أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 1778

جلسة 1 من نوفمبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمود حسن رمضان، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد رأفت خفاجى، الحسينى الكنانى، محمد فؤاد شرباس. ودكتور/ محمد فتحى نجيب.

(337)
الطعن رقم 1077 لسنة 49 القضائية

(1) دعوى "قبول الدعوى". إيجار "إيجار الأماكن" "الإخلاء للغصب".
دعوى الإخلاء للغصب. إقامتها من المالك. كاف لقبولها.
(2، 3) إيجار "التأجير من الباطن". عقد.
2 - قيام علاقة مباشرة بين المستأجر من الباطن والمؤجر الأصلي. شرطه. قبول المؤجر الأصلى الإيجار من الباطن بعد حصوله دون تحفظ أو استيفاؤه الأجرة من المستأجر.
3 - التصريح العام فى العقد الأصلى بالتأجير من الباطن. شرط إعماله أن يكون لاحقا لآخر ديسمبر سنة 1943. م 2. ق 121 لسنة 1947.
(4) إثبات "إجراءات الإثبات". محكمة الموضوع.
إجراء التحقيق ليس حقاًًًًً للخصوم. لمحكمة الموضوع رفض إجابته متى وجدت فى أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفى لتكوين عقيدتها.
1 - إذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها أقامت دعواها على الطاعنة بطلب الإخلاء على أساس شغلها الشقة محل النزاع غصباًًًًً بغير سند بعد وفاة المستأجرة دون وارث، وذلك استناداًًًًً إلى أنها أصبحت مالكة للعقار بمقتضى العقدين المسجلين سالفى الذكر، ولم تقدم عقد إيجار المستأجرة الأصلية إلا كدليل على سبق شغل العين بمستأجره، ومن ثم فإن مصلحتها وصفتها فى إقامة الدعوى تكون قد توافرت إذ يكفى فى رفع الدعوى فى مثل هذه الحالة أن يكون المدعى مالكاًًًًً للعقار الذى به شقه النزاع، ولا يحول تقدم الطاعنة للحكم رقم 1149 لسنة 1949 مدنى كلى الإسكندرية واستئنافاته أرقام 128 لسنة 210 ق، 160، 179 لسنة 22 ق إسكندرية - المثبتة لأحقية المطعون ضدها لأجرة تحكير أرض النزاع - دون توافر شروط دعوى الاخلاء للغصب طالما أن المطعون ضدها لم تستند إليها فى طلب الحكم بالإخلاء وبالتالى فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة لا يكون قد خالف القانون أو شابه قصور فى التسبيب أو فساد فى الاستدلال.
2 - المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن عقد الإيجار من الباطن لا ينشأ علاقة مباشرة بين المستأجر من الباطن والمؤجر الأصلي، إلا إذا قبل المؤجر الأصلى الإيجار من الباطن بغير تحفظ بعد حصوله، أو إذا استوفى الأجرة من المستأجر من الباطن.
3- مفاد الفقرة "ب" من المادة الثانية من القانون 121 لسنة 1947 بشأن إيجار الأماكن أنه لا يعمل بالتصريح العام الوارد فى العقد الأصلى بالتأجير من الباطن إلا إذا كان لاحقاًًًًً لآخر ديسمبر سنة 1943.
4 - المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن إجراء التحقيق ليس حقاًًًًً للخصوم، إنما هو من الرخص التى تملك محكمة الموضوع عدم الاستجابة إليها متى وجدت فى أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفى لتكوين عقيدتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدها أقامت على الطاعنة وآخرين الدعوى رقم 5571 لسنة 977 مدنى كلى الإسكندرية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم، وقالت بياناًًًًً لدعواها أن.... استأجرت هذه الشقة بموجب عقد مؤرخ 18/ 4/ 936، وكانت تقيم بالعين بمفردها، ثم توفيت بغير وارث، ومن ثم ينتهى عقد الإيجار. إلا إن الطاعنة استولت عليها وشغلتها بغير سند مما اضطرها إلى إقامة الدعوى. أجابت الطاعنة بأنها استأجرت جزءاًًًًً من الشقة من المستأجرة الأصلية.... قبل وفاتها بموجب عقد ثابت التاريخ فى 4/ 5/ 1968، وأن عقد إيجارها كان يخولها هذا الحق. بتاريخ 4/ 5/ 1978 حكمت محكمة الإسكندرية الابتدائية بالإخلاء والتسليم. استأنفت الطاعنه هذا الحكم بالاستئناف رقم 530 لسنة 34 ق الإسكندرية، ودفعت فيه بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة بمقولة أنها ليس مؤجرة أو مالكة للعقار، وأنها كانت تقوم بتحصيل الأجرة بصفتها دائنة فحسب لملاك العقار، وأنه بعد وفاة المستأجرة الأصلية قامت علاقة إيجارية مباشرة بينها وبين من له حق الإيجار على العين، وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت ذلك بكافة الطرق، وبتاريخ 18/ 3/ 1979 حكمت المحكمة بالتأييد. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض على هذه المحكمة فى غرفة المشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه بالإخلاء معولاًًًًً على الصور الشمسية لعقد الإيجار وعقود الملكية التى لم تقرها الطاعنة، وأغفل الحكم الرد على دفاعها، فى حين أنه من الأصول المقررة فى الإثبات أن - صورة الأوراق العرفية لا حجية لها فى الإثبات، مما يعيب الحكم بمخالفة القانون والقصور فى التسبيب.
