أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1053

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، وطه الصديق دنانة، ومصطفى محمود الأسيوطي،

(219)
الطعن رقم 953 لسنة 43 القضائية

(1) دعارة. جريمة. "أركانها". تحقيق. "مراقبة تليفونية". دفوع. "الدفع ببطلان المراقبة التليفونية".
جريمة تسهيل الدعارة. صورها؟
إفصاح الحكم المطعون فيه عن وقوع تسهيل الدعارة حين إصدار القاضى الإذن بالمراقبة التليفونية. تعييبه بالخطأ فى الرد على الدفع ببطلان هذه المراقبة فى غير محله.
(2) تحقيق. "مراقبة تليفونية". بطلان. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". اجراءات. مراقبة تليفونية.
إصدار القاضى إذنه بمراقبة التليفون بعد إثبات إطلاعه على محضر التحريات وإفصاحه عن اطمئنانه إلى كفايتها. كفايته لاعتبار إذنه مسبباً حسبما تطلبته المادة 206 إجراءات المعدلة بالقانون 37 سنة 1971.
(3) دعارة. جريمة. "أركانها". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القانون 10 سنة 1961 فى شأن مكافحة الدعارة لم يشترط للعقاب على التحريض أو المساعدة أو التسهيل أو الاستغلال اقتراف الفحشاء بالفعل.
(4) إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تساند الأدلة. لا يلزم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها.
(5) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
متابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى وفى كل شبهة يثيرها والرد على ذلك. لا يلزم. ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم.
(6) تحقيق. "مراقبة تليفونية". بطلان. إجراءات. مراقبة تليفونية. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". نيابة عامة. دعارة.
المادة 200 إجراءات نصها بجواز تكليف النيابة العامة لأى من مأمورى الضبط القضائى ببعض الأعمال التى من خصائصه نص عام مطلق يسرى على كافة إجراءات التحقيق. ليس فى القانون ما يخصصه أو يقيده. ندب النيابة العامة للضابط لتنفيذ إذن القاضى الجزئى بمراقبة تليفون الطاعنة وتفريغ التسجيلات الخاصة بالمحادثات التليفونية صحيح.
7 - تفتيش. "التفتيش بإذن". بطلان. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفوع. "الدفع ببطلان التفتيش". دعارة.
الطعن بالبطلان فى الدليل المستمد من التفتيش لعدم مراعاة الأوضاع القانونية لا يجوز إلا ممن شرعت هذه الأوضاع لحمايتهم.
لا صفة للمتهمة فى الدفع ببطلان تفتيش مسكن هى غير مالكة أو حائزة له.
(8) مأمورو الضبط القضائي. اختصاص. تفتيش. "التفتيش بغير إذن". إجراءات. تحقيق. بطلان. دعارة.
امتداد اختصاص مأمور الضبط إلى جميع من اشتركوا فى الدعوى التى بدأ تحقيقها على أساس وقوع واقعتها فى اختصاصه أينما كانوا.
(9) تحقيق. استجواب. بطلان. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دعارة. إثبات. "اعتراف". مأمورو الضبط.
المادة 29 إجراءات. إجازتها لمأمور الضبط سؤال المتهم عن التهمة دون استجوابه. الاستجواب المحظور عليه. تعريفه.
إثبات الضابط فى محضر ضبط الواقعة سؤال المتهمات إثر الضبط. اعترافهن بممارسة الدعارة إثباته هذا الاعتراف فى محضره. لا تثريب عليه ولا بطلان فى سؤاله للمتهمات عن التهمة المسندة إليهن أو فى إثبات ذلك الاعتراف الذى أدلين به.
(10) إثبات. "اعتراف". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". بطلان. دفوع. "الدفاع ببطلان الاعتراف". نقض. "أسباب الطعن ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع فى تقدير صحة الاعتراف وقيمته فى الإثبات.
لها وحدها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من حيلة أو إكراه لانتزاع الاعتراف منه. تحققها من سلامة الاعتراف. لها الأخذ به بلا معقب عليها. القول بأن الاعتراف موحى به من الضابط لا يشكل دفاعاً ببطلان الاعتراف ولا يعد قرين الإكراه المبطل لا معنى ولا حكماً ما دام سلطان الضابط لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً أو معنوياً.
(11) إجراءات المحاكمة. محكمة الموضوع. "الإجراءات أمامها". نقض. "أسباب الطعن ما لا يقبل منها".
النعى على محكمة الموضوع قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها. غير مقبول.
(12) إجراءات المحاكمة. محكمة الموضوع. "الإجراءات أمامها". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القرار الصادر فى مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة. قرار تحضيرى لا تتولد عنه حقوق للخصوم.
(13) تحقيق. استجواب. بطلان. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفوع. "الدفع ببطلان محضر الضبط". دعارة.
الدفع ببطلان محضر الضبط لخلوه من مواجهة الطاعنة بباقى المتهمات. دفع ظاهر البطلان لا تلتزم المحكمة بالرد عليه. علة ذلك؟ المواجهة كالاستجواب من إجراءات التحقيق المحظور على مأمور الضبط اتخاذها.
