مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1965) - صـ 1758

(162)
جلسة 27 من يونيه سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومي نصار وحسنين رفعت حسنين المستشارين.

القضية رقم 799 لسنة 7 القضائية

أ - تظلم - دعوى الإلغاء - لا تقبل الطلبات المقدمة رأساً بإلغاء بعض القرارات الإدارية إلا بعد التظلم منها إلى الهيئة الإدارية المختصة وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم - عدم جدوى التظلم الذي يرفع بعد رفع الدعوى بإلغاء هذه القرارات - صحة الحكم بعدم قبول الدعوى لعدم التظلم.
ب - دعوى الإلغاء - طلب عارض - هيئة مفوضي الدولة - قاضي التحضير - قضاء إداري - الطلبات العارضة المتعلقة بطعون الإلغاء - لا يجوز إبداؤها إلا بعريضة تودع سكرتارية المحكمة أو تقدم أمام هيئة المحكمة مكتملة - إبداء هذه الطلبات أمام هيئة مفوضي الدولة - غير جائز - أساس ذلك: هيئة مفوضي الدولة لا تقوم مقام المحكمة في اختصاصها - لا يجوز تشبيه المفوض بقاضي التحضير - قاضي التحضير يتميز عن المفوض باختصاصات أرحب بولاية الحكم وأشمل في كثير من طلبات الدعوى ودفوعها شأنه في ذلك شأن المحكمة ذاتها - القاضي الإداري يقوم في الآن ذاته بولاية قاضي التحضير والمحكمة بهيئتها الكاملة نزولاً على طبيعة الدعوى الإدارية - الطبيعة الخاصة لدعوى الإلغاء.
(1) أقام المدعي دعواه بطلب إلغاء هذا القرار بالعريضة التي أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة العدل بتاريخ 22/ 9/ 1958 ولم يسبق إيداع هذه العريضة تظلم من القرار المطعون فيه على مقتضى قرار مجلس الوزراء المؤرخ في 16/ 4/ 1955 بشأن إجراءات التظلم من القرارات الإدارية، وإنما قدم هذا التظلم إلى السيد وزير العدل بتاريخ 24/ 11/ 1958 أي بعد رفع دعواه، وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق إذ قضى بعدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه بالتطبيق للفقرة الثانية من المادة الثانية عشرة من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة، الذي رفعت الدعوى في ظله، وهي تنص على ألا تقبل الطلبات المقدمة رأساً بإلغاء القرارات الإدارية المنصوص عليها في البندين (ثالثاً) و"رابعاً".... من المادة 8 وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئيسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم.
(2) إن الطلبات العارضة المتعلقة بطعون الإلغاء لا يجوز إبداؤها خلال نظر الخصومة أو إقحامها عليها إلا بعد استئذان المحكمة كيلا تقبل من هذه الطلبات إلا ما تتحقق المحكمة في شأنه من قيام الارتباط بينه وبين الطلب الأصلي وعلى ذلك لا تتصل المحكمة الإدارية بالطلب الإضافي إلا إذا قدمه المدعي وفقاً للأوضاع التي رسمها قانون مجلس الدولة وهي لا تخرج عن إيداع عريضة الطلب الإضافي سكرتارية المحكمة المختصة أو التقدم بهذا الطلب أمام المحكمة بهيئتها الكاملة.
ومن حيث إن الطعن الذي وجهه المدعي إلى القرار 710 لسنة 1958 يعتبر طلباً إضافياً بالنسبة إلى موضوع طلبه الأصلي المتعلق بإلغاء القرار رقم 617 لسنة 1958 وبهذه المثابة لا يجوز للمدعي إبداؤه إلا أمام المحكمة الإدارية ذاتها.
