أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 1720

جلسة 21 من يونيو سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ أحمد ضياء عبد الرازق، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد رأفت خفاجى، ومحمد فؤاد ترباش، ود. محمد فتحى نجيب، وعبد الحميد سليمان.

(327)
الطعن رقم 966/ 51 ق و573 لسنة 52 ق

1 - إيجار "إيجار الأماكن"، "التكرار فى التأخير بالوفاء بالأجرة.
تكرار امتناع المستأجر أو تأخره عن الوفاء بالأجرة الموجب للحكم بالإخلاء المقصود منه. وجوب أن يكون الامتناع أو التأخير السابق قد رفعت بشأنه دعوى موضوعية. عدم كفاية الدعاوى المستعجلة فى ثبوت التكرار. ق 52/ 1969.
(2) استئناف "نطاقه". دعوى.
الاستئناف. نطاقه. نقل الدعوى بحالتها التى كان عليها قبل صدور الحكم المستأنف. عدم جواز ابداء الطلبات الجديدة أمام محكمة الاستئناف تعتبر سبب الدعوى أو الإضافة إليه. شرطه. أن يكون القصد تأكيداًًًًً لأحقيته فى ذات الطلب.
(3) حالات الإخلاء. المادة 23 ق 52 لسنة 69، 31 ق 49 لسنة 77. أسباب لطلب واحد هو فسخ عقد الإيجار. جواز تغييرها أمام محكمة الاستئناف مع بقاء الطلب الأصلى على حالة. طلب الإخلاء لاحتجاز مسكناًًًًً آخر م 5 ق 52 لسنة 1969. دعوى بطلان. اعتبارها طلب جديد لا مجرد تغيير لسبب الدعوى. عدم جواز إبدائه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف.
(4، 5) حكم "حكم حجية". قوة الأمر المقضي. قضاء مستعجل"
(4) المنع من إعادة نظر النزاع فى المسألة المقضى بها، شرطه.
(5) الأصل أن الأحكام المستعجلة لا تحوز قوة الأمر المقضي. الاستثناء عدم تغيير مراكز الخصوم وظروف الدعوى.
1 - النص فى المادة 23/ 1 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - الذى يحكم واقعة النزاع - على أنه "لا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر بأداء الأجرة.... وذلك قبل إقفال باب المرافعة فى الدعوى فإذا تكرر امتناعه أو تأخره عن الوفاء بالأجرة المستحقة دون أن يقدم مبررات للمحكمه حكم عليه بالإخلاء." يدل وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة على أن التكرار فى الامتناع أو التأخير عن سداد الأجرة الموجب للحكم بالإخلاء رغم الوفاء به أثناء السير فى الدعوى يستلزم لتحققه سبق إقامة دعوى موضوعية بالإخلاء وفق الإجراءات المنصوص عليها بصدر هذا النص.
2- لما كان الاستئناف لا يعدو أن يكون مرحلة ثانية أتاحها القانون للمحكوم عليه فى المرحلة الأولى ليعاود الدفاع عن حقه الذى لم يرتض الحكم الصادر فى شأنه، لذلك نصت المادة 232 من قانون المرافعات على أن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التى كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط وأنه ولئن كان القانون قد أجاز للمحكوم عليه تدارك ما فاته فى المرحلة الأولى من التقاضى من أسباب الدفاع عن حقه بأن يتقدم إلى محكمة الدرجة الثانية بما يتوافر له من أدلة وأوجه دفاع جديدة وأوجب على تلك المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم إليها منها فضلاًًًًً عما سبق تقديمه إلى محكمة الدرجة الأولى إعمالاًًًًً لنص المادة 233 من قانون المرافعات، إلا أنه التزاماًًًًً بالأصل المقرر بأن يكون التقاضى على درجتين وتجنباًًًًً لاتخاذ - الاستئناف وسيلة لمباغتة الخصم بطلب لم يسبق عرضه على محكمة أول درجة فقد حظرت المادة 235 من قانون المرافعات قبول أى طلب جديد أمام المحكمة الاستئنافية وأوجبت عليها الحكم بذلك من تلقاء نفسها، وأنه لئن أجاز هذا النص - دون تعديل فى موضوع الطلب - تغيير سببه أو الإضافة إليه فإن ذلك مشروط بأن يكون قصد المدعى من تغييره أو إضافته إلى جانب السبب الذى كان يستوى عليه الطلب أمام محكمة الدرجة الأولى هو تأكيد الاحقية فى ذات الطلب الذى كان مطروحاًًًًً عليها وإعمالاًًًًً للرخصة التى أتاحها المشرع للخصوم، فإن لهم مع بقاء موضوع الطلب الأصلى على حالة تغيير سببه فى الاستئناف أو الإضافة إليه ولا يحول ذلك دون قبوله ما دام الموضوع واحداًًًًً لم يتغير فى الطلب الجديد فى الاستئناف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ما يتغير به موضوع الدعوى.
