مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1965) - صـ 1701

(157)
جلسة 26 من يونيه سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل المجلس وعضوية السادة الأساتذة محمد شلبي يوسف وعادل عزيز وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدي المستشارين.

القضية رقم 32 لسنة 8 القضائية

(1) طرح النهر وأكله - حق ملكية الطرح - القانون رقم 73 لسنة 1953 اعتبر طرح النهر من الأملاك الخاصة بالدولة - سند ملكية أصحاب الأكل هو القرار الوزاري باعتماد التوزيع بعد شهر بالطريق المرسوم قانوناً ولا يستمد أصحاب الأكل حقهم مباشرة في الطرح من القانون - أثر ذلك: عملية التسليم واعتماده ليست عملية مادية وإنما هي تصرف قانوني يتولد عنه الحق في تملك الطرح - يجب أن يتوفر في التسليم وفي شخص المستلم ما تطلبه القانون من شروط خاصة [(1)].
(ب) طرح النهر وأكله - تسليم الطرح - لا حجة في القول بوجود تفرقة بين توزيع الطرح وتسليمه وبأن اشتراط درجة قرابة الوكيل لأصحاب الطرح مقصور على التوزيع دون التسليم - القرار الوزاري باعتماد التسليم هو المعتبر سنداً للملكية ولا يوجد قرار باعتماد التوزيع تترتب عليه آثار قانونية - القانون قصد بلفظ التوزيع معناه الأعم وهو تسليم الطرح لمن خصص لهم من أصحاب الأكل - الأمر قبل التسليم لا يعدو أن يكون تقسيماً تمهيدياً - التسليم هو المرحلة الأخيرة وهو تصرف قانوني لا مادي.
(جـ) طرح النهر وأكله - الوكالة في تسليم الطرح - نص المادة 13 من القانون رقم 73 لسنة 1953 صريح في أنه لا يعتمد من التوزيعات الابتدائية التي تمت إلى أصحاب وكالة إلا الحالات التي تكون فيها الوكالة صادرة إلى أقارب لغاية الدرجة الرابعة - ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون المذكور من أن الحكمة من إلغاء التوزيعات التي تمت لأصحاب وكالة ليسوا من الأقارب لغاية الدرجة الرابعة هي قيام مظنة استغلالهم لأصحاب أكل النهر - هذا لا يعني أن ما نص عليه القانون من إلغاء التوزيعات المشار إليها لا ينزل حكمه على ما تنتفي فيه مظنة الاستغلال من حالات الوكالة لغير الأقارب حتى الدرجة الرابعة - أساس ذلك: الأحكام تناط بالعلة لا بالحكمة - العلة في إلغاء التوزيعات هي كون الوكالة لغير الأقارب أو لأقارب أبعد من الدرجة الرابعة - أما الحكمة فهي قيام مظنة الاستغلال لدى هؤلاء - هذه المظنة تعتبر قائمة حكماً في جميع حالات الوكالة لغير الأقارب حتى الدرجة الرابعة - القول بغير ذلك مؤداه الحد من إطلاق حكم القانون بإجازة استثناء منه بغير نص، وهو ما لا يصح.
1 - إن القانون رقم 73 لسنة 1953 الخاص بطرح النهر وأكله يجعل طرح النهر من الأملاك الخاصة بالدولة التي تقوم بدورها بتوزيع كل طرح يظهر في زمام بلد أو مدينة على أصحاب أكل النهر بنسبة ما فقدوه ويكون التوزيع بقرار إداري يصدر من وزير المالية والاقتصاد ويعتبر هذا القرار دون غيره سند الملكية وانتقالها بعد شهره بالطريق الذي رسمه القانون فليس إذن يصح القول بأن أصحاب الأكل يستمدون حقهم مباشرة في الطرح من القانون ذلك أن هذا القول يتجافى مع ما نص عليه (القانون من اعتبار الطرح من الأملاك الخاصة للدولة ومع تعليق ملكية الطرح على صدور قرار الوزير باعتماد التوزيع والأمر في ذلك لا زال في يد السلطة الإدارية المختصة بالتوزيع على أصحاب الأكل تقوم به طبقاً للشروط والأوضاع المنصوص عليها في القانون المذكور تعويضاً لهؤلاء عن أكل النهر لأملاكهم، فالعملية إذن متصلة الحلقات تنتهي بالتسليم واعتماده من الوزير المختص وقبل ذلك لا ينشأ لأصحاب الأكل أي حق في الطرح، ومن ثم فعملية التسليم واعتماده ليست عملية مادية وإنما هي تصرف قانوني يتولد عنه الحق في تملك الطرح فيجب أن يتوافر في التسليم وفي شخص المستلم ما تطلبه القانون من شروط خاصة.
2 - لا حجة في القول بوجود تفرقة بين التوزيع والتسليم وبأن اشتراط درجة قرابة الوكيل لأصحاب الطرح إنما يقصر على التوزيع دون التسليم إذ ليس لهذا القول من واقع يسانده ذلك أن القرار الوزاري باعتماد التسليم هو المعتبر سند للملكية وله قوة العقد الرسمي ويسجل فلا يوجد قرار باعتماد التوزيع تترتب عليه آثار قانونية وإذ عبر القانون بلفظ "توزيع" فإنما قصد التوزيع بمعناه الأعم وهو تسليم الطرح لمن خصص لهم من أصحاب الأكل وأما قبل ذلك فلا يعدو أن يكون تقسيماً تمهيدياً فالتسليم هو المرحلة الأخيرة التي يتقرر بها الحق في الطرح وفي تملكه وأما قبل ذلك فالأمر مجرد مباحث واستقصاء عن المستحقين للطرح وتحديد لنصيب كل منهم وللموقع الذي سيكون فيه هذا النصيب وبالتالي فالتسليم هنا تصرف قانوني لا مادي.
3 - لا حجة فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه لا يوجد ما يمنع قانوناً من الاعتداد بالوكالة في التسليم ولو لم تكن لقريب حتى الدرجة الرابعة وذلك كلما انتفت عقلاً علة التشريع في هذا الخصوص وأن هذه العلة منتفية عقلاً في حالة المطعون ضده الذي ألجأته الضرورة لتوكيل غيره بسبب عاهته التي تمنعه من الاستلام كما تجعل توقيعه وحده غير كاف قانوناً، لا حجة في ذلك إذ أن نص المادة 13 سالفة الذكر صريح في أنه لا يعتمد من التوزيعات الابتدائية التي تمت إلى أصحاب وكالة إلا الحالات التي تكون فيها الوكالة صادرة إلى أقارب لغاية الدرجة الرابعة بحيث إذا لم تكن كذلك تعين إلغاء التوزيع ولئن كان المستفاد من المذكرة الإيضاحية للقانون أن الحكمة فيما أستنه من إلغاء التوزيعات التي تمت لأصحاب وكالة ليسوا من الأقارب لغاية الدرجة الرابعة هي قيام مظنة استغلالهم لأصحاب أكل النهر مما يفوت ما قصده الشارع من مساعدة هؤلاء الأخيرين، فإن هذا لا يعني أن ما نص عليه القانون في صيغة عامة من إلغاء التوزيعات المشار إليها لا ينزل حكمه على ما تنتفي فيه مظنة الاستغلال من حالات الوكالة لغير الأقارب حتى الدرجة الرابعة، ذلك أن الأحكام تناط بالعلة لا بالحكمة، والعلة في الوصف الظاهر المنضبط الذي تتحقق فيه الحكمة في أكثر الأحوال لا في كل الأحوال، وهي هنا كون الوكالة لغير الأقارب أو الأقارب أبعد من الدرجة الرابعة، أما الحكمة فهي قيام مظنة الاستغلال لدى هؤلاء، وبعبارة أخرى فإن مظنة الاستغلال تعتبر قائمة حكماً في جميع حالات الوكالة لغير الأقارب حتى الدرجة الرابعة ولو لم تكن قائمة فعلاً فيها جميعاً، وأن ثمة قرينة قانونية لا تحتمل إثبات العكس على تحققها في كل تلك الحالات والقول بغير ذلك مؤداه الحد من إطلاق حكم القانون بإجازة الاستثناء منه بغير نص وهو ما لا يصح، وعلى مقتضى هذا فإنه لا سبيل إلى إفلات حالة المطعون ضده من حكم الفقرة الرابعة من المادة 13 من القانون رقم 192 لسنة 1958رغم أن توزيع الطرح فيها تم إلى صاحب وكالة من غير الأقارب، بذريعة أن هذه الوكالة برئت من الاستغلال وقد ألجأته إليها ضرورة استعانته بغيره بسبب عاهته.