ومن حيث إن إبداء هذا الطلب الإضافي لم يقدم للمحكمة إلا بمذكرة "تعديل الطلبات" المؤرخة 2 من نوفمبر سنة 1959، ولا وجه للقول بأن اختصام القرار رقم 710 لسنة 1958 وقد تم أمام هيئة مفوضي الدولة بجلسة التحضير المنعقدة في 20 من يوليو سنة 1958 يعتبر اختصاماً لهذا القرار أمام المحكمة. ولا وجه لهذا القول لأن هيئة مفوضي الدولة لا تقوم مقام المحكمة في اختصاصها وممارسة ولايتها ولا يعتبر مفوض الدولة بالنسبة إليها بمثابة قاضي التحضير ويكفي لتوكيد هذا النظر عقد مقارنة بين اختصاصات قاضي التحضير حسبما أوردها قانون المرافعات في المادة 111 منه واختصاصات هيئة مفوضي الدولة طبقاً لما بينته المادة 30 من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 ويستفاد من تلك المقارنة أنه إذا كان لقاضي التحضير ولمفوض الدولة بعض الاختصاصات التحضيرية المشتركة إلا أن قاضي التحضير يتميز عن المفوض باختصاصات أرحب بولاية الحكم وأشمل في كثير من طلبات الدعوى ودفوعها شأنه في ذلك شأن المحكمة ذاتها (الفصل في طلبات شطب الدعوى، وتعيين الخبراء، وتوجيه اليمين الحاسمة والحكم على مقتضى حلفها أو النكول عنها، والفصل في الدفوع الخاصة بعدم الاختصاص أو ببطلان صحيفة الدعوى، أو بعدم قبول الدعوى، أو بانقضاء الحق في إقامة الدعوى، أو بسقوط الخصومة أو انقضائها بمضي المدة إلخ). ويترتب على ما سلف أنه إذا كان قانون المرافعات قد أوجب على الخصوم أن يقدموا لقاضي التحضير جميع الدفوع والطلبات العارضة وطلبات إدخال الغير في الدعوى فلأن قاضي التحضير في مباشرة سلطاته والاختصاصات التي وكلها إليه القانون في مقام المحكمة الكاملة وتعتبر قراراته وأحكامه التي يصدرها كأنها صادرة عن المحكمة بهيئتها الكاملة وهذا ما لا يمكن أن يصدق على هيئة مفوضي الدولة في القضاء الإداري وإذا فجماع القول في مهمة القاضي الإداري أنه يقوم في الآن ذاته بولاية قاضي التحضير والمحكمة بهيئتها الكاملة، إذ طبيعة الدعوى الإدارية تقتضيه أن يقوم بدور إيجابي في تسيير الدعوى وتوجيهها ولا يترك أمرها للخصوم.
ومن حيث إن الأصل في الطلب الإضافي المبدي خلال خصومة الإلغاء أن يقدم أمام المحكمة ذاتها في فترة نظر الدعوى الإدارية لا في فترة تحضيرها أمام مفوضي الدولة والمحكمة الإدارية هي صاحبة السلطات في أن تأذن أو لا تأذن بتقديم هذا الطلب، فإذا كانت لدعوى الإلغاء بالذات طبيعة خاصة من حيث مراعاة ميعادها وإيداع عريضتها قلم كتاب المحكمة المختصة فإنه لا يغني عن ذلك تقديمها شفاهة أو بمذكرة أمام مفوضي الدولة بعيداً عن هيمنة المحكمة ورقابتها، يظاهر ذلك أن الطلبات الإضافية الواردة على طعون الإلغاء ينبغي أن تكون مرتبطة بالطلبات الأصلية ارتباطاً تقره المحكمة الإدارية ذاتها فتأذن أو لا تأذن بتقديمها طبقاً لاقتناعها والمفوض لا يقوم في هذا الشأن مقام المحكمة المذكورة إذ ليس له من السلطات والاختصاصات غير ما خوله إياها القانون وقانون تنظيم مجلس الدولة في مادته الثلاثين لم يخوله الإذن في تقديم الطلبات العارضة.


