أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1047

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، وطه الصديق دنانة، ومحمد عادل مرزوق.

(218)
الطعن رقم 790 لسنة 43 القضائية

(1) دعوى مدنية. دعوى جنائية. تعويض. نقض: "ما لا يجوز الطعن فيه من أحكام.
على الحكم الصادر فى الدعوى الجنائية الفصل فى التعويضات المطلوبة من المدعى بالحقوق المدنية فى دعواه المرفوعة بطريق التبعية للدعوى الجنائية. المادة 309 إجراءات.
للمدعى بالحقوق المدنية الرجوع إلى ذات المحكمة إذا أغفلت الفصل فى التعويضات. المادة 193 مرافعات خلو قانون الاجراءات من نص مماثل لها. عدم جواز الطعن بالنقض المقدم من المدعية بالحقوق المدنية فى الحكم الذى أغفل الفصل فى الدعوى المدنية. علة ذلك. الطعن بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع.
(2، 3) اشتراك. إثبات: "بوجه عام". اتفاق.
(2) الاشتراك بطريق الاتفاق يكون باتحاد نية أطرافه على الفعل المتفق عليه. من حق القاضى الاستدلال عليه بالاستنتاج والقرائن.
(3) التدليل على حصول الاشتراك بالاتفاق بأدلة محسوسة. لا يلزم. كفاية استخلاص حصوله من وقائع الدعوى وملابساتها.
(4) محكمة الموضوع: "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى. لا يجوز أمام النقض.
1 - من المقرر أنه إذا كانت الدعوى المدنية قد رفعت بطريق التبعية للدعوى الجنائية فإن على الحكم الصادر فى موضوع الدعوى الجنائية أن يفصل فى التعويضات التى طلبها المدعى بالحقوق المدنية، وذلك عملاً بصريح نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن هو أغفل الفصل فيها، فإنه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - يكون للمدعى بالحقوق المدنية أن يرجع إلى ذات المحكمة التى فصلت فى الدعوى الجنائية، للفصل فيما أغفلته عملاً بالمادة 193 من قانون المرافعات المدنية وهى قاعدة واجبة الأعمال أمام المحاكم الجنائية لخلو قانون الإجراءات الجنائية من نص مماثل وباعتبارها من القواعد العامة الواردة بقانون المرافعات. لما كان ذلك، وكان الواضح من منطوق الحكم المطعون فيه أنه أغفل الفصل فى الدعوى المدنية فضلاً عن أن مدوناته لم تتحدث عنها مما يحق معه القول بأن المحكمة لم تنظر إطلاقاً فى الدعوى المدنية ولم تفصل فيها، وكان الطعن فى الحكم بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع، فإن الطعن المقدم من المدعية بالحقوق المدنية يكون غير جائز لعدم صدور حكم قابل له فى خصوص الدعوى المدنية، بما يتعين معه القضاء بعدم جواز الطعن.
2 - الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يكون باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلى لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضى إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التى تقوم لديه.
3 - ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك بطريق الاتفاق بأدلة مادية محسوسة بل يكفيها للقول بقيام الاشتراك أن تستخلص حصوله من وقائع الدعوى وملابساتها ما دام فى تلك الوقائع ما يسوغ الاعتقاد بوجوده.
4 - الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها هو مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما فى المدة من أول سبتمبر سنة 1966 حتى 26 نوفمبر سنة 1967 بدائرة قسم شبرا الخيمة محافظة القليوبية - المتهم الأول - (أولاً) بصفته مستخدماً بشركة الورق للشرق الأوسط المملوكة للدولة (أمين مخزن) اختلس كميات المازوت المملوكة للشركة المذكورة والبالغ قدرها 345 طناً و80 كيلو وقيمتها 2588 ج و100 م والتى كانت مسلمة إليه بسبب وظيفته (ثانياً) بصفته سالفة البيان ارتكب تزويرا فى بعض محررات الشركة المذكورة هى أذونات الإضافة الموضحة أرقامها بالتحقيقات الخاصة بكميات المازوت الواردة للشركة بأن قام بتعديل الارقام الدالة على أوزان كميات المازوت الحقيقية التى وردت للشركة بما يؤدى إلى زيادة هذه الأوزان بالقدر الذى يوازى الكميات المختلسة (ثالثاً) بصفته سالفة البيان ارتكب تزويراً فى بعض محررات الشركة المذكورة هى أذونات الصرف الموضحة أرقامها بالتحقيقات حال تحريرها المختص بوظيفته وذلك بجعله واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت فيها على خلاف الحقيقة كميات من المازوت تزيد عن الكميات المنصرفة فعلاً بما يكفى لتغطية الكميات المختلسة (رابعاً) اشترك بطريق المساعدة مع زميل له حسن النية هو...... أمين مخزن الوارد بالشركة فى ارتكاب تزوير فى إحدى محررات الشركة هو إذن الإضافة رقم 1416 حال تحريره المختص بوظيفته، وكان ذلك بجعله واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن قدم له الفاتورة رقم 11491 بكمية من المازوت قدرها 6 طناً و547 كيلو وصورة كرت الميزان رقم 489 مبيناً فيها ورود هذه الكميات من المازوت على خلاف الحقيقة فحرر أمين مخزن الوارد بحسن نية إذن الإضافة المذكور بما يفيد ورود الكمية فتمت الجريمة بناء على هذه المساعدة (المتهم الثاني) اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول فى اختلاس كميات المازوت السالفة بأن اتفق معه على اختلاسها وساعده فى ذلك بأن أحجم عن تفريغ هذه الكميات التى شحنت فى سيارة النقل قيادته بداخل الشركة وقام بتهريبها فى الخارج ثم سلم المتهم الأول الفاتورة الخاصة بهذه الكميات ليحرر بمقتضاها إذن إضافة يثبت ورودها على خلاف الحقيقة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد الواردة بأمر الإحالة. فقرر ذلك بتاريخ 6 مايو سنة 1968. وادعت الشركة المجنى عليها مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات والأتعاب. ومحكمة جنايات بنها بعد أن اعتبرت أن كمية المازوت المختلسة قدرها 208 طناً و124 كيلو قيمتها 1569 ج و251 م - قضت غيابياً للمتهم الأول وحضوريا للمتهم الثانى فى 27 فبراير سنة 1973 عملاً بالمواد 40/ 1 - 3 و41 و111/ 6 و112/ 1 و118 و119 و214/ 1 - 2 مكرر من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبمعاقبة المتهم الثانى بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمهما مبلغ 1569 ج و251 م وإلزامهما برد مثل هذا المبلغ وبعزل الأول من وظيفته، فطعن المحكوم عليه الثانى والمدعية بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المدعية بالحقوق المدنية تنعى على الحكم المطعون فيه البطلان والقصور فى التسبيب ذلك بأنه أغفل الفصل فى الدعوى المدنية وأخطأ فى تقدير قيمة المبلغ المختلس.
وحيث إنه من المقرر أنه إذا كانت الدعوى المدنية قد رفعت بطريق التبعية للدعوى الجنائية فإن على الحكم الصادر فى موضوع الدعوى الجنائية أن يفصل فى التعويضات التى طلبها المدعى بالحقوق المدنية وذلك عملاً بصريح نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن هو اغفل الفصل فيها فإنه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - يكون للمدعى بالحقوق المدنية أن يرجع إلى ذات المحكمة التى فصلت فى الدعوى الجنائية للفصل فيما أغفلته عملاً بالمادة رقم 193 من قانون المرافعات المدنية وهى قاعدة واجبة الأعمال أمام المحاكم الجنائية لخلو قانون الإجراءات الجنائية من نص مماثل وباعتبارها من القواعد العامة الواردة بقانون المرافعات. لما كان ذلك، وكان الواضح من منطوق الحكم المطعون فيه أنه أغفل الفصل فى الدعوى المدنية فضلا عن أن مدوناته لم تتحدث عنها مما يحق معه القول بأن المحكمة لم تنظر إطلاقاً فى الدعوى المدنية ولم تفصل فيها، وكان الطعن فى الحكم بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع، فإن الطعن المقدم من الشركة المدنية يكون غير جائز لعدم صدور حكم قابل له فى خصوص الدعوى المدنية، بما يتعين معه القضاء بعدم جواز الطعن مع مصادرة الكفالة وإلزام المدعية المصاريف.
وحيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثانى قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة الاشتراك بطريقى الاتفاق والمساعدة مع المحكوم عليه الأول فى جناية الاختلاس، قد شابه فساد فى الاستدلال وقصور فى التسبيب ذلك بأن ما حصله من وقائع الدعوى واتخذه أساساً لقضائه يتعارض وما شهد به بعض شهود الواقعة فى التحقيقات وبالجلسة ولا يصلح أن يكون من المقومات التى يستقى منها الحكم عقيدته وهو فى مقام الاستدلال على ثبوت علاقة الطاعن بواقعة الاختلاس أو نفى دفاعه القائم على أنه أفرغ حمولة عربته يوم 26 من مارس سنة 1967 مرتين فى مخازن الشركة. هذا إلى أن الحكم لم يستظهر ماهية الاتفاق الذى تحدث عن قيامه بين الطاعن والمحكوم عليه الآخر ودلالات حصوله.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاشتراك فى الاختلاس التى دان الطاعن بها، وأقام عليها فى حقه أدلة مستقلة من أقوال الشهود والمحكوم عليه الآخر ومما كشفت عنه الأوراق وهى أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يكون باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلى لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضى إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التى تقوم لديه، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بالاسباب السائغة التى أوردها - على أن إحدى حمولتى السيارة التى كلف الطاعن بنقلها إلى الشركة المجنى عليها لم ترد إليها يوم اكتشاف الجريمة وأن اختلاس المحكوم عليه الآخر لكميات المازوت التى جرى اختلاسها ما كان ليتم لولا اتفاقه مع الطاعن على اقتراف هذه الجريمة، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ذلك أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك بطريق الاتفاق بأدلة مادية محسوسة بل يكفيها للقول بقيام الاشتراك أن تستخلص حصوله من وقائع الدعوى وملابساتها ما دام فى تلك الوقائع ما يسوغ الاعتقاد بوجوده وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره. لما كان ذلك، وكان باقى ما يثيره الطاعن من منازعة فى سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع الأوراق والتحقيقات التى تمت فيها لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.