3- من حق المؤجر وفقاًًًًً للمادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن - يطلب إخلاء المكان المؤجر إذا أخل المستأجر بالتزامه بسداد الأجرة فإن الطلب الأصلى هو فسخ عقد الإيجار، وسبب الإخلاء هو عدم سداد المستأجر للأجرة وإخلاء العين المؤجرة هو الأثر المترتب على هذا الفسخ ويحق للمؤجر والحالة كذلك - مع بقاء طلب الفسخ على حاله. أن يغير سبب الطلب فى الاستئناف ولا يعتبر ذلك من قبيل الطلبات الجديدة فى مفهوم المادة 235 من قانون المرافعات، إذ يجوز أن يكون سبب الفسخ هو قيام المستأجر بتأجير عين النزاع من الباطن أو التنازل عنها أو إساءة استعمال العين المؤجرة أو مخالفة المستأجر لشروط الإيجار المعقولة، - فالطلب فى جميع هذه الحالات هو فسخ عقد الإيجار وحالات الإخلاء ما هى إلا أسباب للطلب، يؤيد ذلك ما نصت عليه المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - وتقابلها المادة 31 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - من أنه فى غير الأماكن المؤجرة مفروشة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد" إلا لأحد الأسباب الآتية... وقد عددتها المادة فى بنود ثلاثة هى عدم سداد المستأجر للأجرة المستحقة، التأجير من الباطن والتنازل عن الإيجار وترك العين المؤجرة واستعمال المكان المؤجر بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة وتضر بمصلحة المؤجر. ومن ثم يجوز للمؤجر مع بقاء طلب الفسخ على حاله - أن يغير من سببه أمام محكمة الاستئناف فله أن يطلب الإخلاء لإساءة المستأجر استعمال العين المؤجرة أو لتنازله عنها أو لتأجيرها من الباطن بدلاًًًًً من الإخلاء لعدم سداد الأجرة أو بالإضافة إليه، إلا أن الأمر يختلف بالنسبة للطلب المنصوص عليه فى المادة 5 من القانون رقم 52 لسنة 1969 التى تنص على حظر احتجاز أكثر من مسكن دون مقتض فى البلد الواحد، إذ أن دعوى المؤجر فى هذه الحالة هى دعوى بطلان العقد، فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن - عقد إيجار المسكن المحتجز بالمخالفة لحكم هذا النص يقع باطلاًًًًً بطلاناًًًًً مطلقاًًًًً لمخالفته للنظام العام، ومن ثم فإن لكل ذى مصلحة مالكاًًًًً كان أو طالب استئجار فيه الحق فى طلب الإخلاء ولما كانت دعوى بطلان العقد على هذا النحو تعتبر طلباًًًًً جديداًًًًً فى حكم المادة 23 من قانون المرفعات، فلا يجوز للمؤجر الذى طلب فسخ العقد لعدم سداد الأجرة أو لغير ذلك من الأسباب الواردة بالمادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن يطلب لأول مرة - أمام محكمة الاستئناف - بطلان عقد الإيجار لاحتجاز المستأجر أكثر من مسكن دون مقتض وإن جاز له مع بقاء موضوع طلبه الأصلى على حاله أن يضيف أياًًًًً من الأسباب الأخرى التى عددتها هذه المادة.
