أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 1712

جلسة 21 من يونيه سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ أحمد ضياء عبد الرازق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد رأفت خفاجى، محمد فؤاد شرباس، محمد فتحى نجيب وعبد الحميد سليمان.

(326)
الطعن رقم 46 لسنة 49 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير من الباطن" "المهجرون".
1 - دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن. وجوب اختصام المؤجر للمستأجر الأصلى تخلف ذلك. أثره. عدم قبول الدعوى. الاستثناء. وفاة المستأجر الأصلى بلا وارث. مؤداه عدم لزوم اختصام بيت المال. علة ذلك. الاكتفاء باختصام المستأجر من الباطن. صحيح.
2- صفة التهجير. إثباتها بكافة طرق الإثبات.
1 - أنه ولئن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه لا يكفى اختصام المستأجر من الباطن، وإنما يجب اختصام المستأجر الاصلى إذا كان سبب دعوى الإخلاء هو تأجير العين المؤجرة من الباطن بغير إذن كتابى من المؤجر وبالمخالفة لشروط عقد الإيجار فإن مناط ذلك أن يكون عقد الإيجار ما زال قائماًًًًً باستمرار حياة المستأجر الأصلى أما إذا كان هذا المستأجر قد توفى، فإن الأمر يصبح محدوداًًًًً بحكم المادة 601/ 1 من القانون المدنى والمادة 21 من ق 52 لسنة 1969 المقابلة لنص المادة 29/ 1 من القانون 49 لسنة 1977 وإذ كان نص المادة 21 من القانون 52 لسنة 1969 المقابل لنص الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 قد جرى على أنه: "مع عدم الإخلال بحكم المادة الخامسة من هذا القانون لا ينتهى عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم فى السكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر ومدة شغله للمسكن أيهما أقل..." فإن مؤدى ذلك أن المشرع قيد من اطلاق حكم الفقرة الأولى من المادة 601 من القانون المدنى الذى جرى على أنه "لا ينتهى الإيجار بموت المؤجر ولا بموت المستأجر" وعدد حالات استمرار العقد بعد وفاه المستأجر الأصلي، حصراًًًًً، جاعلاًًًًً القاعدة فيمن يستمر العقد لصالحه من الذين أوردهم تحديداًًًًً هى الإقامة مع المستأجر الأصلى ولم يجعل ركيزة هذه القاعدة علاقة الإرث بين المستأجر الأصلى وورثته بما مفاده أن دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن التى يقيمها المؤجر لمخالفة المستأجر الأصلى شروط عقد الإيجار، وهى دعوى لا تتعلق - فى حالة وفاة هذا الأخير - بتركته التى تكون محلاًًًًً للتوريث. وإذ كان نص المادة الأولى من القانون رقم 71 لسنة 1962 المعدل بالقانون رقم 31 لسنة 1971 قد جرى على أن "تؤول إلى الدولة ملكية التركات الشاغرة الكائنة بالجمهورية العربية المتحدة والتى يخلفها المتوفون من غير وارث وأياًًًًً كانت جنسيتهم وذلك من تاريخ وفاتهم، وتعد الإدارة العامة لبيت المال بوزارة الخزانة قوائم على العقارات التى تتضمنها هذه التركات". كما نصت المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 2937 لسنة 1971 بشأن ضم الإدارة العامة لبيت المال إلى الهيئة العامة لبنك ناصر على أن "تضم الإدارة العامة لبيت المال إلى الهيئة العامة لبنك ناصر وتؤول إلى الهيئة كافة مالها من حقوق وأموال وموجدات وما عليها من التزامات وتتولى مباشرة اختصاصها على النحو المبين بالقانون رقم 71 لسنة 1962 "فإن مؤدى ذلك أن مناط وجوب اختصام بيت المال "الهيئة العامة لبنك ناصر" أن تتعلق الدعوى بتركة شاغرة.
