أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 1545

جلسة 6 يونيو سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ نائب رئيس المحكمة يحيى العمورى وعضوية السادة المستشارين/ جهدان حسين عبد الله نائب رئيس المحكمة، ماهر قلاده واصف، الحسينى الكفانى وحمدى محمد على.

( 296 )
الطعن رقم 195 لسنة 45 قضائية

1 - نقض "إجراءات الطعن"، "بطلان الطعن"
صورة تقرير الطعن المعلنة. خلوها من تاريخ الطعن والمحكمة التى قدم إليها واسم الموظف الذى حصل التقرير أمامه. لا بطلان.
(2 - 4) إيجاره إيجار الأماكن". قانون. "سريان القانون من حيث الزمان". نظام عام.
2 - المراكز القانونية التى نشأت فى ظل القانون القديم. خضوعها له فى آثارها وانقضائها. القواعد الآمرة فى القانون الجديد، وجوب إعمالها بأثر فورى على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز، من حيث آثارها وانقضائها.
3 - تنازل مستأجر العيادة الطبية عن أجزاء منها لمزاولة مهنة الطب فيها. إقامة الدعوى بالاخلاء فى ظل القانون 52 لسنة 1969، وصدور القانون 49 لسنة 1977 أثناء نظرها. أثره عدم جواز الحكم بالإخلاء إعمالاً لحكم المادة 40 من القانون الأخير.
4 - مستأجر المكان لمزاولة مهنة أو حرفة. حقه فى تأجير جزء منه لمن يزاول مهنة أو حرفه ولو كانت مغايرة. م 40 ق 49 لسنة 1977. قاعدة موضوعية. وجوب إعمالها على الدعاوى المنظورة وقت العمل بها.
(5) نقض "التقريرات القانونية الخاطئة".
انتهاء الحكم إلى النتيجة الصحيحة لمحكمة. النقض تقويم الحكم على أساس التطبيق القانونى السليم.
1 - المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن العبرة هى بتوافر البيانات التى يتطلبها القانون فى ورقة الطعن بحيث لا تثريب على الطاعن إن هو أودع قلم الكتاب تقريراًًًًً توافرت فيه تلك البيانات لأن الغاية من هذا الإجراء تكون قد تحققت، ولما كان تقرير الطعن الذى قدمه الطاعن قد اشتمل على كافة البيانات المنصوص عليها فى المادة 253، من قانون المرافعات والذى رفع الطعن فى ظله - وكان خلو صورة التقرير المعلنة للمطعون ضدها الأولى من بيان تاريخ الطعن والمحكمة التى قدم إليها واسم الموظف الذى حصل التقرير أمامه هو مما لا يبطل الطعن.
2 - الأصل أن القانون يسرى بأثر فورى ومباشر على المراكز القانونية التى تتكون بعد نفاذه سواء فى نشأتها أو فى إنتاجها آثارها أو فى انقضائها وهو لا يسرى على الماضى، فالمراكز القانونية التى نشأت واكتملت فور تحقق سببها قبل نفاذ القانون الجديد تخضع للقانون القديم الذى حصلت فى ظله. أما المراكز القانونية التى تنشأ وتكتمل خلال فترة تمتد فى الزمان فإن القانون يحكم العناصر والآثار التى تتحقق فى ظله، ولئن كانت المراكز القانونية الاتفاقية تظل خاضعة للقانون القديم الذى تم العقد فى ظله باعتبار أنه تعبير عن إرادة ذوى الشأن فى نشوئها أو فى آثارها أو فى انقضائها - إلا أن هذا مشروط بألا يكون القانون الجديد قد أخضع المراكز القانونية سالفة البيان لقواعد آمرة فحينئذ يطبق القانون الجديد فوراً على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز.
3 - لما كانت المادة 23/ 1 من القانون رقم 52 لسنة 1969 قد أجازت للمؤجر أن يطلب إخلاء العين المؤجرة إذا أجرها المستأجر من الباطن أو تنازل عنها أو تركها للغير بأى وجه من الوجوه بغير إذن كتابى صريح من المالك واستناداًًًًً لهذا النص دفع الطاعن (المؤجر) الدعوى طالبا إخلاء المطعون ضدهم - ورثة المستأجر الأصلى - والمستأجرين من الباطن - من العين التى استأجرها أصلا ً مورث الطعون ضدها الأولى لمزاولة: مهنته فيها (عيادة طبية) لتنازل ورثة (المطعون ضدها الأولى) الذين استمر عقد الإيجار لصالحهم بعد وفاته عن أجزاء منها للمطعون ضدهما الثانى والثالث خالية لمزاولة مهنة الطب فيها. وأثناء نظر الاستئناف صدر القانون رقم 49 لسنة 1977 ونص فى المادة 40 منه على إجازة تأجير المستأجر المكان المؤجر له مفروشاً أو خالياًًًًً إذا كان مزاولاً لمهنة حرة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة وأجر جزءاً من المكان المؤجر له لهذا الغرض إلى من يمارس مهنة أو حرفة ولو كانت مغايرة لمهنته أو حرفته وإذا كان هذا النص آمر. وكانت آثار المراكز القانونية التى يتمتع بها الطاعن طبقاًًًًً للقانون 52 لسنة 1969 يخوله الحق فى الإخلاء قد أدركها القانون 49 لسنة 1977 قبل أن تكتمل آثاره وتستقر فعلاًًًًً بصدور حكم نهائى فيه فإنه ينطبق عليها القانون سالف الذكر.
4 - لورثة المستأجر بعد وفاته التنازل عن جزء من العين المؤجرة لصاحب مهنة ولو كانت مغايرة لنفس التخصص المهنى الذى كان يزاوله فيها مورثهم من قبل.
5 - المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه متى كان الحكم سليماً فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتمل عليه من أخطاء قانونية إذ لمحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب دون أن تنقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 605 لسنة 1977 مدنى الزقازيق الابتدائية ضد المطعون ضدهم بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المحرر بينه وبين مورث المطعون ضدها الأولى، وإخلاء العين الموضحة بالصحيفة والتسليم، وقال بياناً لها بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 9/ 1971 استأجر منه مورث المطعون ضدها الأولى شقة النزاع، وإذ قام ورثة المستأجر بتأجيرها من الباطن للمطعون ضدهما الثانى والثالث لاستغلالها عيادة طبية دون إذن كتابى منه بالمخالفة لشروط عقد الإيجار وأحكام القانون 52 سنة 1969 فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. حكمت محكمة الدرجة الأولى أولاً: بإثبات ترك الطاعن للخصومة بالنسبة للمطعون ضده الثانى،. ثانياً: بفسخ عقد الايجار والتسليم. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 214 سنة 21 ق المنصورة (مأمورية الزقازيق)، وبجلسة 4/ 12/ 1978 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، قدمت المطعون ضدها الأولى مذكرة دفعت فيها ببطلان الطعن. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الدفع وفى الموضوع برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع ببطلان الطعن أو صورته المعلنة خلت من بيان تاريخ التقرير بالطعن والمحكمة التى قدم إليها واسم الموظف الذى تلقاه مما يترتب عليه بطلان الطعن عملاًًًًً بالمادة 253 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة - أن العبرة هى بتوافر البيانات التى يتطلبها القانون فى ورقة الطعن بحيث لا تثريب على الطاعن إن هو أودع قلم الكتاب تقريراًًًًًًًًًًًًًًً توافرت فيه تلك البيانات لأن الغاية من هذا الإجراء تكون قد تحققت، ولما كان تقرير الطعن الذى قدمه الطاعن قد اشتمل على كافة البيانات المنصوص عليها فى المادة 253 من قانون المرافعات - الذى رفع الطعن فى ظله -، وكان خلو صورة التقرير المعلنة للمطعون ضدها الأولى من بيانات تاريخ الطعن والمحكمة التى قدم إليها واسم الموظف الذى حصل التقرير أمامه هو مما لا يبطل الطعن، فإن الدفع بالبطلان يكون فى غير محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بهما على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه برفض دعوى الإخلاء استناداًًًًً إلى المادتين 29 و40 من القانون رقم 49 لسنة 1977، فى حين أن هذا القانون غير منطبق على واقعة النزاع ذلك أنه