أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 1811

جلسة 8 من نوفمبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمود حسن رمضان، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد كمال سالم، نائب رئيس المحكمة، محمد رأفت خفاجى، الحسنى الكنانى، ودكتور محمد فتحى نجيب.

(344)
الطعن رقم 381 لسنة 49 القضائية

(1، 2) محكمة الموضوع "مسائل الواقع". دعوى "تكييف الطلبات" "دعوى الحيازة". حيازة. عقد.
1 - لقاضى الموضوع سلطة فهم الواقع فى الدعوى، عدم تقيده بتكييف الخصوم لها وجوب اعطائها التكييف الصحيح. العبرة بحقيقة المطلوب فيها.
2 - استرداد الحيازة. الالتجاء إلى دعوى الحق لا إلى دعوى الحيازة. شرطه. ارتباط المدعى مع المدعى عليه فيها بعقد. جواز إقامة المستأجر دعوى استرداد الحيازة على مستأجر العين من المالك المغتصب ولو كان المستأجر الأخير حسن النية.
(3، 4) إيجار "إيجار الأماكن" "ترك العين المؤجرة". محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
3 - إثبات أو نفى ترك المستأجر للعين المؤجرة وتنازله عنها لآخر. من مسائل الواقع. استقلال محكمة الموضوع بتقديرها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
4- التخلى عن العين المؤجرة. جواز أن يكون صريحاًًًًً أو ضمنياًًًًً - ترك العين وفقاًًًًً لقوانين الإيجارات الاستثنائية والهجرة إلى الخارج. لا تلازم بينهما. علة ذلك.
(5) استئناف. حكم "تسبيب الحكم".
تأييد المحكمة الاستئنافية للحكم الابتدائى للأسباب الواردة به ولأسباب أخرى استندت إليها. لا يعيب الحكم وجود تناقض بين أسبابه وبعض أسباب الحكم الابتدائي. علة ذلك.
(6) دعوى "دعاوى الحيازة".
حظر الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى المطالبة بالحق. م 44 مرافعات. شرطه. أن تكون دعوى اليد ودعوى الحق قد أقيمت على شخص واحد. تعدد الدعاوى واختلاف الخصوم فيها. أثره. انتفاء الحظر.
1- لقاضى الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى، وأنه لا يتقيد بتكييف الخصوم لها، ولا يمنعه هذا من فهم الدعوى على حقيقتها وإعطائها التكييف الصحيح، وأن العبرة فى تكييفها بأنها دعوى حق هى بحقيقة المطلوب فيها.
2 - من المقرر أن الالتجاء إلى دعوى العقد لا إلى دعوى الحيازة محله أن يكون رافع الدعوى مرتبطاًًًًً مع المدعى عليه فيها بعقد ويكون انتزاع الحيازة داخلاًًًًً فى نطاق هذا العقد. وكان الثابت إن المطعون ضده يرتبط مع الطاعن الأول - بعقد إيجار مؤرخ 1/ 12/ 64، وكان النص فى المادة 571 من القانون المدنى يوجب على المؤجر أن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة، ويحق للمستأجر عند وقوع المخالفة من المؤجر أن يلجأ إلى القضاء لإجباره على التنفيذ العينى لعقد الإيجار، وتمكينه من الاستمرار فى الانتفاع بالعين المؤجرة بإعادة وضع يده عليها، وهذا الضمان الذى يلتزم به المؤجر يمنعه من تأجير العين للغير، ويحق للمستأجر عند المخالفة بوصفه حائزاًًًًً للعين المؤجرة أن يرفع فى هذه الحاله دعوى استرداد الحيازة على من انتقلت إليه حيازتها من المالك المغتصب، ولو كان المستأجر الأخير حسن النية إعمالاًًًًً لنص المادة 960 من القانون المدني.
3 - إثبات أو نفى ترك المستأجر للعين المؤجرة، وتنازله عنها لآخر، هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل الواقع التى تستقل محكمة الموضوع بتقديرها دون معقب عليها فى ذلك، متى أقامت حكمها على أسباب سائغة تكفى لحمله.