4 - لئن كان الطعن بالنقض كأصل عام وعلى ما تقضى به المادة 248 من قانون المرافعات، لا يجوز إلا فى الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف إلا أن النص فى المادة 249 من قانون المرافعات على أنه "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض فى أى حكم انتهائى - أياًًًًً كانت المحكمة التى أصدرته - فصل فى نزاع خلافاًًًًً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي. "يدل على أن المشرع أجاز استثناء من هذا الأصل الطعن على الأحكام الانتهائية إذا خالفت حجية حكم سابق صدر بين الخصوم أنفسهم ولا يلزم لذلك - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن تكون المسألة أساسية استقرت حقيقتها بين الخصوم فتكون بذاتها الأساس فيما يدعيه بعد ذلك فى الدعوى الثانية أى من الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها.
5 - لما كان الأصل فى الأحكام المستعجلة أنها لا تحوز قوة الأمر المقضى إلا أن هذا لا يعنى جواز اثارة النزاع الذى فصل فيه القاضى المستعجل من جديد، متى كان مركز الخصوم هو والظروف التى انتهت بالحكم هى بعينها لم يطرأ عليها تغيير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
أولاًًًًً: الطعن رقم 966 سنة 51 ق:
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنة أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم 4351 سنة 1972 مدنى كلى جنوب القاهرة بطلب الحكم بإخلاء العين المبنية بالصحيفة وتسليمها إليها، وقالت فى شرح دعواها أن المطعون ضده يستأجر منها "الفيلا" رقم 44 شارع 254 بمنطقة دجلة بالمعادى بموجب عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1963 بإيجار شهرى قدره ستة عشر جنيهاًًًًً بعد التخفيض بالإضافة إلى رسم النظافة وقد تأخر فى سداد الأجرة من 1/ 7/ 1972 إلى 31/ 10/ 1972 وقدرها 280/ 65 جنيه، ولم يقم بالسداد رغم التنبيه عليه بموجب إنذار أعلن له على يد محضر فى 16/ 10/ 1972، فأقامت دعواها. بتاريخ 25/ 1/ 1973 حكمت المحكمة بالإخلاء والتسليم، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 3999 سنة 90 ق القاهرة، وبتاريخ 29/ 4/ 1975 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف على سند من أن سداد المطعون ضده للاجرة كان لاحقاًًًًً لقفل باب المرافعة أمام محكمة أول درجة. طعن المطعون ضده فى هذا الحكم بطريق النقض، وبتاريخ 15/ 6/ 1975 أمرت محكمة النقض بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاًًًًً حتى يفصل فى الطعن، ثم عادت وقضت بتاريخ 26/ 1/ 1980 بنقض الحكم المطعون فيه، وأعادت الدعوى إلى محكمة الاستئناف، وبعد تعجيلها قضت المحكمة بتاريخ 28/ 2/ 1981 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وإذ طلبت الطاعنة أثناء نظر الطعن رقم 573 سنة 52 ق ضم الطعن الماثل إليه للارتباط ووحدة الخصوم أمرت هذه المحكمة بضمه، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي. برفض الطعن، وقد التزمت النيابة رأيها. بالجلسة التى نظر فيها الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثانى منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك تقول أن المادة 23/ 1 من القانون رقم 52 لسنة 1969 ولئن أجازت للمستأجر توقى الحكم بالإخلاء بسداد الأجرة المتأخرة قبل إقفال باب المرافعة فى الدعوى إلا أن النص فى الفقرة الأخيرة من هذه المادة أوجب على المحكمة الحكم بالإخلاء حتى ولو قام المستأجر بسداد الأجرة على هذا النحو متى تحقق لها تكرار امتناعه أو تأخره عن سداد الأجرة دون أن يقدم مبررات لذلك تقدرها المحكمة، وإذ تمسكت فى صحيفة افتتاح الدعوى بأن المطعون ضده تكرر تأخره عن الوفاء بالأجرة إذ سبق أن أقامت عليه الدعوى رقم 3572 سنة 1972 مستعجل القاهرة لطرده من عين النزاع، وقدمت المستندات الدالة على اتخاذها الإجراءات القضائية ضده فى هذا الشأن، ورغم أن الحكم المطعون فيه أورد هذا الدفاع الجوهرى فى مناسبة تحصيله لوقائع النزاع ودفاع الخصوم فيه، إلا أنه أغفل الرد عليه، وقضى برفض دعوى الإخلاء على سند من أن المطعون ضده قام بسداد الأجرة المتأخرة قبل إقفال باب المرافعة فى الدعوى فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وعابه القصور فى التسبيب.
وحيث إن النعى غير سديد، ذلك أن النص فى المادة 23/ 1 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - الذى يحكم واقعة النزاع - على أنه "لا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر بأداء الأجرة... وذلك قبل إقفال باب المرافعة فى الدعوى فإذا تكرر امتناعه أو تأخره عن الوفاء بالأجرة المستحقة دون أن يقدم مبررات تقدرها المحكمة حكم عليه بالإخلاء". يدل وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة على أن التكرار فى الامتناع أو التأخير عن سداد الأجرة الموجب للحكم بالإخلاء رغم الوفاء به أثناء السير فى الدعوى يستلزم لتحققه سبق إقامة دعوى موضوعية بالإخلاء وفق الإجراءات المنصوص عليها بصدر هذا النص، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعنة سبق لها أن أقامت الدعوى رقم 3572 سنة 1972 مستعجل القاهرة لطرد المطعون ضده من عين النزاع لعدم سداده الأجرة، واستصدرت أمر الأداء رقم 1008 سنة 1980 حلوان بإلزام المطعون ضده بأداء الأجرة المتأخرة عن مدة سابقة وهى لا تصلح سنداًًًًً لتوافر التكرار فى الامتناع أو التأخير عن سداد الأجرة الموجبة للحكم بالإخلاء بالمفهوم السابق إيضاحه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على سند من أن المطعون ضده قام بسداد الأجرة قبل إقفال باب المرافعة فى الدعوى مما يمتنع معه الحكم بالإخلاء فإنه يكون قد أعمل صحيح حكم القانون، ولا يترتب على الحكم أن هو أغفل الرد على دفاع الطاعنة غير الجوهري، ولا يعيبه ذلك بالقصور.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك يقول إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضده ترك الإقامة بالعين المؤجرة وأقام مع زوجته وأولاده بالعقار رقم 10 شارع قنال السويس بالمهندسين كما أنه أساء استعمال العين المؤجرة وهى من الأسباب الموجبة للإخلاء ولا تعد من الطلبات الجديدة فى مفهوم المادة 235 من قانون المرافعات، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهرى الذى يتغير به وجه الرأى فى الدعوى فإنه يكون معيباًًًًً بالقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إنه لما كان الاستئناف لا يعدو أن يكون مرحلة ثانية أتاحها القانون للمحكوم عليه فى المرحلة الأولى ليعاود الدفاع عن حقه الذى لم يرتض الحكم الصادر فى شأنه، لذلك نصت المادة 232 من قانون المرافعات على أن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التى كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط، وأنه لئن كان القانون قد أجاز للمحكوم عليه تدارك ما فاته فى المرحله الأولى من التقاضى من أسباب الدفاع عن حقه بأن يتقدم إلى محكمة الدرجة الثانية بما يتوافر له من أدلة وأوجه دفاع جديدة وأوجب على تلك المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم إليها منها فضلاًًًًً عما سبق تقديمه إلى محكمة الدرجة الأولى إعمالاًًًًً لنص المادة 233 من قانون المرافعات، إلا أنه التزاماًًًًً بالأصل المقرر بأن يكون التقاضى على درجتين وتجنباًًًًً لاتخاذ الاستئناف وسيلة لمباغتة الخصم بطلب لم يسبق عرضه على محكمة أول درجة فقد حظرت المادة 235 من قانون المرافعات قبول أى طلب جديد أمام المحكمة الاستئنافية وأوجبت عليها الحكم بذلك من تلقاء نفسها، وأنه لئن أجاز هذا النص - دون تعديل فى موضوع الطلب - تغيير سببه أو الإضافة إليه فإن ذلك مشروط بأن يكون قصد المدعى من تغييره أو إضافته إلى جانب السبب الذى كان يستوى عليه الطلب أمام محكمة الدرجة الأولى هو تأكيد الأحقية فى ذات الطلب الذى كان مطروحاًًًًً عليها وإعمالاًًًًً للرخصة التى أتاحها المشرع للخصوم، فإن لهم مع بقاء موضوع الطلب الأصلى على حالة تغيير سببه فى الاستئناف أو الإضافة إليه ولا يحول ذلك دون قبوله ما دام الموضوع واحداًًًًً لم يتغير فالطلب الجديد فى الاستئناف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ما يتغير به موضوع الدعوى، لما كان ذلك وكان من حق المؤجر وفقاًًًًً للمادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن يطلب إخلاء المكان المؤجر إذا أخل المستأجر بالتزامه بسداد الأجرة فإن الطلب الأصلى هو فسخ عقد الإيجار، وسبب الإخلاء هو عدم سداد المستأجر للأجرة وإخلاء العين المؤجرة هو الأثر المترتب على هذا الفسخ ويحق للمؤجر والحال كذلك - مع بقاء طلب الفسخ على حاله. أن يغير سبب الطلب فى الاستئناف، ولا يعتبر ذلك من قبيل الطلبات الجديدة فى مفهوم المادة 235 من قانون المرافعات، إذ يجوز أن يكون سبب الفسخ هو قيام المستأجر بتأخير عين النزاع من الباطن أو التنازل عنها أو إساءة استعمال العين المؤجرة أو مخالفة المستأجر لشروط الإيجار المعقولة، فالطلب فى جميع هذه الحالات هو فسخ عقد الإيجار وحالات الإخلاء ما هى إلا أسباب للطلب، يؤيد ذلك ما نصت عليه المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - وتقابلها المادة 31 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - من أنه فى غير الأماكن المؤجرة مفروشة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد إلا لأحد الأسباب الآتية... وقد عددتها المادة فى بنود ثلاثة هى عدم سداد المستأجر للأجرة المستحقة، التأجير من الباطن والتنازل عن الإيجار وترك العين المؤجرة واستعمال المكان المؤجر بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة وتضر بمصلحة المؤجر، ومن ثم يجوز للمؤجر - مع بقاء طلب الفسخ على حاله - أن يغير من سببه أمام محكمة الاستئناف فله أن يطلب الإخلاء لإساءة المستأجر استعمال العين المؤجرة أو لتنازله عنها أو لتأجيرها من الباطن بدلاًًًًً من الإخلاء لعدم سداد الأجرة أو بالإضافة إليه، إلا أن الأمر يختلف بالنسبة للطلب المنصوص عليه فى المادة 5 من القانون رقم 52 لسنة 1969 التى تنص على حظر احتجاز أكثر من مسكن دون مقتض فى البلد الواحد، إذ أن دعوى المؤجر فى هذه الحالة هى دعوى بطلان العقد، فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن عقد إيجار المسكن المحتجز بالمخالفة لحكم هذا النص يقع باطلاًًًًً بطلاناًًًًً مطلقاًًًًً لمخالفته للنظام العام، ومن ثم فإن لكل ذى مصلحة مالكاًًًًً كان أو طالب استئجار فيه الحق فى طلب الإخلاء، ولما كانت دعوى بطلان العقد على هذا النحو تعتبر طلباًًًًً جديداًًًًً فى حكم المادة 235 من قانون المرافعات، فلا يجوز للمؤجر الذى طلب فسخ العقد لعدم سداد الأجرة أو لغير ذلك من الأسباب الواردة بالمادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن يطلب لأول مرة - أمام محكمة الاستئناف - بطلان عقد الإيجار لاحتجاز المستأجر أكثر من مسكن دون مقتض وإن جاز له مع بقاء موضوع طلبه الأصلى على حاله أن يضيف أياًًًًً من الأسباب الأخرى التى عددتها هذه المادة، لما كان ما تقدم، وكان الثابت من الاطلاع على الملف الاستئنافى أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الاستئناف فى مذكراتها المقدمة لجلسات 10/ 2/ 1974، 27/ 11/ 1974، 26/ 2/ 1975، 28/ 2/ 1981 بأن المطعون ضده ترك عين النزاع وأقام فى العقار رقم 10 شارع قناة السويس بالمهندسين، وأنه أساء استعمال العين المؤجرة لسماحه بارتكاب الأفعال المخلة بالآداب العامة وأخل بالتزامه بسداد استهلاك المياه فقامت الهيئة العامة لمرفق المياه بحبس المياه عن العين المؤجرة وأدى ذلك إلى إتلاف أشجار الحديقة وزهورها وأهمل فى حراسة العين مما أدى ذلك إلى سرقة باب الحديقة وصنابيرها والجراح الملحق بها وأن هذه الأمور تعد مخالفة لشروط الإيجار المعقولة الضارة بالعين فضلاًًًًً. عن إساءة استعمالها مما يندرج تحت البند ج من المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969، فإنه وإن كان لا يعيب الحكم إغفاله طلب الإخلاء لاحتجاز المطعون ضده أكثر من سكن إذ يعتبر على ما سلف بيانه من قبيل الطلبات الجديدة التى لا يجوز إبداؤها لأول مرة أمام محكمة الاستئناف فى مفهوم المادة 235 من قانون المرافعات، إلا أن تمسك الطاعنة بأن المطعون ضده خالف شروط الإيجار المعقولة وأساء استعمال العين المؤجرة بأن استعملها بطريقة منافية للآداب العامة يعد سبباًًًًً جديداًًًًً لذات الطلب الأصلى الذى كان معروضاًًًًً على محكمة الدرجة الأولى وإذ كان من حقها مع بقاء الطلب الأصلى على حاله أن تغير من سببه أو تضيف إليه سبباًًًًً جديداًًًًً فإن إغفال الحكم المطعون فيه، هذا الدفاع الجوهرى والذى قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى من شأنه أن يعيب الحكم بالقصور والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه.
وحيث إنه وإن كانت المادة 269/ 4 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض عند نقض الحكم المطعون فيه وكان الطعن للمرة الثانية أن تحكم فى الموضوع، إلا أن التصدى لموضوع الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يقتصر على ما إذا كان الطعن للمرة الثانية ينصب على ذات مما طعن عليه فى المرة الأولى، ولما كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الطعن الأول اقتصر على النعى على ما قضى به بشأن سداد الأجرة اللاحق لإقفال باب المرافعة فى الدعوى أمام محكمة أول درجة، وأثره فى عدم توخى الإخلاء، وورود الطعن الثانى على اغفال الحكم المطعون فيه لأسباب الإخلاء التى أثارتها الطاعنة أمام محكمة الاستئناف، وهو ما لم يكن معروضاًًًًً أصلاًًًًً فى الطعن الأول فإنه يتعين أن يكون مع النقض الاحالة.
ثانياً: الطعن رقم 573 سنة 52 ق:
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنة الدعوى رقم 7540 سنة 1975 مستعجل القاهرة بطلب الحكم بصفة مستعجلة بتمكينه من "الفيلا" رقم 44 شارع 254 بمنطقة دجلة بالمعادى وقال فى شرح دعواه أنه استأجر عين النزاع من الطاعنة بموجب عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1963، وبتاريخ 29/ 4/ 1975 صدر ضده حكم بإخلاء عين النزاع فى الاستئناف 3999 سنة 90 ق القاهرة، وقامت الطاعنة بتنفيذه فى 29/ 5/ 1975، إلا أن محكمة النقض أمرت فى 15/ 6/ 1975 بوقف تنفيذ هذا الحكم حتى يفصل فى الطعن رقم 534 سنة 45 ق المرفوع منه، مما يحق له معه العودة إلى عين النزاع، بتاريخ 31/ 1/ 1976 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعياًًًًً بنظر الدعوى على سند من أنه تراخى فى رفعها مما تنتفى معه حالة الاستعجال، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 267 سنة 1976 - مستعجل مستأنف القاهرة، وبتاريخ 24/ 5/ 1976 قضت محكمة جنوب القاهرة بهيئة استئنافية بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه، ولاستحالة التنفيذ العينى لهدم عين النزاع. وإذ صدر بتاريخ 28/ 2/ 1981 الحكم فى الاستئناف رقم 3999 سنة 90 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الإخلاء، أقام على الطاعنة الدعوى رقم 1523 سنة 1981 مستعجل القاهرة بطلب الحكم بتمكينه من"الفيلا" موضوع النزاع، كما أقامت الطاعنة ضده الأشكال رقم 117 سنة 1981 مستعجل القاهرة طالبة الحكم بوقف تنفيذ الحكم سالف الذكر، وبتاريخ 23/ 4/ 1981 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المستشكل فى تنفيذه، وفى الدعوى المستعجلة برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وبعدم اختصاص القضاء المستعجل نوعياًًًًً بنظرها على سند من أن الفصل فيها يمس أصل الحق استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 1067 سنة 1981 مستعجل القاهرة، وبتاريخ 3/ 1/ 1982 قضت محكمة جنوب القاهرة بهيئة استئنافية برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى، وبإلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض الإشكال والاستمرار فى التنفيذ، وفى الدعوى المستعجلة بتمكين المطعون ضده من الانتفاع بالعين المؤجرة، وقد أقام هذا الحكم قضاءه على أن التمسك بحجية الحكم 267 سنة 1976 مستأنف مستعجل القاهرة فى غير محله لاختلاف السبب فى الدعويين ولأن ركن الاستعجال لاستحالة التنفيذ هو المسألة الأساسية ولم يتناول الحكم الأول هذه المسألة بالحسم فلا حجية للأسباب التى أوردها الحكم بشأنهما. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفى بيان ذلك تقول أن الحكم فصل فى النزاع خلافاًًًًً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، إذ سبق أن صدر الحكم فى الدعوى رقم 267 سنة 1976 مستأنف مستعجل القاهرة بين نفس الخصوم وقضى بتأييد الحكم الصادر بعدم اختصاص محكمة أول درجة نوعياًًًًً بنظر الدعوى رقم 7540 سنة 1975 مستعجل جزئى القاهرة التى أقامها المطعون ضده الأول بطلب تمكينه من العين المؤجرة له من الطاعنة، وذلك لتراخيه فى إقامة دعوى النزاع من 29/ 5/ 1975 تاريخ إخلاء العين وحتى 30/ 11/ 1975 تاريخ تقديمه لصحيفة افتتاح الدعوى مما ينتفى معه شرط الاستعجال، ولاستحالة التنفيذ العينى لهدم الطاعنة العقار، ومن ثم يكون هذا الحكم قد حسم النزاع حول مسألة أساسية هى هدم العقار واستحالة التنفيذ العيني، بحيث لا تجوز إثارتها مرة أخرى أمام القضاء المستعجل حيث لم تتغير الظروف والمراكز القانونية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتمكين المطعون ضده الأول من عين النزاع فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن النعى سديد، ذلك ولئن كان الطعن بالنقض كأصل عام وعلى ما تقضى به المادة 248 من قانون المرافعات، لا يجوز إلا فى الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف إلا أن النص فى المادة 249 من قانون المرافعات على أنه "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض فى أى حكم انتهائى - أياًًًًً كانت المحكمة التى أصدرته - فصل فى نزاع خلافاًًًًً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي. "يدل على أن المشرع أجاز استثناء من هذا الأصل الطعن على الأحكام الانتهائية إذا خالفت حجية حكم سابق صدر بين الخصوم أنفسهم ولا يلزم لذلك - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن تكون المسألة المقضى فيها مسألة كلية شاملة بل يكفى أن تكون مسألة أساسية استقرت حقيقتها بين الخصوم فتكون هى بذاتها الأساس فيما يدعيه بعد ذلك فى الدعوى الثانية أى من الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها، ولما كان الأصل فى الأحكام المستعجلة أنها لا تحوز قوة الأمر المقضى إلا أن هذا لا يعنى جواز إثارة النزاع الذى فصل فيه القاضى المستعجل من جديد، متى كان مركز الخصوم هو والظروف التى انتهت بالحكم هى بعينها لم يطرأ عليها تغيير، وكان البين من الحكم الصادر فى الاستئناف رقم 267 سنة 1976 مستأنف مستعجل القاهرة أن المطعون ضده كان قد طلب من محكمة أول درجة الحكم بتمكينه من العين المؤجرة له من الطاعنة قضت محكمة أول درجة بعدم اختصاصها نوعياًًًًً بنظر الدعوى لافتقاد شرط الاستعجال لتراخى المطعون ضده الأول فى رفع دعواه إذ الثابت أنه طرد من عين النزاع فى 29/ 5/ 1975 ولم يرفع الدعوى إلا فى 30/ 11/ 1975 وانتهى الحكم الاستئنافى فى مدوناته بالنظر لتراخى المستأنف (المطعون ضده الأول) فى إقامة الدعوى المستأنفة حتى قامت المستأنف ضدها (الطاعنة) بهدم العقار إلى سطح الأرض واستحصلت على ترخيص. لإقامة المبانى الجديدة وتعاقدت مع المقاول بشأن هذه الأعمال الجديدة ولم ينازع المستأنف (المطعون ضده) فى صحة هذه الوقائع - وبالتالى فقد استحال التنفيذ العينى بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه وأضحى الأمر من قبيل تعرض المستأنف ضدها (الطاعنة) وحرمانه بالكامل من انتفاعه بالعين المؤجرة الأمر الذى يخرج عن نطاق ولاية القضاء المستعجل. مما مفاده أن المسألة الأساسية التى عول عليها الحكم هى هلاك العين المؤجرة مما أدى إلى استحالة التنفيذ العينى بتمكين المطعون ضده - المستأجر - منها، وهذه المسألة الأساسية والتى لم تكن حسبما أورده الحكم محل منازعه من الطاعنة - قد استقرت حقيقتها بين الخصوم بحكم حاز قوة الأمر المقضى، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وذهب فى مدوناته إلى أن التراخى فى إقامة الدعوى كان هو المسألة الأساسية التى حسمها الحكم وليست استحالة التنفيذ، وأن الحكم السابق لم يتناول المسألة الأخيرة بالحسم لما كان ذلك وكانت مراكز الخصوم والظروف التى صدر فيها الحكم السابق هى بعينها لم يطرأ عليها تغيير فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أعاد النظر فى ذات المسألة التى فصل الحكم السابق وناقضه مما يكون معه الطعن فيه بالنقض جائزاًًًًً رغم صدوره من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية وذلك عملاًًًًً بالمادة 249 من قانون المرافعات.
وحيث إن الطعن استوفى اوضاعه الشكلية.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.