مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1970) - صـ 439

(67)
جلسة 28 من يونيه سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد مختار العزبي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد طاهر عبد الحميد وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر وأحمد علي حسن العتيق المستشارين.

القضية رقم 1253 لسنة 9 القضائية

حكم "منطوق".
إن نص منطوق الحكم يجب أن يكون محققاً للغرض المنشود من إقامة الدعوى. مثال.
إن كل الغرض المنشود من إقامة أي دعوى هو الوصول إلى استصدار حكم يقر الحق المرفوعة به في نصابه ويضع حداً للنزاع المتعلق بموضوعها ولذلك وجب - كقاعدة قانونية ملزمة - أن يكون نص منطوق الحكم محققاً لهذا الغرض فإذا كان موضوع النزاع شيئاً معيناً وجب أن يتضمن من النص تمكن المحكوم له من وضع يده على هذا الشيء، مع وصفه وتحديده تحديداً وافياً نافياً للجهالة، وإذا كان موضوع النزاع شيئاً من المثليات يتعين بالنوع وجب أن يتضمن النص بيان نوعه ومقداره والقيمة التي يلتزم المحكوم عليه بأدائها عند عدم الوفاء عيناً، وإذا كان موضوع النزاع مبلغاً من النقود وجب أن يتضمن النص تعيين مقداره.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن الجامع الأزهر أقام الدعوى رقم 177 لسنة 11 القضائية، ضد السيد/ أحمد إبراهيم مهنا، بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري، في 15 من نوفمبر سنة 1956 وطلب في هذه العريضة "الحكم على المدعى عليه بدفع مبلغ 394 جنيهاً و609 مليماً المستحق للمدعين مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وتوجز أسانيد الدعوى في أن الجامع الأزهر أوفد المدعى عليه في بعثة دراسية إلى إنجلترا في مايو سنة 1950 وكانت مدتها تنتهي في آخر يونيو سنة 1954 وبعد أن أمضى من مدة البعثة زهاء سنة ونصف، التحق بدراسة أخرى بجامعة أكسفورد تختلف عن منهاج بعثته وتتطلب مدة إضافية مقدارها سنتان وأربعة أشهر وطلب موافقة الأزهر على استمراره في الدراسة التي اختارها، ولما لم يوافق الأزهر على طلبه ولم يعد لدراسته الأصلية قرر مجلس الأزهر الأعلى وجوب عودته وإلزامه بما دفع زيادة في النفقات، ولكنه أصر على موقفه ومن ثم أعيد عرض الموضوع على المجلس الأعلى للأزهر الذي قرر إنهاء بعثته وإلزامه بنفقات المدة التي تحول فيها عن دراسة بعثته وهي مبلغ 394 جنيهاً و609 مليماً ثم أقام المدعى عليه الدعوى رقم 1148 لسنة 11 القضائية ضد الجامع الأزهر بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 24 من يوليه سنة 1957 وطلب في هذه العريضة الحكم "بعدم أحقية الأزهر في استقطاع ما أنفق عليه من أموال في أثناء دراسته بجامعة أكسفورد وذلك مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقد قررت محكمة القضاء الإداري بجلسة 21 من يناير سنة 1963 ضم الدعوى رقم 1148 لسنة 11 القضائية إلى الدعوى رقم 177 لسنة 11 القضائية ليصدر فيها حكم واحد، وبجلسة أول يوليه سنة 1963 قضت المحكمة المذكورة "في الدعوى رقم 177 لسنة 11 القضائية، المقامة من الجامع الأزهر ضد السيد/ أحمد إبراهيم مهنا بأحقية الجامع الأزهر في استرداد المبالغ التي صرفت على المدعى عليه خلال المدة التي قام بالدراسة فيها في جامعة أكسفورد وهي المدة التي خالف خلالها الغرض الذي من أجله أوفد إلى البعثة وكذلك المبالغ التي صرفت عليه في المدة التالية للميعاد المحدد لانتهاء بعثته في آخر يونيه سنة 1954 مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات وفي الدعوى رقم 1148 لسنة 11 القضائية المقامة من السيد/ أحمد إبراهيم مهنا ضد الجامع