4 - من المقرر أن هجرة المستأجر إلى الخارج لا تفيد حتماًًًًً تركه العين المؤجرة، وأن التخلى عنها كما يكون صريحاًًًًً يصح أن يكون ضمنياًًًًً، بأن يتخذ موقفاًًًًً لا تدع ظروف الحال شكاًًًًً فى دلالته على انصراف قصده إلى إحداث هذا الأثر القانوني، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أن المطعون ضده لم يترك شقة النزاع لابن أخيه إذ أنه استمر فى أداء أجرتها، كما استمر المؤجر يحرر إيصالات سداد الأجرة باسمه، وظل اشتراك التليفون باسمه ويدفع مقابل المكالمات الزائدة، ومقابل استهلاك المياه، كما كان ابن أخيه يقوم بالوفاء بهذه الالتزامات من معاشه - أى المطعون ضده - حسبما جاء بأقوال الشهود فى المحضر رقم 2860 لسنة 1963 إدارى العجوزة، إذ أنه كان يقبض معاشه وانتهى الحكم إلى أن المطعون ضده لم يصدر منه تعبير صريح أو ضمنى يكشف عن إرادته فى التخلى عن العين المؤجرة، لما كان ذلك، وكان لا تلازم بين الترك الذى عناه المشرع فى قوانين الإيجارات الاستثنائية وبين هجرة المستأجر إلى الخارج، إذ أن القانون لا يحرم المصرى المهاجر من الاحتفاظ بمسكنه فى موطنه.
5 - إذا قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائى للأسباب الواردة به ولأسباب اخرى واستندت إليها، وكانت هذه الأسباب كافية لإقامة الحكم عليها، فإنه لا يؤثر فى سلامة حكمها أن يكون هناك تناقض بين أسبابه وبين بعض أسباب الحكم الابتدائى إذ أن أخذ الحكم الاستئناف بأسباب حكم محكمة الدرجة الأولى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - معناه أخذها بالأسباب التى لا تتعارض مع حكمها، فيعتبر أسباب الحكم الابتدائى فى هذه الحالة مكملة لأسباب هذا الحكم فيما لا تتعارض فيه.
6 - يدل نص المادة 44 من قانون المرافعات على أن الحظر الذى قصده المشرع من الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى المطالبة بالحق، لا يكون إلا إذا أقيمت دعوى اليد ودعوى الحق على شخص واحد، إما إذا تعددت طلبات المدعى فى الدعوى، واختلف خصومه فيها، فإن النزاع فى حقيقة الأمر ينطوى على عدة دعاوى، ولو قام المدعى برفعه بصحيفة واحده، فإذا اختصم أحد الأشخاص فى دعوى الحق، واختصم آخر فى دعوى الحيازة، فإن الحظر الوارد فى نص المادة 44 مرافعات سالف الذكر لا يكون قائما لتعدد الدعاوى واختلاف الخصوم فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1991 سنة 1974 مدنى كلى الجيزة على الطاعنين للحكم على الطاعن الأول فى مواجهة الطاعن الثانى بإعادة وضع يده على العين المبينة بالصحيفة، وقال فى شرح دعواه أنه استأجر هذه العين من الطاعن الأول بموجب عقد مؤرخ 1/ 12/ 64، ولسفره إلى الخارج فقد عهد إلى ابن شقيقه...... بملاحظة العين المؤجرة وسداد أجرتها، وإذ توفى الأخير إلى رحمة الله فى 31/ 7/ 1973 فقد تسلم الشقة وكيله، إلا أن الطاعن الأول اقتحمها واستولى عليها، وعلى ما بها من منقولات وأجرها للطاعن الثاني، بدعوى أن المطعون ضده تركها لابن شقيقه الذى انتهى عقد الإيجار بوفاته، وقد حرر عن ذلك المحضر رقم 3061 لسنة 1973 إدارى العجوزة. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن الأول أن المطعون ضده ترك شقة النزاع لابن شقيقه المرحوم...... منذ سفره للخارج فى 21/ 3/ 1973 منهياًًًًً بذلك عقد استئجاره لها، دفع الطاعن الأول بعدم قبول الدعوى باعتبارها دعوى استرداد حيازة، بينما تربطه والمطعون ضده احكام عقد الإيجار، وبعد سماع الشهود حكمت المحكمة بتاريخ 26/ 1/ 1978 بإلزام الطاعنين برد حيازة شقة النزاع إلى المطعون ضده وتمكينه من الانتفاع بها. استأنف الطاعن الثانى هذا الحكم بالاستئناف رقم 1333 لسنة 95 ق القاهرة، كما استأنفه الطعن الأول بالاستئناف رقم 1333 سنة 95 ق القاهرة، وبتاريخ 28/ 12/ 1978 قضت المحكمة برفض الاستئنافى وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب، ينعى الطاعنان بالسببين الأول والثانى منها على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب، والخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقولان أن الحكم أقام قضاءه على أن المطعون ضده رفع دعواه على الطاعن الأول استناداًًًًً لأحكام ضمان المؤجر، وعلى الطاعن الثانى استناداًًًًً لأحكام الحيازة، وركن فى ذلك إلى ما جاء بصحيفة دعواه ومذكرات دفاعه، ولم يبين مؤدى هذه الأوراق، ولم يعين ما استند إليه منها، بما يتعذر معه تحديد الدليل الذى استند إليه، حتى تتمكن محكمة النقض من مراقبته فى تكييف الدعوى، مما يعيبه بالقصور فى التسبيب. هذا إلى أن محكمة الموضوع مقيدة فى تكييفها للدعوى بالوقائع والطلبات المطروحة عليها، فلا تملك التغيير فى مضمون هذه الطلبات أو استحداث طلبات جديدة لم يطرحها عليها الخصوم، والبين من الوقائع التى عرضها المطعون ضده بالنسبة للطاعن الأول أنها دعوى استرداد حيازة، مبناها أعمال الغصب التى سلبت بها حيازته، وإذ اعتبرها الحكم المطعون فيه دعوى حق، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون، وقد حجبه ذلك عن بحث ما دفع به الطاعن الأول من عدم قبول الدعوى المؤسس على أنه لا يجوز للمستأجر رفع دعوى استرداد الحيازة على المؤجر إذا كان مرتبطاًًًًً معه بعقد إيجار، وهو دفع جوهرى يتغير به وجه الرأى فى الدعوى. مما يعيبه أيضاًًًًً بالقصور.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أنه لما كان لقاضى الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى، وأنه لا يتقيد بتكييف الخصوم لها، ولا يمنعه هذا من فهم الدعوى على حقيقتها وإعطائها التكييف الصحيح، وان العبرة فى تكييفها بأنها دعوى حق هى بحقيقة المطلوب فيها، وكان من المقرر أيضاًًًًً أن الالتجاء إلى دعوى العقد لا إلى دعوى الحيازة محله أن يكون رافع الدعوى مرتبطاًًًًً مع المدعى عليه فيها بعقد، ويكون انتزاع الحيازة داخلاًًًًً فى نطاق هذا العقد، وكان الثابت أن المطعون ضده يرتبط مع الطاعن الأول بعقد إيجار مؤرخ 1/ 12/ 1964، وكان النص فى المادة 571 من القانون المدنى يوجب على المؤجر أن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة، ويحق للمستأجر عند وقوع المخالفة من المؤجر أن يلجأ إلى القضاء لإجباره على