أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائي
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 984

جلسة 13 من نوفمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، وطه الصديق دنانة، ومصطفى محمود الاسيوطى.

(205)
الطعن رقم 671 لسنة 43 القضائية

(1) دخان. تبغ. غش. مسئولية جنائية. قصد جنائى. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون".
المادة 2 من القانون 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان. جعلها مجرد إحراز دخان مخلوط أو مغشوش جريمة فى حق الصانع. إنشاؤها نوعاً من المسئولية الافتراضية بتوافر القصد الجنائى لدى الطاعن إذا كان صانعاً إذ القانون يلزمه بواجب الإشراف على ما يصنعه.
إثبات الحكم أخذ عينة الدخان من مصنع المتهم وأن تحليلها أورى أنها مخلوطة بمادة غريبة. قضاؤه بانتفاء القصد الجنائى. خطأ فى القانون.
(2) إثبات. "خبرة". دخان. تبغ. غش. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
ركون المحكمة فى تكوين عقيدتها إلى ما ثبت لها فى شأن تحليل عينة فى دعوى أخرى مع احتمال اختلاف العينتين حجما وصنعا ووقت اخذهما. لا يتفق وأصول الاستدلال. يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
(3) تعويض. جمارك. عقوبة. دخان. تبغ.
التعويض الجمركى عقوبة تكميلية تنطوى على عنصر التعويض وتلازم عقوبة الحبس أو الغرامة. الحكم به لا يكون إلا من محكمة جنائية تفضى به من تلقاء نفسها على المسئولين عن ارتكاب الجريمة دون سواهم. عدم امتداده إلى الورثة أو المسئولين عن الحقوق المدنية.
1 - جرى قضاء محكمة النقض على أن الشارع بالنص فى المادة السابعة من القانون رقم 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان قد جعل مجرد إحراز الدخان المخلوط أو المغشوش جريمة معاقباً عليها فى حق الصانع، فأنشأ نوعاً من المسئولية الافتراضية مبنية على افتراض قانونى بتوافر القصد الجنائى لدى الفاعل إذا كان صانعاً، فلا يستطيع هذا دفع مسئوليته فى حالة ثبوت الغش أو الخلط إذ القانون يلزمه بواجب الإشراف الفعلى على ما يصنعه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن العينة أخذت من مصنع المطعون ضده الأول وأن تحليلها أورى أنها مخلوطه بمادة غريبة هى مادة أكسيد الحديد، فإنه إذ بنى قضاءه على انتفاء القصد الجنائى لديه يكون مخطئاً فى القانون.
2 - إذا كانت محكمة الموضوع قد رأت مما بان لها من الاطلاع على أوراق قضية أخرى مماثلة من حيث نتيجة التحليل أن مادة أكسيد الحديد إنما تدخل فى مكونات الدخان فقد كان عليها أن تستجلى ذلك عن طريق سؤال المختص فنياً فى شأن العينة المأخوذة بالذات من الدخان موضوع التهمة فى الدعوى المماثلة وتستظهر سبب وجود تلك المادة فى الدخان وهل يرجع لفعل إيجابى يسأل الصانع عنه أو أن مرده أمر لا دخل له فيه ولا تأثيم عليه، أما وقد ركنت فى تكوين عقيدتها إلى ما ثبت لها فى شأن تحليل عينة فى دعوى أخرى مع احتمال اختلاف العينتين حجماً وصنعاً ووقت أخذهما، فإن ذلك مما لا يتفق وأصول الاستدلال بما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
3 - لما كان التعويض الذى تطالب به الطاعنة – مصلحة الجمارك - يعتبر - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - عقوبة تكميلية تنطوى على عنصر التعويض وتلازم عقوبة الحبس أو الغرامة التى يحكم بها على الجانى ولا يجوز الحكم بها إلا من محكمة جنائية، والحكم به حتمى تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها على المسئولين عن ارتكاب الجريمة دون سواهم فلا يمتد إلى ورثتهم ولا إلى المسئولين عن الحقوق المدنية، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض الدعوى المدنية قبلهم يكون سليماً بما يضحى الطعن بالنسبة إليهم على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم فى يوم 8 فبراير سنة 1966 بدائرة قسم أول المنصورة: أنتجوا دخاناً غير مطابق للشروط والمواصفات المقررة. وطلبت معاقبتهم بالمواد 1 و2 و3 و6 و7 من القانون رقم 92 لسنة 1964 والقانون رقم 74 لسنة 1933. وادعى مدنيا وزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك طالباً القضاء له قبل المطعون ضدهم متضامنين بمبلغ 7315 جنيهاً على سبيل التعويض. ومحكمة قسم أول المنصورة الجزئية قضت بتاريخ 11 مايو سنة 1971 حضورياً للأول والثانى وحضورياً اعتبارياً للثالث ببراءة المتهمين مما أسند إليهم ورفض الدعوى المدنية. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم كما استأنفه المدعى بالحق المدنى. ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 4 يونيه سنة 1972 بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعى بالحق المدنى المصروفات المدنية الاستئنافية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماه. فطعنت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الخزانة فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتبرئة المطعون ضدهما الأولين، من تهمة إنتاج دخان غير مطابق للشروط والمواصفات المقررة وبرفض الدعوى المدنية قبلهما وقبل باقى المطعون ضدهم - ورثة المتهم الثالث قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه فساد فى الاستدلال، ذلك بأنه أسس قضاءه على عدم علم ذينك المطعون ضدهما حقيقة المادة الغريبة التى أسفر التحليل عن وجودها فى العينة المأخوذه من الدخان موضوع التهمة مع أن القانون جعل مجرد حيازة الدخان المخلوط أو المغشوش جريمة فى ذاته معاقباً عليها فى حق الصانع وأنشأ نوعاً من المسئولية الافتراضية مبنية على افتراض قانونى بتوافر القصد الجنائى لدى الجانى إذا كان صانعاً. هذا إلى أن الحكم عول فى قضائه على ما شهد به الخبير الكيمائى فى قضية أخرى بشأن عينة الدخان المضبوطة بها على الرغم من اختلاف العينتين من حيث الحجم والصنف ووقت أخذ العينة.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على المطعون ضدهما الأولين وعلى مورث باقى المطعون ضدهم بوصف أنهم أنتجوا دخاناً غير مطابق للشروط والمواصفات المقررة. وطلبت عقابهم بأحكام القانونين رقمى 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان و92 لسنة 1964 فى شأن تهريب التبغ، وأن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، بعد أن بين واقعة الدعوى بما مجمله أنه أخذت عينة من دخان جاف مفروم من مصنع المطعون ضده الأول وأنه بإجراء تحليلها تبين خلطها بمادة أكسيد الحديد - برر قضاءه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية بقوله "أن المحكمة أطلعت على الجنحة رقم 2885 سنة 1968 ثان المنصورة وهى مماثلة لهذه الدعوى من حيث نتيجة التحليل، وقد سئل المحلل الكيماوى بجلسة 3/ 5/ 1967 فقرر بأن المادة الغريبة هى أكسيد الحديد، وهى المضافة للدخان المضبوط، وأن الدخان يحتوى على عدة عناصر من بينها عنصر الحديد الذى لا تزيد نسبته عن 1ر%.... وأنه لم يثبت صالح المتهمين فى هذه الإضافة وهل هى على حساب مواد أو عناصر أخرى تدخل فى تركيب الدخان أم إنها أضيفت إلى الدخان لتغير لونه". وانتهى الحكم بذلك إلى نفى القصد الجنائى لدى المطعون ضدهم. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم ينطوى على خطأ فى تطبيق القانون ذلك بأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الشارع بالنص فى المادة السابعة من القانون رقم 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان قد جعل مجرد إحراز الدخان المخلوط أو المغشوش جريمة معاقباً عليها فى حق الصانع، فأنشأ نوعاً من المسئولية الافتراضية مبنية على افتراض قانونى بتوافر القصد الجنائى لدى الفاعل إذا كان صانعاً، فلا يستطيع هذا دفع مسئوليته فى حالة ثبوت الغش أو الخلط إذ القانون يلزمه بواجب الإشراف الفعلى على ما يصنعه. ولما كان الحكم قد أثبت أن العينة أخذت من مصنع المطعون ضده الأول وأن تحليلها أورى أنها مخلوطة بمادة غريبة هى مادة أكسيد الحديد، فإنه إذ بنى قضاءه على انتفاء القصد الجنائى لديهم يكون مخطئاً فى القانون. وإذ كانت محكمة الموضوع قد رأت مما بان لها من الاطلاع على أوراق قضية أخرى مماثلة من حيث نتيجة التحليل أن مادة أكسيد الحديد إنما تدخل فى مكونات الدخان فقد كان عليها أن تستجلى ذلك عن طريق سؤال المختص فنياً فى شأن العينة المأخوذة بالذات من الدخان موضوع التهمة فى الدعوى الماثلة وتستظهر سبب وجود تلك المادة فى الدخان وهل يرجع لفعل إيجابى يسأل الصانع عنه أو أن مرده أمر لا دخل له فيه ولا تأثيم عليه، أما وقد ركنت فى تكوين عقيدتها إلى ما ثبت لها فى شأن تحليل عينة فى دعوى أخرى مع احتمال اختلاف العينتين حجماً وصنعاً ووقت أخذهما فإن ذلك مما لا يتفق وأصول الاستدلال بما يعيب الحكم ويوجب نقضه - فى خصوص الدعوى المدنية - والإحالة بالنسبة إلى المطعون ضدهما الأول والثانى مع إلزامهما المصروفات.
وحيث إنه بالنسبة إلى باقى المطعون ضدهم وهم ورثه ....... الذى توفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الموضوع، فإنه لما كان التعويض الذى تطالب به الطاعنة – مصلحة الجمارك - يعتبر على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة عقوبة تكميلية تنطوى على عنصر التعويض وتلازم عقوبة الحبس أو الغرامة التى يحكم بها على الجانى ولا يجوز الحكم بها إلا من محكمة جنائية، والحكم به حتمى تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها على المسؤولين عن ارتكاب الجريمة دون سواهم فلا يمتد إلى ورثتهم ولا إلى المسئولين عن الحقوق المدنية، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض الدعوى المدنية قبلهم يكون سليما بما يضحى الطعن بالنسبة إليهم على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.