مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1965) - صـ 1818

(170)
جلسة 27 من يونيه 1965

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومي نصار وحسنين رفعت حسنين المستشارين.

القضية رقم 1036 لسنة 9 القضائية

أ - موظف - مؤهل دراسي - قواعد الإنصاف - معادلات دراسية - أقدمية اعتبارية - تفسير - مؤهلا العالمية النظامية مع التخصص القديم - تقديرهما طبقاً لقواعد الإنصاف - لا يقلان، طبقاً لهذا التقدير، عن الشهادة العالمية أو العالمية مع الإجازة الواردتين بالجدول المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 في شأن المعادلات الدراسية - من حق أي من حملة مؤهلي العالمية النظامية والعالمية مع التخصص أن يقدر مؤهله طبقاً لقواعد الإنصاف - من حق حملة المؤهلين المشار إليهما أن يفيدوا من الأقدمية الاعتبارية المنصوص عليها في المادة السابعة من قانون المعادلات الدراسية - أساس ذلك: القياس على الشهادة العالية مع إجازة التخصص باعتباره طريقاً من طرق التفسير - التسوية بين حملة المؤهلات المتماثلة.
ب - موظف - أقدمية اعتبارية - معادلات دراسية - قواعد الإنصاف - ترقية - الأقدمية الاعتبارية المقررة طبقاً للمادة السابعة من قانون المعادلات الدراسية - لم يرد النص عليها إلا في قانون المعادلات الدراسية دون قواعد الإنصاف - لا يجوز الاستناد إلى هذه الأقدمية للطعن في القرارات الإدارية الخاصة بالترقيات أو التعيينات الصادرة إلى حين نفاذ القانون المذكور طبقاً للمادة الثامنة منه.
1 - إن مؤهل العالمية النظامية، اعترف به كمؤهل مهني خاص يخول حامله الاشتغال بمهنة التدريس، وقدر له طبقاً لقواعد الإنصاف راتب 12 جنيه (أثنى عشر جنيهاً) في الدرجة السادسة، كما قدر بموجب هذه القواعد العالمية مع التخصص القديم والتي يحصل عليها حامل العالمية النظامية بعد دراسة مدتها ثلاث سنوات بمرتب قدره 17 جنيهاً في الدرجة السادسة، ومن ثم فإن هذين المؤهلين لا يقلان في مستواهما الفني عن الشهادة العالية، أو العالية مع الإجازة، ذلك أنه وفق ما سلف إيضاحه لا تعتبر الشهادة العالية وحدها كافية كمؤهل مهني خاص، وهي لا تعتبر كذلك إلا بعد الحصول على الإجازة وقد قدر لها مرتب قدره 10.5 جنيهاً في الدرجة السادسة، 12 جنيهاً إذ عمل حاملها بالتدريس كما قدر لحاملها مع الإجازة 15 جنيهاً مرتب قدره خمسة عشر جنيهاً، وأنه متى كان الأمر كذلك، وانتهت هذه المحكمة على النحو السالف بيانه إلى أنه ولئن ورد الجدول المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 المشار إليه خالياً من تقدير العالمية النظامية، وقسم التخصص القديم إلا أن التقدير الوارد عنهما في الإنصاف لازال قائماً، ومن حق أي من حملة هذين المؤهلين أن يقدر مؤهله وفقاً لما انتهت إليه هذه القواعد، كما أن من حقه أن يفيد من أحكام قانون المعادلات الدراسية إذا توافرت في حقه الشروط المقررة بهذا القانون وإذ كان هذا القانون الأخير قد تضمن في مادته السابعة نصاً مقتضاه حساب المدة اللازمة للحصول على إجازة التخصص بالنسبة إلى حملة الشهادة العالية من كليات الأزهر الذين يعينون في وظائف التدريس، وإذا كان القياس مسلماً به كطريق من طرق التفسير هو إلحاق أمر غير منصوص عليه في حكم منصوص عليه بأمر آخر فيه حكم ونص لتساوي الأمرين في علة الحكم فإن من حق حملة الشهادة العالية النظامية مع أجازة التخصص القديم، اعتباراً بالعلة المشتركة التي بني عليها النص الورد في قانون المعادلات.. وحرصاً على التسوية بين حملة المؤهلات المتماثلة أن يفيدوا عن طريق القياس في حكم هذه المادة.
2 - لا يجدي المدعي ما أورده في مذكرته الختامية، من أن عدم جواز الطعن في ترقيات أول فبراير سنة 1951 استناداً إلى ما تقرره المادة (8) مردود عليه بأن حقه في حساب مدة دراسته للحصول على شهادة التخصص في أقدمية الدرجة السادسة مستمد من قواعد الإنصاف وغيرها من القواعد التنظيمية السابقة والتي جاء قانون المعادلات متضمناً لها محدداً آثارها - لا يجدي المدعي هذا الدفاع، إذ أنه فضلاً عن أن ما زعمه جاء مرسلاً مفتقراً إلى سنده القانوني، فإن القاعدة التي تضمنتها المادة السابعة من قانون المعادلات والخاصة بحساب مدة الدراسة في أقدمية الدرجة السادسة لم يرد النص عليها إلا في قانون المعادلات الدراسية، وفي الوقت ذاته حدد المشرع الأثر القانوني لهذه الأقدميات الاعتبارية بغية استقرار الأوضاع الإدارية وعدم زعزعتها، فأورد النص واضحاً صريحاً في المادة الثامنة من القانون المذكور ومقتضاه عدم جواز الاستناد إلى الأقدميات الاعتبارية التي يرتبها هذا القانون للطعن في القرارات الإدارية الخاصة بالترقيات أو التعيينات الصادرة لحين نفاذ القانون المشار إليه.


