أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 1966

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ جمال الدين محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود مصطفى سالم وصلاح محمد أحمد وأحمد طارق البابلى وأحمد زكى غرابة.

(374)
الطعن رقم 137 لسنة 54 القضائية

(1) نقض "المصلحة فى الطعن"
المصلحة فى الطعن سواء كانت حالة أو محتملة. مناطها. أن يكون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن.
(2) عمل "سن التقاعد". قانون "القانون الواجب التطبيق". مؤسسات. نظام عام.
المؤسسات الصحفية مؤسسات خاصة. علاقتها بالعاملين بها. خضوعها لأحكام قانون العمل. القانون 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة. تعلق أحكامه بالنظام العام اشتماله على أحكام مغايرة لقانون العمل وجوب إعمالها بأثر فورى على العاملين بتلك المؤسسات. مثال. بشأن تحديد سن التقاعد م 28.
1 - من المقرر فى قضاء هذه المحكمة - أن المصلحة فى الطعن سواء كانت حالة أو محتملة مناطها أن يكون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن إما برفض كل طلباته أو القضاء له ببعضها دون البعض الآخر، أو لم يتمش مع المركز القانونى الذى يدعيه بما يترتب عليه من آثار. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى فى الاستئناف رقم 767 لسنة 100 ق - المرفوع من المطعون ضده برفضه وتأييد الحكم المستأنف والذى قضى بإلزام الطاعنة بأن تدفع له - علاوة على مبلغ التعويض عن الفصل التعسفى والمرفوع عنه الاستئناف المذكور بطلب زيادته مبلغ... مقابل بدل الانذار ومبلغ ... مقابل بدل أجازة وهو قضاء ببعض طلبات الطاعنة دون البعض الأخر فإنه يكون قد أضر بها ويكون لها مصلحة فى الطعن فيه.
2 - لئن كانت المؤسسات الصحفية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هى مؤسسات خاصة رأى المشرع أن يكون تأسيسها للشركات المساهمة اللازمة لمباشرة نشاطها وتنظيم علاقاتها بها وفق القواعد المقررة بالنسبة للمؤسسات العامة، كما اعتبرها فى حكم هذه المؤسسات فيما يتعلق بمسئولية مديريها ومستخدميها الجنائية وفيما يختص بمزاولة الاستيراد والتصدير ومن ثم تعد المؤسسات الصحفية فيما يجاوز هذه المسائل من أشخاص القانون الخاص وبالتالى تخضع علاقاتها بالعاملين بها لأحكام قانون العمل ولا ترد عليها أحكام نظم العاملين بالقطاع العام المتعاقبة، إلا أن ذلك لا يتأدى منه عدم إمكان وجود نص آخر يضع حكماًًًًً مغايراًًًًً لأحكام قانون العمل تقتضيه المصلحة العامة. وإذ كان ذلك وكان المشرع قد أورد - بموجب القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة تنظيماًًًًً شاملاًًًًً لسلطة الصحافة وحقوق الصحفيين وواجباتهم وإصدار الصحف وملكيتها سواء كانت قومية أو غير قومية وطريقة إدارتها وطريقة تشكيل المجلس الاعلى للصحافة واختصاصاته وكانت كافة هذه الأمور تتعلق بمصلحة قومية عامة باعتبار الصحافة سلطة شعبية مستقلة تمارس رسالتها فى خدمة المجتمع تعبيرا عن اتجاهات الرأى العام وإسهاماًًًًً فى تكوينه وتوجيهه فى إطار المقومات الأساسية للمجتمع تحت رقابة الشعب. فإن النصوص التى انتظمها هذا القانون تكون آمرة لتعلقها بالنظام العام ويتعين إعمالها فور العمل بها. لما كان ذلك وكانت المادة 28 من هذا القانون تنص على أن "يكون سن التقاعد بالنسبة للعاملين فى المؤسسات الصحفية القومية من صحفيين وإداريين وعمال ستين عاماًًًًً ويجوز للمجلس الأعلى للصحافة بتوصية من مجلس ادارة المؤسسة مد السن سنة فسنة حتى سن الخامسة والستين.." وكان الثابت فى الدعوى أن الطاعنة (مؤسسة دار التعاون للطبع والنشر) هى إحدى المؤسسات الصحفية القومية وأن المطعون ضده بلغ سن الستين فى 17/ 5/ 1977 وأن الطاعنة أنهت خدمته اعتباراًًًًً من 14/ 10/ 1980 تاريخ العمل بالقانون رقم 148 لسنة 1980 وأن المجلس الأعلى للصحافة لم يصدر قرارا بمد خدمته بناء على توصية من المؤسسة الطاعنة فإن قرارها بإنهاء خدمة المطعون ضده يكون قد صدر تطبيقا لأحكام القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضده تقدم بشكوى لمكتب العمل فى 22/ 9/ 1980 ضد الطاعنة (مؤسسة دار التعاون والنشر) طالباًًًًً وقف قرار فصله. ولتعذر تسوية النزاع وديا احيل لمحكمة شئون العمال الجزئية بالقاهرة وقيد بجدولها برقم 857 لسنة 1980 وطلب المطعون ضده الحكم بوقف قرار فصله وبإلزام الطاعنة بأن تدفع له مبلغ 11610.784 جنيه منه 3732.659 أجره عن المدة من 9/ 9/ 1980 حتى 17/ 5/ 1982 ومبلغ 2022.635 جنيه - مكافأة نهاية الخدمة المنصوص عليها فى قانون الصحافة ومبلغ 551.625 جنيه بدل إجازة عن السنوات 79 و80 و1981 ومبلغ 120 جنيه منح سنوية ومبلغ 183.875 جنيه مرتب شهر بدل إنذار ومبلغ 5000 جنيه تعويضاًًًًً عن فصله تعسفيا. وقال بياناًًًًً لدعواه أنه التحق بالعمل لدى الطاعنة فى 1/ 6/ 1971 وبلغ أجره الشهرى 183.825 جنيه وفى 17/ 5/ 1977 بلغ سن الستين واستمر فى عمله طبقاًًًًً للائحة الداخلية للمؤسسة والتى كانت تنص على إنهاء خدمة العاملين بها فى سن الخامسة والستين وقد أصدرت الطاعنة بتاريخ 9/ 9/ 1980 لائحة جديدة تنص على إنهاء خدمة العاملين بها فى سن الستين وقامت بإنهاء خدمته اعتباراًًًًً من 14/ 10/ 1980 مما عاد عليه بالضرر فأقام دعواه بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 13/ 12/ 1980 قضت المحكمة بوقف قرار فصل المطعون ضده الحاصل فى 9/ 9/ 1980 وبإلزام الطاعنة بأن تدفع له مبلغ 183 جنية و875 مليم شهرياًًًًً اعتباراًًًًً من تاريخ الفصل حتى الحكم فى الدعوى الموضوعية وبتاريخ 11/ 4/ 1981 حكمت بعدم اختصاصها قيميا بنظر الطلبات الموضوعية وبإحالة الدعوى لمحكمة القاهرة الابتدائية وقيدت بجدولها برقم 684 لسنة 1981 عمال كلى جنوب القاهرة. وبتاريخ 24/ 2/ 1982 قضت بندب مكتب الخبراء لاداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت فى 27/ 4/ 1983 بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 183.875 بدل إنذار ومبلغ 339 جنية و779 مليم بدل أجازة ومبلغ 3500 جنيه تعويضاًًًًً عن فصله تعسفياًًًًً ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة برقم 702 لسنة 100 ق كما استأنفه المطعون ضده لدى ذات المحكمة برقم 767 لسنة 100 ق وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين، حكمت فى 19/ 11/ 1983 فى الاستئناف الأول برفضه وتأييد الحكم المستأنف وفى الاستئناف الثانى بسقوط حق المستأنف (المطعون ضده) لرفعه بعد الميعاد بالنسبة لطلب زيادة التعويض وبقبوله شكلاًًًًً بالنسبة لباقى الطلبات وفى موضوعه برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى - بعدم قبول الطعن بالنسبة للحكم الصادر فى الاستئناف رقم 767 لسنة 100 ق لانعدام المصلحة فيه وفى الموضوع بنقض الحكم وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشوره فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة أن الحكم الصادر فى الاستئناف رقم 767 لسنة 100 ق - المقام من المطعون ضده - قضى فيه بالرفض فلا يكون للطاعنة مصلحة فى الطعن فيه.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد ذلك أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المصلحة فى الطعن سواء كانت حالة أو محتملة مناطها أن يكون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن إما برفض كل طلباته أو القضاء له ببعضها دون البعض الأخر أو لم يتمش مع المركز القانونى الذى يدعيه بما يترتب عليه من آثار. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى فى الاستئناف رقم 767 لسنة 100 ق - المرفوع من المطعون ضده - برفضه وتأييد الحكم المستأنف والذى قضى بإلزام الطاعنة بأن تدفع له - علاوة على مبلغ التعويض عن الفصل التعسفى والمرفوع عنه الاستئناف المذكور بطلب زيادة - مبلغ 183.875 مقابل بدل الإنذار ومبلغ 339.779 جنيه مقابل بدل أجازة وهو قضاء ببعض طلبات الطاعنة دون البعض الآخر فإنه يكون قد أضر بها ويكون لها مصلحه فى الطعن فيه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من أسباب الطعن - مخالفة القانون والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك تقول أنها تمسكت فى أسباب استئنافها ومذكرتها المقدمة لمحكمة الاستئناف بدفاع جوهرى حاصلة أن المطعون لم يفصل من عمله وإنما أحيل إلى التقاعد اعتباراًًًًً من 14/ 10/ 1980 لبلوغه السن المنصوص عليها فى القانون رقم 148 لسنة 1980 ومن ثم فهو إنهاء لخدمته وليس فصلاًًًًً تعسفياًًًًً يستوجب التعويض غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر ولم يرد على دفاعها المذكور مما يعيبه بمخالفة القانون فضلاًًًًً عن القصور فى التسبيب.
