مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1965) - صـ 1814

(169)
جلسة 27 من يونيه سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومي نصار ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 753 لسنة 9 القضائية

موظف - قرار إداري - انعدامه - امتحان - وجوب اجتياز امتحان المسابقة كشرط من شروط صحة التعيين - تخلف هذا الشرط - يجعل قرار التعيين باطلاً وليس منعدماً - تحصن هذا القرار بفوات ستين يوماً من تاريخ صدوره - امتناع سحبه بعد ذلك.
إن قصارى ما يمكن أن يترتب على تخلف شرط تأدية الامتحان واجتيازه قبل التعيين هو فقدان قرار التعيين لشرط من شروط صحته وصدوره من ثم مخالفاً للقانون مما يجعله قابلاً للإلغاء أو السحب بحسب الأحوال في الميعاد القانوني وعدته ستون يوماً من تاريخ صدوره، فإذا انقضى هذا الميعاد دون أن تسحبه الإدارة فإنه يصبح حصيناً من أمر الرجوع فيه من جانب مصدره.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء 8 من مايو سنة 1963 أودع السيد الأستاذ/ محمد عجمي المحامي بإدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد/ وزير التربية والتعليم سكرتارية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر بجلسة 7/ 3/ 1963 من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في الدعوى رقم 63 لسنة 9 ق المقامة من: (1) السيدة/ فائقة شحاتة قلادة، (2) السيدة/ هدية عزيز برسوم، (3) الآنسة ماري إسماعيل غبريال، (4) الآنسة اعتماد خليل رضوان ضد السيد وزير التربية والتعليم والقاضي "بإلغاء القرار الصادر في 21/ 7/ 1961 بسحب قرار تعيين المدعيات مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعي عليها بالمصروفات". وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المطعون ضدهن مع إلزامهن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. "وبعد استيفاء الإجراءات المقررة قانوناً وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ونظره أمامها على الوجه الموضح بمحاضر الجلسات عين لإصدار الحكم فيه جلسة اليوم."


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما تبين من الأوراق تتحصل في أن المدعيات أقمن الدعوى رقم 63 لسنة 9 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بعريضة أودعت سكرتارية تلك المحكمة في 2/ 11/ 1961 طلبن فيها إلغاء القرار الصادر من منطقة المنيا التعليمية في 29/ 7/ 1961 بسحب قرارات تعيينهن في وظائفهن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت المدعيات شرحاً للدعوى أنهن حاصلات على دبلوم الثقافة النسوية الراقي في سنة 1953 وقد عين بتاريخ 6/ 4/ 1955 في وظائف التدريس بمدارس ملوي وقت أن كانت تابعة لمنطقة أسيوط التعليمية، ولما ألحقن بمنطقة المنيا التعليمية صدر القرار رقم 10 المعتمد في 15/ 7/ 1956 من المنطقة المذكورة باعتماد تعيينهن، ثم حولن من وظائف التدريس إلى الوظائف الكتابية بمقولة أن دبلوم الثقافة النسوية لم يعد معتبراً مؤهلاً تربوياً يؤهل للتعيين في وظائف التدريس، وبينما المدعيات يؤدين عملهن الذي نقلن إليه إذا بهن يفاجأن في 29/ 7/ 1961 بسحب قرارات تعيينهن بدعوى أنهن قد عين دون اجتياز الامتحان المقرر لشغل الوظيفة بنجاح، وتستطرد المدعيات أن إغفال شرط الامتحان لا يسوغ سحب القرار المشوب متى انقضت على صدوره مدة السحب وهي ستون يوماً وقد انقضى على صدور قرارات تعيينهن سبع سنوات، ومن ثم يكون القرار الصادر بسحبها قد صدر باطلاً مستوجباً الإلغاء، وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن القرارات الصادرة بتعيين المدعيات هي طبقاً لما أفتت به الجمعية العمومية للقسم الاستشاري قرارات معدومة وبالتالي يجوز سحبها في أي وقت دون التقيد بالمواعيد المقررة قانوناً لجواز سحب القرارات الإدارية الباطلة، وبناءً عليه أصدرت المنطقة بتاريخ 29/ 7/ 1961 القرار المطعون فيه قاضياً بسحب تلك القرارات واعتباراً ما استولين عليه من أجر نظير ما قمن به من عمل، وبجلسة 7/ 3/ 1963 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر في 29/ 7/ 1961 بسحب قرارات تعيين المدعيات وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المدعي عليها المصروفات. "وأقامت المحكمة قضاءها على أن شرط اجتياز الامتحان بنجاح وسيلة من الوسائل التي تلجأ إليها الإدارة لاختيار من يتقلد الوظيفة العامة من بين المرشحين لها ومن ثم لا يمكن عد من لا يتوافر فيه هذا الشرط أنه فقد الصلاحية لولاية الوظيفة العامة وبالتالي فلا يمكن اعتبار قرار التعيين في هذه الحالة معيباً بعيب جسيم يبلغ به حد العدم بل يعتبر القرار الصادر بتعيين موظف دون أن يجتاز الامتحان المنصوص عليه في القانون رقم 210 لسنة 1951 بشان نظام موظفي الدولة قراراً باطلاً لمخالفته للقانون ولا يجوز سحبه إلا في المواعيد المحددة للسحب ولو كان تخلف شرط أداء الامتحان من الجسامة بحيث ينحدر بالقرار إلى درجة الانعدام ما كان المشرع قد أجاز للإدارة أن تتحلل منه في بعض الظروف إذ نصت المادة 17 مكرراً من القانون المشار إليه على أنه يجوز بقرار من الوزير المختص بعد أخذ رأي ديوان الموظفين للإعفاء من الامتحان بنوعيه إذا التزم في التعيين ترتيب التخرج كما صدر القانون رقم 8 لسنة 1961 ناصاً في مادته الأولى على جواز شغل الوظائف الخالية أو التي تخلو في وظائف الحكومة ومصالحها والمؤسسات العامة دون إجراء امتحان المسابقة المنصوص عليه في القانون رقم 210 لسنة 1951 وذلك خلال سنتين من تاريخ العمل به، كما أنه صدرت عدة قرارات من مجلس الوزراء نصت جميعها على الإعفاء من هذا الشرط والذي يستخلص من ذلك أن قرارات التعيين التي تصدر دون استيفاء شرط اجتياز الامتحان المنصوص عليه في القانون لا تعد قرارات معدومة بل قرارات باطلة تتحصن بمضي المواعيد القانونية، ولما كان الثابت أن قرار تعيين المدعيات قد صدر في 6/ 4/ 1955 من منطقة أسيوط التعليمية، ثم أعيد تعيينهن في 15/ 7/ 1956 من منطقة المنيا التعليمية بعد استيفاء جميع شروط التعيين عدا شرط اجتياز الامتحان بنجاح المنصوص عليه في القانون رقم 210 لسنة 1951 فإن الجهة الإدارية إذ قامت بسحب هذين القرارين في 29/ 7/ 1961 بعد فوات المواعيد المقررة للطعن أو السحب، يكون قرارها الصادر منها بذلك مخالفاً أحكام القانون ويتعين لذلك الحكم بإلغائه وإلزام المدعى عليها بالمصروفات، وبتاريخ 8/ 5/ 1963 طعنت الوزارة في هذا الحكم وأقامت طعنها على أن القانون رقم 210 لسنة 1951 قد أرسى مبدأ الامتحان كشرط أساسي من شروط التعيين قصد به المشرع التثبت من صلاحية المرشح لتولي الوظيفة العامة، وتفقد الإدارة إزاءه كل حرية لها في الاختيار، وعلى هذا فإن القرار الذي يصدر بتعيين موظف دون أن يتوافر في شأنه شرط اجتياز الامتحان بنجاح وبالمخالفة للنصوص الواردة في القانون بشأنه وهي نصوص ذات طبيعة آمرة تتقيد بها سلطة الإدارة وتفقد إزاءها كل حرية في الاختيار حسبما سبق القول، يكون بهذه المثابة قراراً معيباً بعيب جسيم ينحدر به إلى درجة الانعدام ويمكن للإدارة دون التقيد بأي ميعاد سحبه نزولاً على حكم القانون وتصحيحاً للأوضاع على مقتضاه، ووجه جسامة هذا العيب أن شرط أداء الامتحان إنما يتفرع عن مبدأ حق المساواة في تولي الوظائف العامة بين جميع المواطنين، واشتراط الامتحان وسيلة تحقق مبدأ تكافؤ الفرص للجميع، وذلك حتى يوضع كل عامل في العمل الذي يتناسب مع كفايته واستعداده ومع ما حصل عليه من علم وتدريب وما يتيسر له من خبرة، وتأسيساً على ما تقدم تكون القرارات الصادرة بتعيين المدعيات دون اجتياز الامتحان قد انطوت على مخالفة النصوص ذات طبيعة آمرة وبذلك يبلغ عيب عدم المشروعية فيها حداً ينحدر بها إلى درجة العدم، فضلاً عن صدورها عن اختصاص مقيد، الأمر الذي يجوز معه لجهة الإدارة سحبها في أي وقت غير مقيدة بمواعيد سحب القرارات الإدارية الباطلة وإذ ذهب الحكم المطعون فيه خلافاً لذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وقامت به حالة من حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن قصارى ما يمكن أن يترتب على تخلف شرط تأدية الامتحان واجتيازه قبل التعيين هو فقدان قرار التعيين لشرط من شروط صحته وصدوره من ثم مخالفاً للقانون مما يجعله قابلاً للإلغاء أو السحب بحسب الأحوال في الميعاد القانوني وعدته ستون يوماً من تاريخ صدوره، فإذا انقضى هذا الميعاد دون أن تسحبه الإدارة فإنه يصبح حصيناً من أمر الرجوع فيه من جانب مصدره، وإذ كان الثابت أن السيد/ مدير التربية والتعليم لمنطقة المنيا التعليمية ورغم تحصن القرار الصادر منه في 5/ 7/ 1956 بتعيين المدعيات بفوات مواعيد السحب قد أصدر قراراً في 29/ 7/ 1961 بسحب هذا القرار بعد مضي أكثر من خمس سنوات على صدوره، فإن قرار السحب المشار إليه يقع والحالة هذه مخالفاً القانون مستوجب الإلغاء.
ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه مما يتعين معه رفض الطعن المقدم من الحكومة مع إلزامها بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.