إجراءات الطعن

بتاريخ 11/ 2/ 1961 أودع الأستاذ محمد منير المحامي بإدارة قضايا الحكومة، نائباً عن السيد وزير العدل، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 799 لسنة 7 في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة العدل بجلسة 13/ 12/ 1960 في الدعوى رقم 245 لسنة 5 المرفوعة من السيد/ أحمد جمال الدين طلعت ضد وزارة العدل والقاضي بعدم قبول طلب إلغاء القرار الوزاري رقم 617 لسنة 1958 الصادر من السيد وزير العدل في 11/ 8/ 1958 بتخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية من ناحية الشكل، وبإلغاء القرار الوزاري رقم 710 لسنة 1958 الصادر من السيد وزير العدل في 22/ 9/ 1958 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وطلب الطاعن للأسباب الموضحة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول دعوى المدعي واحتياطياً برفضها موضوعاً مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وبعد استيفاء الإجراءات المقررة قانوناً وإحالة الطعن على المحكمة الإدارية العليا ونظره على الوجه المبين بمحاضر الجلسات عين لإصدار الحكم فيه جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، يتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 245/ 5 ق أمام المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية ووزارة الداخلية والخارجية والعدل بصحيفة أودعها سكرتارية هذه المحكمة في 22/ 9/ 1958 طلب فيها الحكم بإلغاء القرار الوزاري رقم 617 لسنة 1958 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية لحصوله على تقرير بدرجة ضعيف عن عام 1957 وما يترتب على ذلك من آثار، وقال بياناً لذلك أن لجنة شئون الموظفين وضعت ذلك التقدير معدلة تقدير السيد رئيس محكمة الفيوم الذي قدر له 88 درجة من مائة درجة، وقد تظلم من قرار لجنة شئون الموظفين بتاريخ 15/ 5/ 1958 غير أن الوزارة رأت حفظ التظلم وينعي المدعي على التقدير الذي قامت به اللجنة بأنه يتسم بطابع التعسف. وبجلسة التحضير المنعقدة بتاريخ 6/ 7/ 1959 لنظر هذه الدعوى طلب المدعي إلغاء القرار رقم 710 لسنة 1958 الصادر من السيد وزير العدل فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية وذلك بالإضافة إلى طلبه الأصلي الخاص بإلغاء القرار رقم 617/ 1958 وقال شرحاً لدعواه أنه تخطى في القرارين المشار إليهما لأنه حصل على تقدير بدرجة ضعيف وينعي على ذلك التقدير أن اللجنة قامت بتخفيض الدرجات التي وضعها السيد رئيس المحكمة تخفيضاً يخالف الواقع ويتسم بطابع التعسف لأن رئيس المحكمة أعلم من اللجنة بكل التفاصيل الخاصة بالموظف الذي يعمل في دائرة محكمته.
وبجلسة 13/ 12/ 1960 قضت المحكمة بعدم قبول طلب إلغاء القرار الوزاري رقم 617 لسنة 1958 الصادر من السيد وزير العدل في 11/ 8/ 1958 بتخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية وبإلغاء القرار الوزاري رقم 710 لسنة 1958 الصادر من السيد وزير العدل في 22/ 5/ 1958 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية وما يترتب على ذلك من آثار. وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي رفع دعواه في 22/ 9/ 1958 يطلب إلغاء القرار الوزاري رقم 617 لسنة 1958 دون أن يتظلم منه إلى الجهة الإدارية ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول هذا الطلب شكلاً، أما بالنسبة إلى طلب المدعي إلغاء القرار رقم 710 لسنة 1958 فقد أوضحت المحكمة أن هذا القرار صدر بتاريخ 12/ 9/ 1958 وبعد أن علم المدعي به تظلم منه في 31/ 12/ 1958 وأبلغ برفض التظلم في 26/ 1/ 1959.. وبتاريخ 14/ 2/ 1959 طلب الإعفاء من رسوم دعوى إلغاء ذلك القرار فرفض طلبه بتاريخ 6/ 7 لسنة 1959 بادر فاختصم هذا القرار في مواجهة مندوب الوزارة في محضر جلسة التحضير المنعقد في 20/ 7/ 1959 وبتاريخ 2/ 11/ 1959 أودع عريضة بتعديل طلباته في الدعوى يجعلها تتناول القرار رقم 710 لسنة 1958 بالإضافة إلى القرار رقم 617 لسنة 1958 وأدى فرق الرسم في ذات التاريخ، وأنه من المقرر في فقه المرافعات أن الخصومة تنشأ من وقت قيام المدعي باختصام القرار المطعون فيه في مواجهة الحاضر عن الوزارة المدعى عليها يقوم مقام الإعلان ويغني عنه ومن ثم ونظراً إلى أن المدعي قد اختصم القرار المطعون فيه محضر التحضير المنعقد بتاريخ 20/ 7/ 1959 فإنه يكون قد وجه طعنه إلى هذا القرار في الميعاد. أما من حيث الموضوع فقد تبينت المحكمة أن لجنة شئون الموظفين قد عدلت في تقدير كفاية المدعي استناداً إلى تقارير سابقة على السنة المودع عنها التقرير فتكون قد خالفت المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تلزم بأن يبين التقرير حالة الموظف سنة بسنة بحيث تستقل كل سنة عن الأخرى في التقدير وعلى ذلك يكون القرار المطعون فيه الصادر بتخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية قد وقع مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء.
وبتاريخ 11/ 2/ 1961 طعنت إدارة قضايا الحكومة في هذا الحكم واستندت في طعنها إلى الأسباب الآتية:
أولاً: استقلال الإجراءات الإدارية عن قواعد قانون المرافعات. ويترتب على ذلك أنه في حالة النقص أو الغموض في قواعد الإجراءات الإدارية فإن القاضي الإداري عليه أن يستمد القاعدة التي يتبعها من واقع الحياة الإدارية وضرورات سير المرافق وطبيعة العلاقات الإدارية وعلى ذلك يتحتم الرجوع إلى القواعد الإجرائية التي انتظمها قانون مجلس الدولة للتعرف على الطريق الذي رسمته تلك القواعد بشأن اختصام القرارات الإدارية والطعن القضائي بصددها. ويخلص من نصوص المواد 22، 23، 24 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 أن اختصام القرار الإداري يكون بعريضة ترفع طبقاً لقواعد وإجراءات معينة لم يرد بينها الاختصام في مواجهة مندوب الوزارة الحاضر أمام هيئة التحضير.
ثانياً: أن مندوب الوزارة الحاضر في جلسة التحضير لا يعتبر الممثل القانوني للوزارة ولا ينوب عن السيد الوزير حتى يمكن اختصام القرار في مواجهته، وعلى ذلك فإن المدعي لا يكون. قد اختصم القرار المطعون فيه إلا بتاريخ 2/ 11/ 1959 أي بعد فوات الميعاد القانوني ويتعين القضاء بعدم قبول طلب إلغاء هذا القرار.
ثالثاً: أن تقرير لجنة شئون الموظفين بتخفيض درجة تقدير المدعي أعلن إليه في 13/ 5/ 1958 فتظلم منه في 15/ 5/ 1958 ورفض تظلمه ولم يقم المدعي بعد هذا الرفض برفع دعوى لإلغاء هذا التقرير السري مما جعله حصيناً من الإلغاء بعد فوات المواعيد القانونية للطعن فيه بالإلغاء، لهذا فقد استقرت درجة كفاية المدعي لعام 1957 بدرجة ضعيف وإعمالاً لنص المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تقرر تخطية بموجب القرارين رقمي 617 و710 لسنة 1958 اللذين يعتبران أثراً حتمياً يتم بقوة القانون لا يجوز التصدي لهما.