إجراءات الطعن

بتاريخ أول يوليو سنة 1963 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير التربية والتعليم عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 2 من مايو سنة 1963 في القضية رقم 159 لسنة 15 القضائية والذي قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها في الموضوع برد أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة إلى أول فبراير سنة 1951، وفي الدرجة الرابعة إلى أول سبتمبر سنة 1957 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات ومبلغ 400 قرش أتعاب المحاماة - وطلبت الطاعنة للأسباب التي بني عليها طعنها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات - وقد عرض هذا الطعن على دائرة فحص الطعون فأحالته إلى المحكمة الإدارية العليا حيث تحدد لنظره جلسة 21 من مارس سنة 1962، وفي هذه الجلسة سمعت الملاحظات على الوجه المبين بالمحاضر وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما يبين من أوراقها تجمل في أن محمد عبد الجواد الشاذلي أقام الدعوى رقم 159 لسنة 15 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم بعريضة أودعها سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 19 من نوفمبر سنة 1960، طالباً فيها الحكم باعتبار أقدميته في الدرجة الخامسة من أول فبراير سنة 1951 وفي الدرجة الرابعة من أول سبتمبر سنة 1957 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات وأتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعواه - أنه حاصل على شهادة العالمية النظامية من الأزهر الشريف سنة 1935. ثم التحق بقسم التخصص القديم (شعبة التوحيد والمنطق) وحصل في عام سنة 1939 على الشهادة التي يمنحها خريجوه، واعتباراً من 18 نوفمبر سنة 1945 التحق بوظائف التدريس بالمدارس الحرة إلى أن تقرر ضمه إلى وزارة التربية والتعليم اعتباراً من ديسمبر سنة 1950 وعلى أثر ذلك طلب تسوية حالته على أساس ضم مدة اشتغاله في التعليم الحر مما يترتب على ذلك من آثار، وبعد مدة صدر قرار ضم المدة السابقة ولكنه لم يتضمن إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة السادسة إلى التاريخ الذي كان يجب أن يرجع إليه وهو 18 من نوفمبر سنة 1945 مما ترتب عليه عدم ترقيته إلى الدرجة الخامسة إلا سنة 1952 - وعندما صدر قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 متضمناً النص في المادة السابعة على حساب مدة الدراسة في قسم التخصص في أقدمية الدرجة السادسة لم تطبقه الوزارة على المدعي مع أنها طبقته على جميع الحاصلين على إجازة تخصص التدريس من كليات الأزهر - وقد علم المدعي أخيراً أن زملاءه المساوين له في أقدمية الدرجة السادسة رقوا إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من فبراير سنة 1951 وإلى الدرجة الرابعة اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1957 بينما لم يرق هو إليها اعتباراً من 4 من أغسطس سنة 1960 - وأضاف المدعي أن الفقرة الثانية غير مقصورة على حساب مدة التخصص في الأزهر دون تخصص آخر غيره في الأزهر، ومن ثم فلا وجه لحرمان المدعي من ضم المدة التي قضاها في قسم التخصص القديم وهي ثلاث سنوات إلى أقدميته في الدرجة السادسة لترجع إلى 18 من نوفمبر سنة 1942، ويكون من حقه بالتالي إرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى أول فبراير سنة 1951 تاريخ ترقية زملائه إلى هذه الدرجة، وفي الدرجة الرابعة إلى أول سبتمبر سنة 1957 تاريخ ترقية المساوين له في الأقدمية إليها، وعندما علم المدعي بالترقيات المذكورة تقدم للوزارة بتظلم إداري في 27 من يوليو سنة 1960 ولم ترد عليه الوزارة حتى تاريخ رفع الدعوى.
ردت الوزارة على الدعوى بمذكرة تضمنت دفعاً شكلياً مؤداه أنه ولئن كان القرار الصادر في أول فبراير سنة 1951 بالترقية إلى الدرجة الخامسة الفنية لم ينشر حيث لم يكن معمولاً بنظام النشر حين صدوره إلا أن القرار الصادر في 24 من أكتوبر سنة 1957 بالترقية إلى الدرجة الرابعة الفنية العالية اعتباراً من 31 أغسطس سنة 1957 المطعون فيه نشر في 16 من أكتوبر سنة 1957، وعلى ذلك كان على المدعي أن يتظلم منه في بحر مدة تنتهي في 15 من يناير سنة 1958، إلا أنه لم يتظلم منه إلا في 27 من يوليو سنة 1960 أي بعد فوات أكثر من ستين يوماً من تاريخ علمه به، ومن ثم تكون الدعوى في شرطها الخاص بالطعن بالإلغاء على قرار الترقية للدرجة الرابعة غير مقبولة شكلاً وأضافت الوزارة من ناحية الموضوع أن الفقرة الثانية من المادة (7) من قانون المعادلات لا تنطبق على حالة المدعي إذ أنها مقصورة على حساب مدد التخصص في الأزهر للحاصلين على الشهادة العالمية، والمدعي حاصل على شهادة العالمية النظامية وفيما يتعلق بالدرجة الخامسة فلا حق للمدعي في الترقية إليها في أول فبراير سنة 1951 إذ أن هذه الحركة كانت مقصورة على موظفي التعليم الأميري، ولا دخل لموظفي التعليم الحر بها ومنهم المدعي إذ خصص لكل موظفي التعليم الأميري وموظفي التعليم الحر درجات خاصة في ميزانية 51/ 52، أما فيما يختص بالدرجة الرابعة فقد قضت قواعد حركة 31 من يوليو سنة 1957 بترقية كل من ترجع أقدميته في الدرجة السادسة إلى 17 من أكتوبر سنة 1942 وفي الخامسة إلى أول أكتوبر سنة 1951 فلم يدركه الدور وانتهت الوزارة إلى طلب الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفضها.
تقدم المدعي بمذكرة شارحة ذكر فيها أن النقطة القانونية التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى، تنحصر فيما إذا كان حكم المادة (7) من قانون المعادلات ينسحب على شهادة التخصص القديم التي حصل عليها المدعي سنة 1939 بعد دراسة ثلاث سنوات من حصوله على شهادة العالمية النظامية، فتحسب له المدة المذكورة في أقدمية الدرجة السادسة أسوة بالحالة المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة السابعة المشار إليها، وأردف المدعي قائلاً، أن القياس في تطبيق أحكام قانون المعادلات مسلم، ويجب أن يكون كذلك لأن كثيراً من الشهادات الدراسية زالت نظمها وبعض الحاصلين عليها لا يزالون في خدمة الحكومة وقد غاب الكثير منها عن لجنة المعادلات الدراسية، ومن ثم فلا محيص لمواجهة الأمر الواقع من أعمال القياس، وقياس مؤهل المدعي على المؤهلات المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة السابعة لا يثير أية صعوبة فالمدعي حاصل على شهادة العالمية النظامية وهي الشهادة التي حلت محلها الشهادة العالمية من أحدى كليات الأزهر، ومعروف أن شهادة العالمية أغزر مادة وأكثر رسوخاً، فعلى أسوأ الفروض تعتبر شهادة العالمية معادلة للشهادة العالمية، وإذ حصل المدعي على شهادة التخصص بعد دراسة استمرت ثلاث سنوات، وكان قانون المعادلات قد نص على أن تحسب في أقدمية الدرجة السادسة المدة التي يقضيها الحاصلون على الشهادة العالية من كليات الأزهر للحصول على إجازة التخصص، لأن نظام التخصص القديم عند وضع هذا النص كان قد زال - فإن هذا الحكم لا شك في وجوب تطبيقه على الحاصل على شهادة العالمية النظامية الذي التحق بقسم التخصص القديم، وأنه متى كان الأمر كذلك فإن تخطي المدعي في الدرجتين الخامسة والرابعة يكون في غير محله، وتكون الدعوى قائمة على سند من القانون.
وبجلسة 2 من مايو سنة 1963 حكمت محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وفي الموضوع برد أقديمة المدعي في الدرجة الخامسة إلى أول فبراير سنة 1951، وفي الدرجة الرابعة إلى أول سبتمبر سنة 1957 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات ومبلغ 400 قرش أتعاب محاماة - وأقامت قضاؤها من حيث الشكل على أن المدعي يهدف من دعواه إلى الحكم بأحقيته في حساب المدة التي قضاها في قسم التخصص القديم وهي ثلاث سنوات إلى أقدمية الدرجة السادسة لترجع إلى 18 من نوفمبر سنة 1942 بالتطبيق لأحكام المادة (7) من قانون المعادلات الدراسية مع ما يترتب على ذلك من آثار من أحقيته في إرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى أول فبراير سنة 1951، وفي الدرجة الرابعة إلى أول سبتمبر سنة 1957، ومن ثم فإن وضع المدعي القانوني لم يكن إلا بالفصل في أحقيته في حساب أقدميته في الدرجة السادسة وحساب المدة التي قضاها في قسم التخصص القديم وأنه لما كان قرار الترقية إلى الدرجة الخامسة لم ينشر ولم يثبت علم المدعي بالطريق الذي رسمه القانون، فهو إذ تظلم في 27 من يوليو سنة 1960 ثم أقام دعواه في 19 من نوفمبر سنة 1960 فإن الدعوى على هذا الوضع تكون مقبولة شكلاً - وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للموضوع بأن المشرع قرر إلغاء شهادة العالمية النظامية بالأزهر، وذلك بإنشاء ثلاث كليات هي كلية الشريعة وكلية أصول الدين وكلية اللغة العربية، وأطلق على المؤهل الذي يمنح من هذه الكليات اسم الشهادة العالية ومن ثم فإن الشهادة العالية مساوية للشهادة العالمية النظامية من حيث القيمة العلمية، وأنه يعزز هذا ما جاء بكتاب ديوان الموظفين المودع بجلسة 22 من نوفمبر سنة 1962 الذي ورد به أن الأزهر أفاد بأن الشهادة العالية المنصوص عليها في المادة (7) من قانون المعادلات الدراسية جاءت بعد إلغاء نظام شهادتي العالمية النظامية والمؤقتة وهما تسميتان لمؤهل مقوماته واحدة ويمكن سريان حكم المادة المذكورة على إجازة التخصص المسبوقة بالشهادتين الملغاتين وانتهت من ذلك المحكمة إلى أحقية المدعي في حساب المدة التي قضاها في قسم التخصص القديم إلى أقدميته في الدرجة السادسة لتصبح راجعة إلى 18 من نوفمبر سنة 1942 وتبعاً لذلك كان يتعين ترقيته إلى الدرجة الخامسة من أول فبراير سنة 1951 حيث التحق بخدمة الوزارة في ديسمبر سنة 1950، وأنه لما كانت قواعد الترقية الصادر بها القرار المؤرخ في 31 من أغسطس سنة 1957 قضت بأن يرقى إلى هذه الدرجة من ترجع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى أول أكتوبر سنة 1951 وهذا الشرط يتوافر في حق المدعي على الوجه السابق، فإن تخطيه في الدرجة الرابعة بالقرار المطعون فيه يكون قد خالف القانون، وأنه بالنظر إلى أن المدعي قد رقى إلى الدرجة الخامسة بالفعل في أول فبراير سنة 1952 وإلى الدرجة الرابعة في أول أغسطس سنة 1960 فإن مصلحته تتحقق بإرجاع أقدميته في الدرجة إلى أول سبتمبر سنة 1957، وهو ما يتعين الحكم به للمدعي مع ما يترتب على ذلك من آثار وانتهت إلى حكمها سالف الذكر.
