أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 1873

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمود حسن رمضان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد كمال سالم نائب رئيس المحكمة، الحسينى الكنانى، محمد فؤاد شرباش، ودكتور محمد فتحى نجيب.

(356)
الطعن رقم 930 لسنة 49 القضائية

(1، 2، 3) إيجار "إيجار الأماكن" "تشريعات إيجار الأماكن". قانون عقد "انتهاء عقد الايجار".
1 - خلو التشريع الاستثنائى لإيجار الأماكن من تنظيم حالة معينة. ووجوب الرجوع إلى القواعد العامة فى القانون المدنى ولو كان العقد ممتدا بقوة القانون.
2 - وفاة مستأجر العيادة الطبية فى ظل القانون 52 لسنة 1969. عدم جواز تطبيق حكم المادة 21 منه بشأن امتداد عقود المساكن لصالح المستفيدين منه. وجوب الرجوع إلى القواعد العامة فى القانون المدني.
3 - عقد الإيجار لا ينتهى كأصل بوفاة المستأجر، لورثته وحدهم حق إنهائه متى أبرم بسبب حرفة المستأجر.
(4) نقض "سلطة محكمة النقض".
انتهاء الحكم إلى نتيجة سليمة. اشتمال أسبابه على أخطاء قانونية لا بطلان. لمحكمة النقض تصحيحها دون نقضه.
1 - المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المشرع نظم الأحكام العامة لعقد الايجار فى القانون المدني، وهى واجبة التطبيق فى الأصل على ما يبرم فى ظلها من عقود، ما لم يرد فى تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية نص خاص آخر يتعارض وأحكامها. فإذا خلا التشريع الاستثنائى من تنظيم حالة معينة تعين الرجوع فيها إلى أحكام القانون المدنى باعتبارها القواعد العامة الأساسية، حتى ولو كانت المدة المتعاقد عليها قد انتهت، وأصبح العقد ممتداًًًًً بقوة القانون الاستثنائي.
2 - إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن مورث المطعون ضدها استأجر العين محل النزاع لاستعمالها عيادة طبية، ثم توفى بتاريخ 23/ 7/ 77 فى ظل سريان القانون رقم 52 لسنة 1969، والذى حددت المادة (21) منه المستفيدين من الامتداد القانونى عند وفاة المستأجر فيما يتعلق بعقود إيجار المساكن دون سواها، فإنه لا يجوز تطبيق حكمها على عقد الإيجار محل النزاع، وإنما يسرى عليه حكم القواعد العامة.
3 - مؤدى المادتين (601)، (602) من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المشرع جعل القاعدة العامة أن موت المستأجر الأصلى لا ينهى عقد الإيجار، بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة عنه إلى الورثة، أخذاًًًًً بأن الأصل فى العقود المالية أنها لا تبرم عادة لاعتبارات شخصية، واستثنى من ذلك عقد الإيجار المعقود بسبب حرفة المستأجر أو مهنته، فقصر الحق فى إنهائه على ورثة المستأجر وحدهم حسبما تدل على ذلك المذكرة الايضاحية للمادة (601) مدني.
4 - جرى قضاء هذه المحكمة على أنه إذا كان الحكم سليماًًًًً فى نتيجته التى انتهى إليها، فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية، إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب من غير أن تنقضه، ويكون النعى غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3534 سنة 1977 مدنى كلى شبين الكوم على المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها، طلب فيها الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1968 عن الشقة المبينه فى الصحيفة وتسليمها له خالية، وقال بياناًًًًً لدعواه أن مورث المطعون ضدها الدكتور.... استأجر منه العين بموجب ذلك العقد بقصد استعمالها عيادة خاصة له، وإذ توفى بتاريخ 23/ 7/ 1977 فإن عقد الإيجار ينتهى بوفاته، إلا أن المطعون ضدها رفضت تسليمه الشقة بعد إنذارها، فأقام دعواه بطلباته سالفة الذكر، وبتاريخ 16/ 5/ 1978 حكمت المحكمة برفض الدعوى استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 250 لسنة 11 ق طنطا "مأمورية شبين الكوم"، وبتاريخ 26/ 2/ 1979 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد، ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم أخضع واقعة الدعوى لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977، والنافذ اعتبارا من 9/ 9/ 1977 على سند من أن الطاعن قيد دعواه فى 3/ 10/ 1977، وأعلن المطعون ضدها بصحيفتها فى 8/ 10/ 1977، فى حين أن أحكام هذا القانون لا تسرى إلا على الوقائع التى تحصل بعد العمل به فى 9/ 9/ 1977، وأنه لا عبرة فى ذلك بتاريخ رفع الدعوى، وإذ كانت الواقعة المنهية لعقد الإيجار المحرر بينه وبين مورث المطعون ضدها، وهى وفاة هذا الأخير، وقعت فى 23/ 7/ 1977. فإن القانون الذى تخضع له هذه الواقعة يكون هو القانون رقم 52 لسنة 1969 - السارى وقتها - والذى لم يتضمن حكماًًًًً مقابلاًًًًً لنص الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977، والتى تجيز استمرار عقد الإيجار فى حالة التأجير بقصد مزاولة نشاط مهنى لصالح ورثة المستأجر الأصلي، ولو عنى الحكم المطعون فيه بهذه الواقعة وحصلها تحصيلاًًًًً سليماًًًًً لما خالف القانون. وأخطأ فى تطبيقه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة، أن المشرع نظم الاحكام العامة لعقد الإيجار فى القانون المدني، وهى واجبة التطبيق فى الأصل على ما يبرم فى ظلها من عقود، ما لم يرد فى تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية نص خاص آخر يتعارض وأحكامها، فإذا خلا التشريع الاستثنائى من تنظيم حالة معينة تعين الرجوع فيها إلى أحكام القانون المدنى باعتبارها القواعد العامة الأساسية، حتى لو كانت المدة المتعاقد عليها قد انتهت، وأصبح العقد ممتداًًًًً بقوة القانون الاستثنائي، إذ كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن مورث المطعون ضدها استأجر العين محل النزاع لاستعمالها عيادة طبية، ثم توفى بتاريخ 23/ 7/ 1977 فى ظل سريان القانون رقم 52 لسنة 1969، والذى حددت المادة (21) منه المستفيدين من الامتداد القانونى عند وفاة المستأجر فيما يتعلق بعقود إيجار المساكن دون سواها، فإنه لا يجوز تطبيق حكمها على عقد الايجار محل النزاع، وإنما يسرى عليه حكم القواعد العامة، وإذ كان مؤدى المادتين (601)، (602) من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع جعل القاعدة العامة أن موت مورث المستأجر الأصلى لا ينهى عقد الإيجار، بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة عنه إلى الورثة. أخذاًًًًً بأن الأصل فى العقود المالية أنها لا تبرم عادة لاعتبارات شخصية، واستثنى من ذلك عقد الإيجار المعقود بسبب حرفة المستأجر أو مهنته، فقصر الحق فى إنهائه على ورثة المستأجر وحدهم حسبما تدل على ذلك المذكرة الايضاحية للمادة (601) مدني، فإن الحكم المطعون فيه ولئن أخطأ بتطبيقه أحكام القانون 49 لسنة 1977 على واقعة النزاع، فى حين أنها تخضع لأحكام القانون 52 لسنة 1969 - إلا أنه وقد طبق فى هذا الشأن المادة 29/ 2 من ذلك القانون، والتى تنص على أنه: "إذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجارى أو صناعى أو مهنى أو حرفي، فلا ينتهى العقد بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه فى استعمال العين بحسب الأحوال"، وهو حكم يطابق حكم القواعد العامة الواجبه الأعمال، ومن ثم فإن الحكم يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة فى القانون. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه إذا كان الحكم سليما فى نتيجته التى انتهى إليها، فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية، إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الاسباب من غير أن تنقضه، ويكون النعى غير منتج، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.