وطلبت الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول دعوى المدعي واحتياطياً برفضها موضوعاً مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن لجنة شئون الموظفين لوزارة العدل قدرت كفاية المطعون ضده بدرجة ضعيف عن عام 1957 وأعلن قرار اللجنة إلى المدعي في 13/ 5/ 1958 وقد تظلم منه بتاريخ 15/ 5/ 1958 ويعتبر هذا التظلم مرفوضاً لعدم استجابة الوزارة له في بحر الستين يوماً اللاحقة لهذا التاريخ ولا يقدح في ذلك أن تكون الوزارة قد ردت بتاريخ 12/ 8/ 1958 على استفسار قدمه المدعي لها بتاريخ 5/ 7/ 1958 يطلب فيه إخطاره بما تم في شكواه، إذ يبين من كتاب الوزارة - ولم يثبت المدعي عكس ذلك - أن التظلم اعتبر عند تقديمه شكوى عادية لا تظلماً قانونياً فحفظ على هذا الأساس وأنه لم يكن، يوماً ما، موضع إجراء إيجابي قبل الجهة الإدارية يمكن معه القول بأن هذه الجهة كانت قائمة بفحصه فلا وجه لافتراض رفضها له. ولما كان الأمر كذلك ولم يطعن المدعي في قرار لجنة شئون الموظفين المشار إليه ولم يعترض عليه إلا عندما رفع دعواه بتاريخ 22/ 9/ 1958.. بالعريضة التي أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة العدل طاعناً في القرار الوزاري رقم 617 لسنة 1958 الصادر بتاريخ 11/ 8/ 1958 بتخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية، لما كان الأمر كذلك فإن قرار لجنة شئون الموظفين هذا يعتبر حصيناً من كل طعن كما تعتبر غير مقبولة كل دعوى تتعرض لتلك الحصانة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بقضاء الحكم المطعون فيه بالنسبة لقرار الوزارة رقم 617 لسنة 58 المومى إليه فإنه يبين من الأوراق، أيضاً، أن المدعي أقام دعواه بطلب إلغاء هذا القرار بالعريضة التي أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة العدل بتاريخ 22/ 9/ 1958 ولم يسبق إيداع هذه العريضة تظلم من القرار المطعون فيه على مقتضى قرار مجلس الوزراء المؤرخ 16/ 4/ 1955 بشأن إجراءات التظلم من القرارات الإدارية، وإنما قدم هذا التظلم إلى السيد وزير العدل بتاريخ 24/ 11/ 1958 أي بعد رفع دعواه، وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق إذ قضى بعدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه بالتطبيق للفقرة الثانية من المادة الثانية عشرة من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة، الذي رفعت الدعوى في ظله، وهي تنص على ألا تقبل الطلبات المقدمة رأساً بإلغاء القرارات الإدارية المنصوص عليها في البندين "ثالثاً" و"رابعاً"...... من المادة 8 وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئيسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم".
ومن حيث إنه فيما يتعلق بطعن الوزارة فيما قضى به الحكم المطعون فيه من إلغاء القرار الوزاري رقم 710 لسنة 1958 الصادر من السيد وزير العدل في 22/ 9/ 1958 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية، فإن الثابت من الأوراق أن المدعي تظلم من هذا القرار بتاريخ 31/ 12/ 1958، وبتاريخ 14/ 2/ 1959 أودع سكرتارية المحكمة الإدارية لوزارة العدل طلباً لإعفائه من رسوم دعوى إلغاء هذا القرار. وبجلسة 6/ 7/ رفض هذا الطلب فاختصم هذا القرار في مواجهة مندوب الوزارة في جلسة التحضير المنعقدة بتاريخ 20/ 7/ 1959 وهي الجلسة المتعلقة بتحضير الطعن الموجه إلى القرار رقم 617 لسنة 1958، فطلب إليه تسديد الرسم عن هذا الطلب الجديد فتقدم في 2/ 11/ 1959 بمذكرة "بتعديل طلباته" في الدعوى بحيث جعلها تتناول إلغاء القرار رقم 170 لسنة 1958 الصادر بتاريخ 11/ 8/ 1958 بالإضافة إلى طلبه الأول المقدم بعريضة دعواه والخاص بإلغاء القرار رقم 617 لسنة 1958 الصادر بتاريخ 11/ 8/ 1958 فيما تضمناه من ترك المدعي وتخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية لحصوله على تقدير ضعيف في سنة 1957 مع ما يترتب على ذلك من آثار وسدد الرسم المقرر على التعديل في ذات التاريخ.