وحيث إن هذا النعى غير صحيح، ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدها قدمت أصل العقد المشهر برقم 5155 بتاريخ 20/ 12/ 1976 - كما ثبت من مدونات حكم محكمة الدرجة الأولى المؤيد بالحكم المطعون فيه أنها قدمت أيضا أصل عقد إيجار المستأجر وإذ ثبت من الاطلاع على أصل العقد المشهر برقم 5155 فى 20/ 12/ 1976 أنه تضمن ملكية المطعون ضدها لثلث العقار الكائن به شقة النزاع، وأرفق به شهادة رسمية من الشهر العقارى بملخص العقد المسجل برقم 3007 فى 30/ 6/ 1977 - تثبت تملك المطعون ضدها ثلثى العقار وأنه قد اشر عليهما بنظرهما فى الاستئناف سالف الذكر، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد عول فى قضائه على أصول تلك المستندات، ويكون النعى عليه بهذا السبب غير صحيح.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك تقول إنها دفعت بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع على سند من أن المطعون ضدها أسست دعواها ابتداء على تقديرها بانحسار السند على أى حق للطاعنة فى شغل عين النزاع وأن يدها عليها يد غاصبة، وأنه وقد ثبت خلوص ملكية العقار الواقع به هذه العين للمطعون ضدها، فإنه يكون لها مصلحة قائمة يقرها القانون تتمثل فى طلب رفع هذا الغصب، فى حين أن ما أقام عليه الحكم قضاءه لا يصلح رداًًًًً على دفعها بانعدام صفة المطعون ضدها تبعاًًًًً لانعدام ملكيتها إذ لم يفصح عن وجه استظهاره ملكيتها للعقار الكائن به عين النزاع ومصدرها، كما أن المطعون ضدها لم تعلنها بانتقال الملكية إليها. هذا والثابت من وقائع النزاع حسبما أثبتها الحكم المطعون فيه، وحكم محكمة الدرجة الأولى أن المطعون ضدها لم تؤسس دعواها على أنها مالكة العقار الواقعة به عين النزاع، وإنما أسستها على مجرد كونها محال إليها عقد الإيجار من المؤجرين الأصليين، وهو ما لا يكفى قانون لأن يبنى عليه طلب الإخلاء لانتهاء عقد الإيجار، إذ أنه من المقرر وفقاًًًًً لنص المادة 23/ ب من القانون 52/ 969 أن دعوى الإخلاء لهذا السبب لا ترفع إلا من المالك. كما أن ما اعتنقه الحكم من إنها ليست طرفاًًًًً فى عقد الإيجار ولا خلفاًًًًً للمستأجرة الأصلية حتى تكون لها صفة فى إثارة هذا الدفع يناقض المستندات المقدمة منها والدالة على أنها كانت تحصل الأجرة منها باعتبارها دائنة فحسب بغير أن تعلنها بتغيير صفتها، مما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها أقامت دعواها على الطاعنة بطلب الإخلاء على أساس شغلها الشقة محل النزاع غصباًًًًً بغير سند بعد وفاة المستأجرة الأصلية دون وارث، وذلك استناداًًًًً إلى أنها أصبحت مالكة للعقار بمقتضى العقدين المسجلين سالفى الذكر، ولم تقدم عقد إيجار المستأجرة الأصلية إلا كدليل على سبق شغل العين بمستأجرة توفيت، ومن ثم فإن مصلحتها وصفتها فى اقامة الدعوى تكون قد توافرت، إذ يكفى فى رفع الدعوى فى مثل هذه الحالة أن يكون المدعى مالكاًًًًً للعقار الذى به شقة النزاع، ولا يحول تقديم الطاعنة للحكم رقم 1149 لسنة 949 مدنى كلى إسكندرية واستئنافاته أرقام 128 سنة 21 ق، 160، 179/ 22 ق إسكندرية - المثبتة لأحقية المطعون ضدها لأجرة تحكير أرض النزاع - دون توافر شروط دعوى الإخلاء للغصب، طالما أن المطعون ضدها لم تستند إليها فى طلب الحكم بالإخلاء، وبالتالى فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة لا يكون قد خالف القانون أو شابه قصور فى التسبيب أو فساد فى الاستدلال.