فأقامت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد وزير التربية والتعليم طعناً في هذا الحكم بعريضة أودعت سكرتارية المحكمة الإدارية العليا في أول يوليو سنة 1963، وقد طلبت في هذه العريضة قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض دعوى المدعي وإلزامه بالمصروفات وأتعاب المحاماة - وقالت شرحاً لأوجه الطعن أن المدعي حصل على شهادة العالمية النظامية سنة 1935 والتحق بقسم التخصص القديم وحصل على شهادته سنة 1939، واعتباراً من 18 من نوفمبر سنة 1945، عمل المدعي بالتدريس بالمدارس الحرة إلى أن تقرر ضمه إلى وزارة التربية فعين بالدرجة السادسة، وصدر قرار برد أقدميته في هذه الدرجة إلى 18 من نوفمبر سنة 1945، وأضافت الطاعنة بأنه لا يفيد من حكم المادة السابعة من قانون المعادلات الدراسية إلا الحاصلون على شهادة العالمية من كليات الأزهر دون غيرهم، والثابت أن المطعون ضده غير حاصل على هذه الشهادة إذ أنه حاصل على شهادة العالمية النظامية القديمة وهي شهادة تختلف في نظام الدراسة المقرر لها وفي المادة اللازمة للحصول على المؤهل عن شهادة العالمية الحديثة الوارد ذكرها بالنص، وقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ قضى بأحقية المطعون ضده في ضم مدة خدمته السابقة على أساس تساوي كل من الشهادتين بمقولة أن خريجي كل منهما يمنح الدرجة السادسة عند التعيين إذ فضلاً عن أنه من المقرر أنه إذا كان النص مخصصاً بحالة بعينها فلا يجوز تطبيقه على حالات أخرى لم ترد به بطريق القياس هذا إلى اختلاف كل من الشهادتين في المناهج والمدة المقررة للدراسة فيهما بحيث يتعذر معه إجراء المساواة بينهما - وأنه بفرض انطباق الفقرة السابقة على حالة المطعون ضده، فلا يجوز له الطعن في قرارات الترقية الصادرة سنة 1951 وفقاً لنص المادة الثانية من قانون المعادلات الدراسية ولا يجوز تبعاً لذلك تعديل أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة إلى أول سبتمبر سنة 1957 لانهيار الأساس الذي بني عليه الطلب وهو استحالة تعديل أقدميته في الدرجة الخامسة وهي الأقدمية التي توضع في الاعتبار عند الترقية إلى الدرجة الرابعة هذا فضلاً عن أن حركة الترقيات إلى الدرجة الخامسة كانت خاصة بموظفي التعليم الأميري وعلى الدرجات المخصصة لهم وحدهم في الميزانية ولم يكن يتنازعهم فيها موظفو التعليم الحر المضمومين إلى الوزارة لأن الميزانية تضمنت درجات خاصة بهم منفصلة عن درجات موظفي التعليم العام ومن ثم لم يكن للمطعون ضده وقت صدور قرار الترقية في أول نوفمبر سنة 1951 أصل حق في أن يتزاحم في الترشيح للترقية إلى الدرجة الخامسة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً استعرضت فيه حالة المدعي الوظيفية فقالت أن المطعون ضده حصل على شهادة العالمية النظامية القديمة، ثم التحق بقسم التخصص القديم (شعبة التوحيد والمنطق وحصل على الشهادة التي تمنح لخريجيه سنة 1939، وفي 18 من نوفمبر سنة 1945 التحق المطعون ضده بوظائف التدريس بالمدارس الحرة، وتنفيذاً لقرار مجلس الوزراء في 25 من فبراير سنة 1951 بضم موظفي المدارس لخدمة وزارة المعارف اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1950 صدر الإذن بضم المطعون ضده لخدمة الوزارة وعين بالدرجة السادسة الفنية العالية، ثم صدر قرار بإرجاع أقدميته في الدرجة السادسة إلى 18 من نوفمبر سنة 1945، تاريخ عمله بالمدارس الحرة وأردفت الهيئة إلى أن الطعن يقوم على أساس عدم انطباق المادة (7) من القانون رقم 371 لسنة 1953 المشار إليه على حالة المدعي، وأنه بفرض انطباقها فلا يخوله ذلك الطعن في قرارات الترقية إلى الدرجة الخامسة وفقاً للمادة (8) من هذا القانون - ثم عقبت الهيئة المذكورة على ذلك، بأنه ولئن كان الجدول المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 قد خلا من تقدير العالمية النظامية والعالمية مع الإجازة، والعالمية مع التخصص، والعالمية من درجة أستاذ - وهي شهادات قدرت بقرار خاص من مجلس الوزراء في 29 من أغسطس سنة 1944، فليس معنى ذلك أن التقدير السابق لتلك الشهادة قد سقط بعدم وروده في قانون المعادلات، وأنه يترتب على ذلك حرمان أصحاب هذه المؤهلات من تقدير شهاداتهم مع توافر الشروط الإلزامية للإفادة من قانون المعادلات في حقهم، ذلك أن التقدير السابق لهذه المؤهلات لا زال قائماً، ولم يقصد قانون المعادلات إلى إهدار قواعد الإنصاف، فهو أبقى على التقدير القديم للمؤهلات سالفة الذكر لأنه وجدها مناسبة، ولم ير محلاً لإعادة تقديرها وأضافت الهيئة أنه بناءً على ذلك أنه وقد توافر في المطعون ضده الشروط الواردة في قانون المعادلات، فإن من حقه أن يفيد من أحكام المادة (7) من هذا القانون بحساب مدة الدراسة اللازمة للحصول على إجازة التخصص القديمة وقدرها ثلاث سنوات في أقدمية الدرجة السادسة بحيث ترد هذه الأقدمية إلى 18 من نوفمبر سنة 1942 بدلاً من 18 نوفمبر سنة 1945 إلا أنه طبقاً للمادة (8) من هذا القانون لا يجوز له استناداً إلى هذه الأقدمية للطعن على قرار الترقية إلى الدرجة الخامسة الصادر في أول فبراير سنة 1951، وتبعاً لذلك لا يجوز له الطعن في قرار الترقية إلى الدرجة الرابعة الصادر في 24 من أكتوبر سنة 1957.
ومن حيث إنه بالنسبة للدفع المبدي بعدم قبول الدعوى شكلاً، فإن ما ذهبت إليه محكمة القضاء الإداري في هذا الصدد سليم للأسباب التي بني عليها، والتي تأخذ بها هذه المحكمة، فمن ثم يتعين الحكم بقبول الدعوى شكلاً.
ومن حيث إنه بالنسبة للموضوع، فإن الطعن يقوم أساساً على أنه لا يفيد من حكم المادة (7) من القانون رقم 371 لسنة 1951 المشار إليه إلا الحاصلون على الشهادة العالمية من كليات الأزهر، في حين أن المطعون ضده غير حاصل على هذه الشهادة إذ أن مؤهله هو العالمية النظامية القديمة، وهي شهادة تختلف في نظام الدراسة المقرر لها، وفي المدة اللازمة للحصول على المؤهل وأنه حتى بفرض انطباق هذه المادة فلا يجوز للمدعي الطعن في قرار الترقية إلى الدرجة الخامسة، فالرابعة تبعاً لذلك تطبيقاً لنص المادة (8) من القانون سالف الذكر.
ومن حيث إن المادة (7) من القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية تنص على أنه "تعتبر مدة الدراسة المقررة في معهد التربية العالي في أقدمية الدرجة السادسة بالنسبة لمن يعين من خريجيه الحاصلين قبل دخوله على مؤهلات عالية أو شهادات جامعية في وظائف التدريس بوزارة المعارف العمومية... ويسري نفس الحكم على مدة الدراسة اللازمة للحصول على إجازة التخصص بالنسبة إلى حملة الشهادة العالية من كليات الأزهر الذين يعينون في وظائف التدريس بالدرجة السادسة بوزارة المعارف العمومية".
وجاء في الجدول المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 سالف الذكر أن حامل الشهادة العالية للكليات الثلاث بالأزهر - "لغة عربية. شريعة أصول الدين" - يعتبر في السادسة بمرتب 10.5 ج، وفي السادسة بمرتب 12 ج لمن عين في وظائف فينة وفقاً للمادة (117) من القانون رقم 26 لسنة 1936 أو عين في وظائف التدريس في وزارة المعارف.
ومن حيث إن النظام في الأزهر بالنسبة للشهادات الأزهرية المختلفة ونظم الدراسة حسبما سبق لهذه المحكمة أن استظهرته - كان يسير على قانون صدر سنة 1908 وقد قسم الشهادات في الأزهر إلى ثلاثة أقسام - أعلاها الشهادة العالمية وجعل مدة التعليم اثنتي عشرة سنة فمن أتمها وأدى الامتحان المقرر لشهادة العالمية بنجاح منح شهادة تسمى العالمية، والحاصل عليها يكون أهلاً للتدريس والتعيين في وظائف الإمامة، ومن حصل عليها من الدرجة الأولى والثانية وكان حنفي المذهب كان أهلاً لتولي وظائف القضاء والإفتاء وسار الأزهر على هذا القانون حتى صدر القانون رقم 10 لسنة 1911 فجعل من أمضى أربع سنوات وحصل على الشهادة الأولية بالقانون السابق له الحق أن يدرج ضمن طلبة القسم الثانوي، كما جعل من يحصل على الشهادة الثانوية الحق في أن يدرج ضمن طلبة القسم العالي والذي يمضي أربع سنوات في القسم العالي ثم ينجح في امتحان السنة الأخيرة يعطى شهادة تسمى "العالمية النظامية" والحاصل عليها يكون أهلاً للتدريس وتولى وظائف القضاء والإفتاء إذا كان حنفي المذهب، والامتحان في شهادة العالمية النظامية يكون تحريرياً في جميع مواد السنة الرابعة بالقسم العالي، وشفوياً في علوم الفقه، والأصول وعلوم البلاغة، كما أجاز القانون رقم 10 لسنة 1911 المشار إليه لمن أمضى اثنتي عشرة سنة منتسباً أو مستمعاً أن يتقدم لامتحان العالمية المؤقتة ولم لم يحصل على الشهادة الثانوية ويكون الامتحان فيها شفوياً في جميع العلوم - ثم صدر القانون رقم 32 لسنة 1923 بإنشاء قسم بالأزهر يدخله الطالب بعد نيل شهادة العالمية، للتخصص في نوع من الفروع الدينية أو اللغوية وجعلت مدة الدراسة فيه أربع سنوات، ثم عدلت في 11 من مارس سنة 1925 إلى ثلاث سنوات، والحاصل