ومن حيث إن الوزارة تذهب في طعنها إلى أن الطعن بالإلغاء لم يوجه إلى القرار رقم 710 لسنة 1958 سالف الذكر إلا بتاريخ 2/ 11/ 1959 وبالتالي تكون الدعوى قد رفعت بعد الميعاد وأنه لا يعتد باختصام المدعي لهذا القرار في مواجهة مندوب الوزارة في جلسة التحضير المنعقدة بهيئة مفوضي الدولة بتاريخ 20/ 7/ 1959.
ومن حيث إن المادة الثالثة والعشرين من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة تنص على أن كل طلب يرفع إلى مجلس الدولة يجب أن يقدم إلى قلم كتاب المحكمة المختصة بعريضة موقعة من محام مقيد بجدول المحامين المقبولين أمام المجلس".
ومن حيث إنه إذا كان ذلك يصدق على الطلبات المفتتحة للخصوم فإن الطلبات العارضة المتعلقة بطعون الإلغاء لا يجوز إبداؤها خلال نظر الخصومة أو إقحامها إلا بعد استئذان المحكمة كيلا تقبل من هذه الطلبات إلا ما تحقق المحكمة في شأنه من قيام الارتباط بينه وبين الطلب الأصلي وعلى ذلك لا تتصل المحكمة الإدارية بالطلب الإضافي إلا إذا قدمه المدعي وفقاً للأوضاع التي رسمها قانون مجلس الدولة وهي لا تخرج عن إيداع عريضة الطلب الإضافي سكرتارية المحكمة المختصة أو التقدم بهذا الطلب أمام المحكمة بهيئتها الكاملة.
ومن حيث إن الطعن الذي وجهه المدعي إلى القرار 710 لسنة 1958 يعتبر طلباً إضافياً بالنسبة إلى موضوع الأصلي المتعلق بإلغاء القرار رقم 617 لسنة 1958 وبهذه المثابة لا يجوز للمدعي إبداؤه إلا أمام المحكمة الإدارية ذاتها.