التنفيذ العينى لعقد الإيجار، وتمكينه من الاستمرار فى الانتفاع بالعين المؤجرة بإعادة وضع يده عليها، وهذا الضمان الذى يلتزم به المؤجر يمنعه من تأجير العين للغير، ويحق للمستأجر عند المخالفة بوصفه حائزاًًًًً للعين المؤجرة أن يرفع فى هذه الحالة دعوى استرداد الحيازة على من انتقلت إليه حيازتها من المالك المغتصب، ولو كان المستأجر الأخير حسن النية إعمالاًًًًً لنص المادة 960 من القانون المدني، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الدعوى مرفوعة من المطعون ضده على الطاعن الأول استناداًًًًً لأحكام ضمان المؤجر، وأنها ليست من دعاوى الحيازة، وعلى الطاعن الثانى على أنها دعوى استرداد حيازة، وركن فى ذلك إلى ما جاء بصحيفة الدعوى وإلى ما قرره المطعون ضده فى مذكراته بأن عقد الإيجار المبرم بينه وبين الطاعن الأول لم ينقض، وأنه يقوم بسداد الأجرة واستهلاك المياه واشتراك التليفون، وأن منقولاته ظلت بالعين المؤجرة حتى اغتصاب الطاعن الأول لها بغير سند من القانون، وأن من حقه المطالبة بتمكينه من الانتفاع بها لالتزام الطاعن الأول بالضمان، كما يحق له استردادها من الطاعن الثانى ولو كان حسن النية، فإنه يكون قد اعمل صحيح القانون، وانتهى إلى التكييف السليم للدعوى، والتزم بحقيقة المطلوب فيها، واستند إلى ماله أصله الثابت بالأوراق، ويكون النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله والفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك يقولان أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن المطعون ضده لم يترك شقة النزاع لابن أخيه، بدعوى أن الركن المادى لا يكفى وحده لثبوت الترك، إذ يتعين أن يقوم الدليل على اتجاه إرادة المستأجر إلى قطع صلته بالعين المؤجرة نهائياًًًًً، فى حين أن المادتين 21، 23/ ب من القانون رقم 52 لسنة 69 جاء حكمها عاماًًًًً، ولا يستلزمان هذا الشرط، وقد ثبت من الشهادة الرسمية الصادرة من إدارة الجوازات ما يفيد هجرة المطعون ضده نهائيا إلى أمريكا، فيكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله. هذا إلى أن الحكم استدل على أن نية المطعون ضده لم تنصرف إلى ترك العين المؤجرة من استمرار اشتراك التليفون باسمه، ودفعه أجرة شقة النزاع، وقيمة المكالمات الزائدة، وثمن استهلاك المياه، ووجود منقولاته بها، وأن الثابت من أقوال الشهود فى المحضر رقم 2860 سنة 1973 إدارى العجوزة أن ابن أخيه كان يقوم بسداد هذه المبالغ من مال عمه المذكور، إذ كان يقوم بقبض معاشه بمقتضى توكيل رسمى صادر إليه منه، فى حين أن محكمة الاستئناف لم تحقق من وجود هذا التوكيل، ولا يكفى فى ذلك الاعتماد على أقوال الشهود لأن الوكالة لا تثبت فى هذه الحالة إلا بالكتابة، فضلاًًًًً عن أن الوفاء بالأجرة واستهلاك المياه واشتراك التليفون وسداد المكالمات الزائدة بفرض صحتها لا تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها الحكم، إذ جرت العادة على بقاء مثل هذه الأشياء باسم صاحبها بعد تركه العين المؤجرة، مما يعيب الحكم بالفساد فى الاستدلال أيضاًًًًً.
وحيث إن النعى فى غير محله، ذلك أنه لما كان إثبات أو نفى ترك المستأجر للعين المؤجرة، وتنازله عنها لآخر، هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل الواقع التى تستقل محكمة الموضوع بتقديرها دون معقب عليها فى ذلك، متى أقامت حكمها على أسباب سائغة تكفى لحمله، وكان من المقرر أيضاًًًًً أن هجرة المستأجر إلى الخارج لا تفيد حتماًًًًً تركه العين المؤجرة، وأن التخلى عنها كما يكون صرحياًًًًً يصح أن يكون ضمنياًًًًً بأن يتخذ المستأجر موقفاًًًًً لا تدع ظروف الحال شكاًًًًً فى دلالته على انصراف قصده إلى إحداث هذا الأثر القانوني، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أن المطعون ضده لم يترك شقة النزاع لابن أخيه، إذ أنه استمر فى أداء أجرتها، كما استمر المؤجر يحرر إيصالات سداد الأجرة باسمه، وظل اشتراك التليفون باسمه ويدفع عنه مقابل المكالمات الزائدة، ومقابل استهلاك المياه، كما أن ابن أخيه يقوم بالوفاء بهذه الالتزامات من معاشه - أى المطعون ضده - حسبما جاء بأقوال الشهود فى المحضر رقم 2860 لسنة 63 إدارى العجوزة، إذ أنه كان يقبض معاشه، وانتهى الحكم إلى أن المطعون ضده لم يصدر منه تعبير صريح أو ضمنى يكشف عن إرادته فى التخلى عن العين المؤجرة، لما كان ذلك، وكان لا تلازم بين الترك الذى عناه المشرع فى قوانين الإيجارات الاستثنائية وبين هجرة المستأجر إلى الخارج، إذ أن القانون لا يحرم المصرى المهاجر من الاحتفاظ بسكنه فى وطنه، وكانت هذه الأسباب سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق، وتؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها الحكم، فإن النعى عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه البطلان للتناقض فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقولان أن الحكم ذهب فى تكييفه للدعوى قبل الطاعن الأول إلى أنها دعوى حق خلافاًًًًً لما قرره الحكم الابتدائى من أنها من دعاوى الحيازة، ثم عول فى قضائه على ما أورده من أسباب مضافة إلى أسباب هذا الحكم مما يعيبه بالبطلان، للتناقض فى التسبيب.
وحيث إن النعى مردود بأنه إذا قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائى للأسباب الواردة به ولأسباب أخرى استندت إليها، وكانت هذه الأسباب كافية لإقامة الحكم عليها، فإنه لا يؤثر فى سلامة حكمها أن يكون هناك تناقض بين أسبابه وبين بعض أسباب الحكم الابتدائي، إذ أن أخذ محكمه الاستئناف بأسباب حكم محكمة الدرجة الأولى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - معناه أخذها بالأسباب التى لا تتعارض مع حكمها، فتعتبر أسباب الحكم الابتدائى فى هذه الحالة مكملة لأسباب هذا الحكم فيما لا تتعارض فيه لما كان ذلك، وكانت أسباب الحكم المطعون فيه فى تكييفه للدعوى قبل الطاعن الأول بأنها دعوى حق كافية لحمل قضائه على ما سلف بيانه، فإن النعى عليه بالتناقض فى التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، ومخالفة الثابت بالأوراق، والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقولان أنه يشترط لقبول دعوى استرداد الحيازة أن يكون مدعيها حائزاًًًًً للعقار حيازة مادية وقائمة عند وقوع الغصب، وأن يرفع دعواه على المغتصب خلال سنة من بدء التعرض له فى الحيازة، وأنه لما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده ترك شقة النزاع لابن أخيه وتخلى عن حيازتها وهاجر إلى أمريكا، وكان الثابت أيضاًًًًً من تحقيقات الشكوى رقم 2860 سنة 1973 إدارى العجوزة أن التعرض الذى أسنده المطعون ضده إلى الطاعن الأول حصل فى 11/ 8/ 1973 وأنه علم بذلك فى ذات التاريخ وأقام دعواه فى 18/ 8/ 1974 فإنها تكون غير مقبولة لزوال حيازته ولرفع الدعوى بعد مضى سنة من سلب الحيازة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون، وخالف الثابت بالأوراق. هذا إلى أن الحكم افترض أن سلب الحيازة تم بعد 17/ 8/ 73، دون أن يبين سنداًًًًً لقضائه، فإنه يكون معيباًًًًً أيضاًًًًً بالقصور فى التسبيب.
وحيث إن النعى غير سديد، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على سند من أن المطعون ضده لم يترك العين المؤجرة للأسباب السائغة التى استند إليها على ما سلف بيانه، ومن ثم فلا محل للقول بأنه لم تكن له حيازة قائمة. حال وقوع الغصب، وقد ذهب الحكم الابتدائى والحكم المطعون فيه إلى أن المطعون ضده طلب فى دعواه قبل الطاعن الثانى رد حيازته خلال السنة التالية لفقدها عملاًًًًً بالمادة 960 من القانون المدني، وأن مدة السنة تحسب من تاريخ علم المطعون ضده بسلب الحيازة، وقد كان غائباًًًًً بأمريكا وقت وقوعها، وثبت أن الطاعن الثانى استأجرها فى 1/ 9/ 73 وأن وكيل الطاعن الأول أرسل خطاباًًًًً فى 2/ 9/ 73 لشقيق المستأجر المطعون ضده - ضمنه بأنه حتى تاريخ 17/ 8/ 73 كان يوجد بالشقة بعض الأثاث، وأنه قام بعد هذا التاريخ باخلاء العين المؤجرة، وثبت أن المطعون ضده أقام دعواه فى 18/ 8/ 74، وهى أسانيد سائغة على رفع الدعوى خلال السنة المحددة قانوناًًًًً لرفعها، ولها أصلها الثابت بالأوراق، ومن ثم يكون النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك يقولان أن المادة 44 من قانون المرافعات تنص على عدم جواز الحكم فى دعوى الحيازة على أساس ثبوت الحق أو نفيه، كما تحظر الجمع بين دعوى اليد ودعوى الحق، وإذ قضى الحكم المطعون فيه فى دعوى استرداد الحيازة على أساس ثبوت الحق للمطعون ضده فى العودة إلى العين المؤجرة، وتمكينه من الانتفاع بها، إعمالاًًًًً لنص المادة 571 من القانون المدني، فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن النعى غير سديد، ذلك أن النص فى المادة 44 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز أن يجمع المدعى فى دعوى الحيازة بينها وبين المطالبة بالحق وإلا سقط ادعاؤه بالحيازة، ولا يجوز أن يدفع المدعى عليه دعوى الحيازة بالاستناد إلى الحق، ولا تقبل دعواه بالحق قبل الفصل فى دعوى الحيازة وتنفيذ الحكم الذى يصدر فيها إلا إذا تخلى بالفعل عن - الحيازة لخصمه. وكذلك لا يجوز الحكم فى دعاوى الحيازة على أساس ثبوت الحق أو نفيه"، يدل على أن الحظر الذى قصده المشرع من الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى المطالبة بالحق، لا يكون إلا إذا أقيمت دعوى اليد ودعوى الحق على شخص واحد، أما إذا تعددت طلبات المدعى فى الدعوى، واختلف خصومه فيها، فإن النزاع فى حقيقة الأمر ينطوى على عدة دعاوي، ولو قام المدعى برفعه بصحيفة واحدة، فإذا اختصم المدعى أحد الأشخاص فى دعاوى الحق، واختصم آخر فى دعوى الحيازة، فإن الحظر الوارد فى نص المادة 44 مرافعات سالف الذكر لا يكون قائماًًًًً لتعدد الدعاوى واختلاف الخصوم فيها. لما كان ذلك وكان الثابت أن المطعون ضده أقام دعوى الحق على الطاعن الأول، ودعوى استرداد الحيازة على الطاعن الثاني، وكان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن من حق المستأجر أن يرفع دعوى استرداد الحيازة على مستأجر العين من المالك المغتصب لها، وكان الحكم المطعون فيه لم يقض فى الدعوى الأخيرة على اساس ثبوت حق المطعون ضده فى العودة إلى العين المؤجرة، وتمكينه من الانتفاع بها، وإنما ذهب فى مدوناته إلى أن المطعون ضده كانت له الحيازة المادية القائمة والحالة وقت الغصب، وأنه أقام دعواه قبل الطاعن الثانى فى خلال سنة من سلب حيازته، فإنه لا يكون قد خالف القانون، ويكون النعى فى غير محله. ولما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.