أقام دعواه بإخلاء عين التداعى على سند من قيام المطعون ضدها الأولى - بعد وفاة مورثها المستأجر الاصلى - بتأجير أجزء منها للمطعون ضدهما الثانى والثالثة خالية دون إذن كتابى صريح منه، الأمر الذى يخول له القانون رقم 52 سنة 1969 فى مادته 23/ 2 - المنطبق على واقعة النزاع - الحق فى طلب إخلاء العين، هذا إلى أن القانون رقم 49 لسنة 1977 يشترط فى المادة 40 منه لاستمرار عقد إيجار العين المؤجرة لمزاولة نشاط مهنى - لصالح ورثة المستأجر، استمرارهم فى مزاولة ذات النشاط الذى كان يمارسه المستأجر الأصلى فى حين أنهما لا يزاولان ذات النشاط، فأولهما طبيب أسنان، والآخر طبيب أمراض باطنية، علاوة على أنهما يستأجران أجزاء من العين خالية، الأمر الذى لا تتوافر معه شروط انطباق المادة 40 سالفة الذكر، وإذ خالف الحكم هذا النظر، فإنه يكون معيباًًًًً بمخالفته القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله فضلاًًًًً عن القصور فى التسبيب.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن الأصل أن القانون يسرى بأثر فورى مباشر على المراكز القانونية التى تتكون بعد نفاذه سواء فى نشأتها أو فى إنتاجها آثارها، أو فى انقضائها، وهو لا يسرى على الماضى، فالمراكز القانونية التى نشأت واكتملت فور تحقيق سببها قبل نفاذ القانون الجديد تخضع للقانون القديم الذى حصلت فى ظله، أما المراكز القانونية التى تنشأ وتكتمل خلال فترة تمتد فى الزمان، فإن القانون يحكم العناصر والآثار التى تتحقق فى ظله، ولئن كانت المراكز القانونية الاتفاقية تظل خاضعة للقانون القديم الذى تم العقد فى ظله - باعتبار أنه تعبير عن إدارة ذوى الشأن فى نشوئها أو فى أثارها أو فى انقضائها - إلا أن هذا مشروط بألا يكون القانون الجديد قد أخضع المراكز القانونية سالفة البيان لقواعد آمرة فحينئذ يطبق القانون الجديد فوراًًًًً على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز، لما كان ذلك، وكانت المادة 23/ 2 من القانون رقم 52 لسنة 1969 قد أجازت للمؤجر أن يطلب إخلاء العين المؤجرة إذا أجرها المستأجر من الباطن أو تنازل عنها أو تركها للغير بأى وجه من الوجوه، بغير إذن كتابى صريح من المالك، واستناداًًًًً لهذا النص رفع الطاعن (المؤجر) الدعوى طالباً إخلاء المطعون ضدهم - ورثة المستأجر الأصلى، والمستأجرين من الباطن - من العين التى استأجرها أصلاًًًًً مورث المطعون ضدها الأولى لمزاولة مهنته فيها (عيادة طبية)، لتنازل ورثته (المطعون ضدها الأولى)، الذين استمر عقد الإيجار لصالحهم بعد وفاته، عن أجزاء منها للمطعون ضدهما الثانى والثالث خالية لمزاولة مهنة الطب فيها، وأثناء نظر الاستئناف صدر القانون رقم 49 سنة 1977 ونص فى المادة 40/ ب منه على إجازة تأجير المستأجر المكان المؤجر له مفروشاًًًًً أو خالياًًًًً إذا كان مزاولاًًًًً لمهنة حرة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة وأجر جزءاًًًًً من المكان المؤجر له لهذا الغرض إلى من يمارس مهنة أو حرفة ولو كانت مغايرة لمهنته أو حرفته، وإذا كان هذا النص آمراًًًًً - وكانت آثار المركز القانونى التى كان يتمتع بها الطاعن طبقا للقانون رقم 52 سنة 1969 يخوله الحق فى الإخلاء قد أدركها القانون رقم 49 سنة 1977 - قبل أن تكتمل أثاره وتستقر فعلاًًًًً بصدور حكم نهائى فيه، فإنه ينطبق عليها القانون سالف الذكر بما مؤداه عدم جواز الحكم بالإخلاء، طالما أن المستأجر الأصلى كان يزاول فيها مهنة الطب، وقد تنازل ورثته بعد وفاته عن جزء منها لصاحب مهنة اخرى ولو كانت مغايرة لنفس التخصص المهنى الذى كان يزاوله فيها مورثهم من قبل، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون، ولا يعيبه ما ضمه فى تقريراته عن أن لورثة المستأجر الأصلى للعين المؤجرة الحق دون سواهم فى طلب إنهاء العقد، أن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان الحكم سليماًًًًً فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتمل عليه من أخطاء قانونية إذ لمحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب دون أن تنقضه، لما كان ما تقدم فإن النعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله والقصور فى التسبيب يكون على غير أساس.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.