(14) حكم. "بياناته". محكمة استئنافية. بطلان. نقض. "أسباب الطعن. مالا يقبل منها".
اعتناق الحكم الاستئنافى المطعون فيه لأسباب الحكم المستأنف الذى أشار إلى مواد الاتهام وخلص إلى معاقبة الطاعنات طبقاً لها. فى ذلك ما يكفى لبيان مواد القانون التى عاقبهن بمقتضاها.
(15) إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها".
لا يشترط فى الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة. يكفى أن يكون ثبوتها مستخلصاً بالاستنتاج من الظروف والقرائن.
(16) نقض. "المصلحة فى الطعن". دعارة. ارتباط. عقوبة.
لا مصلحة فى النعى على الحكم فى واقعة تسهيل الدعارة طالما أنه دان الطاعنة عن تهمتى تسهيل الدعاره والاعتياد على ممارستها وأوقع عقوبة واحدة عن التهمتين تدخل فى حدود عقوبة الاعتياد على الدعارة.
(17) دعارة. إثبات. "بوجه عام". جريمة. "أركانها".
ركن الاعتياد فى جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة. جواز إثباته بشهادة الشهود.
(18) إثبات. "اعتراف". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
الاعتراف من عناصر الاستدلال. لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة. حقها فى الأخذ بالاعتراف فى أى من أدوار التحقيق وإن عدل عنه.
(19) محكمة استئنافية. إثبات. "شهود". إجراءات المحاكمة. تحقيق.
تعويل محكمة ثانى درجة على أقوال الشاهد الشفوية فى التحقيقات دون سماعه. لا عيب ما دامت الطاعنة لم تطلب سماعه وكانت أقواله مطروحة بجلسة المحاكمة. لا يغير من ذلك تقرير محكمة أول درجة التأجيل لإعلانه ثم عدولها عن ذلك. قرارها تحضيرى لا تتولد منه حقوق للخصوم.
(20) نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
شرط قبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً.
1 - تتوافر جريمة تسهيل الدعارة بقيام الجانى بفعل أو أفعال يهدف من ورائها إلى أن ييسر لشخص يقصد مباشرة الفسق تحقيق هذا القصد أو قيام الجانى بالتدابير اللازمة لممارسة البغاء وتهيئة الفرصة له أو تقديم المساعدة المادية أو المعنوية إلى شخص لتمكينه من ممارسة البغاء أيا كانت طريقة أو مقدار هذه المساعدة. ولما كانت مدونات الحكم المطعون فيه قد أبانت فى غير لبس أن جريمة تسهيل الدعارة التى دان الطاعنة الأولى بها كانت قد وقعت حين أصدر القاضى الإذن بالمراقبة - وهو ما أقرته عليه محكمة الموضوع، ومن ثم يكون النعى على الحكم بخطئه فى الرد على الدفع ببطلان الإذن بمراقبة تليفون الطاعنة الأولى لصدوره عن جريمة مستقبلة فى غير محله.
2 - إذا كان الحكم قد أبان أن القاضى قد أصدر الإذن بمراقبة تليفون الطاعنة بعد أن أثبت اطلاعه على التحريات التى أوردها الضابط فى محضره وأفصح عن اطمئنانه إلى كفايتها فإنه بذلك يكون قد اتخذ من تلك التحريات أسباباً لإذنه بالمراقبة وفى هذا ما يكفى لاعتبار إذنه مسبباً حسبما تطلبه المشرع بما نص عليه فى المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 37 لسنة 1972.
3 - إذ نص القانون رقم 10 سنة 1961 فى الفقرة الأولى من المادة الأولى على عقاب كل من حرض شخصا ذكرا كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة. ونص فى الفقرة الثانية من المادة السادسة على عقاب كل من استغل بأية وسيلة بغاء شخص أو فجوره. ثم نص فى المادة السابعة على العقاب على الشروع فى الجرائم المبينة فى المواد السابقة بالعقوبة المقررة للجريمة فى حالة قيامها. فإنه لم يشترط للعقاب على التحريض أو المساعدة أو التسهيل أو الاستغلال اقتراف الفحشاء بالفعل.
4 - لا يلزم أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
5 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى وفى كل شبهة يثيرها والرد على ذلك، ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم.
6 - جرى نص المادة 200 من قانون الإجراءات الجنائية بأنه "لكل من أعضاء النيابة العامة فى حالة إجراء التحقيق بنفسه أن يكلف أى مأمور من مأمورى الضبط القضائى ببعض الأعمال التى من خصائصه". وهو نص عام مطلق يسرى على كافة إجراءات التحقيق وليس فى القانون ما يخصصه أو يقيده. ومن ثم فإن ما يثار بشأن ندب النيابة العامة للضابط خاصاً بتنفيذ إذن القاضى الجزئى بمراقبة تليفون الطاعنة وتفريغ التسجيلات الخاصة بالمحادثات التليفونية يكون فى غير محله.
7 - لا يجوز الطعن بالبطلان فى الدليل المستمد من التفتيش بسبب عدم مراعاة الأوضاع القانونية المقررة إلا ممن شرعت هذه الأوضاع لحمايتهم وإذ كان الثابت أن أياً من المنازل الثلاثة التى جرى تفتيشها لم تكن مملوكة لأية متهمة ولم تكن أية متهمة حائزة لأيها فلا صفة لأى من المتهمات فى الدفع ببطلان تفتيشها.
8 - إذا كان ما أجراه مأمور الضبط القضائى فى الدعوى من وقائع ضبط خارج دائرة اختصاصه المكانى إنما كان فى صدد الدعوى ذاتها التى بدأ تحقيقها على أساس وقوع واقعتها فى اختصاصه وهو ما أقرته عليه محكمة الموضوع - فإن اختصاصه يمتد إلى جميع من اشتركوا فيها واتصلوا بها أينما كانوا ويجعل له الحق عند الضرورة فى مباشرة كل ما يخوله له القانون من إجراءات سواء فى حق المتهم أو فى حق غيره من المتصلين بالجريمة.
9 - لما كان لمأمور الضبط القضائى عملاً بالمادة 29 من قانون الاجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً، وكان الاستجواب المحظور هو الذى يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التى تساق عليه دليلاً دليلاً ليقول كلمته فيها تسليماً بها أو دحضاً لها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع ببطلان الاستجواب فى قوله: "فإنه لما كان الثابت أن الرائد المأذون له بالضبط والتفتيش بعد أن أجرى ضبط المتهمات على النحو الثابت بمحضره سألهن عن التهمة الموجهة إليهن والتى أسفر عنها الضبط، وكان لمأمور الضبط القضائى عملاً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه وكان الثابت فى محضر ضبط الواقعة أنه أثر الضبط سأل المتهمات عما هو منسوب إليهن فاعترفن بممارسة الدعارة عدا المتهمة الأولى التى أنكرت ما نسب إليها فأثبت ذلك الاعتراف فى محضره فلا تثريب عليه، ولا بطلان فى سؤاله للمتهمات عن التهمة المسندة إليهن أو فى إثبات ذلك الاعتراف الذى أدلين به أمامه "فإن ما أورده الحكم صحيح فى القانون ولا تثريب على المحكمة إن هى عولت على تلك الاعترافات فى حكمها ما دامت قد اطمأنت إليها.
10 - الاعتراف فى المسائل الجنائية من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات ولها دون غيرها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الحيلة أو الإكراه ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها. أما مجرد القول بأن الاعتراف موحى به من الضابط فإنه لا يشكل دفعاً ببطلان الاعتراف ولا يعد قرين الإكراه المبطل له لا معنى ولا حكما ما دام سلطان الضابط لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً.
11 - لا يقبل النعى على محكمة الموضوع قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها.
12 - القرار الذى تصدره المحكمة فى مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق.
13 - المواجهة كالاستجواب تعد من إجراءات التحقيق المحظور على مأمور الضبط اتخاذها، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة بشأن بطلان محضر الضبط لخلوه من مواجهتها ببقية المتهمات هو دفع ظاهر البطلان مما لا تلتزم المحكمة بالرد عليه.
14 - إذا كان الثابت من حكم محكمة أول درجة أنه أشار إلى مواد الاتهام التى طلبت النيابة العامة تطبيقها وخلص إلى معاقبة الطاعنة طبقاً لها وقد اعتنق الحكم المطعون فيه أسباب الحكم المستأنف، فإن فى ذلك ما يكفى لبيان مواد القانون التى عاقبهن بمقتضاها.
15 - لا يشترط فى الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
16 - لا مصلحة للطاعنة من النعى على الحكم قصوره أو فساد استدلاله بالنسبة لواقعة تسهيل الدعارة طالما أنه دانها عن تهمتى تسهيل الدعارة والاعتياد على ممارستها وأوقع عليها عقوبة واحدة عن التهمتين مما تدخل فى حدود العقوبة المقررة لتهمة الاعتياد على الدعارة.
17 - لا تثريب على المحكمة إن هى عولت فى إثبات ركن الاعتياد فى جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة المنصوص عليها فى المادة التاسعة من القانون رقم 10 سنة 1961 - على شهادة الشهود، طالما أن القانون لا يستلزم لثبوته طريقة معينة من طرق الإثبات.
18 - الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولها سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحق والواقع.
19 - إذا كانت الطاعنة لم تطلب من محكمة ثانى درجة سماع الشاهد فلا على المحكمة إن هى عولت على أقواله الشفوية فى التحقيقات دون سماعه ما دامت أقواله كانت مطروحة على بساط البحث فى جلسة المحاكمة ولا يغير من ذلك أن تكون محكمة أول درجة هى التى قررت من تلقاء نفسها التأجيل لإعلان ذلك الشاهد ثم عدلت عن قرارها، ذلك لأن القرار الذى تصدره المحكمة فى مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم يوجب حتما العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق.
20 - استقر قضاء النقض على أن شرط قبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنات بأنهن فى يوم 23 مارس سنة 1973 بدائرة قسم الأزبكية وقصر النيل محافظة القاهرة: وقسم الدقى محافظة الجيزة (أولاً) المتهمة الأولى (1) سهلت دعارة المتهمات من الثانية إلى العاشرة حالة كون المتهمات السادسة والسابعة والثامنة لم يبلغن من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية (2) حرضت وأغرت المتهمات الثانية والثالثة والرابعة والخامسة على ارتكاب الدعارة حالة كون المتهمة الثالثة لم تبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية (3) عاونت المتهمة التاسعة على ممارسة الدعارة بأن جعلتها تقيم معها بسكنها وتتولى الاتفاق عليها على النحو الموضح بالتحقيقات (4) استغلت بغاء المتهمات من الثالثة إلى العاشرة على النحو الموضح بالمحضر والتحقيقات (ثانياً) المتهمة العاشرة سهلت دعارة المتهمتين السادسة والسابعة على النحو الموضح بالأوراق (ثالثاً) المتهمات من الثانية إلى العاشرة - اعتدن ممارسة الدعارة مع الرجال بدون تمييز مقابل أجر. وطلبت معاقبتهن بالمواد 1/ أ - ب و6/ أ - ب و7/ جـ و15 من القانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة آداب القاهرة قضت حضورياً بتاريخ 24 من أبريل سنة 1973 عملاً بمواد الاتهام والمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية (أولاً) برفض الدفع بعدم اختصاص محكمة آداب القاهرة بنظر الدعوى وباختصاصها (ثانياً) برفض الدفع ببطلان الإذن الصادر من وكيل نيابة الآداب بالتسمع (ثالثاً) بعدم قبول الدفع ببطلان الإذن الصادر من وكيل نيابة الجيزة الكلية بتفتيش الشقة رقم / 11 بعمارة برج النيل (رابعاً) بعدم قبول الدفع ببطلان تفتيش الشقة رقم / 41 بالمنزل رقم 29 شارع أمين الرافعى (خامساً) بعدم قبول الدفع ببطلان تفتيش الشقة/ 51 بالمنزل/ 1081 شارع كورنيش النيل (سادساً) برفض الدفع ببطلان التحقيق الابتدائى (سابعاً) برفض الدفع ببطلان محضر تفريغ المكالمات التليفونية (ثامناً) برفض الدفع ببطلان اعترافات المتهمات الثانية والثالثة والرابعة والخامسة بتحقيقات النيابة (تاسعاً) بمعاقبة المتهمة الأولى بالحبس لمدة خمس سنين مع الشغل والنفاذ وبتغريمها خمسمائة جنيه وبوضعها تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات تبدأ من نهاية تنفيذ عقوبة الحبس. (عاشراً) بمعاقبة كل من المتهمات الثانية والثامنة والعاشرة بالحبس لمدة ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وتغريم كل منهن خمسمائة جنيه. وبوضع كل منهن تحت مراقبة الشرطة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من نهاية تنفيذ عقوبة الحبس (حادى عشر) بمعاقبة كل من المتهمات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والتاسعة بالحبس لمدة سنتين مع الشغل والنفاذ وبتغريم كل منهن مائتى جنيه وبوضع كل منهن تحت مراقبة الشرطة لمدة سنتين تبدأ من نهاية تنفيذ عقوبة الحبس وأمرت بإيداعهن الاصلاحية الخاصة حتى تأمر الجهة الإدارية بإخراجهن. فاستأنفت المتهمات هذا الحكم ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 23 يونيه سنة 1973 بقبول استئناف المتهمات وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء (أولاً) بحبس المتهمة الأولى ثلاث سنوات مع الشغل وبتغريمها ثلاثمائة جنيه وبوضعها تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة (ثانياً) بحبس كل من المتهمتين الثانية والعاشرة سنة واحدة مع الشغل وبتغريم كل منهما مائة جنيه وبوضعها تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة (ثالثاً) بحبس كل من المتهمات من الثالثة إلى التاسعة ستة شهور مع الشغل وبوضع كل منهن تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة. فطعنت المحكوم عليهن جميعاً فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والثامنة والتاسعة وإن كن قد قررن بالطعن فى الميعاد إلا أنهن لم يقدمن أسباباً لطعنهن ومن ثم يكون الطعن المقدم من كل منهن غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله - وأن التقرير بالنقض وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها إحداهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
وحيث إن الطعن المقدم من كل من الطاعنات الأولى والثانية والسابعة والعاشرة قد استوفى الشكل المقرر له فى القانون.
وحيث إن مبنى الطعن وهو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة الأولى بجرائم تسهيل الدعارة والتحريض والمعاونة على ارتكابها واستغلال البغاء والطاعنة العاشرة بجريمتى تسهيل الدعارة والاعتياد على ممارستها والطاعنتين الثانية والسابعة بجريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع وبطلان فى الإجراءات، ذلك بأنه قد دفع امام محكمة الموضوع ببطلان الإذن الصادر من قاضى محكمة الآداب بوضع تليفون الطاعنة العاشرة تحت المراقبة لصدوره عن جريمة مستقبلة ولكونه غير مسبب وذلك بالمخالفة لنص المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفع بما لا يتفق وصحيح القانون. وقد خلت المحادثات التليفونية مما يشير إلى ارتكاب الطاعنة الأولى لجريمة تسهيل الدعارة لقاء أجر، وما قال به الشهود لا يؤكد أن بقية المتهمات قد حضرن يوم الضبط بقصد البغاء خاصة وأنهن لم يضبطن يقارفن الفحشاء، ولم يعبأ الحكم بالمستندات التى قدمتها الطاعنتان الأولى والعاشرة الدالة على أنهما تحترفان الفن وإحياء الحفلات الترفيهية. كما دفع ببطلان الإذن الصادر من النيابة العامة بندب الرائد..... لمباشرة رقابة تليفون الطاعنة الأولى وما تلاه من إجراءات. إذ أن القاضى الجزئى المشار إليه لا يملك هذا الندب وكان يتعين على النيابة العامة أن تقوم بنفسها بمباشرة الرقابة المذكورة. ودفع أيضاً ببطلان الإذن الصادر من وكيل نيابة الجيزة بتفتيش الشقة.... وما ترتب عليه من إجراءات لانعقاد الاختصاص بإصداره للقاضى الجزئى ولكونه غير مسبب على ما تقضى به المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 ولانحسار الاختصاص المكانى للرائد.... عن تنفيذه ولشموله بغير مقتض من يتواجد مع الطاعنة الأولى. وقد أطرح الحكم هذه الدفوع برد قاصر غير سائغ، هذا وقد أتى الرائد المذكور ما هو محظور إذ استجوب الطاعنات وباقى المتهمات وأتت أقوالهن وليدة وعد ووعيد من رجال الشرطة وآية ذلك ورودها على نمط واحد مما يؤكد إنها كانت مملاة عليهن وأغفلت المحكمة فى ردها على ذلك ما قررته الطاعنة الثانية من أن أقوالها بمحضر الضبط كانت بإيحاء من الضابط كما أن النيابة العامة ندبت الرائد..... لتفريغ تسجيلات المحادثات التليفونية مع أنه كان يلزمها القيام بذلك الإجراء بنفسها إعمالاً لنص المادة 206 السابق الإشارة إليها، وقد عدلت المحكمة دون مسوغ عن تنفيذ قرارها بشأن ندب أحد المهندسين المختصين لتفريغ تلك التسجيلات. هذا فضلاً عن أن الطاعنة الأولى قد دفعت ببطلان محضر التحقيق الابتدائى لعدم مواجهتها ببقية المتهمات وأوضحت فى مذكرتها الشارحة أن الدفع خاص بمحضر الضبط الذى حرره.....، إلا أن المحكمة أخطأت الفهم وعالجته على أنه نعى على التحقيق الذى أجرته النيابة العامة وقد خلا الحكم من بيان نص القانون الذى حكم بموجبه، وما حصله من أقوال المتهمتين السادسة والسابعة من أن الطاعنة العاشرة قد عرفتهما بخالتها الطاعنة الأولى وإنها اصطحبتهما إلى المنزل الذى ضبطتا به بقصد ممارسة الدعارة لا يؤدى إلى ما رتبه على تلك الأقوال من إدانة الطاعنة العاشرة بجريمة تسهيل دعارة هاتين المتهمتين، وقد دان الحكم الطاعنة السابعة بجريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة مع أنها لم تضبط وهى تقارف الفحشاء بالفعل. كما أن الطاعنة الثانية دفعت ببطلان محضر التحقيق الابتدائى لانعدام المواجهة فيه إلا أن المحكمة أطرحت دفعها هذا بما لا يسيغه القانون وعولت على الاعترافات المنسوبة لها بالتحقيقات مع أنها ليست نصا فى اقتراف الجريمة ودون أن تبين سبب إطراحها لإنكار الطاعنة المذكورة بجلسة المحاكمة، فضلاً عن أن تلك الاعترافات لا تكفى بذاتها للقضاء بالادانة وخاصة أن اسم تلك الطاعنة لم يرد فى الأحاديث التليفونية المسجلة. ولم تلتفت المحكمة إلى ما طلبته خاصاً بسماع الشاهد..... وعن مناقشة أوجه دفاع الطاعنة الأخرى فضلاً عما كان يلزم من أن يكون تفريغ التسجيلات المضبوطة بمعرفة الجهة الفنية المختصة، وكل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه عرض للدفع ببطلان الإذن بمراقبة تليفون الطاعنة الأولى لصدوره عن جريمة مستقبلة واطرحه فى قوله "إن الثابت من تحريات ضابط الآداب محرر المحضر والتى تطمئن المحكمة إليها اطمئناناً كاملاً أن المتهمة الأولى (الطاعنة الأولى) وقت صدور الإذن قد ارتكبت وترتكب جرائم يعاقب عليها القانون عن طريق تليفونها المركب بسكنها، هى تسهيلها دعارة النسوة". لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أثبت فى مدوناته - وهو بسبيل بيانه لواقعة الدعوى - أن التحريات السرية