أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 1868

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد إبراهيم خليل، أحمد شلبى، محمد عبد الحميد سند ومحمد جمال شلقانى.

(355)
الطعن رقم 1445 لسنة 50 القضائية

(1، 2، 3) إثبات "اليمين الحاسمة". حكم "عيوب التدليل: التناقض". طعن.
1 - الحكم الصادر بناء على اليمين الحاسمة. عدم جواز الطعن فيه بأى طريق الاستثناء. ابتناء الطعن على بطلان فى اجراءات توجيه اليمين وحلفها.
2 - الطعن المبنى على تناقض حكمين انتهائيين. شرطه.
3 - أداء اليمين الحاسمة. أثره ترك ما عداها من طرق الإثبات.
1 - الحكم الصادر بناء على اليمين الحاسمة له قوة الشىء المقضى فيه، ولا يقبل الطعن فيه بأى طريق من طرق الطعن فى الأحكام ما لم يكن الطعن مبنياًًًًً على بطلان فى الإجراءات الخاصة بتوجيه اليمين أو حلفها.
2 - مؤدى نص المادة 249 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطعن المبنى على تناقض حكمين انتهائيين إنما يصح حين يكون قضاء الحكم المطعون فيه قد ناقض قضاء سابقاًًًًً حاز قوة الشىء المحكوم به فى مسألة ثار حولها النزاع بين طرفى الخصومة واستقرت الحقيقة بشأنها بالفصل فيها فى الحكم السابق.
3 - المستفاد من توجيه اليمين الحاسمة أن الخصم يترك بتوجيه اليمين ما عداها من طرق الاثبات ولا يجوز له بعد أدائها أن يطلب الإثبات بدليل آخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 5324 سنة 1977 مدنى شمال القاهره الابتدائية ضد المطعون عليهما بطلب الحكم بتثبيت ملكيته للأرض المبينة بالأوراق، وقال بياناًًًًً للدعوى أن تلك الارض آلت إلى المطعون عليها الأولى بالميراث عن مورث الطرفين المرحوم.... وقد باعتها له بموجب إقرار مؤرخ 8/ 6/ 1967 لقاء ثمن مقداره 262 جنيه، 500 مليم غير أنها امتنعت عن التوقيع على العقد النهائى فأقام الدعوى بطلبه سالف البيان. كما أقامت المطعون عليها الأولى الدعوى رقم 1368 سنة 1978 مدنى شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم ببطلان الإقرار المؤرخ 8/ 6/ 67 آنف الذكر، وقررت المحكمة ضم تلك الدعوى إلى الدعوى السابقة - وبجلسة 5/ 1/ 1978 طلب الطاعن توجيه اليمين الحاسمة إلى المطعون عليها الأولى وحكمت المحكمة بتاريخ 6/ 4/ 1978 فى الدعوى رقم 5324 سنة 1977 بقبول توجيه اليمين الحاسمة من الطاعن إلى المطعون عليها الأولى لتحلفها بالصيغة التالية: "أحلف بالله العظيم أننى لم أبع إلى أخى ....... (الطاعن) نصيبى ميراثا عن المرحوم والدى فى الأرض الكائنة بزمام ناحية عرب أبو طويلة موضوع هذه الدعوى بيعاًًًًً تاماًًًًً ولم اتخالص معه بثمنها المتفق عليه بيننا والبالغ قدره مبلغ 262.5 جنيه، كما حكمت فى الدعوى رقم 1368 سنة 1978 بإحالتها إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الأولى أن الطاعن أوقعها فى غلط جوهرى يتعلق بقدر المساحة المملوكة لها وموقعها وحدودها وطبيعتها وسعرها وأدخل عليها الغش بسكوته عن بيان حقيقة هذه الأمور ولو كانت تعلم حقيقتها ما وقعت على الإقرار المؤرخ 8/ 6/ 1967 وبجلسة 11/ 5/ 1978 حلفت المطعون عليها الأولى اليمين بالصيغة آنفة الذكر. وبتاريخ 25/ 10/ 1979 حكمت المحكمة برفض كل من الدعويين. استأنف الطاعن الحكم الصادر فى الدعوى رقم 5324 سنة 1977 مدنى شمال القاهرة الابتدائية لدى محكمة استئناف القاهرة - بالاستئناف رقم 5265 سنة 96 ق مدنى. وبتاريخ 21/ 4/ 1980 حكمت المحكمة بعدم جواز الاستئناف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامه مذكرة ابدت فيها الرأى برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول وبالوجهين الثانى والثالث من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن اليمين التى طلب بجلسة 5/ 1/ 1978 توجيهها إلى المطعون عليها الأولى، وثبتت بمحضر تلك الجلسة تختلف عن اليمين التى حكمت محكمة أول درجة بتوجيهها إليها لأنها عدلت فى صيغتها فغيرت فى مدلولها، وقد اعترض على هذا التعديل بمذكرته المؤرخة 21/ 1/ 1978، وإذ أقرت محكمة الاستئناف محكمة أول درجة على صيغة اليمين بعد تعديلها واعتبرتها حاسمة للنزاع رغم أنها تفيد فقط بأن البيع غير تام فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن الحكم الصادر بناء على اليمين الحاسمة له قوة الشىء المقضى فيه، ولا يقبل الطعن فيه بأى طريق من طرق الطعن فى الأحكام ما لم يكن الطعن مبنياًًًًً على بطلان فى الإجراءات الخاصة بتوجيه اليمين أو حلفها، لما كان ذلك وكان الطعن قد رفع بتاريخ 16/ 6/ 1980 قبل صدور القانون رقم 218 لسنة 1980 الذى أوجب على قلم كتاب محكمة النقض طلب ضم ملف القضية بجميع مفرداتها، ولم يقدم الطاعن رفق طعنه صورة رسمية من محضر جلسة 5/ 1/ 1978، متضمناًًًًً صيغة اليمين التى طلب الطاعن توجيهها إلى المطعون عليها الأولى وما يفيد اعتراضه أمام محكمة أول درجة على تعديلها قبل أن تحلفها بجلسة 11/ 5/ 1978 كما أنه لم يقدم صورة رسمية من المذكرة المشار إليها بالنعى فجاء النعى فى هذا الخصوص مجرداًًًًً عن الدليل. لما كان ما تقدم وكانت اليمين آنفة الذكر التى حكمت المحكمة بتوجيهها إلى المطعون عليها الأولى وحلفتها هى يمين حاسمة انصبت على واقعة حاسمة فى النزاع المطروح بين الطاعن والمطعون عليها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون هذا النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثانى وبالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن محكمة اول درجة إذ قضت برفض كل من الدعويين سالفتى الذكر فقد أغفلت الارتباط بين الدعويين وبين أسباب الحكم فى كل منهما ولم تعول فى قضائها على إخفاق المطعون عليها الأولى فى إثبات بطلان الإقرار آنف الذكر، وقد تمسك الطاعن بذلك أمام محكمة الاستئناف غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع. هذا إلى أن للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض فى أى حكم انتهائى فصل فى نزاع خلافاًًًًً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضى فيكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن مؤدى نص المادة 249 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطعن المبنى على تناقض حكمين انتهائيين إنما يصح حين يكون قضاء الحكم المطعون فيه قد ناقض قضاء سابقاًًًًً حاز قوة الشىء المحكوم به فى مسألة ثار حولها النزاع بين طرفى الخصومة واستقرت الحقيقة بشأنها بالفصل فيها فى الحكم السابق لما كان ذلك وكان المستفاد من توجيه اليمين الحاسمة أن الخصم يترك بتوجيه اليمين ما عداها من طرق الإثبات ولا يجوز له بعد أدائها أن يطلب الإثبات بدليل آخر، لما كان ما تقدم، وكان الطاعن قد طلب توجيه اليمين الحاسمة إلى المطعون عليها الأولى التى حلفتها حسبما سلف البيان فلا يجوز له بعد ذلك أن يركن إلى الإقرار آنف الذكر وما حكم به بشأنه فى دعوى المطعون عليها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه. إذ التزم هذا النظر يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون هذا النعى لا اساس له.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.