على الشهادة من هذا القسم يكون أهلاً لما تؤهل له شهادة العالمية السابقة، ويقدمون على غيرهم في وظائف التدريس وفي الانتخاب لجماعة كبار العلماء وتصدر شهادته ببراءة ملكية - وهذه القوانين ألغيت بصدور القانون رقم 49 لسنة 1930 الذي نظم الدراسة في الأزهر بعد الحصول على الشهادة الثانوية إلى كليات، ثم عدل هذا القانون بالقانون رقم 26 لسنة 1936 وقد جعل هذا القانون والقانون الذي قبله للطلبة الذين كانوا مقيدين في القسم العالي وقت صدور هذا القانون الحق في التقدم لشهادتين العالمية النظامية والمؤقتة بقوانين استثنائية متتالية آخرها القانون رقم 3 لسنة 1952 الذي ينتهي سنة 1954، فلم يعد في الأزهر الآن الحق لطالب في التقدم لشهادتي العالمية النظامية أو المؤقتة، وأصبح امتحان شهادة العالمية لا وجود له من الناحية القانونية - والقانون رقم 26 لسنة 1936 الذي يسير عليه الأزهر (قبل تعديله الأخير بالقانون رقم 903 لسنة 1961) نظم الدراسة بعد الشهادة الثانوية إلى كليات هي كلية الشريعة، كلية أصول الدين، كلية اللغة العربية، والذي ينجح في جميع سنوات الكلية التي يلتحق بها يمنح شهادة تسمى العالية ويلتحق الطالب بعد حصوله على الشهادة العالية بقسم الإجازة، على أن يلتحق الحاصل على الشهادة العالية من كلية الشرعية بقسم إجازة القضاء الشرعي، أو قسم إجازة التدريس ويلتحق الحاصل على الشهادة العالية من كلية أصول الدين بقسم إجازة الدعوة والإرشاد أو بقسم إجازة التدريس ومدة الدراسة في كل من هذه الأقسام سنتان، ويلتحق الحاصل على الشهادة العالية من كلية اللغة العربية بقسم إجازة التدريس فقط ومدة الدراسة سنة واحدة، ويحصل بعد ذلك الطالب على إجازة القضاء أو الوعظ أو التدريس، والمواد التي تدرس ويمتحن فيها الطلب في العالمية النظامية أو المؤقتة والتي تدرس ويمتحن فيها الطالب للحصول على الشهادات العالية جميعها متقاربة لا تفاوت فيها إلا في الكتب فمثلاً الموضوع الواحد يدرس في شهادة العالمية بكتاب والشهادة العالمية بكتاب آخر والمدة واحدة - كما أن للحاصل على الشهادة العالية من أية كلية أن يتقدم لامتحان شهادة العالمية من درجة أستاذ، ومدة الدراسة لهذه الشهادة لا يقل عن أربع سنوات وسنة للرسالة ويؤدي الطالب في نهاية المدة الامتحان فيما تخصص فيه، وعلى الناجح في هذا الامتحان أن يتقدم برسالة ذات صلة بالمواد التي تخصص فيها بطريق المناقشة العلنية، فإذا نجح أعطى شهادة تسمى شهادة العالمية من درجة أستاذ - وقد قدرت قواعد الإنصاف لشهادة العالمية المؤقتة 10.5 ج في الدرجة السادسة، وللشهادة العالية 10.5 ج في الدرجة السادسة، والشهادة العالمية النظامية 12 ج في الدرجة السادسة، ولشهادة العالمية مع الإجازة (للقضاء أو التدريس أو الوعظ) للمتخرجين من كليات الشريعة واللغة العربية وأصول الدين 15 ج في الدرجة السادسة، والشهادة العالمية من درجة أستاذ 18 ج في الدرجة السادسة أيضاً، كل ذلك للمعينين في وظائف التدريس بالأزهر وفي وزارة المعارف، وقدر قانون المعادلات الدراسية الشهادة العالية للكليات الثلاث: لغة عربية - شريعة - أصول دين - 10.5 ج في الدرجة السادسة 12 ج لمن عين في وظائف فنية وفقاً للمادة (117) من القانون رقم 26 لسنة 1936 أن عين في وظائف التدريس في وزارة المعارف، كما نص في الجدول المرافق بقانون المعادلات الدراسية على أن الحاصل على شهادة التخصص في الوعظ والإرشاد القديمة (وقف المنشاوي) يعامل معاملة العالمية مع إجازة الوعظ والإرشاد - دون أن يبين الدرجة والمرتب المقررين للحاصل على العالمية مع إجازة الوعظ والإرشاد.