أكدت لدى الرائد.... أن الطاعنة الأولى تعمل على تسهيل دعارة النسوة الساقطات نظير أجر مستعملة فى ذلك تليفون مسكنها، وإذ عرض محضر بذلك على النيابة العامة أحالته بدورها إلى القاضى الجزئى الذى أذن - بعد اطلاعه على المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 واطمئنانه إلى التحريات السالف بيانها - بوضع تليفون تلك الطاعنة تحت المراقبة لمدة ثلاثين يوماً لضبط ما يقع مخالفاً للقانون رقم 10 لسنة 1961، وقد ندبت النيابة الضابط المذكور لتنفيذ هذا الإذن، وكانت جريمة تسهيل الدعارة تتوافر بقيام الجانى بفعل أو أفعال يهدف من ورائها إلى أن ييسر لشخص يقصد مباشرة الفسق تحقيق هذا القصد أو قيام الجانى بالتدابير اللازمة لممارسة البغاء وتهيئة الفرصة له، أو تقديم المساعدة المادية أو المعنوية إلى شخص ما لتمكينه من ممارسة البغاء أياً كانت طريقة أو مقدار هذه المساعدة، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد أبانت فى غير لبس أن جريمة تسهيل الدعارة التى دان الطاعنة الأولى بها كانت قد وقعت حين أصدر القاضى الإذن بالمراقبة - وهو ما أقرته عليه محكمة الموضوع، ومن ثم يكون النعى على الحكم فى هذا الصدد فى غير محله. أما ما أثير بشأن بطلان الإذن بالمراقبة لصدوره من القاضى دون أن يكون مسبباً فمردود بما أبان عنه الحكم من أن القاضى قد أصدر الإذن المذكور بعد أن أثبت اطلاعه على التحريات التى أوردها الرائد...... فى محضره وأفصح عن اطمئنانه إلى كفايتها، وبذلك يكون قد اتخذ من تلك التحريات أسباباً لإذنه بالمراقبة وفى هذا ما يكفى لاعتبار إذنه مسببا حسبما تطلبه المشرع بما نص عليه فى المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 37 لسنة 1972. ويكون ما أثير فى هذا الشأن فى غير محله. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 10 لسنة 1961 إذ نص فى الفقرة الأولى من المادة الأولى على عقاب كل من حرض شخصاً ذكراً كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة. ونص فى الفقرة الثانية من المادة السادسة على عقاب كل من استغل بأية وسيلة بغاء شخص أو فجوره. ثم نص فى المادة السابعة على العقاب على الشروع فى الجرائم المبينة فى المواد السابقة المقررة للجريمة فى حالة قيامها، لم يشترط للعقاب على التحريض أو المساعدة أو التسهيل أو الاستغلال اقتراف الفحشاء بالفعل، وكانت الطاعنتان الأولى والعاشرة لا تنازعان فى صحة ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات، وكان المستفاد مما أورده الحكم أن الطاعنة العاشرة وكذا المتهمات من الثانية إلى التاسعة قد حضرن إلى الأماكن التى ضبطن بها بقصد ارتكاب الفحشاء مع الرجال وأن الطاعنة الأولى قد سهلت لهن ذلك بأن بعثت بهن إلى تلك الأماكن بناء على اتفاق سابق بينها وبين المقيمين فيها نظير أجر تتقاضاه منهم، ومن ثم يكون ما أثير فى هذا الخصوص فى غير محله. أما ما تقول به الطاعنة الأولى من أن المحادثات التليفونية المسجلة لا تفيد ارتكابها لجريمة تسهيل الدعارة، فمردود بما هو مقرر من أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه كما هو واقع الحال فى الدعوى المطروحة. أما ما تنعاه الطاعنتان الأولى والعاشرة من التفات الحكم عن الرد على دفاعهما فى خصوص احترافهما الفن فمردود بما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى وفى كل شبهة يثيرها، والرد على ذلك، ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم. أما ما يثار بشأن ندب النيابة العامة للرائد...... خاصاً بتنفيذ إذن القاضى الجزئى بمراقبة تليفون الطاعنة الأولى وتفريغ التسجيلات الخاصة بالمحادثات التليفونية، فمردود بما جرى به نص المادة 200 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه "لكل من أعضاء النيابة العامة فى حالة إجراء التحقيق بنفسه أن يكلف أى مأمور من مأمورى الضبط القضائى ببعض الأعمال التى من خصائصه". وهو نص عام مطلق يسرى على كافة إجراءات التحقيق وليس فى القانون ما يخصصه أو يقيده. أما ما قيل بشأن بطلان الإذن الصادر من وكيل أول نيابة الجيزة الكلية بتفتيش الشقة رقم....... فقد أصاب الحكم صحيح القانون حين أطرحه تأسيساً على أن "أى من المتهمات المطروح أمرهن على المحكمة لا صفة لها فى إبداء الدفع ذلك أن المستقر عليه فى قضاء محكمة النقض أنه لا يجوز الطعن بالبطلان فى الدليل المستمد من التفتيش بسبب مراعاة الأوضاع القانونية المقررة إلا ممن شرعت هذه الأوضاع لحمايتهم ومن ثم فلا صفة لأى من المتهمات فى الدفع ببطلان تفتيش أى من المنازل الثلاثة التى جرى الضبط فيها ما دام الثابت أن أياً من تلك المنازل غير مملوكة لأية متهمة ولم تكن أية متهمة حائزة لأى من تلك المنازل". وكذلك الشأن فيما انتهى إليه من اطراح الدفع ببطلان التفتيش الذى قام به الرائد....... بدائرة قسم الجيزة لانحسار اختصاصه المكانى عن المكان الذى أجرى به التفتيش ذلك بأن ما أجراه مأمور الضبط القضائى فى الدعوى من وقائع ضبط خارج دائرة اختصاصه المكانى إنما كان فى صدد الدعوى ذاتها التى بدأ تحقيقها على أساس وقوع واقعتها فى اختصاصه - وهو ما أقرته محكمة الموضوع - ومن ثم يمتد اختصاصه إلى جميع من اشتركوا فيها أو اتصلوا بها أينما كانوا، ويجعل له الحق عند الضرورة فى مباشرة كل ما يخوله له القانون من إجراءات سواء فى حق المتهم أو فى حق غيره من المتصلين بالجريمة الأمر الذى وعاه الحكم المطعون فيه وبرر ترتيباً عليه رفض الدفع المذكور. لما كان ذلك، وكان لمأمور الضبط القضائى عملاً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً، وكان الاستجواب المحظور هو الذى يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التى تساق عليه دليلاً دليلاً ليقول كلمته فيها تسليماً بها أو دحضاً لها، وكان الحكم قد أطرح الدفع ببطلان الاستجواب فى قوله: "فإنه لما كان الثابت أن الرائد...... المأذون له بالضبط والتفتيش بعد أن أجرى ضبط المتهمات على النحو الثابت بمحضره سألهن عن التهمة الموجهة إليهن والتى أسفر عنها الضبط وكان لمأمور الضبط القضائى عملاً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه، وكان الثابت فى محضر ضبط الواقعة أنه أثر الضبط سأل المتهمات عما هو منسوب إليهن فاعترفن بممارسة الدعارة عدا المتهمة الأولى التى أنكرت ما نسب إليها فأثبت ذلك الاعتراف فى محضره فلا تثريب عليه، ولا بطلان فى سؤاله للمتهمات عن التهمة المسندة إليهن أو فى إثبات ذلك الاعتراف الذى أدلين به أمامه". وما أورده الحكم صحيح فى القانون ولا تثريب على المحكمة إن هى عولت على تلك الاعترافات فى حكمها ما دامت قد اطمأنت إليها. هذا وقد عرض الحكم للدفع ببطلان الاعترافات المنسوبة لمن اعترفن من الطاعنات وفنده فى منطق سائغ وخلص إلى الاطمئنان إلى تلك الاعترافات لمطابقتها وتمثيلها للحقيقة ولصدورها دون إكراه أو تهديد مادى أو معنوى ولم تجاوز المحكمة قدرها فيما انتهت إليه، ذلك لأن الاعتراف فى المسائل الجنائية من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات ولها دون غيرها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الحيلة أو الإكراه ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها. أما مجرد القول بأن الاعتراف موحى به من الضابط فإنه لا يشكل دفعاً ببطلان الاعتراف ولا يعد قرين الإكراه المبطل له لا معنى ولا حكماً ما دام سلطان الضابط لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً كان أو معنوياً ومن ثم فإذا كان الحكم قد نفى أن الطاعنة الثانية قد ادعت فى تحقيق النيابة بأن اعترافها كان وليد إكراه وقع عليها، فإنه لا يكون قد خالف الثابت فى الأوراق، وبالتالى فإن النعى عليه فى هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أنه لم يطلب من محكمة الموضوع ندب أحد المهندسين المختصين للقيام بتفريغ التسجيلات المضبوطة فلا يقبل النعى عليها قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها، ولا يغير من ذلك أن تكون محكمة أول درجة هى التى قررت من تلقاء نفسها التأجيل لإتمام هذا الإجراء ثم عدلت عن قرارها، ذلك لأن القرار الذى تصدره المحكمة فى مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتما العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق. أما ما تثيره الطاعنة الأولى بشأن بطلان محضر الضبط لخلوه من مواجهتها ببقية المتهمات فمردود بأن المواجهة كالاستجواب تعد من إجراءات التحقيق المحظور على مأمور الضبط اتخاذها ولا يعيب الحكم خطؤه - بفرض صحة ما قالت به الطاعنة المذكورة - باعتباره النعى موجهاً إلى التحقيق الذى أجرته النيابة العامة إذ أن الدفع لو توجه إلى محضر الضبط لكان ظاهر البطلان مما تلتزم المحكمة بالرد عليه. والثابت من حكم محكمة أول درجة أنه أشار إلى مواد الاتهام التى طلبت النيابة العامة تطبيقها وخلص إلى معاقبة الطاعنة طبقاً لها وقد اعتنق الحكم المطعون فيه أسباب الحكم المستأنف وفى ذلك ما يكفى لبيان مواد القانون التى عاقبهن بمقتضاها ومن ثم يكون النعى عليه فى هذا الخصوص فى غير محله. لما كان ذلك، وكان لا يشترط فى الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات فلا جناح على المحكمة إن هى استخلصت أن الطاعنة العاشرة قد سهلت دعارة المتهمتين السادسة والسابعة بأن قدمتهما إلى خالتها الطاعنة الأولى واصطحبتهما إلى المنزل الذى ضبطتا به بقصد البغاء استناداً إلى أقوال هاتين المتهمتين من أنهما كانتا على معرفة سابقة بالطاعنة العاشرة قبل أن تتعرفا على خالتها الطاعنة الأولى، وأن الطاعنة العاشرة هى التى عرضت عليهما ودعتهما إلى الحضور معها إلى المكان الذى ضبطن به يوم الحادث بعد أن أفصحت لها المتهمة السابعة عما تعانيه من ضيق، وإلى ما قررته المتهمة السادسة صراحة من أن الطاعنة العاشرة صلتها بالطاعنة الأولى - تعمل على تسهيل دعارتها، وفضلاً عن ذلك فإنه لا مصلحة للطاعنة العاشرة من النعى على الحكم قصوره أو فساد استدلاله بالنسبة لواقعة تسهيل الدعارة طالما أنه دانها عن تهمتى تسهيل الدعارة والاعتياد على ممارستها وأوقع عليها عقوبة واحدة عن التهمتين مما تدخل فى حدود العقوبة المقررة لتهمة الاعتياد على الدعارة. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه نقل ما أثبته الرائد....... بمحضر ضبط الواقعة من أن الشاهد..... قرر له شفوياً بأنه قد طلب من الطاعنة الأولى أن تبعث إليه وبعض أصدقائه ببعض النسوة لارتكاب الفحشاء، وأنها فى يوم الضبط أرسلت إليه النسوة اللائى ضبطن بمسكنه ومن بينهن المتهمة السابعة وذلك نظير أجر تتقاضاه كل منهن، ثم حصل الحكم أقوال هذه الأخيرة فى محضر الضبط بما مجمله أن الطاعنة الأولى هى التى طلبت إليها التوجه إلى المسكن الذى ضبطت به لارتكاب الفحشاء مع القاطنين به وأنها سبق أن قدمتها من قبل قرابة خمس مرات لرجال آخرين ارتكبت معهم الفحشاء نظير نسبة معينة من المبلغ الذى تتقاضاها هى من هؤلاء، وهذا الذى أثبته الحكم تتوافر به فى حق الطاعنة السابعة عناصر جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة المنصوص عليها فى المادة التاسعة من القانون رقم 10 لسنة 1961 ولا تثريب على المحكمة إن هى عولت فى إثبات ركن الاعتياد على شهادة الشهود طالما أن القانون لا يستلزم لثبوته طريقة معينة من طرق الإثبات. لما كان ما تقدم، وكان الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولها سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحق والواقع وكانت المحكمة قد خلصت فى استدلال سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعنة الثانية فى مراحل التحقيق المختلفة فى شأن اعتيادها على ممارسة الدعارة، فإنه لا يجوز مجادلتها فى تقديرها. أما بالنسبة لما تثيره هذه الطاعنة فى شأن بطلان التحقيق الابتدائى لانعدام المواجهة فالثابت إن الحكم قد عرض للرد على هذا الدفع واطرحه - بحق - فى قوله "أن الثابت فى التحقيق الذى أجرته النيابة العامة أن السيد الأستاذ وكيل النيابة المحقق واجه المتهمات كلاً على حدة بما هو مسند إليها وبما أسفرت عنه التحريات والتسجيلات الصوتية وواقعة الضبط وما أثبته محرر محضر ضبط الواقعة بما هو ثابت فى محضره وناقش كلاً منهن فى ذلك وواجه كل متهمة بأخرى فيما قررته كل منهن وما اختلفت فيه أى منهن عن الأخرى وقد تم ذلك كله فى حضور محامين حضروا معهن، الأمر الذى تكون معه الإجراءات الصحيحة المنصوص عليها فى القانون قد تمت على النحو الذى رسمه القانون". وإذ كانت الطاعنة الثانية لا تنازع فيما أثبته الحكم من ذلك، فإن منعاها فى هذا الشأن يكون فى غير محله. هذا فضلاً عن أن الطاعنة المذكورة لم تطلب من محكمة ثانى درجة سماع الشاهد...... ومن ثم فلا على المحكمة إن هى عولت على أقواله الشفوية فى التحقيقات دون سماعه ما دامت أقواله كانت مطروحة على بساط البحث فى جلسة المحاكمة، ولا يغير من ذلك أن تكون محكمة أول درجة هى التى قررت من تلقاء نفسها التأجيل لإعلان الشاهد المشار إليه ثم عدلت عن قرارها، ذلك لأن القرار الذى تصدره المحكمة فى مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة - كما سبق البيان - لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم يوجب حتماً العمل على تنفيذه صونا لهذه الحقوق. لما كان ذلك، وكان ما أثارته تلك الطاعنة من أن الحكم المطعون فيه قد التفت عن الرد على بعض ما أبدته من أوجه الدفاع مردوداً بأنها لم تبين فى أسباب طعنها ماهية هذا الدفاع حتى يتضح مدى اهميته فى الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها مما تلتزم المحكمة بالتصدى له إيراداً ورداً عليه، بل جاء قولها فى ذلك مرسلاً. وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن شرط قبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً. لما كان كل ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.