وحيث إن دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن فى حالة وفاة المستأجر الأصلى - إذا كان بلا وارث ظاهر - لا تتعلق بتركته، فإنه لا يكون ثمة محل لوجوب اختصام بيت المال فيها، وإذ كان ذلك وكان المطعون ضده قد أقام دعواه مختصماًًًًً فيها المستأجرة الأصلية والطاعنين كمستأجرين من الباطن، وإذ توفيت الأولى بلا وارث ظاهر وانقطع سير الخصومة فى الدعوى فعجلها المطعون ضده ضد الطاعنين فقط كواضعين لليد على العين بلا سند من القانون، فإن قضاء الحكم المطعون فيه بقبول الدعوى بحالتها الأخيرة يكون قد التزم صحيح القانون.
2 - نصوص القانون رقم 76 لسنة 1969 لا تدل عبارتها وإشارتها أو دلالتها أو اقتضاؤها على أن المشرع قصد تقييد إثبات صفة التهجير بطريق معين مما مقتضاه إباحة إثبات هذه الصفة - باعتبارها واقعة مادية - بكافة طرق الإثبات ومن ثم فلمحكمة الموضوع أن تستخلص توافر هذه الصفة أو عدم توافرها مما تقتنع به من أدلة الدعوى ولا سلطان عليها فى ذلك طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1716 سنة 1977 مدنى كلى جنوب القاهرة ضد السيدة....... والطاعنين بطلب الحكم بإخلاء عين النزاع وإذ توفيت الأولى استأنفت الدعوى سيرها قبل الطاعنين بعد انقطاعها بهذه الوفاة وقال المطعون ضده الأول شرحاًًًًً لدعواه أن المرحومة......... استأجرت منه شقة النزاع بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 9/ 1962 وأنها أجرتها من الباطن للطاعنين بدون إذن صريح منه مخالفة بذلك أحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 بما يحق له طلب إخلائها من العين. وبتاريخ 3/ 4/ 1977 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة. استأنف المطعون ضده هذا القضاء بالاستئناف رقم 1975 لسنة 94 ق، وبتاريخ 20/ 11/ 1978 أصدرت محكمة استئناف القاهرة حكمها بإلغاء الحكم المستأنف وإخلاء الطاعنين من شقة النزاع طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالسببين الأول والثانى منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وتفسيره وفى بيان ذلك يقولان إن الخصومة الأصلية بنزاع ناشئ عن علاقة إيجارية إنما تقوم بين المؤجر والمستأجر الأصلي، لأن علاقة الأخير بالمستأجر من الباطن علاقة تبعية تزول بفسخ العقد الأصلي، ومن ثم فإنه لا يجوز اختصام المستأجر من الباطن على استقلال، وإذ توفى المستأجر الأصلى تعين اختصام ورثته أو اختصام بيت المال - بنك ناصر - وهو وارث من لا وارث له، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقبل الدعوى المرفوعة ضد الطاعنين - بمفردهما - كمستأجرين من الباطن بإخلائهما من العين على أساس حيازتهما لها بلا سند من القانون فإنه يكون قد اخطأ فى تطبيق القانون وتفسيره بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك إنه ولئن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه لا يكفى اختصام المستأجر من الباطن، وإنما يجب اختصام المستأجر الأصلى إذا كان سبب دعوى الإخلاء هو تأجير العين المؤجرة من الباطن بغير إذن كتابى من المؤجر وبالمخالفة لشروط عقد الإيجار فإن مناط ذلك أن يكون عقد الإيجار ما زال قائما باستمرار حياة المستأجر الأصلى أما إذا كان هذا المستأجر قد توفى، فإن الأمر يصبح محدوداًًًًً بحكم المادة 601/ 1 من القانون المدنى والمادة 21 من ق 52 لسنة 1969 المقابلة لنص المادة 29/ 1 من القانون 49 لسنة 1977 وإذ كان نص المادة 21 من القانون 52 لسنة 1969 المقابل لنص الفقرة الأولى للمادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 قد جرى على أنه: "مع عدم الإخلال بحكم المادة الخامسة من هذا القانون لا ينتهى عقد ايجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم فى المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر ومدة شغله للمسكن أيهما أقل.." فإن مؤدى ذلك أن المشرع قيد من إطلاق حكم الفقرة الأولى من المادة 601 من القانون المدنى الذى جرى على أنه "لا ينتهى الإيجار بموت المؤجر ولا بموت المستأجر" وعدد حالات استمرار العقد بعد وفاة المستأجر الأصلي، حصراًًًًً، جاعلاًًًًً القاعدة فيمن يستمر العقد لصالحه من زاوية الذين أوردهم تحديداًًًًً هى الإقامة مع المستأجر الأصلى ولم يجعل ركيزة هذه القاعدة علاقة الإرث بين المستأجر الأصلى وورثته بما مفاده أن دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن التى يقيمها المؤجر لمخالفة المستأجر الأصلى شروط عقد الإيجار، وهى دعوى لا تتعلق - فى حالة وفاة هذا الأخير - بتركته التى تكون محلاًًًًً للتوريث. وذا كان نص المادة الأولى من القانون رقم 71 لسنة 1962 المعدل بالقانون رقم 31 لسنة 1971 قد جرى على أن "تؤول إلى الدولة ملكية التركات الشاغرة الكائنة بالجمهورية العربية المتحدة والتى يخلفها المتوفون من غير وارث أياًًًًً كانت جنسيتهم وذلك من تاريخ وفاتهم، وتعد الإدارة العامة لبيت المال بوزارة الخزانة قوائم على العقارات التى تتضمنها هذه التركات". كما نصت المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 2937 لسنة 1971 بشأن ضم الإدارة العامة لبيت المال إلى الهيئة العامة لبنك ناصر على أن "تضم الإدارة العامة لبيت المال إلى الهيئة العامة لبنك ناصر وتؤول إلى الهيئة كافة مالها من حقوق وأموال وموجودات وما عليها من التزامات وتتولى مباشرة اختصاصها على النحو المبين بالقانون رقم 71 لسنة 1962. فإن مؤدى ذلك أن مناط وجوب اختصام بيت المال "الهيئة العامة لبنك ناصر" أن تتعلق الدعوى بتركة شاغرة.
وحيث إن دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن فى حالة وفاة المستأجر الأصلى - إذا كان بلا وارث ظاهر - لا تتعلق بتركته، فإنه لا يكون ثمة محل لوجوب اختصام بيت المال فيها، وإذ كان ذلك وكان المطعون ضده قد أقام دعواه مختصماًًًًً فيها المستأجرة الأصلية والطاعنين كمستأجرين من الباطن، وإذ توفيت الأولى بلا وارث ظاهر وانقطع سير الخصومة فى الدعوى، فعجلها المطعون ضده ضد الطاعنين فقط كواضعين لليد على العين بلا سند من القانون، فإن قضاء الحكم المطعون فيه بقبول الدعوى بحالتها الأخيرة يكون قد التزم صحيح القانون ويغدو النعى عليه فى هذا الشأن على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه فى السبب الثالث من أسباب طعنهما القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال. وفى بيان ذلك يقولان إن وجودهما فى الشقة مع المستأجرة الأصلية قبل وفاتها فى فبراير سنة 1975 ثابت من القضايا 2244 لسنة 1974 مستعجل القاهرة والإشكال رقم 2387 لسنة 1974 مستعجل القاهرة، ولو لم يهمل الحكم المطعون فيه فى تقدير بيانات هذه الأحكام لما أخطأ فى قضائه.
وحيث إن هذا النعى مردود. ذلك أن الحكم المطعون فيه لم ينكص عن بحث إقامة الطاعنين بالعين حتى وفاة المستأجرة الأصلية فى فبراير سنة 1975، وإنما شمل ببحثه أيضاًًًًً مدى إقامة الأخيرة فى العين المؤجرة لها مع الطاعنين حتى وفاتها وحد قرابتها لهما، حيث أورد فى ذلك قوله "... أما ما أثاره المستأنف عليهما من أن المستأنف عليه الأول ابن خالة المرحومة.... - وأنه أقام معهما هو وزوجته مدة تزيد على سنة سابقة على وفاتها - وأنه له الحق فى استمرار الإيجار طبقاًًًًً للمادة 21/ 1 من القانون رقم 52 لسنة 1969 فذلك مردود بأمرين - أولهما أن المستأنف عليهما أقرا فى المذكرة المقدمة منهما أن المستأجرة الأصلية.... قد تركت العين وأقامت بمسكن آخر قبل وفاتها - مما مؤداه أنها لم تبق بالعين المؤجرة حتى تاريخ وفاتها والأمر الثانى إن الثابت فى الشهادة المقدمة من المستأنف عليهما والتى تعتبر حجة عليهما - إن......... ابنة أخت السيدة مارى (أم المستأنف عليه الأول) ومن ثم فإنه لا يعتبر للسيدة مارى..... حتى الدرجة الثالثة - وبالتالى فلا يكون الحق فى التمسك بحكم المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969، وإذ كان هذا الذى أورده الحكم سائغاًًًًً وفيه الرد الضمنى على دفاع الطاعنين وكان كافياًًًًً لحمل قضائه فإن النعى عليه بالقصور والفساد فى الاستدلال يكون فى غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور، وفى بيان ذلك يقولان إن الطاعن تقدم بشهادة من الاتحاد الاشتراكى ببور سعيد تفيد أن زوجته "الطاعنة الثانية" من مهجرى بور سعيد فتستفيد من الحماية المقررة بالقانون رقم 76 لسنة 1969 إلا أن محكمة الاستئناف طرحت هذا الدفاع بمقولة إن المحكمة لا تعول على الشهادة الصادرة من الاتحاد الاشتراكى وهو ما يعيب حكمها بالقصور فى التسبيب.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أنه لما كانت نصوص القانون رقم 76 لسنة 1969 لا تدل عبارتها أو إشارتها أو دلالتها أو اقتضاؤها على أن المشرع قصد تقييد إثبات صفة التهجير بطريق معين مما مقتضاه إباحة إثبات هذه الصفة - باعتبارها واقعة مادية - بكافة طرق الإثبات ومن ثم فلمحكمة الموضوع أن تستخلص توافر هذه الصفة أو عدم توافرها مما تقتنع به من أدلة الدعوى ولا سلطان عليها فى ذلك طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه - قد أقام قضاءه على ما يبين من أسبابه على أن الطاعنين لم يقدما ما يدل على أنهما من المهجرين وإنما قدما شهادة إدارية من منطقة شمال القاهرة التعليمية تتضمن أن المستأنف عليه الأول موظف حكومى صدر قرار بنقله من بور سعيد إلى القاهرة، والنقل من جهة إلى أخرى يختلف عن التهجير الذى تم عقب العدوان من محافظات القناة - ومن ثم فليس للمستأنف عليهما أن يتمسكا بتطبيق القانون رقم 76 لسنة 1979...." فإنه يكون قد تناول دفاع الطاعن والدليل الذى قدمه بأسباب سائغة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى خلص إليها وبما هو كاف لحمل قضائه، ولا يغير من ذلك ما تضمنته أسبابه تزيداًًًًً من تقرير قانونى غير صحيح بأنه يتعين للاستفادة من الحماية المقررة بالقانون سالف البيان إن تثبت صفة التهجير بموجب بطاقة تهجير صادرة من الجهة المختصة، إذ تصحح المحكمة هذه الأسباب دون أن تنقض الحكم ويكون النعى عليه بالقصور على غير اساس.
ولما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن.