أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 1700

جلسة 20 من يونيه سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ يحيى العمورى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جهدان حسين عبد الله نائب رئيس المحكمة، ماهر قلادة واصف، الحسينى الكنانى وحمدى محمد علي.

(324)
الطعن رقم 1074 لسنة 53 القضائية

(1) محكمة الموضوع. عقد. "تكييف العقد".
تكييف العقود. مناطه. وضوح الإرادة لا وضوح اللفظ. خضوعه لرقابة محكمة النقض استخلاص محكمة الموضوع نية المتعاقدين. شرطه. أن يكون سائغاًًًًً لا مخالفة فيه للثابت بالأوراق.
(2، 3) حكر. وقف. عقد.
2 - عقد الحكر. مقتضاه. للمحتكر إقامة ما يشاء من المبانى على الأرض المحكرة وله حق القرار ببنائه وحق ملكيته حتى نهاية مدة الحكر. انتقال هذا الحق إلى ورثته حيازة المحكر للأرض المحكرة. ماهيتها. حيازة عرضية لا تكسبه الملكية.
3- التزام المحتكر بأداء المقابل المتفق عليه للمحكر فى نهاية كل سنة ما لم يتفق على غير ذلك. للمحكر زيادة المقابل وفقاًًًًً لأجرة المثل وصقع المكان. م1003 - 1005 مدني. اختلافه عن الوقف الذى لا يعتبر بما يستجد من ظروف اقتصادية ترفع من هذا المقابل.
(4) حكم "تسبيبه". نقض "مخالفة الثابت بالأوراق".
إقامة الحكم قضاءه على أن عقد الحكر لا يعدو أن يكون إيجاراًًًًً عادياًًًًً صادراًًًًً من ناظر الوقف دون بحث دفاع الطاعن بانقضاء عقد الحكر ودون أن يعن بتكييف العقد ونية طرفيه والتعرف على حقيقة مرماهم. قصور ومخالف للثابت بالأوراق.
1 - المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها يخضع لرقابة محكمة النقض وأنه كان لمحكمة الموضوع استخلاص نية المتعاقدين وما انعقد عليه اتفاقهما - إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الاستخلاص سائغاًًًًً ولا يخالف الثابت فى الأوراق ولا خروج فيه على المعنى الظاهر للعقد، كما أن المناط فى تكييف العقد هو بوضوح الإرادة لا وضوح اللفظ وما عناه العاقدون منها بالتعرف على حقيقة مرماهم دون أن يعتد بما أطلقوه عليها من أوصاف وما ضمونها من عبارات فى تبين أن هذه الأوصاف والعبارات تخالف حقيقة التعاقد.
2 - المقرر أيضاًًًًً فى قضاء هذه المحكمة أن من مقتضى عقد الحكر أن للمحتكر إقامة ما يشاء من المبانى على الارض المحكرة وله حق القرار ببنائه حتى ينتهى حق الحكر، وله حق ملكية ما أحدثه من بناء ملكاً تاماًًًًً يتصرف فيه وحده وينتقل عنه هذا الحق إلى ورثته، ولكنه فى كل هذا تكون حيازته للأرض المحقرة حيازة عرضية لا تكسبه الملك.
3 - يلتزم المحتكر بمقتضى المواد 1003، 1004، 1005 من القانون المدنى بأداء مقابل المتفق عليه إلى المحكر وعلى أن يكون هذا المقابل مستحق الدفع فى نهاية كل سنة ما لم ينص عقد التحكير على ذلك وبزيادة المقابل وفقاًًًًً لأجر المثل وصقع المكان وذلك بخلاف إيجار الوقف إذ العبرة فيه بأجرة المثل وفقاًًًًً لنص المادة 632 من القانون المدنى بالوقت الذى أبرم فيه عقد الإيجار فلا يقيد بما يستجد من ظروف اقتصادية بعد ذلك ترفع من قيمة المقابل.
4 - الثابت من الاطلاع على صورة العقد المؤرخ 10/ 4/ 1943 موضوع النزاع أن ناظر الوقف قد أجر إلى المطعون ضده الأرض الفضاء محل النزاع بأجرة سنوية قدرها 339 جنيه وعلى أن يكون للوقف حق رفع المقابل إلى أجر المثل عند تصقيع أراضى الوقف وعلى أن الغرض من التعاقد هو بناء هذه الأرض للسكن أو دكاكين تعلوها مساكن وعلى أن يكون البناء مملوكاًًًًً للمطعون ضده بأن هذه الشروط على هذا الأخير وذريته طبقة بعد طبقة ومن يرثهم، كما أقر المطعون ضده بمحاضر أعمال الخبير المنتدب بأن هذه أرض حكر مما مؤداه أن هذا العقد فى مجمله وحقيقته ووفق إرادة طرفيه ونيتهما المشتركة هو عقد حكر صادر فى ظل القانون المدنى القديم، وإذ خلص الحكم المطعون فيه فى مدوناته إلى اعتبار هذا العقد وفق شروطه ونصوصه المشار إليها عقد إيجار عادى وصادر من ناظر الوقف عن أرض فضاء يقصد إقامة بناء عليها ورتب على ذلك القضاء بتمكين المطعون ضده منها دون أن - يعن بتكييف هذا العقد بما يتفق ونية الطرفين المشتركة والتعرف على حقيقة مرماهم فى هذا العقد وعدم الانحراف عن إرادتهما الواضحة دون تقيد بما أطلقوه على هذا العقد من اوصاف وما ضمنوه من عبارات إذ يتعين الأخذ بما تفيده هذه العبارات بأكملها باعتبارها وحدة متصلة متماسكة فإنه بذلك يكون قد حجب نفسه عن بحث أوجه دفاع الطاعنين الجوهرية المؤسسة على انقضاء حق الحكر سالفة الذكر مجتزءاًًًًً فى ذلك بمجرد القول بخلو الأوراق من تقديم الدليل على تحكير ارض النزاع وبأن العقد سند الدعوى ليس حكراًًًًً مما يعيبه بالقصور فى التسبيب، ومخالفة الثابت فى الأوراق جره إلى الخطأ فى تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 450 سنة 1980 مدنى السويس الابتدائية ضد الطاعنين بطلب الحكم بتمكينه من الانتفاع بقطعة الأرض الفضاء المعدة للبناء والمؤجرة إليه من مورث الطاعن الأول بمقتضى العقد المؤرخ 10/ 4/ 1943 ومنع تعرض الطاعن الثانى له فى الانتفاع بها وقال بياناًًًًً لدعواه أنه وضع يده على عين النزاع بموجب العقد سالف الذكر المصرح له فيه بإقامة مبان عليها - وأنه قام فعلاًًًًً ببناء منزل مكون من دورين عليها وإذ أصيب هذا المنزل بسبب العمليات الحربية بمدينة السويس فقد قام بإزالته ثم فوجئ بالطاعن الثانى يضع يده على هذه الأرض بأن قام ببناء سور حولها قولاًًًًً منه أنه اشتراها من الطاعن الأول ولما كان هذا التصرف يعد تعرضا قانونيا يضمنه الأخير فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. ندبت محكمة الدرجة الأولى خبيراًًًًً وبعد أن قدم تقريره حكمت بإجابة المطعون ضده إلى طلباته. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 34/ 5 ق الإسماعيلية "مأمورية السويس". وبتاريخ 13/ 3/ 1983 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه بالسببين الأول والثانى الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق وفى بيان ذلك يقولان أن الحكم قد أقام قضاءه بتمكين المطعون ضده من عين النزاع على ما استخلصه فى مدوناته من أنه لا دليل فى الأوراق على وجود الحكر واعتبر أن العقد المؤرخ 10/ 4/ 1943 ليس إلا عقد إيجار عادى لقطعة أرض فضاء لبنائها مسكناًًًًً صادر من ناظر وقف أخذاًًًًً من ظاهر بعض نصوصه - رغم أن هذا العقد فى حقيقته وعلى ما هو مستفاد من مجمل نصوصه، وبإقرار المطعون ضده عقد حكر قد انقضى بمقتضى المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بشأن إلغاء نظام الوقف على غير الخيرات وبترك المطعون ضده العين التى تهدم بناؤها منذ ست سنوات سابقة على رفع الدعوى ودون أن يقوم بسداد المقابل المستحق كما لم يوضح الحكم فى مدوناته الأساس القانونى لما ذهب إليه فى قضائه واعتبار وضع يد المطعون ضده قائماًًًًً حتى سنة 1979 مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله - ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها يخضع لرقابة محكمة النقض وأنه وإن كان لمحكمة الموضوع استخلاص نية المتعاقدين وما انعقد عليه اتفاقهما - إلا أن ذلك مشروطاًًًًً بأن يكون هذا الاستخلاص سائغاًًًًً ولا يخالف الثابت فى الأوراق ولا خروج فيه على المعنى الظاهر للعقد، كما أن المناط فى تكييف العقد هو بوضوح الإرادة لا وضوح اللفظ وما عناه المتعاقدين منها بالتعرف على حقيقة مرماهم دون أن يعتد بما أطلقوه عليها من أوصاف وما ضمنوها من عبارات فى تبين أن هذه الأوصاف والعبارات تخالف حقيقة التعاقد. ومن المقرر أيضاًًًًً فى قضاء هذه المحكمة أن من مقتضى عقد الحكر أن للمحتكر إقامة ما يشاء من المبانى على الأرض المحقرة وله حق القرار ببنائه حتى ينتهى حق الحكر، وله حق ملكية ما أحدثه من بناء وأن يتصرف فيه وحده وينتقل عنه هذا الحق إلى ورثته، ولكنه فى كل هذا تكون حيازته للأرض المحقرة حيازة عرضية لا تكسبه الملك، كما أنه يلتزم بمقتضى المواد 1003، 1004، 1005 من القانون المدنى بأداء المقابل المتفق عليه إلى المحكر وعلى أن يكون هذا المقابل مستحق الدفع فى نهاية كل سنة ما لم ينص عقد التحكير على غير ذلك وبزيادة المقابل وفقا لاجر المثل وصقع المكان وذلك بخلاف إيجار الوقف إذ العبرة فيه بأجرة المثل وفقاًًًًً لنص المادة 632 من القانون المدنى بالوقت الذى أبرم فيه عقد الإيجار فلا يعتد بما يستجد من ظروف اقتصادية بعد ذلك ترفع من قيمة المقابل، لما كان ما تقدم وكان الثابت من الاطلاع على صورة العقد المؤرخ 10/ 4/ 1943 موضوع النزاع أن ناظر الوقف قد أجر إلى المطعون ضده الأرض الفضاء محل النزاع بأجرة سنوية قدرها 339 جنيه وعلى أن يكون للوقف حق رفع المقابل إلى أجر المثل عند تصقيع أراضى الوقف وعلى أن الغرض من التعاقد هو بناء هذه الأرض للسكن أو دكاكين تعلوها مساكن وعلى أن يكون البناء مملوكاًًًًً للمطعون ضده بسريان هذه الشروط على هذا الأخير وذريته طبقة بعد طبقة ومن يرثهم، كما أقر المطعون ضده بمحاضر أعمال الخبير المنتدب بأن هذه أرض حكر مما مؤداه أن هذا العقد فى مجمله وحقيقته ووفق إرادة طرفيه ونيتهما المشتركة هو عقد حكر صادر فى ظل القانون المدنى القديم، وإذ خلص الحكم المطعون فيه فى مدوناته إلى اعتبار هذا العقد وفق شروطه ونصوصه المشار إليها عقد إيجار عادى وصادر من ناظر الوقف عن أرض فضاء بقصد إقامة بناء عليها ورتب على ذلك القضاء بتمكين المطعون ضده منها دون أن يعنى بتكييف هذا العقد بما يتفق ونية الطرفين المشتركة والتعرف على حقيقة مرماهم فى هذا العقد وعدم الانحراف عن إرادتهما الواضحة دون تقيد بما أطلقوه على هذا العقد من أوصاف وما ضمنوه من عبارات إذ يتعين الاخذ بما تفيده هذه العبارات بأكملها باعتبارها وحدة متصلة متماسكة فإنه بذلك يكون قد حجب نفسه عن بحث أوجه دفاع الطاعنين الجوهرية المؤسسة على انقضاء حق الحكر سالفة الذكر مجتزئاًًًًً فى ذلك بمجرد القول بخلو الأوراق فى تقديم الدليل على تحكير أرض النزاع وبأن العقد سند الدعوى ليس حكراًًًًً مما يعيبه بالقصور فى التسبيب، ومخالفة الثابت فى الاوراق جره إلى الخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث باقى أسباب الطعن