الأزهر، برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات" وأقامت قضاءها في الدعوى رقم 177 لسنة 11 القضائية على أن أحكام لائحة البعثات العلمية التي قررها المجلس الأعلى للأزهر بجلسته المنعقدة في 14 من فبراير سنة 1939 توجب على عضو البعثة أن يتم دراسته في المدة المقررة لها ولا يجيز للمبعوث ترك البعثة أو تغيير منهاجها كما تقضي بأن يرد المبعوث ما صرف عليه، إذا ما أخل بتعهداته وواجباته وأنه لما كان المدعى عليه قد قام بتغيير نوع دراسته في البعثة، فإنه من ثم يلزم برد ما صرف عليه خلال المدة التي أمضاها في الدراسة بجامعة أكسفورد وبالتالي يجوز للأزهر خصم المبالغ التي ألزم بها من مرتبه بما لا يجاوز ربعه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه لم يحدد بطريقة نافية للجهالة المبالغ المستحقة على المطعون عليه أو يعين مقدارها وعلي أنه كان يتعين على المحكمة أن تتقيد في قضائها في موضوع الخصومة بطلبات المدعي فيها وألا تقضي بطلبات مغايرة لها، ولما كان الجامع الأزهر قد حدد طلباته بمبلغ معين فقد كان يتعين إجابته إلى طلبه، لا الحكم له بما صرف في مدد معينة بالإضافة إلى أن الهدف من الالتجاء إلى القضاء هو الحصول منه على سند تنفيذي يجوز التنفيذ به جبراً على المدين إذا لم تجد مطالبته بالوفاء بدينه بطريقة ودية وهو ما يقتضي أن يكون الحق المحكوم به محدداً معين المقدار لا قابلاً للتعين وذلك وفقاً لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ومن حيث إن الطعن مقصور على ما قضى به الحكم المطعون فيه في الدعوى رقم 177 لسنة 11 القضائية.
ومن حيث إن كل الغرض المنشود من إقامة أي دعوى هو الوصول إلى استصدار حكم يقر الحق المرفوعة به نصابه ويضع حداً للنزاع المتعلق بموضوعها ولذلك وجب - كقاعدة قانونية ملزمة - أن يكون نص منطوق الحكم محققاً لهذا الغرض فإذا كان موضوع النزاع شيئاً معيناً وجب أن يتضمن من النص تمكن المحكوم له من وضع يده على هذا الشيء، مع وصفه وتحديده تحديداً وافياً نافياً للجهالة، وإذا كان موضوع النزاع شيئاً من المثليات يتعين بالنوع وجب أن يتضمن النص بيان نوعه ومقداره والقيمة التي يلتزم المحكوم عليه بأدائها عند عدم الوفاء عيناً، وإذا كان موضوع النزاع مبلغاً من النقود وجب أن يتضمن النص تعيين مقداره.
ومن حيث إن نص منطوق الحكم المطعون فيه في خصوص الدعوى رقم 177 لسنة 11 القضائية ولئن كان قد اقر مبدأ الحق المرفوعة به هذه الدعوى إلا أنه لم يتضمن تعيين مقدار مبلغ النقود الملزم به المدعى عليه هذا على حين أن موضوع النزاع في الدعوى المذكورة يتعلق بإلزام المدعى عليه بمبلغ من النقود قدره 394 جنيهاً و609 مليماً فهو إذن لم يضع حداً للنزاع في خصوص مقدار هذا المبلغ بالتطبيق للقاعدة القانونية المشار إليه ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أقام قضاءه على قاعدة قانونية خاطئة مما يجيز الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا طبقاً لأوضاع المادة 15 من قانون مجلس الدولة استناداً إلى خطئه في تطبيق القاعدة سالفة الذكر. ولما كان المدعى عليه لم يطعن في الحكم المذكور فإنه يتعين - والحالة هذه - القضاء بتعديل الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى رقم 177 لسنة 11 القضائية وبإلزام المدعى عليه بأن يدفع إلى الجامع الأزهر مبلغ 394 جنيهاً و609 مليماً مع إلزامه بالمصروفات

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى رقم 177 لسنة 11 القضائية وبإلزام المدعى عليه بأن يدفع إلى الجامع الأزهر مبلغ 394 جنيهاً و609 مليماً (ثلاثمائة وأربعة وتسعين جنيهاً وستمائة وتسعة مليمات) وألزمت المدعى عليه بالمصروفات.