعداد إلى إدارة التعبئة نص في المادة الأولى منه" على أن تنشأ مصلحة يطلق عليها مصلحة التعبئة والإحصاء وتكون تابعة لرئاسة الجمهورية وتتكون هذه المصلحة من إدارتين، إدارة التعبئة العامة وأخرى للإحصاء، ونصت المادة الثانية على أن تنقل مصلحة الإحصاء والتعداد وإدارة التعبئة العامة واللجنة المركزية للإحصاء إلى المصلحة المنصوص عليها في المادة (1)، كما نصت المادة (6) منه على أن ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية ويعمل به من تاريخ نشره - وإذا كان قرار رئيس الجمهورية رقم 3291 لسنة 1962 بتعيين عدد المحاكم الإدارية وتحديد دائرة اختصاص كل منها قد تضمن تعيين محكمة إدارية للنظر في المنازعات الخاصة بموظفي رئاسة الجمهورية ومن ثم تكون المحكمة المذكورة هي المختصة بنظر المنازعة الحالية.
ومن حيث إن المادة (6) من القانون رقم 55 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة على أن "يكون لكل وزارة أو مصلحة عامة أو أكثر محكمة إدارية يبين عددها وتحدد دائرة اختصاص كل منها بقرار من رئيس الوزراء بناءً على اقتراح رئيس مجلس الدولة. وقد صدر القرار الجمهوري رقم 2199 لسنة 1964 معيناً عدد هذه المحاكم وتحديد اختصاص كل منها وقد جعل المشرع المناط في تحديد هذه الدائرة هو اختصاص الجهة الإدارية بالمنازعة أي اتصالها بها موضوعاً لا بمجرد تبعية الموظف لها عند إقامته الدعوى إذا كان لا شأن لها بموضوع المنازعة أصلاً، وعلى مقتضى ما تقدم فإن المحكمة الإدارية المختصة بنظر المنازعات الخاصة بموظفي مصلحة الإحصاء والتعداد هي المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية طبقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 743 لسنة 1963 والقرار الجمهوري رقم 2915 لسنة 1964 بشأن إنشاء وتنظيم الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
ومن حيث إنه إذ كان الثابت أن المدعي رفع دعواه أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية فقضت بعدم اختصاصها بعد إذ رأت أن المحكمة المختصة هي المحكمة الإدارية لوزارة التخطيط التي تتبعها مصلحة الإحصاء وأصبح هذا الحكم نهائياً ولما طرح النزاع على هذه المحكمة الأخيرة قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى فطعن في هذا الحكم الأخير أمام المحكمة الإدارية العليا التي تبين لها أن النزاع يدخل في اختصاص المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية. إذا ثبت ما تقدم فإن نهائية الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية لا يمنع المحكمة العليا من أن تحيل الدعوى إليها لتفصل في موضوعها ذلك أن الطعن أمام المحكمة العليا في حكم المحكمة الإدارية لوزارة التخطيط قد أثار بحكم اللزوم مسألة التنازع السلبي في اختصاص برمته بين المحكمتين وهو أمر لا يقبل التجزئة بطبيعته وغنى عن البيان أنه من الأصول المسلمة التي يقوم عليها حسن توزيع العدالة وكفالة تأدية الحقوق لأربابها ألا يحول دون ذلك أن تسلب المحاكم من اختصاصها بتنازعها تنازعاً سلبياً فيما بينها في هذا الاختصاص بينما ولاية القضاء فيه معقودة بنص القانون للجهة القضائية التي تتبعها هذه المحاكم مما لا مندوحة معه إذا أثير مثل هذا النزاع أمام المحكمة العليا التي تتبعها هذه المحاكم من أن تضع الأمر في نصابه الصحيح فتعين المحكمة المختصة بنظر الدعوى وتحيلها إليها كي تفصل فيها ولو كانت هي المحكمة التي لم يطعن في حكمها في الميعاد، ولا وجه للتحدي بحجية حكمها لفوات ميعاد الطعن فيه لأن هذا الحكم لم يفصل في موضوع النزاع حتى يكون له قوة الشيء المحكوم فيه في هذا الخصوص وإنما اقتصر على النظر في الاختصاص منتهياً إلى التسلب منه، فكأن هذا الحكم - والحالة هذه - أحد حدي التنازع السلبي في الاختصاص الذي حده الآخر هو الحكم المطعون فيه وهذا التنازع السلبي هو أمر لا يقبل التجزئة كما سلف الإيضاح.
ومن حيث إنه لكل مما تقدم يتعين قبول الطعن شكلاً وفى موضوعه بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية باختصاصها بنظر الدعوى وبإحالة القضية إليها للفصل فيها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى موضوعه بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وباختصاصها بنظر الدعوى وبإحالة القضية إليها للفصل فيها.