ومن حيث إن إبداء هذا الطلب الإضافي لم يقدم للمحكمة إلا بمذكرة "تعديل الطلبات" المؤرخة 2 من نوفمبر سنة 1959، ولا وجه للقول بأن اختصام القرار رقم 710 لسنة 1958 وقد تم أمام هيئة مفوضي الدولة بجلسة التحضير المنعقدة في 20 من يوليو سنة 1958 يعتبر اختصاماً لهذا القرار أمام المحكمة. لا وجه لهذا القول لأن هيئة مفوضي الدولة لا تقوم مقام المحكمة في اختصاصها وممارسة ولايتها ولا يعتبر مفوض الدولة بالنسبة إليها بمثابة قاضي التحضير ويكفي لتوكيد هذا النظر عقد مقارنة بين اختصاصات قاضي التحضير حسبما أوردها قانون المرافعات في المادة 111 منه واختصاصات هيئة مفوض الدولة طبقاً لما بينته المادة 30 من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 ويستفاد من تلك المقارنة أنه إذا كان لقاضي التحضير ولمفوضي الدولة بعض الاختصاصات التحضيرية المشتركة إلا أن قاضي التحقيق يتميز عن المفوض باختصاصات أرحب بولاية الحكم وأشمل في كثير من طلبات الدعوى ودفوعها شأنه في ذلك شأن المحكمة ذاتها (الفصل في طلبات شطب الدعوى، وتعيين الخبراء، وتوجيه اليمين الحاسمة والحكم على مقتضى حلفها أو النكول عنها، والفصل في الدفوع الخاصة بعدم الاختصاص أو ببطلان صحيفة الدعوى، أو بعدم قبول الدعوى، أو بانقضاء الحق في إقامة الدعوى أو بسقوط الخصومة أو انقضائها بمضي المدة إلخ). ويترتب على ما سلف أنه إذا كان قانون المرافعات قد أوجب على الخصوم أن يقدموا لقاضي التحضير جميع الدفوع والطلبات العارضة وطلبات إدخال الغير في الدعوى فلأن قاضي التحضير في مباشرة سلطاته والاختصاصات التي وكلها إليه القانون في مقام المحكمة الكاملة وتعتبر قراراته وأحكامه التي يصدرها كأنها صادرة عن المحكمة بهيئتها الكاملة وهذا ما لا يمكن أن يصدق على هيئة مفوضي الدولة في القضاء الإداري وإذاً فجماع القول في مهمة القاضي الإداري أنه يقوم في الآن ذاته بولاية قاضي التحضير والمحكمة بهيئتها الكاملة، إذ طبيعة الدعوى الإدارية تقتضيه أن يقوم بدور إيجابي في تسيير الدعوى وتوجيهها ولا يترك أمرها للخصوم.
ومن حيث إن الأصل في الطلب الإضافي المبدي خلال خصومة الإلغاء أن يقدم أمام المحكمة ذاتها في فترة نظر الدعوى الإدارية لا في فترة تحضيرها أمام مفوضي الدولة والمحكمة الإدارية هي صاحبة السلطات في أن تأذن أو لا تأذن بتقديم هذا الطلب، فإذا كانت لدعوى الإلغاء بالذات طبيعة خاصة من حيث مراعاة ميعادها وإيداع عريضتها قلم كتاب المحكمة المختصة فإنه لا يغني عن ذلك تقديمها شفاهة أو بمذكرة أمام مفوضي الدولة بعيداً عن هيمنة المحكمة ورقابتها، يظاهر ذلك أن الطلبات الإضافية الواردة على طعون الإلغاء ينبغي أن تكون مرتبطة بالطلبات الأصلية ارتباطاً تقرره المحكمة الإدارية ذاتها فتأذن أو لا تأذن بتقديمها طبقاً لاقتناعها والمفوض لا يقوم في هذا الشأن مقام المحكمة المذكورة إذ ليس له من السلطات والاختصاصات غير ما خوله إياها القانون وقانون تنظيم مجلس الدولة في مادته الثلاثين لم يخوله الإذن في تقديم الطلبات العارضة.
ومن حيث إنه لما كان ذلك فإنه يتعين ألا يعتد باختصام المدعي للقرار رقم 10 لسنة 1958 في مواجهة مندوب الوزارة أمام هيئة مفوضي الدولة، وإنما يكون هذا الطلب الإضافي مقدماً بموجب المذكرة المقدمة بتعديل الطلبات في 2/ 11/ 1959 مما يتعين معه القول بأن الطعن بإلغاء القرار المذكور قد قدم بعد الميعاد فهو غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب في هذا الشق منه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه مما يتعين معه إلغاؤه والحكم بعدم قبول هذا الطلب مع تأييد الحكم فيما عدا ذلك وإلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من إلغاء القرار الوزاري رقم 180/ 1958 الصادر في 22 من سبتمبر سنة 1958 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية وبعدم قبول هذا الطلب وتأييد الحكم فيما عدا ذلك وألزمت المدعي بالمصروفات.