مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1970) - صـ 424

(65)
جلسة 14 من يونيه سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد مختار العزبي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد طاهر عبد الحميد وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر وأحمد علي حسن العتيق المستشارين.

القضية رقم 1498 لسنة 12 القضائية

( أ ) جامعة - اللجنة العلمية لفحص الإنتاج العلمي "تشكيلها".
القانون لم يحدد العدد الذي تشكل منه لجنة فحص الإنتاج - تشكيلها من عضوين لا يخالف أحكام القانون.
(ب) هيئة التدريس بالجامعة. مدرس "تعيين".
لا وجه للاعتداد عند التعيين في وظيفة مدرس بأسبقية الحصول على الماجستير - أساس ذلك.
1 - أنه لا وجه لما أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه من بطلان تشكيل اللجنة العلمية لمخالفة أحكام المادة 55 من القانون رقم 184 لسنة 1958، بمقولة أنها تقضي بتشكيل اللجنة من عدد فردي من الأعضاء لا يقل عن ثلاثة، استناداً إلى ما كان ينص عليه القانون رقم 633 لسنة 1953 السالف الذكر، وأخذاً بما يتبع في تشكيل هيئات التحكيم، ولما كان نص المادة المذكورة لم يحدد العدد الذي تشكل منه اللجنة، ولم يقض بأن يكون هذا العدد فردياً أو زوجياً، ولم يعبر بصيغة الجمع عن أعضائها، وإنما أورد التعبير بصيغة الجمع عندما اشترط "أن ينضم إليهم عدد من المتخصصين من خارج الجامعات في مجال التعبير عن أعضاء اللجان لا اللجنة الواحدة، ومن ثم فإن تشكيل اللجنة موضوع هذا الطعن من عضوين، لا يخالف أحكام المادة 55 المذكورة التي لا مجال لأعمال أية أحكام أخرى سواها، كما أن اشتراك أستاذ مساعد للجراحة في عضوية هذه اللجنة - التي كانت مهمتها فحص إنتاج المتقدمين لشغل وظيفتي مدرس للجراحة - يتفق وأحكام المادة المذكورة، باعتباره من الأساتذة المتخصصين بالجامعات.
2 - لا وجه كذلك لما ينعاه المدعي على القرار المطعون فيه من مخالفة للعرف الذي تجري عليه الجامعة, وهو الاعتداد عند التعيين في وظائف المدرسين، بأسبقية الحصول على درجة الماجستير، لا وجه لذلك، لأن كل تعيين، هو مناسبة جديدة يقدرها مجلس الجامعة استقلالاً، غير مقيد بمعايير سابقة في المفاضلة بين المرشحين، وليس للقضاء الإداري سلطة التعقيب على القرار الذي يتخذه في هذا الشأن، ما دام قد خلا من إساءة استعمال السلطة وابتغى به وجه المصلحة العامة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعة الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1365 لسنة 17 القضائية، ضد جامعة الإسكندرية بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري، في 9 من مايو سنة 1963، وطلب في هذه العريضة "الحكم بإلغاء القرار الصادر بتعيين الدكتور عادل أبو العنين, والدكتور محمد شاكر، وما ترتب عليه من آثار، وأحقية الطالب في شغل وظيفة مدرس جراحة، بكلية الطب بجامعة الإسكندرية، مع إلزام المعلن إليهم، بالمصاريف والأتعاب" وتوجز أسانيد دعواه، في أنه تخرج من كلية الطب بجامعة الإسكندرية في سنة 1955، وحصل على دبلوم الجراحة في سنة 1957 بتقدير جيد جداً، وكان أول دفعته في الدبلوم، ثم عين معيداً بالكلية المذكورة في سنة 1960، وحصل منها على درجة الماجستير في سنة 1961، وقد تقدم هو والسيدان الدكتوران محمد شاكر وعادل أبو العنين لشغل وظيفتي مدرس للجراحة، أعلنت الكلية المذكورة عن خلوهما ورغبتهما في شغلهما، فصدر قرار بتعيين المذكورين متخطياً إياه في التعيين في هاتين الوظيفتين، وهو يطعن في هذا القرار، مؤسساً طعنه على