إجراءات الطعن

في 7/ 12/ 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيدين وزير الإصلاح الزراعي ومدير عام مصلحة الأموال المقررة، سكرتارية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 10/ 10/ 1961 في الدعوى رقم 2 لسنة 14 قضائية المقامة من فتحي لطفي أحمد سليم ضد/ السيدين وزير الإصلاح الزراعي ومدير عام مصلحة الأموال المقررة والقاضي بإلغاء قرار وزير الإصلاح الزراعي الصادر في 19/ 5/ 1959 فيما تضمنه من إلغاء تسليم المدعي ما يخصه وأخوته في القدر 8 أفدنة و10 قراريط و12 سهماً بناحية البرشا مركز ملوي تعويضاً لهم عن أكل النهر الذي يملكونه بزمام ملوي وإلزام الحكومة بالمصروفات ومبلغ خمسمائة قرش أتعاب المحاماة، وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، وقد أعلن الطعن للمطعون ضده في 30/ 12/ 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 9/ 1/ 1965 التي أبلغ بها الطرفان في 12/ 12/ 1964 وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) حيث حدد لنظره أمامها جلسة 1/ 5/ 1965 التي أبلغ بها الطرفان في 17/ 4/ 1965 وتأجلت لجلسة 22/ 5/ 1965 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 1/ 10/ 1959 أقام فتحي لطفي أحمد سليم (المطعون ضده) أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 2 لسنة 1964 ضد السيدين وزير الإصلاح الزراعي ومدير عام مصلحة الأموال المقررة وأورد في صحيفتها أنه يمتلك 12 فداناً و15 قيراطاً و16 سهماً أكل نهر بناحية ملوي واردة في تكليف ورثة سليم أغا وتطبيقاً للقانون رقم 73 لسنة 1953 ولائحته التنفيذية قدم طلباً في سنة 1955 لاستعواضه من طرح ناحية البرشا مركز ملوي وشمل طلبه كل التكليف سالف الذكر بصفته أحد ورثة الملاك الأصليين الوارد باسمهم التكليف، وقامت مصلحة الأموال المقررة ومديرية المنيا باتخاذ إجراءات توزيع التعويض من طرح ناحية البرشا على أصحاب الطلبات التي استوفت شروطها طبقاً للقانون ومن بينها طلبه ثم نشرت في الجريدة الرسمية عن بدء التوزيع وقامت بالنشر عن التوزيع في دور العمد والمشايخ وبعد حصر طلبات التعويض ومقدار الطرح الموجود بالناحية المذكورة وجدت أن التوزيع سيتم بنسبة المقادير الواردة بالطلبات وكان أن خصه في التعويض مقدار 8 أفدنة و10 قراريط و12 سهماً، وتمت جميع الإجراءات باسمه اللهم إلا عند التوقيع على قوائم التسليم في سنة 1955 فقد وقع السيد/ عشم الله عبد الله شحاتة بمقتضى توكيل رسمي عن المدعي، ولما صدر القانون رقم 192 لسنة 1958 وجاءت المادة الثالثة عشرة منه تقضي بإلغاء التوزيع الذي تم لوكلاء عن أصحاب الملك الأصليين إذا كانت هذه الوكالة تمت بعد صدور القانون رقم 73 لسنة 1953 فاعتبرت مصلحة الأموال المقررة أن التوزيع الخاص بالمدعي هو من بين التوزيعات التي تمت لأصحاب وكالة بعد صدور ذلك القانون وأرسلت للسيد/ عشم الله عبد الله شحاتة كتابها المؤرخ 13/ 6/ 1959 متضمناً أن السيد وزير الإصلاح الزراعي قد اعتمد بالقرار الصادر بتاريخ 19/ 5/ 1959 إلغاء توزيع الـ 8 أفدنة و10 قراريط و12 سهماً لأن هذا القدر سلم للسيد/ عشم الله عبد الله بموجب توكيلين صادرين بعد القانون رقم 73 لسنة 1953 حالة كونه من غير الأقارب، وأضاف المدعي أن هذا القرار جاء نتيجة خطأ في تطبيق المادة 13 من القانون رقم 192 لسنة 1958 وقد تظلم منه دون جدوى في 13/ 8/ 1959 ومن حقه أن يطلب إلغاءه للأسباب الآتية (أولاًً) أن توزيع التعويض قد تم لمستحقيه أصحاب التكليف وأنه لم يتم إلى وكيل ممن ذكرته المادة 13 من القانون رقم 192 لسنة 1958 وأن توقيع عشم الله عبد الله شحاتة على التسليم نيابة عن مستحق التوزيع بمقتضى توكيل لا يعدو أن يكون أمراً عادياً لا علاقة له بالتوزيع واستحقاقه والوكالة ولدت من أجل التفويض للتوقيع بالاستلام وماتت منذ تمام التوقيع وبمجرد إجرائه ولم يكن لعشم الله المذكور أي علاقة بالتوزيع لا في إجراءاته ولا في آثاره (ثانياً) إن القانون رقم 192 لسنة 1958 استهدف منع استغلال المنتفعين لأصحاب الأكل فعمد إلى إلغاء التسليمات التي استعملت وسيلة للاستغلال دون غيرها إما أن يتقدم صاحب التكليف بنفسه بطلب التعويض فلا شبهة في أمره والقرار المطعون فيه اعتبر أن الوكيل الذي وقع بالاستلام على قوائم التسليم في حكم ذلك الذي تقدم بطلب التعويض بصفته وكيلاً. وفرق بين الأمرين فالأول تقتصر مهمته على مجرد إجراء يؤكد فيه قبول طالب التعويض موكله ما خصه في التوزيع أما الثاني فذلك الذي قدم الطلب للتعويض ابتداء وهو مظنة الاستغلال دون غيره إذ أنه قد يكون قد استهدف إلى الاستعواض لنفسه دون موكله صاحب التكليف وعلى هذا يكون القرار إذ اعتبر الوكيل في الاستلام فقط في حكم ذلك الذي قدم الطلب بصفته ابتداء قد أول النص بما لا يتفق مع مفهومه الظاهر لأن النص لا يقصد سوى التوزيع الذي تم إلى الوكيل وفرق واضح بين التوزيع الذي يكون الغرض منه التمليك وبين مجرد الاستلام المادي الذي قد يكون للنائب كما قد يكون للأصيل (ثالثاً) أن المدعي مقدم طلب التعويض وهو صاحب التكليف كفيف البصر وقانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 وقانون المحاكم الحسبية رقم 99 لسنة 1947 يقضيان بضرورة إيجاد معين للكفيف البصر لينوب عنه في التوقيع لتصريف أموره واتخاذ إجراءاته. ولم يدفع المدعي إلى توكيل عشم الله عبد الله إلا كونه كفيف البصر لا يقوى على تبيان مصلحته عند حضور عملية التوزيع ومن أجل هذا وتطبيقاً للقانون قد أنابه في التوقيع بالاستلام، وقد خلص المدعي إلى طلب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه بجميع مشتملاته وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعي عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ورددت وزارة الإصلاح الزراعي على الدعوى بأنه ثابت من المستندات المقدمة وباعتراف المدعي أن التسليم قد تم إلى وكيل هو عشم الله عبد الله شحاتة بموجب توكيلين صادرين له من المدعي برقم 1506 و1504 توثيق ملوي سنة 1955 وهما لاحقان لصدور القانون رقم 73 لسنة 1953 ولا توجد قرابة بين الموكل والوكيل لاختلاف ديانتهما ومن ثم كانت الوزارة على حق عندما ألغت هذا التوزيع إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة 13 من القانون رقم 192 لسنة 1958، هذا إلى أن ما ذهب إليه المدعي من اعتبار تسليم طرح النهر إلى مستحقيه عملية منفصلة عن عملية التوزيع وتالية لها ولا تخضع للأحكام الواردة في المادة 13 سالفة الذكر هو قول مجانب للصواب ذلك أن توزيع طرح النهر في مفهوم قوانين طرح النهر وأكله هو تسليمه إلى مستحقيه من أصحاب الأكل الذين استوفوا شرائط القانون لحين صدور قرار وزاري باعتماده نهائياً أما الإجراءات السابقة على التسليم فليست إلا أعمالاً تمهيدية وإجراءات تحضيرية تسبق التوزيع وهي لا تكسب الغير حقوقاً ولا تنشأ لهم عنها مراكز قانونية جديرة بالحماية ومن ثم كان لابد أن يتوافر في مستلم الطرح الشروط الواردة بالمادة 13 أنفة البيان، ولا اعتداد بما يقول به المدعي من أنه لجأ إلى طريقة الوكالة عند توزيع طرح النهر وتسليمه إليه لكونه كفيف البصر إذ أنه مهما كان الباعث الذي يتذرع به المدعي فإنه لا يكسبه الحق في مخالفة القانون والخروج على القواعد التي وضعها وأوجب تطبيقها على الكافة فضلاً عن أنه كان في مكنته توكيل أحد أقاربه إلى الدرجة الرابعة - وقد قدمت الوزارة طلب التعويض وهو مؤرخ 15/ 5/ 1955 وموقع عليه من المدعي ومن أمينة أحمد سليم والتوكيلين سالفي الذكر وأحدهما صادر من المدعي إلى عشم الله عبد الله شحاتة من البرشا مركز ملوي ومصدق على توقيع المدعي وتوقيع المعين سعد سيد عبد العال من ملوي بمأمورية توثيق ملوي في 19/ 7/ 1955 محضر تصديق رقم 1506 سنة 1955 والثاني صدر لنفس الوكيل من أمينة أحمد سليم أغا ومصدق على توقيعها بمأمورية توثيق ملوي في 23/ 8/ 1955 محضر تصديق 1604 لسنة 1955 وقد تضمن التوكيلان المذكوران تخويل الوكيل مباشرة جميع الإجراءات الخاصة بالشكوى المقدمة إلى الحكومة بطلب استبدال الأطيان أكل النهر مسطح 12 فداناً 15 قيراطاً و8 أسهم بزمام ملوي بأطيان أكل نهر زمام البرشا والقيام بجميع الإجراءات الخاصة بذلك واللازمة لاستلام الأطيان المطالب باستلامها والتوقيع على جميع ما يلزم لإتمام هذه العملية.
وفي 10/ 10/ 1961 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى قاضياً بإلغاء قرار وزير الإصلاح الزراعي الصادر في 19 مايو سنة 1959 فيما تضمنه من إلغاء تسليم المدعي ما يخصه وأخوته في القدر 8 أفدنة و10 قراريط و18 سهماً بناحية البرشا مركز ملوي تعويضاً لهم عن أكل النهر الذي يملكونه بزمام ملوي وبإلزام الحكومة بالمصروفات وبمبلغ 500 قرش أتعاباً للمحاماة وأقامت المحكمة قضاءها على أنه تم توزيع الطرح على المدعي طبقاً لأحكام القانون رقم 73 لسنة 1953 ويتعين اعتماد هذا التوزيع بالتطبيق للفقرة الثانية من المادة 13 من القانون رقم 192 لسنة 1958 ولا يؤثر في ذلك أن المدعي تسلم القدر الذي خصه في التوزيع بواسطة وكيله عشم الله عبد الله بتوكيل لاحق للقانون رقم 73 لسنة 1953 لأن عملية التسليم لا تعدو أن تكون عملية مادية لاستيفاء حق صاحب الأكل في الطرح وهو الحق الذي يستمده من القانون مباشرة متى استوفى شروطه، وأن عملية التوزيع تتم أولاً وتأتي بعد ذلك عملية التسليم وهي عملية مادية، وأن المدعي وهو ضرير قدم طلب التعويض بنفسه ووقع عليه ببصمته وباشر جميع الإجراءات واستوفى المستندات بنفسه حتى تأكد له حقه في التعويض وفي أن يوزع عليه بقدر نصيبه ولا يضيره بعد ذلك أن يوكل غيره في استلام نصيبه خصوصاً إذا كان ضريراً أي من ذوي العاهات التي رعى القانون أصحابها عند التوقيع على المحررات ذلك أن الأصل في عملية الاستلام أن تتم تحت بصر أصحاب التعويض على الطبيعة حتى يتحقق الاطمئنان بالنسبة للأطيان سواء من ناحية الموقع أو من ناحية القوة والضعف في الزراعة وهذا لا يمكن توافره في شأن المدعي الكفيف البصر فلابد له من مرشد ومعين، وأن القانون رقم 192 لسنة 1958 لم يهدر الوكالة اللاحقة للقانون رقم 73 لسنة 1953 إهداراً تاماً وإنما وضع معياراً قانونياً للوكالات المشبوهة والمشكوك في أنها تخفي تصرفاً للمستغلين حسب المستفاد من تسلسل التشريعات الخاصة بطرح النهر ومن المذكرة الإيضاحية للقانون 192 لسنة 1958 وحدد هذا المعيار بأن تكون الوكالة لقريب إلى الدرجة الرابعة ومن ثم لا يوجد ما يمنع قانوناً من الاعتداد بالوكالة في التسليم كلما انتفت عقلاً علة التشريع في هذا الخصوص وهذه العلة منتفية عقلاً في حالة المدعي الذي ألجأته الضرورة لتوكيل غيره والضرورة هنا مؤكدة نظراً لعاهته التي تمنعه من الاستلام على الطبيعة استلاماً يحقق اطمئنانه للأطيان المسلمة إليه من ناحية ومن ناحية أخرى أن توقيعه وحده بالاستلام غير كاف قانوناً ولابد من توقيع معين بجانبه وعلى ذلك فلا ضير على المدعي إن هو أناب من يطمئن إليه من أهل جهة الطرح في استلام أطيانه مستعملاً في ذلك رخصة أباحها له القانون، وأن القول بأن القانون لا يفرق بين الكفيف والمبصر قول غير صحيح على إطلاقه في خصوصية هذه الدعوى فليست كل الأفعال التي يستطيع القيام بها البصير يستطيعها الكفيف وقد اعترف قانون التوثيق بهذه التفرقة وأورد أحكاماً للحالات التي تستلزم توقيعاً من الكفيف وغيره من ذوي العاهات وأحكام قانون التوثيق في هذه الخصوصية هي بمثابة الأحكام العامة التي يجب مراعاتها في كل حالة يحتاج فيها إلى توقيع ذوي العاهات ولو كانت تدخل في تنظيم وأحكام قوانين أخرى لم تتعرض لهذه التفرقة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على ما يأتي (أولاً) أن المقصود بكلمة التوزيع الواردة في المادة 13 من القانون رقم 192 لسنة 1958 هو تسليم الطرح إلى مستحقيه فالتوزيع والتسليم لفظان مترادفان يؤديان في مفهوم قوانين طرح النهر وأكله معنى واحداً وقد أكدت ذلك اللائحة التنفيذية للقانون رقم 73 لسنة 1953 فقررت "تقوم بعملية توزيع وتسليم أطيان طرح النهر لجنة مؤلفة من...... ويكون التوزيع في كل ناحية بحضور أصحاب الشأن... ويجب على رئيس اللجنة وأعضائها والمستلمين أن يوقعوا على القوائم الخاصة بالتوزيع... وتعلن صورة من قائمة التسليم على دور عمد البلاد التابعة لها الأطيان التي أكلها أو طرحها النهر ويعلن بالجريدة الرسمية عن إتمام هذه الإجراءات ويجوز لأصحاب الشأن الاعتراض على هذا التوزيع بمقتضى شكوى.. وبعد تحقيق الشكوى والفصل فيها يصدر وزير المالية والاقتصاد قراراً باعتماد التوزيع" ويتضح مما تقدم أن التوزيع والتسليم عملية واحدة يجب لإقرارها أن تكون قد تمت مطابقة لأحكام المادة 13 سالفة الذكر (ثانياً) أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما ذهبت إليه من أن حكمة التشريع من ضرورة توافر شروط معينة في التوكيلات وهي محاربة الاستغلال قد انتفت في حالة المدعي لكونه كفيف البصر، ووجه الخطأ أن القاعدة العامة في فقه القانون أنه لا يجوز اللجوء إلى حكمة التشريع كمصدر من مصادر التفسير إلا إذا كان النص غامضاً أما إن كان صريحاً وواضحاً وجب تطبيقه على الكافة ما دام يضع قاعدة عامة ولا يجوز إطلاقاً إعفاء بعض الحالات الفردية من الخضوع له بحجة انتفاء حكمة التشريع وإلا ترتب على ذلك الإخلال بخصائص القاعدة العامة، وفضلاً عن ذلك فإن نية استغلال الوكيل للمطعون ضده ثابتة من الأوراق إذ يقيم الأول في البلد التي بها الطرح وهي ناحية البرشا بينما يقيم المدعي في بندر ملوي التي تبعد عن البلدة السابقة كما أن الثابت من الأوراق من كتاب محافظة المنيا المؤرخ في 21/ 8/ 1960 أن الوكيل يضع يده فعلاً على جزء من أراضي الطرح هذا بالإضافة إلى أن هذا الوكيل قد أسهم في كثير من عمليات تسليم الطرح مما يدل على أن حكمة التشريع قائمة في خصوصية هذه الدعوى، أما ما أورده الحكم من القياس بين هذه الحالة وبين ما يشترطه قانون التوثيق لصحة المحررات من ضرورة وجود معين من ذوي العاهات يوقع معهم على هذه المحررات فإنه مردود بأن هذه الأحكام لا تطبق إلا على المحررات التي تقدم لمصلحة الشهر العقاري ولا تنطبق بداهة على الحالات التي أفرد لها المشرع إجراءات خاصة على النحو الذي أتي به القانون رقم 192 لسنة 1958 هذا فضلاً عن أن توقيع المعين وحده لا يكفي بل يشترط أيضاً توقيع الأصيل وأن المشرع لم يبطل كافة التسليمات التي تمت بمقتضى توكيلات بل أبقى على التسليمات التي تمت إلى أصحاب وكالة صادرة قبل العمل بالقانون رقم 73 لسنة 1953 أو إلى أقارب لغاية الدرجة الرابعة - وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات - كما قدم كل من المطعون ضده وإدارة قضايا الحكومة مذكرة بدفاعه.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أنه بتاريخ 15/ 5/ 1955 قدم المطعون ضده وأمينة أحمد سليم لمديرية أسيوط طلب تعويض تنفيذاً للمادة التاسعة من القانون 73 لسنة 1953 والمادة 6 من اللائحة التنفيذية عن 12 فداناً و15 قيراطاً و23 سهماً بناحية ملوي واردة بتكليف ورثة سليم أغا، وذلك من أطيان ناحية البرشا، وقد أشر على الطلب من "كاتب المكلفة" في 20/ 7/ 1955 بما يأتي "بالكشف من مكلفات ناحية ملوي وجد باسم ورثة سليم أغا أنها مكلفة 389 - 12 فداناً و15 قيراطاً و23 سهماً أكل نهر مضى على ظهوره أكثر من خمس سنوات ولا توجد أذونات استعواض تحت التنفيذ -" وفي 29/ 11/ 1955 حررت "قائمة مساحة عن الأطيان طرح البحر بناحية البرشا التابعة لمركز ملوي بمديرية المنيا الموزعة تعويضاً عن أكل البحر بناحية ملوي التابعة لمركز ملوي بمديرية المنيا 1955" وأثبت في صدر هذه القائمة محضر بأن اللجنة المكونة برئاسة مأمور المالية "قد شرعت في إرشاد الأهالي عن مواقع الأطيان التي تخص كل منهم على أنه متى صدر قرار وزير المالية باعتماد التوزيع يكونون ملزمين من جانبهم اعتباراً من أول نوفمبر التالي للتوزيع بوضع يدهم على المقادير التي خصصت لهم دون حاجة إلى تسليم جديد" وقد تضمنت القائمة بياناً بالقطع المخصصة لكل من أصحاب التكاليف المعوض عنها، وخص تكليف ورثة سليم أغا 8 أفدنة و10 قراريط و12 سهماً على ثماني قطع وموقع قرين كل قطعة منها من عشم الله عبد الله بتوكيل 1506 سنة 1955 و1604 لسنة 1955 توثيق ملوي وذلك في الخانة المخصصة للاعتراف بصحة المساحة وبقبول التخصيص.
ومن حيث إن المادة 13 من القانون رقم 192 لسنة 1958 في شأن طرح النهر وأكله قد جرى نصها بما يأتي "طرح النهر الذي لم يوزع - توزيعاً ابتدائياً - حتى تاريخ العمل بهذا القانون يباع طبقاً لأحكامه.
فإذا كان الطرح قد تم توزيعه توزيعاً ابتدائياً وكان مطابقاً لأحكام القانون رقم 73 لسنة 1953 وصالحاً للاعتماد ولم يتم اعتماده بقرار من وزير المالية والاقتصاد أو وزير الخزانة فيتعين صدور قرار من وزير الإصلاح الزراعي باعتماده خلال سنة من تاريخ العمل بهذا القانون إذا كان الطرح قد وزع على مستحقيه الأصليين أو على ما انتقلت إليهم ملكية الأكل قبل صدور القانون رقم 73 لسنة 1953 أو على من آلت إليهم هذه الملكية بعد صدور هذا القانون بغير طريق التعاقد وإلا اعتبر التوزيع نافذاً بمضي هذه المدة.
ومع ذلك فإذا كان التوزيع المشار إليه في الفقرة السابقة قد تم إلى أصحاب وكالة حصلوا عليها بعد العمل بالقانون رقم 73 لسنة 1953 فلا يعتمد منه إلا الحالات التي تكون فيها الوكالة صادرة إلى أقارب لغاية الدرجة الرابعة.
أما التوزيعات التي لا تطابق الأحكام المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين فتلغى ولو كانت قد اعتمدت وتم شهرها....." وهذه المادة تقابل المادة 12 من القانون رقم 181 لسنة 1957 الذي ألغاه القانون رقم 192 لسنة 1958 المشار إليه وكانت المادة 12 المذكورة تنص في فقرتها الثالثة على ما يأتي: "ومع ذلك فإذا كان التوزيع قد تم بطريق الوكالة وجب عرضه على اللجنة المنصوص عليها بالفقرة التالية للتحقيق مما إذا كان يخفي تصرفاً وفي هذه الحالة تجري عليه أحكام هذه المادة".
ومن حيث إن المطعون ضده والحكم المطعون فيه قد ذهبا إلى أن توزيع طرح النهر هو شيء آخر عليه تسليمه، فالتوزيع يتم أولاً ويستمد صاحب أكل النهر حقه فيه من القانون مباشرة متى استوفى شروطه، ثم يأتي بعده التسليم وهو لا يعدو كونه عملية مادية، وأن ما اشترطه القانون لاعتماد التوزيع إلى أصحاب وكالة من أن تكون الوكالة صادرة إلى أقارب لغاية الدرجة الرابعة إنما يقصر على التوزيع دون التسليم، كما أورد الحكم المطعون فيه أن القانون رقم 192 لسنة 1958 لم يهدر جميع الوكالات اللاحقة للقانون رقم 73 لسنة 1953 وإنما وضع معياراً قانونياً للوكالات المشبوهة المشكوك في أنها تخفي تصرفاً للمستغلين وهو أن تكون صادرة لغير الأقارب حتى الدرجة الرابعة ومن ثم لا يوجد ما يمنع قانوناً من الاعتداد بالوكالة في التسليم كلما انتفت عقلاً علة التشريع في هذا الخصوص وهذه العلة منتفية عقلاً في حالة المطعون ضده الذي ألجأته الضرورة لتوكيل غيره بسبب عاهته التي تمنعه من الاستلام كما تجعل توقيعه وحده غير كاف قانوناً.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت في الطعن رقم 1203 لسنة 7 القضائية بأن القانون رقم 73 لسنة 1953 الخاص بطرح النهر وأكله يجعل طرح النهر من الأملاك الخاصة بالدولة التي تقوم بدورها بتوزيع كل طرح يظهر في زمام بلد أو مدينة على أصحاب أكل النهر بنسبة ما فقدوه ويكون التوزيع بقرار إداري يصدر من وزير المالية والاقتصاد ويعتبر هذا القرار دون غيره سند الملكية وانتقالها بعد شهره بالطريق الذي رسمه القانون فليس أذن بصحيح القول بأن أصحاب الأكل يستمدون حقهم مباشرة في الطرح من القانون، ذلك أن هذا القول يتجافى مع ما نص عليه القانون من اعتبار الطرح من الأملاك الخاصة للدولة ومع تعليق ملكية الطرح على صدور قرار الوزير باعتماد التوزيع والأمر في ذلك لا زال في يد السلطة الإدارية المختصة بالتوزيع على أصحاب الأكل تقوم به طبقاً للشروط والأوضاع المنصوص عليها في القانون المذكور تعويضاً لهؤلاء عن أكل النهر لأملاكهم فالعملية إذن متصلة الحلقات تنتهي بالتسليم واعتماده من الوزير المختص وقبل ذلك لا ينشأ لأصحاب الأكل أي حق في الطرح ومن ثم فعملية التسليم واعتماده ليست عملية مادية وإنما هي تصرف قانوني يتولد عنه الحق في تملك الطرح فيجب أن يتوافر في التسليم وفي شخص المستلم ما تطلبه القانون من شروط خاصة وأنه لا حجة في القول بوجود تفرقة بين التوزيع والتسليم وبأن اشتراطه درجة قرابة الوكيل لأصحاب الطرح إنما يقصر على التوزيع دون التسليم إذ ليس لهذا القول من واقع يسانده ذلك أن القرار الوزاري باعتماد التسليم هو المعتبر سنداً للملكية وله قوة العقد الرسمي ويسجل فلا يوجد قرار باعتماد التوزيع تترتب عليه آثار قانونية وإذ عبر القانون بلفظ "توزيع" فإنما قصد التوزيع بمعناه الأعم وهو تسليم الطرح لمن خصص لهم من أصحاب الأكل وأما قبل ذلك فلا يعدو أن يكون تقسيماً تمهيدياً فالتسليم هو المرحلة الأخيرة التي يتقرر بها الحق في الطرح وفي تملكه وأما قبل ذلك فالأمر مجرد مباحث واستقصاء عن المستحقين للطرح وتحديد لنصيب كل منهم وللموقع الذي سيكون فيه هذا النصيب وبالتالي فالتسليم هنا تصرف قانوني لا مادي.
ومن حيث إنه على مقتضى ذلك ولما كان الثابت أن التوزيع الابتدائي للطرح موضوع القرار المقضي بإلغائه قد تم بموجب القائمة المؤرخة في 29/ 11/ 1955، والتي تقدمت الإشارة إليها، إلى صاحب وكالة عن المطعون ضده، لا تربطه به صلة قرابة، وإذ كانت هذه الوكالة لاحقة للعمل بالقانون رقم 73 لسنة 1953، فإنه يكون متعين الإلغاء نزولاً على صريح حكم المادة 13 أنفة الذكر من القانون رقم 192 لسنة 1958 ومن ثم يكون القرار الصادر بهذا الإلغاء من وزير الإصلاح الزراعي في 19/ 5/ 1961 قد صدر عن تطبيق سليم لأحكام القانون غير مشوب بما يبرر إلغاؤه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا المذهب فإنه يكون قد تنكب الصواب مما يتعين معه إلغاؤه.
ومن حيث إنه لا حجة فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه لا يوجد ما يمنع قانوناً من الاعتداد بالوكالة في التسليم ولو لم تكن لقريب حتى الدرجة الرابعة وذلك كلما انتفت عقلاً علة التشريع في هذا الخصوص وأن هذه العلة منتفية عقلاً في حالة المطعون ضده الذي ألجأته الضرورة لتوكيل غيره بسبب عاهته التي تمنعه من الاستلام كما تجعل توقيعه وحده غير كاف قانوناً، لا حجة في ذلك إذ أن نص المادة 13 سالفة الذكر صريح في أنه لا يعتمد من التوزيعات الابتدائية التي تمت إلى أصحاب وكالة إلا الحالات التي تكون فيها الوكالة صادر إلى أقارب لغاية الدرجة الرابعة بحيث إذا لم تكن كذلك تعين إلغاء التوزيع، ولئن كان المستفاد من المذكرة الإيضاحية للقانون أن الحكمة فيما استنته من إلغاء التوزيعات التي تمت لأصحاب وكالة ليسوا من الأقارب لغاية الدرجة الرابعة هي قيام مظنة استغلالهم لأصحاب أكل النهر مما يفوت ما قصده الشارع من مساعدة هؤلاء الأخيرين، فإن هذا لا يعني أن ما نص عليه القانون في صيغة عامة من إلغاء التوزيعات المشار إليها لا ينزل حكمه على ما تنتفي فيه مظنة الاستغلال من حالات الوكالة لغير أقارب حتى الدرجة الرابعة، ذلك أن الأحكام تناط بالعلة لا بالحكمة، والعلة هي الوصف الظاهر المنضبط الذي تتحقق فيه الحكمة في أكثر الأحوال لا في كل الأحوال، وهي هنا كون الوكالة لغير الأقارب أو لأقارب أبعد من الدرجة الرابعة، أما الحكمة فهي قيام مظنة الاستغلال لدى هؤلاء، وبعبارة أخرى فإن مظنة الاستغلال تعتبر قائمة حكماً في جميع حالات الوكالة لغير الأقارب حتى الدرجة الرابعة ولو لم تكن قائمة فعلاً فيها جميعا، وأن ثمة قرينة قانونية لا تحتمل إثبات العكس على تحققها في كل تلك الحالات، والقول بغير ذلك مؤداه الحد من إطلاق حكم القانون بإجازة الاستثناء منه بغير نص وهو ما لا يصح، وعلى مقتضى هذا فإنه لا سبيل إلى إفلات حالة المطعون ضده من حكم الفقرة الرابعة من المدة 13 من القانون رقم 192 لسنة 1958رغم أن توزيع الطرح فيها تم إلى صاحب وكالة من غير الأقارب، بذريعة أن هذه الوكالة برئت من الاستغلال وقد ألجأته إليها ضرورة استعانته بغيره بسبب عاهته.
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.


[(1)] قضت المحكمة بمثل هذا المبدأ في القضية رقم 1203 لسنة 7 القضائية جلسة 14 من ديسمبر سنة 1963