كما سبق لهذه المحكمة أن تبينت من الاطلاع على محضر الاجتماع الثامن للجنة المعادلات المنعقدة في 17 من فبراير سنة 1952 بحضور وكيل إدارة الامتحانات بالأزهر أن سيادته شرح نظم وأنواع الدراسة في الأزهر بما لا يخرج عما سبق إيضاحه، وزاد عليها أن الشهادة العالية للكليات الثلاثة، لا تعتبر إجازة تخصص "مهني" فلا تجيز شهادة كلية الشريعة لحاملها أن يعين قاضياً أو موظفاً قضائياً، وتجيز شهادة كلية أصول الدين لحاملها أن يعين واعظاً، ولا تجيز شهادة كلية اللغة العربية لحاملها أن يعين مدرساً، بل يعين الجميع موظفين كتابيين - وأن كانت وزارة المعارف، نظر لأزمة المعلمين في العهد الأخير قد عينت بعضهم مدرسين بها - أما العالمية مع الإجازة في تؤهل للأعمال المهنية فمقتضاها القديمة (وهي الموقوف عليها وقف أحمد المنشاوي) فأيد حضرته تقدير مثلاً يحق لحامل العالمية مع إجازة التدريس أن يعين مدرساً.... ثم ورد بمحضر الاجتماع سالف الذكر ما يأتي "وقد أخذ رأي وكيل إدارة الامتحانات بالأزهر في تقدير شهادة التخصص في الوعظ والإرشاد الأزهر لها بأنها موازية للعالمية مع إجازة الوعظ والإرشاد" إزاء هذه البيانات رأت اللجنة أن الذي تم فيما سبق من إنصافات للشهادات الأزهرية معقول ومناسب، ورأت ألا محل للشكوى من خريجي الكليات الثلاث من تقدير مؤهلاتهم في الإنصاف على أساس الدرجة السادسة بماهية 10.5 ج لأن هذه الشهادات لم يعترف بها كمؤهل مهني خاص، كما أيد تقدير العالمية المؤقتة على أساس 10.5 ج شهرياً في الدرجة السادسة، أما شهادة العالمية النظامية فقد اعتمدت اللجنة تقديرها أيضاً على أساس الدرجة السادسة 13 ج شهرياً، وفيما يتعلق بتقدير العالمية مع الإجازة بأنواعها وافقت اللجنة على الاكتفاء بما يتم لها من تقدير وهو 15 ج شهرياً في الدرجة السادسة، وبالمثل اعتمدت اللجنة تقدير العالمية مع التخصص القديم 17 ج شهرياً في الدرجة السادسة، وكذلك الحال بالنسبة للعالمية من درجة أستاذ حيث قدر لها 18 ج شهرياً في الدرجة السادسة.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن قواعد الإنصاف الصادر بها قرارات مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944، 29 من أغسطس سنة 1944 بما تضمنه من تقدير للمؤهلات الواردة فيها - لم تلغ بصدور القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية إذ لم ينص هذا القانون صراحة إلا على إلغاء قرارات معينة هي الصادرة في 8 من أكتوبر سنة 1950 وأول يوليو، 2، 9 من ديسمبر سنة 1951، كما سبق لها أن قضت بأن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية إنما يستهدف إنصاف طوائف معينة من الموظفين لم تدركهم القواعد السابقة بالإنصاف سواء في ذلك من عينوا بعد 9 من ديسمبر سنة 1944 في درجات تقل عن الدرجات المقررة لمؤهلاتهم، أو من حصلوا على مؤهلاتهم أثناء الخدمة فلم يمنحوا الدرجات المقررة لها، أو من أغفل تقدير مؤهلاتهم إغفالاً تاماً، أو قدرت لمؤهلاتهم درجات أو رواتب دون قيمتها، وكذلك من قعدوا فعلاً عن اتخاذ إجراءات التقاضي لتسوية حالتهم، على أن يكون ذلك الإنصاف مشروطاً بتوافر الشروط التي نصت عليها المادة الثانية من هذا القانون - كل ذلك ابتغاء إجراء المساواة بين جميع الموظفين المؤهلين، بحيث يفيد من أحكام القانون المشار إليه كل من لم تسعفه القرارات السابقة بإنصافها على التفصيل السابق إيراده.
يبين من الاطلاع على الجدول المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 أنه قد خلا من تقدير لشهادة العالمية المؤقتة والعالمية النظامية والعالمية مع الإجازة والعالمية مع التخصص والعالمية من درجة أستاذ وهي شهادات قدرت بقرار خاص من مجلس الوزراء صدر في 9 من أغسطس سنة 1944 وأنه ليس معنى ذلك أن التقدير السابق لتلك المؤهلات قد سقط بعدم وروده في قانون المعادلات رقم 371 لسنة 1953 وأنه يترتب على ذلك حرمان أصحاب هذه المؤهلات من تقويم شهاداتهم رغم توافر الشروط الموجبة لإفادتهم من قانون المعادلات ذلك أن التقدير السابق لا زال قائماً، ولم يقصد قانون المعادلات إلى إهدار قواعد الإنصاف بل على العكس من ذلك ما صدر إلا لإفادة من لم يفد من قواعد الإنصاف من المعينين في الخدمة بعد 9 من ديسمبر سنة 1944 إلى أول يوليو سنة 1953، فهو قد أبقى على التقدير القديم للمؤهلات الأزهرية سالفة الذكر لأنه وجدها مناسبة وآية ذلك ما ورد في محضر الاجتماع الثامن عشر للجنة المعادلات المؤرخ في 17 من فبراير سنة 1953 حسبما سلف الإيضاح.
ومن حيث إنه بخلص مما سلف بيانه:
(1) إن مؤهل العالمية النظامية، أعترف به كمؤهل مهني خاص يخول حامله الاشتغال بمهنة التدريس، وقدر له طبقاً لقواعد الإنصاف مبلغ 12 ج أثنى عشر جنيهاً في الدرجة السادسة، كما قدر بموجب هذه القواعد للعالمية مع التخصص القديم والتي يحصل عليها حامل العالمية النظامية بعد دراسة مدتها ثلاث سنوات بمرتب قدره 17 ج الدرجة السادسة، ومن ثم فإن هذين المؤهلين لا يقلان في مستواهما الفني على الشهادة العالمية، أو العالمية مع الإجازة، ذلك أنه وفق ما سلف إيضاحه لا تعتبر الشهادة العالمية وحدها كافية كمؤهل مهني خاص، وهي لا تعتبر كذلك إلا بعد الحصول على الإجازة وقد قدر لها مرتب قدره 10.5 ج في الدرجة السادسة، 12 ج إذا عمل حاملها بالتدريس، كما قدر لحاملها مع الإجازة مرتب قدره خمسة عشر جنيهاً، وأنه متى كان الأمر كذلك، وانتهت هذه المحكمة على النحو السالف بيانه إلى أنه ولئن ورد الجدول المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 المشار إليه خالياً من تقدير العالمية النظامية، وقسم التخصص القديم إلا أن التقدير الوارد عنهما في الإنصاف لازال قائماً، ومن حق أي من حملة هذين المؤهلين أن يقدر مؤهله وفقاً لما انتهت إليه هذه القواعد، كما أن من حقه أن يفيد من أحكام قانون المعادلات الدراسية إذا توافرت في حقه الشروط المقررة بهذا القانون.