الأسباب الآتية: أولاً: أنه شكا للسيد وزير التعليم العالي من مخالفة قرار مجلس الجامعة بترشيح المذكورين للقانون، فأوقف تنفيذ القرار، ثم عاد ووافق عليه، دون أن يجد جديد يستوجب الموافقة عليه. ثانياً: أن القرار المطعون فيه خالف قانون تنظيم الجامعات، الذي يستوجب ترتيب المتقدمين لشغل وظائف هيئات التدريس بالجامعات، على حسب كفايتهم العلمية، والثابت أنه يفوق المذكورين كفاية، ثالثاً: أن القرار المطعون فيه خالف العرف الذي تلتزمه الجامعة، وهو تفضيل الأسبق في الحصول على درجة الماجستير في التعيين، وقد حصل عليها في تاريخ سابق على تاريخ حصول الدكتور محمد شاكر على هذه الدرجة. رابعاً: أنه ما كان يجوز تعيين الدكتور محمد شاكر الذي تقدم بطلب الترشيح إلى الجامعة مباشرة، لا عن طريق وزارة الصحة - التي كان يعمل بها - وأنه من ثم فما كان يجوز النظر في طلبه، فضلاً عن أنه تصرف تصرفاً معيباً، بأن تغيب عن وزارة الصحة، وعمل طبيباً بإحدى الشركات وحصل خلال ستة شهور على مرتب من الوزارة والشركة، وهو ما يتنافى مع حسن السير والسلوك المشترط في المتقدمين لشغل وظائف هيئات التدريس بالجامعات. ثم أضاف، أنه عقب صدور القرار المطعون فيه في شهر أبريل سنة 1963، تظلم منه ولما لم يجد تظلمه، أقام هذه الدعوى. وقد أجابت الجامعة عن الدعوى بأنه لا صحة للمطاعن التي ينعاها المدعي على القرار المطعون فيه، إذ أنه ليس صحيحاً أن قرار مجلس الجامعة بالموافقة على تعيين الطبيبين المطعون في تعيينهما، قد أوقف تنفيذه، إذ لا يصبح قرار هذه المجلس نافذاً، إلا بعد أن يصدق عليه السيد وزير التعليم العالي، كما أن المدعي لا يملك مناقشة قرار اللجنة العلمية، فهي تصدره بناء على ما لها من سلطة تقديرية، تنأى عن الرقابة القضائية، بالإضافة إلى أن التعيين في الوظائف العامة، من الملاءمات المتروكة لتقدير جهة الإدارة وقد أصدرت قرارها المطعون فيه مستوفياً ما يتطلبه القانون من شروط وإجراءات، فهو قرار سليم، ومطابق للقانون، وأنه لا وجه لما ينعاه المدعي على تعيين الدكتور محمد شاكر - فهو على فرض صحته - لا يؤدي إلى بطلان قرار تعيينه، وأوضحت الجامعة وقائع الموضوع فيما قالته، من أن كلية الطب بها - قد أعلنت عن حاجتها لشغل وظيفتي مدرس للجراحة - إحداهما للجراحة التجريبية والأخرى لجراحة الأطفال الشاغرتين بها، وكان المدعي بين المتقدمين لشغلها، وقد رشحت اللجنة العلمية التي شكلت لبحث طلبات المتقدين لشغل هاتين الوظيفتين - من أستاذ الجراحة والأستاذ المساعد للجراحة بالكلية المذكورة - الدكتور عادل عبد العزيز أبو العنين للوظيفة الأولى والدكتور محمد شاكر عبد الله للوظيفة الثانية للأسباب المبينة بمحضري جلستها المنعقدة في 27 من أكتوبر سنة 1962، ووافق مجلس القسم بالكلية على هذه الترشيح، كما وافق عليه مجلس الكلية في 2 من نوفمبر سنة 1962، ثم مجلس الجامعة في 18 من ديسمبر سنة 1962، وصدق السيد وزير التعليم العالي على تعيين المرشحين المذكورين في 9 من أبريل سنة 1963، فتظلم المدعي من هذا القرار في 11 من مايو سنة 1963 وأضافت الجامعة أن المدعي نقل إلى وزارة الصحة في وظيفة أخصائي جراحة في سبتمبر سنة 1963 بناء على طلبه، وبذلك زالت مصلحته في الطعن في القرار المطعون فيه، وانتهت الجامعة إلى طلب الحكم بعدم قبول الدعوى بصفة أصلية، ورفضها بصفة احتياطية. وعقب المدعي على رد الجامعة بمذكرة ردد فيها ما سبق أن أورده في صحيفة دعواه، وأضاف إليه رده على الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة - بما رد به تقرير هيئة مفوضي الدولة المقدم في الدعوى على هذا الدفع - من أن نقل المدعي إلى وزارة الصحة في سبتمبر سنة 1963، لا يحول بينه وبين التقدم لوظيفة مدرس بكليات الطب، إذ أن وظائف التدريس بالجامعات ليست وقفاً على المعيدين، ومن ثم فمصلحة المدعي في الطعن في القرار المطعون فيه، تظل قائمة بعد نقله إلى وزارة الصحة، ونعي المدعي في مذكرته على تشكيل اللجنة العلمية من أستاذ وأستاذ مساعد بالبطلان، وبطلان قرارها، وما تلاه من قرارات، تأسيساً على أن المادة 55 من قانون تنظيم الجامعات رقم 184 لسنة 1958 تقضي بتشكيل اللجان العلمية، من أساتذة متخصصين، وفي رأيه أنه وفقاً لنص هذه المادة يكون تشكيل هذه اللجنة من أستاذ وأستاذ مساعد، مخالفاً للقانون الذي لا يجيز اشتراك أستاذ مساعد في عضويتها، كما نعى المدعي على قرار اللجنة، المذكورة بترشيح الدكتور محمد شاكر عبد الله، قيامه على أسباب غير صحيحة، وذك لما ورد في محضر اللجنة من أن المذكور "سبق له العمل بقسم الجراحة الملحق به وحدة جراحة الأطفال، وأدى الأعمال التي عهد إليه بها في هذه الوحدة، بكفاءة تامة طبقاً للشهادة المقدمة من الأستاذ الدكتور أبو الفتوح حساب أستاذ القسم المشرف على وحدة جراحة الأطفال "إذ قال المدعي أنه لم تكن بقسم الجراحة وحدة لجراحة الأطفال، وأن الشهادة المشار إليها بالمحضر مرجعها إلى الدكتور السيد المكاوي الذي يعمل معه الدكتور محمد شاكر عبد الله في الشركة، وقد أملت هذه الشهادة روح التعاطف والمودة بين زملاء العمل في حقل واحد وبجلسة 30 من يونيه سنة 1966 قضت محكمة القضاء الإداري "بقبول الدعوى، وبإلغاء القرار المطعون فيه، إلغاء مجرداً، وألزمت الحكومة المصروفات. وأقامت قضاءها، عن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة على أن أعضاء هيئات التدريس بالجامعات يطبق عليهم كادر خاص يتضمن ميزات لا تتوفر لأطباء وزارة الصحة الخاضعين للكادر العام، وأنه من ثم يكون للمدعي مصلحة محققة في الاستمرار في دعواه، وبالنسبة إلى موضوع الدعوى، على أن نص المادة 55 من القانون رقم 184 المشار إليه يشترط أن يكون أعضاء اللجان العلمية من الأساتذة المتخصصين في الجامعات، وهو ما يوحي بأن يكون تشكيل هذه اللجان من عدد فردي لا يقل عن ثلاثة أعضاء لضمان حسن الاختيار عند الاختلاف في الرأي، وهو ما كان ينص عليه صراحة القانون رقم 633 لسنة 1953 بإنشاء اللجنة الدائمة لفحص الإنتاج العملي لشغل وظائف هيئات التدريس بالجامعات، وهذا بالإضافة إلى أن اللجان العلمية، لا تعدو أن تكون هيئات للتحكيم بين المتقدمين لشغل هذه الوظائف، وأنه من ثم يكون القرار المطعون فيه صادر من لجنة مشكلة على خلاف أحكام القانون فهو قرار باطل، ويتعين إلغاؤه إلغاء مجرداً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه - إذ قضى بقبول الدعوى شكلاً - قد خالف قانون مجلس الدولة، الذي يشترط لقبول دعوى الإلغاء، أن تكون مسبوقة بتظلم من القرار المطعون فيه، إذ أن المدعي لم يتظلم إلا في 11 من مايو سنة 1962، بعد أن أقام دعواه في 9 من مايو سنة 1962، كما يقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه، إذ قضى ببطلان تشكيل اللجنة العملية من عضوين، لأن المادة 55 من القانون رقم 184 لسنة 1958، لم تنص على تشكيل اللجان العملية من عدد معين من الأعضاء، وبالتالي يصح تشكيلها من أي عدد زوجي أو فردي، وأنه لا وجه للاستناد في تشكيل هذه اللجان إلى القانون رقم 633 لسنة 1953 الذي ألغي منذ زمن طويل، كما لا وجه أيضاً لقياس تشكيل هذه اللجان علي تشكيل هيئات التحكيم لاختلاف طبيعة عملها عن عمل اللجان المذكورة.
عن قبول الدعوى:
ومن حيث إن الجامعة دفعت في طعنها بعدم قبول الدعوى شكلاً، وتؤسس دفعها على أن المدعي تظلم من القرار المطعون فيه في 11 من مايو سنة 1963، بعد أن أقام دعواه في 9 من مايو سنة 1963، وأنه من ثم تكون دعواه غير مقبولة، وأنه كان يتعين لقبولها - تقديم تظلمه قبل إقامتها، ولما كان من كتاب السيد مفوض الدولة لوزارة التعليم العالي إلى المدعي في أول مايو سنة 1963 - المودع ملف الدعوى بحافظة المدعي برقم 3 دوسيه - أن هذا التظلم قدم في 29 من أبريل سنة 1963 غير مستوف دمغة الاتساع، وأعيد إليه رفق هذا الخطاب، لاستيفاء الدمغة، وكان عدم استيفائها، لا يحول - حسبما سبق أن قضت هذه المحكمة - دون تحقق الأثر القانوني الذي رتبه المشرع على واقعة تقديم التظلم، من حيث اعتبار شرط التظلم السابق مرعياً من جانب المدعي قبل رفع دعواه ومن ثم يكون هذا الدفع غير قائم على أساس سليم من القانون.
عن الموضوع:
من حيث إن الجامعة تنعي على الحكم المطعون فيه، مخالفته أحكام المادة 55 من القانون رقم 184 لسنة 1958، وينعى المدعي على القرار المطعون فيه، مخالفته أحكام هذه القانون، والعرف الذي جرت عليه الجامعة، وهر مراعاة أسبقية الحصول على درجة الماجستير عند التعيين في وظائف المدرسين، كما ينعى على هذا القرار بالبطلان فيما تضمنه من تعيين الدكتور محمد شاكر، تأسيساً على ما نسبه إليه من طلب تعيينه عن غير طريق وزارة الصحة التي كان يعمل بها، وهو ما كان يستوجب استبعاد طلبه، وعلى أنه تغيب عن الوزارة المذكورة، دون إذن، وعمل مدة غيابه في إحدى الشركات، وجمع بين مرتبة منها وبين مرتبه من الوزارة دون ترخيص بذلك، الأمر الذي يتنافى مع ما يجب أن يتوفر في من يعين بهيئات التدريس السيرة المحمودة والسمعة الحسنة فضلاً عن أن قرار اللجنة العلمية، قد تضمن واقعة غير صحيحة، هي عمله بوحدة جراحة الأطفال، في وقت لم تكن توجد فيه هذه الوحدة.
ومن حيث إن القانون رقم 184 لسنة 1958، ينص في المادة 48 منه على أن يعين الوزير المختص، أعضاء هيئة التدريس بالجامعات - ومن بينهم المدرسون - بناء على طلب مجلس الجامعة بعد أخذ رأي مجلس الكلية، والقسم المختص، واشترط القانون في المادة 50، فيمن يعين مدرساً، أن يكون قد مضت ست سنوات على الأقل، على حصوله على درجة بكالوريوس أو ليسانس أو ما يعادلها، وخفضت هذه المدة سنة واحدة لمن يعينون في جامعة أسيوط، وفي فرع جامعة القاهرة بالخرطوم، ونص القانون في المادة 54، على أن يكون التعيين في وظائف هيئة التدريس بناء على إعلان ينظم المجلس الأعلى للجامعات، مواعيده وإجراءاته، كما نص في المادة 55 على أنه "عند التعيين في وظيفة أستاذ ذي كرسي، يشكل المجلس الأعلى للجامعات، بناء علي طلب مجلس الجامعة المختصة، لجنة علمية لفحص الإنتاج العلمي للمرشح، وتقديم تقرير مفصل عن هذا الإنتاج وعما إذ كان يرقى لاستحقاق المرشح، الوظيفة التي تقدم إليها، مع ترتيب المرشحين بحسب كفاياتهم العلمية، ويشترط في أعضاء هذه اللجان، أن يكونوا من الأساتذة المتخصصيين في الجامعات، ويجوز أن ينضم إليهم عند الاقتضاء، عدد من المتخصصين من خارج الجامعات وعند التعيين في وظيفة أستاذ مساعد، أو مدرس يكون تشكيل اللجنة المشار إليها، بقرار من مجلس الجامعة بعد أخذ رأي القسم المختص، ومجلس الكلية".
ومن حيث إنه لا وجه لما أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه من بطلان تشكيل اللجنة العلمية لمخالفته أحكام المادة 55 من القانون رقم 184 لسنة 1958بمقولة أنها تقضي بتشكيل اللجنة من عدد فردي من الأعضاء لا يقل عن ثلاثة، استناداً إلى ما كان ينص عليه القانون رقم 633 لسنة 1953 السالف الذكر، وأخذاً بما يتبع في تشكيل هيئات التحكيم، ولما كان نص المادة المذكورة لم يحدد العدد الذي تشكل منه اللجنة، ولم يقض بأن يكون هذا العدد فردياً أو زوجياً، ولم يعبر بصيغة الجمع عن أعضائها، وإنما أورد التعبير بصيغة الجمع عندما اشترط "في أعضاء هذه اللجان أن يكونوا من الأساتذة المتخصصين في الجامعات" وعندما أجاز "أن ينضم إليهم عدد من المتخصصين من خارج الجامعات" في مجال التعبير عن أعضاء اللجان لا اللجنة الواحدة، ومن ثم فإن تشكيل اللجنة موضوع هذا الطعن من عضوين، لا يخالف أحكام المادة 55 المذكورة التي لا مجال لأعمال أية أحكام أخرى سواها، كما أن اشتراك أستاذ مساعد للجراحة في عضوية هذه اللجنة - التي كانت مهمتها فحص إنتاج المتقدمين لتشغيل وظيفتي مدرس للجراحة - يتفق وأحكام المادة المذكورة، باعتباره من الأساتذة المتخصصين بالجامعات.
ومن حيث إن فحص الإنتاج العلمي للمتقدمين لشغل وظيفتي مدرس للجراحة موضوع هذا الطعن وترتيبهم على حسب كفاياتهم العلمية، قد جرى بمعرفة اللجنة العلمية المختصة، التي ناط بها القانون مباشرة هذه المهام، فلا وجه للنعي على تقديرها للكفايات، أو ترتيبها للمرشحين بمخالفة القانون.
ومن حيث إنه لا وجه كذلك لما ينعاه المدعي على القرار المطعون فيه من مخالفة للعرف الذي تجري عليه الجامعة, وهو الاعتداد عند التعيين في وظائف المدرسين، بأسبقية الحصول على درجة الماجستير، لا وجه لذلك، لأن كل تعيين، هو مناسبة جديدة يقدرها مجلس الجامعة استقلالاً، غير مقيد بمعايير سابقة في المفاضلة بين المرشحين، وليس للقضاء الإداري سلطة التعقيب على القرار الذي يتخذه في هذا الشأن، ما دام قد خلا من إساءة استعمال السلطة وابتغى به وجه المصلحة العامة.
ومن حيث إن أوراق الطعن قد خلت مما يفيد صحة ما نسبه المدعي إلى الدكتور محمد شاكر من تقديمه طلب تعيينه عن غير طريق الوزارة التي كان يعمل بها، ومن تغيبه دون إذن عن هذه الوزارة، وحصوله على مرتبين في وقت واحد دون ترخيص بذلك، فلم يقدم المدعي ما يثبت هذه الأمور، ولم تسلم الوزارة بحدوثها، كما أن تقرير اللجنة العلمية الذي انتهت فيه إلى ترشيح الدكتور محمد شاكر للتعيين في إحدى الوظيفتين الشاغرتين، قد استند فيما أثبته من أنه "سبق له العمل بقسم الجراحة الملحق به وحدة جراحة الأطفال "وأدى الأعمال التي عهد إليه بها في هذه الوحدة، بكفاءة تامة" استند في ذلك إلى الشهادة المقدمة من الأستاذ الدكتور أبو الفتوح حساب، أستاذ القسم المشرف على وحدة جراحة الأطفال، ومن ثم فلا دليل على ما أدعاه المدعي من أن هذه الشاهدة موجهة إلى طبيب آخر هو الدكتور السيد المكاوي، وإلى أنها صدرت منه مجاملة للمطعون فيه تعيينه، بمقولة أنهما يعملان معاً في الشركة.
ومن حيث إنه يبين من تقريري اللجنة العلمية وبقية أوراق الطعن، أن الطبيبين المطعون في تعيينهما، قد توفرت فيهما الشروط المتطلبة قانوناً، وأن قرار تعيينهما قد مر بالمراحل، واستوفى الإجراءات التي نص عليها القانون، ومن ثم فلا مطعن عليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، إذ صدر على خلاف النظر المتقدم، قد جانب الصواب وخالف القانون، وأخطأ في تأويله وتطبيقه، ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه، وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.