أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 999

جلسة 13 من نوفمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربينى، وإبراهيم أحمد الديوانى، وحسن على المغربى.

(208)
الطعن رقم 948 لسنة 43 القضائية

إثبات. "اعتراف". "بوجه عام". دفوع. "الدفع ببطلان الاعتراف". إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إكراه. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الدفع ببطلان الاعتراف. جوهرى. على المحكمة مناقشته والرد عليه. سواء وقع الإكراه على المتهم المعترف أو على غيره من المتهمين. ما دام الحكم عول على هذا الاعتراف فى الإدانة.
قعود الحكم عن تحقيق دفع المتهمين بأن اعتراف بعضهم كان نتيجة اكراه أدبى تمثل فى مباشرة التحقيق بالمباحث العامة، وإكراه مادى. قصور يعيب الحكم. لا يغنى عنه ما ذكره الحكم من أدلة أخرى.
من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف هو دفع جوهرى يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه ردا سائغا يستوى فى ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذى وقع عليه الإكراه أو يكون قد وقع على غيره من المتهمين ما دام الحكم قد عول فى قضائه بالإدانة على هذا الاعتراف، وأن الاعتراف الذى يعتد به يجب أن يكون اختيارياً، ولا يعتبر كذلك - ولو كان صادقاً - إذا حصل تحت تأثير الإكراه أو التهديد أو الخوف الناشئين عن أمر غير مشروع كائناً ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، ومن ثم فإنه كان يتعين على المحكمة وقد دفع (الطاعنون الثلاثة) أمامها بأن اعتراف الطاعنين الثانى والثالث كان نتيجة إكراه أدبى تعرضاً له من التحقيق معهما فى دار المباحث العامة، وإكراه مادى تمثل فيما أصابهما من الأذى الذى قدما عليه الدليل من وجود إصابات بهما - أن تتولى هى تحقيق دفاعهما وتبحث هذا الإكراه وسببه وعلاقته بأقوالهما، فإن هى نكلت عن ذلك واكتفت بقولها أنه لم يقع ثمة إكراه على الطاعن الأول وبأن إصابات الطاعن الثانى من التفاهة بحيث لا تدعوه للاعتراف وبأن إصابات الطاعن الثالث قد تنجم من احتكاكه بالأرض، كل ذلك دون أن تعرض للصلة بين الإصابات وبين الاعترافات التى عولت عليها، فإن حكمها يكون قاصراً متعيناً نقضه، ولا يغنى فى ذلك ما ذكرته المحكمة من أدلة أخرى، إذ أن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان لهذا الدليل الباطل فى الرأى الذى انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وأخرى بأنهم فى ليلة 28 سبتمبر سنة 1970 بدائرة مركز زفتى محافظة الغربية: قتلوا عمداً مع سبق الاصرار .... وكان ذلك بأن عقدوا العزم على قتله واستدرجه المتهم الثالث إلى منزل المتهمة الرابعة حيث قام الثلاثة الأول بالإطباق على عنقه وفمه بقصد قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته باسفكسيا الخنق. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للمادتين 230 و231 من قانون العقوبات. فقرر ذلك بتاريخ 22 مايو سنة 1970. وادعى ...... مدنيا عن نفسه وبصفته وصيا على أولاد المجنى عليه قبل المتهمين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات طنطا قضت فى الدعوى حضورياً بتاريخ 19 من أبريل سنة 1973 عملاً بمادتى الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات، (أولاً) بمعاقبة كل من المتهمين الثلاثة الأول بالأشغال الشاقة مدة خمس عشرة سنة وإلزامهم متضامنين أن يدفعوا للمدعى بالحقوق المدنية قرشا صاغا واحدا على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف المدنية. (ثانياً) ببراءة المتهمة الرابعة مما أسند إليها ورفض الدعوى المدنية المقامة ضدها. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة القتل العمد مع سبق الاصرار قد شابه قصور فى التسبيب، ذلك بأنهم دفعوا بأن الاعتراف المعزو إلى الطاعنين الثانى والثالث فى التحقيقات والذى دانهم الحكم استناداً إليه قد صدر وليد إكراه وقع عليهما من رجال الشرطة وتخلف لديهما من جرائه إصابات أوردتها التحقيقات وأثبتها الحكم غير أنه لم يعن بتحقيق هذا الدفع الجوهرى وأطرحه بما لا يسوغ ذلك.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول شأنه فى ذلك شأن المدافع عن الطاعنين الثانى والثالث دفع ببطلان الاعتراف المنسوب إلى الأخيرين لصدوره تحت تأثير إكراه مادى وقع عليهما من رجال الشرطة واستدل على ذلك بما تخلف لديهما من جرائه من إصابات أثبتتها التقارير الطبية الشرعية، هذا فضلاً عن الإكراه الأدبى الذى تعرضا له والذى يتمثل فى إجراء التحقيق معهما فى مبنى المباحث العامة. وأصدرت المحكمة حكمها بعد ذلك فى الدعوى مستندة فيما استندت إليه إلى اعتراف هذين الطاعنين فى التحقيقات وردت على هذا الدفاع بأن الطاعن الأول لم يدل بثمة اعتراف يمكن إرجاعه إلى تعرضه لتعذيب ما، وبأن السحجات الظفرية التى وجدت بجسم الطاعن الثانى من التفاهة بحيث لا يمكن أن تحمله على الاعتراف، كما أن ما أثبته الكشف الطبى من وجود سحجات ظفرية بساعد الطاعن الثالث وبأعلا ساقه يجوز حدوثها من الاحتكاك بجسم صلب كالأرض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف هو دفع جوهرى يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه ردا سائغا يستوى فى ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذى وقع عليه الإكراه أو يكون قد وقع على غيره من المتهمين ما دام الحكم قد عول فى قضائه بالإدانة على هذا الاعتراف، وأن الاعتراف الذى يعتد به يجب أن يكون اختيارياً، ولا يعتبر كذلك - ولو كان صادقاً - إذا حصل تحت تأثير الإكراه أو التهديد أو الخوف الناشئين عن أمر غير مشروع كائنا ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الإكراه، فكان يتعين على المحكمة وقد دفع أمامها بأن اعتراف الطاعنين الثانى والثالث كان نتيجة إكراه أدبى تعرضا له من التحقيق معهما فى دار المباحث العامة، وإكراه مادى تمثل فيما أصابهما من الأذى الذى قدما عليه الدليل من وجود إصابات بهما - أن تتولى هى تحقيق دفاعهما وتبحث هذا الاكراه وسببه وعلاقته بأقوالهما، فإن هى نكلت عن ذلك واكتفت بقولها أنه لم يقع ثمة إكراه على الطاعن الأول وبأن إصابات الطاعن الثانى من التفاهة بحيث لا تدعوه للاعتراف وبأن إصابات الطاعن الثالث قد تنجم من احتكاكه بالأرض، كل ذلك دون أن تعرض للصلة بين الاصابات وبين الاعترافات التى عولت عليها - فإن حكمها يكون قاصراً متعيناً نقضه، ولا يغنى فى ذلك ما ذكرته المحكمة من أدلة أخرى، إذ أن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان لهذا الدليل الباطل فى الرأى الذى انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والاحالة بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.