وإذ كان هذا القانون الأخير قد تضمن في مادته السابعة نصاً مقتضاه حساب المدة اللازمة للحصول على إجازة التخصص بالنسبة إلى حملة الشهادة العالية من كليات الأزهر الذين يعينون في وظائف التدريس، وإذا كان القياس مسلماً به كطريق من طرق التفسير هو إلحاق أمر غير منصوص عليه في حكم منصوص عليه بأمر آخر فيه حكم ونص لتساوي الأمرين في علة الحكم فإن من حق حملة الشهادة العالمية النظامية مع إجازة التخصص القديم اعتباراً بالعلة المشتركة التي بني عليها النص الوارد في قانون المعادلات وحرصاً على التسوية بين حملة المؤهلات المتماثلة أن يفيدوا عن طريق القياس في حكم هذه المادة.
ولما كان المدعي قد عين في الخدمة قبل أول يوليو سنة 1952، كما حصل على مؤهله قبل هذا التاريخ أيضاً، فإن من حقه حساب مدة الدراسة اللازمة للحصول على إجازة التخصص القديم وقدرها ثلاث سنوات في أقدمية الدرجة السادسة، وإذا كانت أقدميته في هذه الدرجة حسبما هو ثابت في تقدير الطعن، وتقدير هيئة مفوضي الدولة راجعة إلى 18 من نوفمبر سنة 1945. فإنه يتعين تعديلها إلى 18 من نوفمبر سنة 1942.
لا يجوز الاستناد إلى الأقدمية الاعتبارية المقررة طبقاً للمادة السابعة من قانون المعادلات للطعن في قرار الترقية إلى الدرجة الخامسة الصادر في أول فبراير سنة 1951، وذلك نزولاً على صريح الحكم الذي تضمنته المادة (الثامنة) من قانون المعادلات الدراسية التي تقضي بأنه لا يجوز الاستناد إلى الأقدمية الاعتبارية أو الدرجة الرجعية التي يرتبها هذا القانون للطعن في القرارات الإدارية الخاصة بالترقيات أو التعيينات أو النقل أو غيرها التي صدرت لحين نفاذ هذا القانون، وما دام قد امتنع على المطعون ضده الحق في رد أقدميته في الدرجة الخامسة إلى أول فبراير سنة 1951 فلا يحق له نتيجة لذلك الطعن في قرار الترقيات إلى الدرجة الرابعة الصادر في 24 من أكتوبر سنة 1957 لتهافت الأساس الذي بني عليه استحقاقه للترقية إلى الدرجة الرابعة بموجب القرار المذكور وهو تعديل أقدميته في الدرجة الخامسة على النحو السالف بيانه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه على خلاف هذا المذهب يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتفسيره فيما قضى به من إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة إلى أول فبراير سنة 1951 وفي الدرجة الرابعة إلى أول سبتمبر سنة 1957
(2) لا يجدي المدعي ما أورده في مذكرته الختامية، من أن عدم جواز الطعن في ترقيات أول فبراير سنة 1951 استناداً إلى ما تقرره المادة (8) مردود عليه بأن حقه في حساب مدة دراسته للحصول على شهادة التخصص في أقدمية الدرجة السادسة مستمد من قواعد الإنصاف وغيرها من القواعد التنظيمية السابقة والتي جاء قانون المعادلات متضمناً لها محدداً آثارها - لا يجدي المدعي هذا الدفاع، إذ أنه فضلاً عن أن ما زعمه جاء مرسلاً مفتقراً إلى سنده القانوني، فإن القاعدة التي تضمنتها المادة السابعة من قانون المعادلات والخاصة بحساب مدة الدراسة في أقدمية الدرجة السادسة لم يرد النص عليها إلا في قانون المعادلات الدراسية، وفي الوقت ذاته حدد المشرع الأثر القانوني لهذه الأقدميات الاعتبارية بغية استقرار الأوضاع الإدارية وعدم زعزعتها، فأورد النص واضحاً صريحاً في المادة الثامنة من القانون المذكور ومقتضاه عدم جواز الاستناد إلى الأقدميات الاعتبارية التي يرتبها هذا القانون للطعن في القرارات الإدارية الخاصة بالترقيات أو التعيينات الصادرة لحين نفاذ القانون المشار إليه.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يتعين قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة إلى أول فبراير سنة 1951 وفي الدرجة الرابعة إلى أول سبتمبر سنة 1957 وبرفض هذين الطلبين، وبأحقية المدعي في رد أقدميته الدرجة السادسة إلى 18 من نوفمبر سنة 1942 بدلاً من 18 من نوفمبر سنة 1945 بالتطبيق لنص المادة (7) من القانون رقم 371 لسنة 1953 المشار إليه، وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين لهذه الأسباب مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة السادسة إلى 18 من نوفمبر سنة 1942 بالتطبيق لقانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 وألزمت المدعي بالمصروفات ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات