أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 1681

جلسة 19 من يونيه سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ جلال الدين أنسى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ هاشم قراعه، مرزوق فكرى، وواصل علاء الدين وحسين محمد حسن.

(321)
الطعن رقم 783 لسنة 49 قضائية "أحوال شخصية"

(1) طعن "الخصوم فى الطعن".
توجيه الطعن إلى خصم معين. شرطه.
(2 - 4) أحوال شخصية. وقف: "شرط الواقف". "الاستحقاق فى الوقف".
2- تصرفات الواقف التى تمت قبل العمل بالقانون 48 لسنة 1946، عدم جواز الرجوع فيها عملا بالراجح فى المذهب الحنفي. لا محل لسريان حكم المادة 11 من القانون المشار إليه بإجازة الرجوع عن تلك التصرفات.
3- الواقف إذا لم يشترط لنفسه فى عقد الوقف الشروط العشرة كلها أو بعضها لا تثبت له مطلقا.
4- المادة 34/ 2 من القانون 48 لسنة 1946 فى شأن عودة الاستحقاق إلى من حرم منه بزوال سبب الحرمان، عدم جواز اعمالها إذا خالفت نصا صريحا فى كتاب الوقف. م 58 من القانون المشار إليه.
1 - يشترط فى توجيه الطعن إلى خصم معين أن يكون طرفاًًًًً فى الخصومة أمام المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه وأن يكون قد نازع خصمه فى طلباته أو نازعه خصمه فى طلباته هو.
2 - لا مجال لتطبيق ما تقضى به المادة 11 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 من أجازة رجوع الواقف فى وقفه وتغيير مصارفه وشروطه على ما تم من تصرفات قبل العمل بهذا القانون.. وإنما تبقى هذه التصرفات محكومة بالرى الراجح فى المذهب الحنفى الذى كان معمولاًًًًً به فى شأن الوقف وقتذاك وهو يقضى بأن الوقف إذا انعقدت عقدته يكون لازماًًًًً ولا يجوز الرجوع فيه بحال.
3 - المقرر فى المذهب - الحنفى - أن الواقف إذا لم يشترط لنفسه فى عقد الوقف الشروط العشرة كلها أو بعضها لا تثبت له مطلقاًًًًً.
4- لا يجوز طبقاًًًًً للمادة 58 من قانون الوقف أعمال نص المادة 34/ 2 منه فى شأن عودة الاستحقاق إلى من حرم منه بزوال سبب الحرمان إذا خالف ذلك نصاًًًًً صريحاًًًًً فى كتاب الوقف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون عليه الاول أقام الدعوى رقم 546 لسنة 1975 مدنى كلى الزقازيق ضد الطاعنين والمطعون عليهما الثانى والثالث بطلب الحكم بتثبيت ملكيته للأطيان المبينة بالصحيفة ومساحتها 3 أفدنة و21 قيراطاًًًًً و11 سهماًًًًً وإلغاء ما ترتب من آثار على حكم القسمة الصادر فى الدعوى رقم 104 لسنة 1970 مدنى جزئى أبو كبير، وقال بياناًًًًً لدعواه أنه بموجب كتاب الوقف المؤرخ فى 10/ 10/ 1934 أوقف المرحوم....... 36 فداناًًًًً وقيراطين و14 سهماًًًًً تدخل ضمنها أطيان النزاع وجعل الاستحقاق لابنه المرحوم....... ومن بعده لولديه (المدعى وشقيقه المطعون عليه الثاني) مناصفة بينهما واشترط حرمانه وانتقال الاستحقاق إليهما إذا استدان وحجز على ريع الوقف بسبب دين عليه، وإذ حكم على الموقوف عليه بدين للغير فى الدعويين رقمى 684 لسنة 1939 كفر صقر و1892 لسنة 1939 زفتى ونفذ الحكمان بالحجز على ريع الوقف فى 19/ 2 و7/ 5/ 1939 مما يحقق به شرط حرمانه من الاستحقاق وانتقاله إلى ولديه المذكورين، كما توفى الواقف فى 10/ 2/ 1946 وصدر بعد ذلك القانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات فقد آلت إليهما ملكية الأطيان الموقوفة طبقاًًًًً لهذا القانون باعتبارهم المستحقين فى الوقف، غير أن....... مورثة الطاعنين والتى كانت زوجة للموقوف عليه المحروم من الاستحقاق نازعت فى صحة شرط الواقف وأقامت الدعوى رقم 107 لسنة 1970 مدنى جزئى أبو كبير بطلب قسمة أعيان الوقف مدعية أنها تملك منها حصة قدرها 3 أفدنة و21 قيراطاًًًًً و11 سهماًًًًً بالميراث عن الموقوف عليه، وقضت محكمة القسمة باختصاص مورثة الطاعنين بأطيان النزاع محتفظة لذوى الشأن بحقهم فى التنازع فى الملكية أمام المحكمة المختصة، ومن ثم فقد اقام الدعوى بطلباته السالفة البيان. وبتاريخ 7/ 11/ 1976 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 381 للسنة 19 ق المنصورة (مأمورية الزقازيق) وفى 6/ 2/ 1979 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون عليه الأول لأطيان النزاع. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض، ودفعت النيابة العامة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثانى وطلبت رفضه بالنسبة لباقى المطعون عليهم. عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث أن الدفع المبدى من النيابة فى غير محله، ذلك أنه يشترط فى توجيه الطعن إلى خصم معين أن يكون طرفاًًًًً فى الخصومة أمام المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه وأن يكون قد نازع خصمه فى طلباته أو نازعه خصمه فى طلباته هو، ولما كان البين من الأوراق أن المطعون عليه الثانى نازع باقى الخصوم فى طلباتهم أمام محكمة الموضوع ومن ثم يعتبر خصماًًًًً حقيقى مما يجوز معه اختصامه فى الطعن فإن الدفع يكون على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى بها الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، ويقولون فى بيان ذلك أن الواقف وإن لم يحتفظ لنفسه بالشروط العشرة فى كتاب الوقف المؤرخ فى 20/ 10/ 1934 واشترط حرمان ابنه الموقوف عليه من الاستحقاق وانتقاله إلى ولديه - المطعون عليهما الأول والثانى - إذا استدان أو حجز على ريع الوقف بسبب دينه، إلا أنه وقد أوقف عليه فى 11/ 11/ 1936 أطياناًًًًً أخرى والحق وقفها بالوقف الأول جاعلاًًًًً حكمه كحكمه وشرطه كشرطه محتفظاًًًًً لنفسه بالشروط العشرة مما مفاده اثبات هذه الشروط لنفسه بالنسبة للوقف الأول، وكان يجوز له طبقاًًًًً للمادة 11 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 - وما دام قد استعاد الشروط العشرة - أن يرجع فى الوقف ومن باب أولى أن يعيد الاستحقاق للموقوف عليه - الذى كان قد تحقق فى شأنه شرط الحرمان فى سنة 1939 - فقد صح منه بالتالى إشهاده فى 30/ 3/ 1944 بإعادة الاستحقاق إليه، هذا إلى أنه لما كان الواقف قد أقام الموقوف عليه ناظراًًًًً على الوقف فى 19/ 5/ 1942 مما يدل على زوال سبب الحرمان وكان مقتضى ذلك أن يعود إليه الاستحقاق من جهة أخرى طبقاًًًًً للمادة 34/ 2 من ذلك القانون، فإنه إذ ظل على قيد الحياة حتى صدر القانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات يكون قد ألت إليه - باعتباره المستحق فى الوقف - ملكية الأطيان الموقوفة طبقاًًًًً لأحكام هذا القانون. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بالملكية للمطعون عليه الأول معتداًًًًً فى هذا الصدد بفتوى غير ملزمة وملتفتاًًًًً عما للشهادات الصادرة من الواقف من دلالة على صحة دفاعهم ولم يرد على ما ساقوه من قرائن أخرى تأييداًًًًً لهذا الدفاع، فإنه يكون فضلاًًًًً عن خطئه فى تطبيق القانون قد شابه القصور فى التسبيب.
وحيث إن النعى مردود. ذلك أنه لا مجال لتطبيق ما تقضى به المادة 11 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 من أجازة رجوع الواقف فى وقفه وتغيير مصارفه وشروطه على ما تم من تصرفات قبل العمل بهذا القانون - ومنها التصرفات الصادرة عن الواقف والتى يتحدى بها الطاعنون وإنما تبقى هذه التصرفات محكومة بالرى الراجح فى المذهب الحنفى الذى كان معمولاًًًًً به فى شأن الوقف وقتذاك وهو يقضى بأن الوقف إذا انعقدت عقدته يكون لازماًًًًً ولا يجوز الرجوع فيه بحال، وأنه وعلى ما هو مقرر فى هذا المذهب فإن الواقف إذا لم يشترط لنفسه فى عقد الوقف الشروط العشرة كلها أو بعضها فلا تثبت له مطلقاًًًًً، كما أنه لا يجوز طبقاًًًًً للمادة 58 من قانون الوقف إعمال نص المادة 34/ 2 منه فى شأن عودة استحقاق إلى من حرم منه بزوال سبب الحرمان إذا خالف ذلك نصا صريحا فى كتاب الوقف. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى حرمان الموقوف عليه من الاستحقاق فى الوقف وعدم عودته إليه بقوله: ".... وشرط الواقف شروطاًًًًً منها أنه لا يجوز الحجز على ريع هذا الوقف بى وجه من الوجوه ولا الاستدانة عليه فإذا حجز على ريع الوقف بسبب دين الموقوف عليه.. يكون محروماًًًًً من هذا الوقف... وفى حالة حرمانه من الوقف يصرف له نفقة.. ولم يحتفظ الواقف لنفسه بالشروط العشرة، وعليه فإن شرط الواقف هذا ينتج أثره فى حالة مخالفته إذ هو شرط صحيح شرعاًًًًً لا يخل بأصل الوقف ولا يعطل مصلحته.. وكان الثابت أن الموقوف عليه... قد استدان وحكم ضده فى القضية 674 لسنة 1939 كفر صقر ونفذ الحكم بالحجز على ريع الوقف وكذلك فى القضية رقم 1892 لسنة 1939 زفتى بتثبيت الحجز المتوقع تحت يد ناظر الوقف ومن ثم فإن شرط الواقف نصاًًًًً بالحرمان يكون له أثره من حيث حرمان الموقوف عليه من الاستحقاق فى الوقف وينتقل نصيبه إلى ولديه المستأنف وشقيقه (المطعون عليهما الأول والثاني) وليس للواقف أن يعيد إلى ابنه المحروم الاستحقاق إذ لم يحتفظ لنفسه بشرط يبيح له ذلك فى إشهاد الوقف" كما تعرض الحكم لدفاع الطاعنين بشأن سريان حكم الوقف الثانى الصادر فى سنة 1936 على الوقف الأول واطرحه بقوله أن: "الثابت من الحجه السالفة أن الواقف وقف لابنه.. هذا القدر وقفاًًًًً منجزاًًًًً ومنضماًًًًً لما هو موقوف من قبل... بالحجة المؤرخة 20/ 10/ 1934 رقم 64 متتابعة ويكون كحكمه وشرطه فى الحال والمآل وعليه فإن الإضافة كانت طبقاًًًًً لشروط الواقف بالحجة الأولى وإن كان الواقف قد احتفظ لنفسه فى الحجة الثانية بالشروط العشرة فهى لا تنصرف إلا إلى هذا الإشهاد الأخير" وكان هذا الذى أورده الحكم استخلاصاًًًًً سائغاًًًًً مما له أصله الثابت بالأوراق وتطبيقاًًًًً صحيحاًًًًً لما هو مقرر فى مذهب الحنفية على النحو السالف بيانه ويؤدى إلى ما رتبه عليه الحكم من قضائه بطلبات المطعون عليه فإنه لم يكن بعد ذلك بحاجة إلى الرد استقلالاًًًً على ما ساقه الطاعنون من حجج مناقضة لوجهة النظر التى اخذ بها إذ أن فى قيام الحقيقة التى اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمنى المسقط لتلك الحجج، ويكون النعى على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.