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك تقول إن قبول المطعون ضدها الأجرة منها - بعد وفاة المستأجرة الأصلية فى عام 1972 لأكثر من خمس سنوات - مباشرة بغير تحفظ يغنى قانوناًًًًً عن شرط الحصول على إذن كتابى صريح من المؤجرة، إلا أن الحكم خالف هذا النظر بتقريره أن الترخيص الكتابى العام بقصد الإيجار لا يغنى فى هذا المقام لحصوله قبل عام 1944، ولعدم معاصرته التأجير من الباطن المقول بحصوله سنة 1968، ولصدور إيصالات الأجرة باسم المستأجرة الأصلية، وبأنها لم تكن سوى مقاولة للأجرة فقط، مما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أنه لما كان المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن عقد الإيجار من الباطن لا ينشئ علاقة مباشرة بين المستأجر من الباطن والمؤجر الأصلي، إلا إذا قبل المؤجر الأصلى الإيجار من الباطن بغير تحفظ بعد حصوله، أو إذا استوفى الأجرة من المستأجر من الباطن، وكان مفاد الفقرة "ب" من المادة الثانية من القانون 121 - سنة 1947 بشأن إيجار الأماكن أنه لا يعمل بالتصريح العام الوارد فى العقد الأصلى بالتأجير من الباطن إلا إذا كان ذلك لاحقاًًًًً لآخر ديسمبر سنة 1943، وكان الثابت من الأوراق أن عقد إيجار المستأجرة الأصلية مؤرخ 18/ 4/ 1936 فإن الشرط العام الذى تضمنه ويبيح لها التأجير من الباطن لا يعمل به بالنسبة للتأجير الحاصل منها للطاعنة فى 3/ 7/ 1968 إلا إذا كان هناك إذن كتابى من المالك يبيح له التأجير من الباطن. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها حررت إيصالات الوفاء بالأجرة باسم المستأجرة الاصلية نفاذا للحكم الصادر فى الاستئناف رقم 160 سنة 22 ق الإسكندرية، فإن الحكم إذ خلص سائغاًًًًً إلى أن ذلك لا يعد قبولاًًًًً منها للأجرة بغير تحفظ وبأنه لا ينشئ علاقة إيجارية مباشرة بينهما، فإن النعى عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعى بالسبب الرابع الإخلال بحق الدفاع، إذ تمسكت الطاعنة أمام محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت قيام علاقة إيجارية مباشرة بينها وبين المطعون ضدها بعد وفاة المستأجرة الأصلية، غير أنها رفضت هذا الطلب بمقولة أن الطاعنة أقرت بعدم معرفتها بمن له حق تأجير شقة النزاع - وقد جاء هذا الرد غير سائغ إذ أن صفة المؤجر فى التأجير هى المعول عليها دون شخصه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن إجراء التحقيق ليس حقاًًًًً للخصوم، وإنما هو من الرخص التى تملك محكمة الموضوع عدم الاستجابة إليها متى وجدت فى أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفى لتكوين عقيدتها. لما كان ذلك، وكان الثابت أن محكمة الاستئناف رفضت إجابة الطاعنة إلى طلبها إحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت قيام علاقة إيجارية مباشرة بينها وبين المطعون ضدها بعد وفاه المستأجرة الأصلية استنادا إلى أنها قد أقرت بعدم معرفتها بمن له حق تأجير عين النزاع، وكان هذا الذى خلص إليه الحكم سائغاًًًًً ومبرراًًًًً لرفضه الاحالة إلى التحقيق. فإن النعى عليه بالاخلال بحق الدفاع يكون فى غير محله. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.