وحيث إن النعى سديد ذلك أنه ولئن كانت المؤسسات الصحفية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هى مؤسسات خاصة رأى المشرع أن يكون تأسيسها للشركات المساهمة اللازمة لمباشرة نشاطها وتنظيم علاقاتها بها وفق القواعد المقررة بالنسبة للمؤسسات العامة كما اعتبرها فى حكم هذه المؤسسات فيما يتعلق بمسئولية مديريها ومستخدميها الجنائية وفيما يختص بمزاولة الاستيراد والتصدير ومن ثم تعد المؤسسات الصحفية فيما يجاوز هذه المسائل من أشخاص القانون الخاص وبالتالى تخضع علاقتها بالعاملين بها لأحكام قانون العمل ولا ترد عليها أحكام نظم العاملين بالقطاع العام المتعاقبة، إلا أن ذلك لا يتأدى منه عدم إمكان وجود نص آخر يضع حكماًًًًً مغايراًًًًً لأحكام قانون العمل تقتضيه المصلحة العامة وإذ كان ذلك وكان الشارع قد أورد بموجب القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة تنظيماًًًًً شاملاًًًًً لسلطة الصحافة وحقوق الصحفيين وواجباتهم وإصدار الصحف وملكيتها سواء كانت قومية أو غير قومية وطريقة إدارتها وطريقة تشكيل المجلس الأعلى للصحافة واختصاصاته وكانت كافة هذه الأمور تتعلق بمصلحة قومية عامة باعتبار الصحافة سلطة شعبية مستقلة تمارس رسالتها فى خدمة المجتمع تعبيراًًًًً عن اتجاهات الرأى العام وإسهاماًًًًً فى تكوينه وتوجيه فى إطار المقومات الأساسية للمجتمع تحت رقابة الشعب. فإن النصوص التى انتظمها هذا القانون تكون آمرة لتعلقها بالنظام العام ويتعين إعمالها فور العمل بها. لما كان ذلك وكانت المادة 28 من هذا القانون تنص على أن "يكون سن التقاعد بالنسبة للعاملين فى المؤسسات الصحفية القومية من صحفيين وإداريين وعمال ستين عاماًًًًً ويجوز للمجلس الاعلى للصحافة بتوصيته من مجلس إدارة المؤسسة مد السن سنة فسنة حتى سن الخامسة والستين.. " وكان الثابت فى الدعوى أن الطاعنة (مؤسسة دار التعاون للطبع والنشر) هى إحدى المؤسسات الصحفية القومية وأن المطعون ضده بلغ سن الستين فى 17/ 5/ 1977 وأن الطاعنة أنهت خدمته اعتباراًًًًً من 14/ 10/ 1980 تاريخ العمل بالقانون رقم 148 لسنة 1980 وأن المجلس الأعلى للصحافة لم يصدر قراراًًًًً بمد خدمته بناء على توصية من المؤسسة الطاعنة فإن قرارها بانهاء خدمة المطعون ضده يكون قد صدر تطبيقاًًًًً لأحكام القانون. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضده بالتعويض ومقابل مهلة الإنذار على أساس أن إنهاء - خدمته بعد فصلاًًًًً تعسفياًًًًً فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه فى هذا الخصوص. وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لما قضى به من تعويض ومقابل مهلة الانذار.